إقامة العجل الذهبي فوق أنقاض المجتمع
كل جمهورية تمر بثلاث مراحل، المرحلة
الأولى تشبه بدء ثورة أعمى يرتطم بكل جدار، والمرحلة الثانية هي مرحلة
التشدق بالوطنية الذي يرافق الفوضى، وتؤدي حتماً الى الاستبداد، ولكن ليس
استبداداً مشروعاً وظاهراً ومسؤولاً بل هو استبداد سري وخفي ولكنه فعال
لأنه يمارس على أيدي بعض المنظمات السرية، التي تعمل في الدهاليز تحت غطاء
عملاء مختلفين، وإن تغيير هؤلاء العملاء باستمرار يمكن أيضاً أن يخدم
منظمات سرية، وبذلك تتوفر نفقات يكون من الواجب دفعها مكافآت لموظفين لقاء
خدمات قيِّمة.
من الذي يستطيع قلب سلطة سرية؟ وبماذا
يستطاع ذلك؟ هذه هي حلة سلطتنا، والماسونية الخارجية تقوم مقام حجاب
لإخفاء أهدافنا والتمويه عليها، ولكن مخطط عمل هذه السلطة ومركزها الرئيسي
يظلاّن دائماً غير معلومين من الشعب. ومع ذلك يمكن أن تكون الحرية غير
ضارة، وتبقى في برنامج الدولة، من غير أن تضر بالشعب إذا كانت لا تعبر إلا
عن المعتقدات بالله والإيمان بالأخوة الإنسانية. ولكن يجب أن تكون محرّرة
من فكرة المساواة التي هي مضادة لكل قوانين الطبيعة التي يجب الخضوع لها.
بفضل الإيمان يمكن قيادة الشعب، على
أيدي علماء الدين، ويمكن للشعب أن ينعم بهدوء في الطاعة بإدارة رؤسائه
الروحيين، وذلك بقبول القواعد التي سنّها الله في الأرض. ولذا يجب علينا
أن نقضي على كل الأديان وأن ننزع من عقول الكوييم الاعتقاد بالله وبالروح،
وأن نحل محلهما صيغاً حسابية وحاجات مادية.
وحتى لا يكون لدى الكوييم الوقت
للتفكير أو للتأمل يجب أن نلهيهم بتوجيههم نحو الصناعة والتجارة، وهكذا
فإن كل الأمم تنصرف الى مصالحها الخاصة، ومتى كانوا في هذا الخضم فإنهم لن
يفطنوا قط لعدوهم المشترك. ولكي تستطيع الحرية، بالتالي، أن تقوض أركان
مجتمع الكوييم وتدمره يجب أن تقوم الصناعة على المضاربة مما يؤدي الى صرف
كل الطاقات نحو الصناعة فلا يبقى في أيدي الكوييم شيء، وتؤدي المضاربة الى
سقوط الثروة في صناديقنا الحديدية.
إن الصراع من أجل التفوق، والصدمات
التي تحصل في الحياة الاقتصادية، ستولد، أو بالأحرى قد ولّدت، مجتمعات
فاقدة الأمل، فاترة ومتقاعسة ويائسة، وقد بلغت هذه المجتمعات درجة من
القرف التام من القضايا السياسية الكبيرة ومن الدين، وسيكون قائدها الأوحد
الحساب، أي البحث عن جمع الذهب الذي سيصبح معبودها الحقيقي بسبب ما يكفله
لها من تمتع بالملذات المادية، وعندئذ تستطيع الطبقات الدنيا من الكوييم
السير وراءنا ضد زعمائهم من الكوييم الأذكياء، ولكن سيرهم وراءنا لن يكون
بغية الحصول على السعادة ولا على الثروة بل بسبب كرههم للمحظوظين من
الناس. .