تعدت الحرب الحديثة مرحلة البطولة التقليدية والفروسية، كما أنها ليست البراعة الخارقة من الطيّار في الجو أو طاقم الدفاع الجوي على الأرض في تحديد الهدف وإصابته، فكل العمليات تتم من خلال الأجهزة الإلكترونية في ضبط الهدف وتحديد الأولويات، وتوجيه الصواريخ، والتشويش على المعدات الإلكترونية للطرف الآخر، كما تلعب الحواسب الآلية بما توفّره من رد فعل موقوت وسريع، وما تحمله في ذاكرتها من مكتبة للتهديدات المتوقعة أكبر الدور في اهتزاز البندول لصالح من يلجأ إليها، تأكيداً لتصريحات القادة بأن الاستخدام السليم للحرب الإلكترونية يزيد كثيراً من المزايا الجوهرية للسلاح، كما أن المزج بين العديد من فنون الحرب الإلكترونية وبين التكتيك يمكن أن يوفّر حداً معقولاً من القدرة على البقاء، سواء للطائرة المهاجمة أو لطاقم الدفاع الجوي الأرضي. إن ما حدث فعلاً يتطلب العناية بالحرب الإلكترونية في حرب تتسم بالتسارع التكنولوجي الرهيب.
فلسفة أنظمة الإعاقة المحمولة جواً
شهدت العقود الأخيرة تغييرات جوهرية في الإلكترونيات المحمولة جواً، ولا شك أن الزيادة المستمرة في تعقُّد وتقدُّم أنظمة الدفاع الجوي لم تدع فرصة للطائرة كي تختفي أو تؤدي مهمتها في سهولة ويسر، الأمر الذي شحذ أفكار المصممين إلى ضرورة توفير الإعاقة لصالح تحقيق مهام القوات الجوية؛ فالقنابل الحديدية يمكنها أن تكسب الحرب، ولكن لابد من الأعمال الإلكترونية المضادة المحمولة جواً، لتكفل للطائرة الوصول لأهدافها والعودة السالمة، بل إن أنظمة الإعاقة المحمولة جواً تصبح في ذهن طاقم الطائرة حدوة الحصان المقلوبة التي يتفاءل بها.
لقد زاد الاستخدام المطرد للطيف الكهرومغناطيسي في توجيه الأسلحة، ومع تطوُّر الاستخدام لابد وأن تتطور تقنيات الإجراءات الإلكترونية المضادة في سلسلة رهيبة من الفعل ورد الفعل أدت إلى تعقيدات هائلة، وإلى تسابق رهيب، حيث يحاول المستخدم الفرار إلى حيزات من الطيف غير مأهولة، ويتابع الطرف الآخر الإجراءات المضادة حتى تكون مناسبة وفي الوقت المطلوب.
إن التنوُّع الهائل في الأنظمة الإلكترونية قد شكَّل صداعاً رهيباً لمصممي الإجراءات الإلكترونية المضادة، كما أضافت الأشعة تحت الحمراء ومعها أشعة الليزر بعداً جديداً للصراع الإلكتروني في المعركة الحديثة. ومن هنا كان التعقيد والكثافة في الأنظمة الإلكترونية دافعين إلى الاستعداد والتجهيز المعقّد والمتعدد أيضاً. وظهرت الحقيقة الواضحة عملية، على الرغم من أنها اشتملت على تجميع بدائي لبعض مرسلات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في صورة نظام سهل وبسيط، ولكنه كان مؤثراً في ذلك الوقت إلى أبعد الحدود، وفي المراحل التالية من الحرب الكورية استفادت أمريكا من طائرات الإعاقة، حينما عملت ضد الاستخدام الموسع للمدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار التي زادت عدداً وعياراً. وفي إحدى الطلعات اصطحبت طائرتان عدداً من قاذفات القنابل ب 26 للبحث عن مصادر التهديد وتدميرها، الأمر الذي جنّب الولايات المتحدة الأمريكية زيادة الخسائر بصورة ملحوظة.
