نظريات خاطئة ليستعملها الكوييم
إن الحاجة الى الخبز اليومي تفرض
على الكوييم الصمت، وتجبرهم على البقاء خدماً طائعين، والعملاء الذين
نختارهم منهم لصحافتنا يناقشون الأمور التي نكون نحن قد أمرناهم بنشرها،
وذلك حينما لا نرى من مصلحتنا بحث هذا الأمر بصراحة بموجب وثائق رسمية.
وبينما يكون الجدل الصحفي دائراً نقرر نحن الأمور التي نراها ونعرضها على
الشعب كأمر واقع. ولا يستطيع أحد أن يطلب رفض المراسيم، ولا سيما أننا
نعرضها وكأنها تدابير ترمي الى تحسين حال الجميع، وتقوم الصحافة ساعتئذٍ
بصرف نظر الجمهور نحو قضايا جديدة. ومن المعلوم أننا قد عوّدنا الجماهير،
منذ زمن بعيد، على أن تبحث دوماً عن مثيرات جديدة، وينبري من لم يرزقوا من
القدر إلا سفاهة الأحلام والذين لم يستطيعوا أن يفهموا، ولا هم يفهمون
الآن، الى أي حد هم يجهلون المواضيع التي يزعمون أنهم يريدون معالجتها
فيُهزمون بما لا يعرفون، ونحن نعيد القول ثانية بأن القضايا السياسية لا
يفهمها إلا أولئك الذين صنعوها وسبروا غورها منذ قرون.
ومما تقدم يجب أن يبدو واضحاً لأنظاركم
أنه لا بد من السيطرة على آراء العامة، ويجب أن يكون مفهوماً أيضاً أننا
سوف نعمل جاهدين لا لكي نجعل أعمالنا وحدها مقبولة بل لكي تكون أقوالنا
أيضاً مقبولة، وسوف نصرِّح دوماً بأن سياستنا تسير بالأصل واليقين لخدمة
مصلحة الشعب. ولكي نمنع الشعب المهتاج دوماً من مناقشة الأمور السياسية
فإننا سوف (نعلفه) (1) بالقضايا الصناعية، ثم نترك الدهماء يثرثرون حول
هذه القضايا بقدر ما يريدون. وسوف ترضى الجماهير بأن تظل هادئة مطمئنة الى
النشاط السياسي المزعوم، وهو ما عوّدناهم عليه مما يوافق مصلحتنا في
كفاحنا ضد حكومة الكوييم شريطة أن نصرفهم الى نشاط جديد على صعيد نريهم
فيه الفكرة السياسية ذاتها.
ولكي نمنع الجماهير من أن تتخذ،
مستقلة، أي قرار فإننا نلهيها بالألعاب ومشاهد الترفيه والأهواء ومراكز
الثقافة الشعبية. وسنبدأ قريباً، عن طريق الصحافة، بعرض جوائز مسابقات في
نطاق الفن والرياضة البدنية بكل أنواعها، وهذه الملاهي سوف تصرف أذهان
الجماهير بشكل نهائي، عن القضايا التي تجبرنا على الدخول بنزاع معها،
وحينما يفقد الشعب، رويداً رويداً، العادة بأن يفكر بحرية سينضم الينا
لأننا وحدنا نستطيع أن نقدم اليه أفكاراً جديدة، وكل ذلك يكون عن طريق
أناس لا تكون لنا بهم صلة ظاهرة. وعندما يُعترف بحكومتنا ينتهي دور
الطوباويين الليبراليين نهائياً، والى أن تحين تلك اللحظة فإنهم سيقدمون
لنا خدمات جليلة، وسوف نوجِّه أفكارهم نحو نظريات خيالية يظنونها تقدمية،
لأننا باسم (التقدم) قد نجحنا بأن نقلب أدمغة هؤلاء الكوييم السفهاء. ليس
للكوييم أدمغة قادرة على الفهم بأن كلمة (التقدم) تستعمل فقط للتغطية على
تمويهات كاذبة اللهم إلا إذا كانت تتعلق باختراعات مادية فحينئذٍ يكون من
السهل فهمها لأن الحقيقة واحدة، فلا تترك مجالاً للتقدم. وبما أن (التقدم
فكرة خاطئة وتنفع في إخفاء الحقيقة الت ينحن وحدنا، شعب الله المختار، يجب
أن يعرفها لأننا نحن القوامون عليها.
وحينما تتحقق سلطتنا فسوف يناقش
خطباؤنا القضايا الكبيرة التي هزت الإنسانية حتى يجعلوها في النهاية تحت
قانوننا المبارك، فمن الذي سيرتاب آنذاك بأننا نحن الذين رسمنا المخطط
السياسي لكل هذه القضايا التي لم يكشف أحد عنها الغطاء خلال هذه القرون
الطويلة؟
(1) قال نعلفه أي نعطيه العلف، على اعتبار أن الكوييم حيوانات لا يقدم اليهم الطعام بل العلف وفي هذا القول منتهى السفاهة والصفاقة.
إلغاء الديانات غير اليهودية