عماء الحركة الصهيونية
<hr style="color: rgb(255, 255, 255);" size="1">
يهودا ألكلعي
- تسفي كاليشر
- موشي هس
- ليون بنسكر
- ثيودور هرتزل
- حاييم وايزمن
- زئيف جابوتنسكي
ــــــــــــــــــــــــــــ
يهودا ألكلعي (1798ـ1878) (1)
ولد يهودا ألكلعي في ساراجيفو- البوسنة سنة 1798، وأصبح في عمر مبكر حاخام
الطائفة اليهودية في يوغسلافيا. نشر في سنة 1839 كتاباً في تعليم قواعد
اللغة العبرية، ثم أتبعه بكتاب ثان سنة 1840، سماه "شلوم يروشالايم"
"سلاما يا أورشليم" حث فيه اليهود على دفع عشر مدخولهم لمساعدة يهود
القدس، ونشر منذ سنة 1843 سلسلة من الكتيبات والمقالات ركز فيها على أهمية
الطلب من شعوب العالم كي تسمح لليهود بالعودة إلى وطنهم، كما طالب اليهود
بدفع العشر من أجل العودة.
تقدم ألكلعي باقتراح عملي يقضي بتأسيس جمعية لإنشاء خطوط حديدية، والطلب
من السلطان العثماني في مقابل ذلك، إعطاء اليهود أرضهم في فلسطين لقاء
إيجار سنوي، كما قام برحلتين إلى أوروبا الغربية، وإلى فلسطين، لإقناع
اليهود وغير اليهود بضرورة تجمع اليهود في أرض إسرائيل كي يعيشوا كما يعيش
الشعب الواحد. وفي أثناء وجوده في بريطانيا، في مطلع الخمسينات من القرن
التاسع عشر، أسس جمعية للاستيطان في فلسطين، لكنها كانت قصيرة العمر،
وكذلك كان مصير الجمعية الاستيطانية التي أسسها في فلسطين لدى زيارته
الأولى سنة 1871.
توفى ألكلعي في القدس سنة 1878 عن ثمانين عاماً، وكان قد سكن فيها نهائياً طوال الأعوام الأربعة الأخيرة من عمره.
تسفي هيرش كاليشر (1795ـ1874) (2)
عاصر كاليشر (يهودا ألكلعي)، وكانت آراؤهما متوافقة إلى حد بعيد، وكما
اشتهر ألكلعي بين قومه في يوغسلافيا أولاً، اشتهر كاليشر في بروسيا، حيث
ولد سنة 1795، وقد عمل القسم الأكبر من حياته حاخاماً لليهودية في مدينة
(ثورن)، ومات فيها سنة 1874. درس كاليشر العلوم الدينية والفلسفة وعدداً
من الموضوعات غير الدينية، نشر كاليشر أفكاره سنة 1843 في كتاب من جزأين
بعنوان "عقيدة صادقة"، ثم أكمل تصوره في مجلد أخير نشره سنة 1862 بعنوان
"البحث عن صهيون" وهو أكثر كتبه شهرة، كما أنه أول كتاب يصدر بالعبرية في
أوروبا الشرقية بشأن المستعمرات الزراعية في فلسطين.
ولقد وضح كاليشر في كتاباته ثلاث نقاط رئيسة، هي:
ـ خلاص اليهود كما تنبأ الأنبياء به، يمكن أن يتم بوسائل طبيعية، أي بمجهود اليهود أنفسهم، من دون أن يتطلب ذلك مجيء المسيح.
ـ الاستيطان في فلسطين يجب أن يتم بدون تأخير.
ـ إحياء التضحيات في الأرض المقدسة مباح وضرورة.
.. تنقل كاليشر كثيراً في ألمانيا يحث أغنياء اليهود على مساعدة مشاريع
اليهود الاستيطانية، وكان لجهوده الأثر في إنشاء عدد من الجمعيات
الاستيطانية، وكان سنة 1864 مسؤولاً عن إنشاء "اللجنة المركزية لاستيطان
فلسطين" في برلين، وبمبادرة منه أنشئت المدرسة الزراعية "مكفيه يسرائيل"
(أمل إسرائيل)، بالقرب من يافا، وبالتعاون مع جمعية الأليانس الفرنسية.