وظهرت في منتصف الخمسينيات مجموعة من أجهزة الإنذار الرادارية المحمولة جواً (ALR)، ومرسلات الإعاقة (ALT)، وبدأ تثبيتها على القاذفات الاستراتيجية الأمريكية. وكانت الطائرة (EF-10) أول طائرة نفّاثة تجهز لحرب إلكترونية على المستوى التكتيكي في نهاية الخمسينيات. وكانت الطائرة القاذفة تحمل خمسة أطنان من معدات الحرب الإلكترونية، عالية الكفاءة في ذلك الوقت، فكانت أولى المحاولات الفعّالة في عالم الحرب الإلكترونية.
سام 2 يغير الموقف و "شرايك" يظهر
وفي عام 1965م تحول الموقف بصورة دراماتيكية، حينما أدخل الروس إلى فيتنام الصواريخ سام 2، والمدفعية المضادة للطائرات عيار (57 ملم) والموجهة بالرادار، وأسقطت فيتنام أول مقاتلة أمريكية فانتوم ف 4، وهنا وجدت أمريكا نفسها في وضع متأخر بالنسبة لتوفير أنظمة للإنذار مصاحبة لأنظمة الإعاقة، وسارعت أمريكا إلى استخدام أنظمة إعاقة ALQ-51، وأنظمة لقذف الرقائق المعدنية ALE-29، وأطلق على المشروع Quick Reaction Capability (QRC)، أي المقدرة على رد الفعل السريع. وفي العام نفسه زوّدت بعض الطائرات الأمريكية بصواريخ تركب الأشعة الرادارية (ARM)، حيث تم تجهيز طائرة 100-F لهذا الغرض بسرعة متناهية في غضون ثلاثة شهور من ظهور سام 2 على الساحة، فكانت أول طائرة (Wild - Weasl)، حيث زوّدت برادارات للتحذير والتبييت Radar Homing And Warning (RHAW)، مثل APR-25 ومستقبل راداري للتحذير عن إطلاق الصواريخ APR026. ومع تطوير سام 2 باستخدام الرادارات (Fan song) التي تعمل في حيزات التردد (G/H) ردت أمريكا باستخدام المستودعات ALQ-101، فرد الروس باستخدام حيزات التردد (I/J) عام 1969م، فرد الأمريكان باستخدام المستودعات ALQ-119 التي اشتملت على إعاقة ضوضائية وإعاقة خداعية.
ولا يمكن للطائرات العادية حمل ذلك الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية، وإذا ركنت إلى زيادة الحمولة من الأنظمة الإلكترونية، فإن ذلك يكون على حساب المهام الأخرى. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى طائرات خاصة ضمن التشكيل تكون مهمتها الأساسية هي الحرب الإلكترونية.
ولا يختلف اثنان على ضرورة تواجد تلك الطائرات ضمن تشكيل القوة الضاربة، وبدونها فإنه من المشكوك فيه إتمام المهمة ولا مناص من الخسائر، فالأعمال الإلكترونية المضادة تقلل الخسائر ولكنها لا تمنعها ECM does not immune lossed, it dies decrease losses، كما تبعث في الطاقم الثقة مع شيء من الاسترخاء Relax a Little.
بداية مؤثرة للغربان السود
بدأت القاذفات والطائرات الهجومية حمل أنواع متعددة من مستودعات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في نهاية الحرب العالمية الثانية لإرباك أنظمة الدفاع الجوي، وجهّزت أمريكا القاذفات ب 29، تلك القلاع الطائرة التي كان يطلق عليها "سوبر فورست"، وكانت تحمل معدات استطلاع وإعاقة رادارية يقوم بتشغيلها ضباط طيارون أُطلق عليهم (Ravens)، أي الغربان السوداء، واشتركت مع كل تشكيل مهاجم طائرة مجهزة خصيصاً لأعمال الإعاقة الإلكترونية، وتجاوز تأثيرها حدود التصوّر، وساهمت كثيراً في حماية التشكيلات الجوية، وأظهرت الحرب الإلكترونية المحمولة جواً من ذلك التاريخ وخلال العقود الماضية
طفرة هائلة وملحوظة.