بالرغم من ذلك، فإن دعوة كاليشر لم تلق قط انتشاراً واسعاً، فالقلة قد
قرأت كتبه.
موشي هس (1812ـ1875) (3)
ولد موشي هس في بون في ألمانيا سنة 1812، وعلى الرغم من أنه تلقى تربية
دينية في طفولته وحداثته، فإنه تحول في شبابه إلى دراسة الفلسفة، فانصرف
لها عامين في جامعة بون.
عاش هس في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا، ونشر كتابه الأول في التاريخ
والفلسفة سنة 1837، وهو في الخامسة والعشرين، وفي كتابه الثاني، بعد أربعة
أعوام، اقترح وحدة إنكلترا وفرنسا وألمانيا.
وكتب هس سيلاً من المقالات في أماكن عدة، وخصوصاً فيما يتعلق بالاشتراكية،
حيث كان هس اشتراكياً وصديقاً لماركس، لكنه انفصل عنه لإصراره على نوع من
الاشتراكية الروحية.
تقاعد هس سنة 1852 منصرفاً إلى دراسة العلوم الطبيعية وعلم الوراثة، ومن
هذا المزيج من الدراسات والاهتمامات، ومع الصحوة اليهودية في ذاته تطورت
نظريته في أن يكون لليهود ولليهودية دوراً حيوياً في تطور تاريخ العالم.
أصدر هس كتابه "روما والقدس" سنة 1862، وهو كتابه الذي اشتهر به والذي
أودعه آراءه الصهيونية ـ وإن يكن عنوانه لا ينبئ كثيراً بمضمونه، فقد طالب
بتأسيس مستعمرات يهودية "تمتد من السويس إلى القدس، ومن ضفتي نهر الأردن
إلى ساحل البحر المتوسط"، وتكون تمهيداً للدولة اليهودية، وككل المفكرين
الصهيونيين اتصف فكر هس بالنزعة الاستعلائية العنصرية والاستعمارية
الصارخة، مدعياً بأن اليهود المعاصرين قد اختيروا ليكونوا "مجرى حياً
للمواصلات بين القارات الثلاث" واتصفت نظرته إلى المسيحية والإسلام
بالتعصب، وبإنكار ما تحملان من قيم إنسانية. كما نظر إلى الشعب العربي
(وشعوب العالم الأفرو ـ آسيوي) نظرة استعمارية فريدة، فاعتبره مجموعة
قبائل متوحشة.
ليون بنسكر (1821ـ1891) (4)
ولد بنسكر في بولونيا (الروسية) سنة 1821، ودرس في مدرسة لوالده في
أوديسا، وقد كان ينتمي إلى أسرة متعلمة، ومن القلائل الذين دخلوا الجامعة
في محيطه، فقد درس الحقوق أولاً، ثم الطب في جامعة موسكو، وعاد إلى أوديسا
ليعمل طبيباً فيها منذ 1849.
آمن بنسكر في حياته الأولى بحتمية الاندماج في المجتمع الروسي، فكان من
مؤسسي مجلة شجعت اليهود على التكلم بالروسية وتذوق الأدب الروسي.
خدم بنسكر في حرب القرم طبيباً، وتبلورت بعدها رؤيته للمستقبل اليهودي
بالتعبير الثقافي عن الذات اليهودية ضمن روسيا الكبرى المتعددة القوميات
والثقافات، إلا أن الاضطرابات ضد اليهود في أوديسا سنة 1871، أدت إلى
إقفال المجلة اليهودية الداعية إلى الاندماج، مما دفع بنسكر إلى الانصراف
إلى الطب وحده، وإن تكن هذه الاضطرابات قد حررته جزئياً من الأمل بنجاح
الاندماج، فإن المذابح التي جرت إثر مقتل القيصر سنة 1881 قد جعلته يتحرر
نهائياً، كما أنها كانت السبب في جولة طويلة له في العواصم الأوروبية،
هدفها مقابلة الشخصيات اليهودية، وإقناعها بضرورة هجرة اليهود إلى بلد ما،
أي بلد تتفق عليه، إلا أن الأكثرية رفضت اقتراحه.