صور مختلفة
لقد كانت المهمة سهلة في الحرب العالمية الثانية، بل كانت بسيطة نسبياً لحداثة التهديد وبدائيته، فما كان على الطيار إلا أن يضبط تردد المرسل، ويوجّه الهوائي تجاه مستقبل العدو بطريقة يدوية، مستخدماً في ذلك أجهزة إعاقة ضوضائية.
وبتطور الحرب الإلكترونية، وباستخدام المدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار (Whiff)، ورادارات الإنذار المبكر، سارعت أمريكا إلى الاستعانة بالأعمال الإلكترونية المضادة لذلك التهديد الرهيب، فجهزت طائراتها ببعض مرسلات الإعاقة، ولكن ذلك كان غير عملي، علاوة على تكاليفه الباهظة، من هنا حوّرت أمريكا بعض طائرات الحرب العالمية الثانية (TB-25J)، لتعمل كطائرات للإعاقة.
ظهور العساس Prowler
في عام 1966م تحولت حرب فيتنام إلى حرب إلكترونية كاملة حينما غطّت شبكة رادارات الإنذار الأمريكية كل أجواء فيتنام الشمالية، وكانت القوات البحرية الأمريكية أول من أحس بالأهمية الزائدة لأنظمة الإنذار والإعاقة المحمولة جواً، فقامت بتطوير القاذفة A-6 A Intruder، أي (الدخيل) إلى الطائرة EA-6A، وذلك بتجهيزها بمستودع إعاقة ضوضائي ALQ-76، ومستقبلات للإنذار والتحذير الراداري عند إطلاق الصواريخ السوفيتية، واستخدمت على نطاق واسع.
وفي عامي 70-1972م رصدت المخابرات الغربية نوعاً جديداً من الصواريخ أرض جو سام 3، يدخل حلبة الصراع في الشرق الأوسط، وتوسع المصريون في استخدام الصواريخ الحرارية سام 7 في حرب الاستنزاف، وكان لزاماً على أمريكا أن تحدِّث من أنظمتها الإلكترونية المحمولة جواً لتتم السيطرة عليها بواسطة أجهزة استقبال مبرمجة، مع استخدام الحواسب الآلية لتوفير الكفاءة والفاعلية لطائرات الحرب الإلكترونية، وأنتجت (جرامان) أول نظام للإعاقة التكتيكية ALQ-99، والذي سُمِّي Canoe، وتم تحميله في مستودعات على الطائرة Prowler EA-6 B أي العساس. وبظهور (العساس) بدأت طائرات الحرب الإلكترونية أول الأعمال للمساندة القتالية الحقيقية في فيتنام عام 1971م، عندما ساندت أعمال الهجوم الجوي للقاذفات براداري للتحذير عن إطلاق الصواريخ APR026. ومع تطوير سام 2 باستخدام الرادارات (Fan song) التي تعمل في حيزات التردد (G/H) ردت أمريكا باستخدام المستودعات ALQ-101، فرد الروس باستخدام حيزات التردد (I/J) عام 1969م، فرد الأمريكان باستخدام المستودعات ALQ-119 التي اشتملت على إعاقة ضوضائية وإعاقة خداعية.
ولا يمكن للطائرات العادية حمل ذلك الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية، وإذا ركنت إلى زيادة الحمولة من الأنظمة الإلكترونية، فإن ذلك يكون على حساب المهام الأخرى. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى طائرات خاصة ضمن التشكيل تكون مهمتها الأساسية هي الحرب الإلكترونية.
ولا يختلف اثنان على ضرورة تواجد تلك الطائرات ضمن تشكيل القوة الضاربة، وبدونها فإنه من المشكوك فيه إتمام المهمة ولا مناص من الخسائر، فالأعمال الإلكترونية المضادة تقلل الخسائر ولكنها لا تمنعها ECM does not immune lossed, it dies decrease losses، كما تبعث في الطاقم الثقة مع شيء من الاسترخاء Relax a Little.