لم يثن هذا الرفض بنسكر عن تصوره أن الحركة اليهودية يجب أن تنشأ في وسط
أوروبا وغربها، فهو لم يؤمن بقدرة يهود روسيا على التنظيم، ولذلك أصدر
الكتيب الذي اشتهر به "التحرر الذاتي" من ألمانيا وبالألمانية. اعتبر
الصهاينة (فيما بعد) كتاب بنسكر حجر الأساس في الفكر الصهيوني الحديث.
ثيودور هيرتزل (1860ـ1904) (5)
ولد ثيودور هيرتزل في مدينة بودابست بالمجر سنة 1860، لأسرة يهودية ثرية،
حيث كان يعمل والده مديراً لأحد المصارف في النمسا التي انتقلت إليها
عائلته.
التحق هيرتزل بإحدى المدارس اليهودية لكنه لم يكمل تعليمه بها، وبعد ذلك
التحق بمدرسة ثانوية فنية، ثم بالكلية الإنجيلية، وأكمل دراسته الجامعية
بجامعة فيينا حيث حصل على الدكتوراه في القانون الروماني.
اشتغل هيرتزل لمدة عام في المحاكم النمساوية، لكنه ترك العمل، وتفرغ
للكتابة في القضية اليهودية التي كان يؤمن بها، ووهب لها حياته بعد ذلك.
عمل مراسلاً لإحدى الصحف في باريس من سنة 1891 إلى سنة 1895، حيث كتب عن
ضرورة وجود دولة عصرية يهودية كحل لمشكلة اليهود في العالم، وأصدر في ذلك
كتابه الشهير "دولة اليهود... محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية".
دعا هيرتزل إلى عقد مؤتمر يضم ممثلين لليهودية الأوروبية بمدينة بازل
بسويسرا وعقد المؤتمر سنة 1897، وانتخب هيرتزل رئيساً للمؤتمر، ثم رئيساً
للمنظمة الصهيونية التي أعلن المؤتمر عن تكوينها، وظل يترأس المنظمة حتى
وفاته سنة 1904.
وقرر المؤتمر الصهيوني الأول السعي على موافقة دولية للحصول على تأييد لهجرة اليهود إلى فلسطين تمهيداً لإقامة دولة يهودية هناك.
عمل هيرتزل على إقامة اتصال مع السلطان العثماني عبد الحميد، حيث امتدت
الاتصالات بينهما ستة أعوام، كان يأمل هيرتزل من خلالها الحصول على وعد
بفلسطين من السلطان، وكان الإغراء بالمال وسيلته الوحيدة، أما السلطان عبد
الحميد فكان يريد الأخذ بدون عطاء، فهو لم يكن ـ فعلاً ـ على استعداد
للتنازل عن شبر من فلسطين، وهكذا اضطر هيرتزل سنة 1902 إلى التحول من
استانبول إلى لندن، بعد وثوقه باستحالة الحصول على أي وعد أو تشريع
بفلسطين، أو حتى بجزء منها.
وجه هيرتزل أنظاره نحو المستعمرات البريطانية، وفكر في إقامة إحدى
المستوطنات اليهودية في أوغندا لتحويل الأنظار عن مساعي اليهود في فلسطين،
لكن المنظمة الصهيونية رفضت اقتراحه هذا.
مات هيرتزل سنة 1904 في بلدة أولاخ بالمجر، ونقل رفاته إلى فلسطين سنة
1949، ولم يترك هيرتزل، بعد وفاته، الكثيرين من المعجبين به، أو حزباً
ملتزماً بخطه السياسي ومتأثراً بآرائه، ولم تحرز الصهيونية خلال عهده أي
إنجاز سياسي عملي، غير أن المؤسسات الصهيونية، التي كان ظهوره العامل
الأول في إقامتها من جهة، ثم تبلور نظريات وسياسات صهيونية أخرى، سرعان ما
أفرزت تنظيمات مستقلة تلتف حولها من جهة أخرى، خلقت أوضاعاً جديدة، وفجرت
طاقات صهيونية، لاشك أنها لم تخطر على بال هيرتزل عندما أعلن عن افتتاح
مشروعه الصهيوني، وقد نمت تلك المؤسسات، وتطورت وتشعبت ولعبت أدواراً
مهمة، بشكل يصعب معه تصور قيام أي نشاط صهيوني بعد وفاة هيرتزل، أو
استمراره دون وجود تلك المؤسسات، بصيغتها المختلفة.