بداية مؤثرة للغربان السود
بدأت القاذفات والطائرات الهجومية حمل أنواع متعددة من مستودعات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في نهاية الحرب العالمية الثانية لإرباك أنظمة الدفاع الجوي، وجهّزت أمريكا القاذفات ب 29، تلك القلاع الطائرة التي كان يطلق عليها "سوبر فورست"، وكانت تحمل معدات استطلاع وإعاقة رادارية يقوم بتشغيلها ضباط طيارون أُطلق عليهم (Ravens)، أي الغربان السوداء، واشتركت مع كل تشكيل مهاجم طائرة مجهزة خصيصاً لأعمال الإعاقة الإلكترونية، وتجاوز تأثيرها حدود التصوّر، وساهمت كثيراً في حماية التشكيلات الجوية، وأظهرت الحرب الإلكترونية المحمولة جواً من ذلك التاريخ وخلال العقود الماضية طفرة هائلة وملحوظة.
صور مختلفة
لقد كانت المهمة سهلة في الحرب العالمية الثانية، بل كانت بسيطة نسبياً لحداثة التهديد وبدائيته، فما كان على الطيار إلا أن يضبط تردد المرسل، ويوجّه الهوائي تجاه مستقبل العدو بطريقة يدوية، مستخدماً في ذلك أجهزة إعاقة ضوضائية.
وبتطور الحرب الإلكترونية، وباستخدام المدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار (Whiff)، ورادارات الإنذار المبكر، سارعت أمريكا إلى الاستعانة بالأعمال الإلكترونية المضادة لذلك التهديد الرهيب، فجهزت طائراتها ببعض مرسلات الإعاقة، ولكن ذلك كان غير عملي، علاوة على تكاليفه الباهظة، من هنا حوّرت أمريكا بعض طائرات الحرب العالمية الثانية (TB-25J)، لتعمل كطائرات للإعاقة.
^^ظهور الغراب النوحي (RAVEN)
وفي أكتوبر فوجئ الأمريكان بذلك الاستخدام المنسق والفعّال للمدفعية المضادة للطائرات والصواريخ سام 2، 3، 6، 7، من حيزات مختلفة من التردد، بالإضافة إلى الشيلكا ZSU-23-4، ذات التأثير الرهيب، وشكَّل الاستخدام المؤثر للصواريخ الحرارية سام 7 عائقاً غير متوقع بصورة صعَّبت مهمة الطائرات المهاجمة، وظهر على الساحة أيضاً سام 8، وسام 9. ومع اتساع التهديد استحال على الطائرات المهاجمة أن تحمل كل الوسائل الإلكترونية المضادة لهذا التفكير الواسع من التهديدات، وأصبح تجهز الطائرة EA-6B بأنظمة إلكترونية حديثة هو الاتجاه السليم، وتبع ذلك دخول طائرة الحرب الإلكترونية EF-III التي تسمى Raven أي (الغراب النوحي)، والتي تصل سرعتها إلى ما يزيد على ضعف سرعة الصوت، مما يوفّر التوافق في السرعة مع طائرات الضربة.
وهكذا أملت ظروف التطوّر حتمية ظهور (الغراب النوحي)، حيث تصاحب واحدة أو عدة طائرات للحرب الإلكترونية طائرات الضربة الجوية أثناء تحقيق المهمة، ويمكن للطائرة أن تعمل مصاحبة للقوات أثناء الاختراق العميق Escort، أو في مظلات بعيدة عن مرمى الدفاع الجوي فيما يسمّى Stand off، ويتوقف ذلك على متطلبات تحقيق المهمة. وفي الوقت الذي تفضل فيه القوات البحرية النوع الثاني Stand off، فإن القوات الجوية الأمريكية تفضل النوع الأول Escort وهي مهمة الحراسة المرافقة.