حاييم وايزمان (1874ـ1952) (6)
ولد حاييم وايزمان في بلدة "موتول" في ولاية "بنسك" إحدى ولايات روسيا
البيضاء سنة 19874، كان والده من وجهاء موتول المتدنيين، وكان يعمل تاجراً
للأخشاب.
بدأ وايزمان حياته الدراسية في معبد البلدة، حيث درس مبادئ الدين والتاريخ
اليهوديين واللغة الروسية ولغة "اليديش" التي كان يتحدث بها يهود روسيا.
ثم أرسله أبوه إلى "بنسك" لتلقي تعليمه العالي هناك متخصصاً في الكيمياء،
وأكمل دراسته في مدرسة "البوليتكينكوم" الألمانية التي كانت تعتبر أشهر
معاهد تدريس الكيمياء في أوروبا آنذاك، وحصل منها سنة 1899 على درجة
الدكتوراه مع مرتبة الشرف، وفي سنة 1901 اختارته جامعة جنيف للعمل بها
محاضراً مساعداً، وفي سنة 1904 أصبح أستاذاً بجامعة مانشستر في بريطانيا.
بدأت اهتمامات وايزمان بالسياسة في وقت مبكر، حيث كان يرفض فكرة اندماج
اليهود في أوروبا حتى لا يفقدوا هويتهم وكيانهم، رغم أن هذه الفكرة كانت
تسيطر على معظم اليهود آنذاك خوفاً من الاضطهاد الذي كانوا يشعرون به.
كلف المؤتمر الصهيوني الثاني حاييم وايزمان بتشكيل الوفد الروسي لحضور
المؤتمر، وفي سنة 1901 كلفه بحمل اليهود على شراء أسهم البنك اليهودي
الدولي وبنك الاستعمار اليهودي، وبزغ نجمه داخل المؤتمر، واختير عضواً في
الحركة الصهيونية.
رفض وايزمان فكرة اختيار أوغندا مكاناً بديلاً لليهود ينشئون عليه دولتهم
بعيداً عن فلسطين، ولعب الدور الأهم في استصدار وعد بلفور سنة 1917.
انتخب المؤتمر الصهيوني الذي عقد في لندن سنة 1920 وايزمان رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية، وظل يشغل هذا المنصب حتى سنة 1946.
وفي سنة 1947، وأثناء إقامة وايزمان في الولايات المتحدة، عرضت بريطانيا
القضية الفلسطينية برمتها على الأمم المتحدة، وركز وايزمان جهده لمتابعة
مشروع تقسيم فلسطين كما عرض آنذاك. اتفق وايزمان ورئيس الولايات المتحدة
الأمريكية ترومان على خطة التقسيم التي ستعمل الولايات المتحدة بثقلها على
إقرارها في داخل أروقة الأمم المتحدة، واتفق معهد على أن صحراء النقب
ستكون تابعة لإسرائيل بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية وجود المياه الجوفية
بها، وعلى أن يكون لإسرائيل منفذ على البحر الأحمر.
وصدر قرار التقسيم بالفعل في 29/11/1947 بموافقة 33 صوتاً، وقبل اليهود
القرار على الفور، لأنه أعطاهم الأرض التي كانوا يحلمون بها، بينما قاوم
العرب هذا القرار، ولكي تتجنب واشنطن الغضب العربي والإسلامي تحايلت على
الوضع، فقررت في 19/3/1948 إعادة النظر في الأمر، وعرض الموضوع على
الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بوضع فلسطين تحت الوصاية
الدولية بمجرد انتهاء الانتداب يوم 15 مايو 1948، لكن كان رد وايزمان
قاطعاً: "إنني لا أقيم وزناً لخرافة القوة العربية العسكرية، ولابد لليهود
من إعلان استقلالهم في اليوم التالي لانتهاء الانتداب، هذه هي الخطوة
العملية للخروج من هذا الموقف". وبالفعل في 14 مايو 1948 أعلن بن غوريون
قيام الدولة اليهودية، واعترفت بها على الفور الولايات المتحدة، والاتحاد
السوفياتي.
اختير وايزمان سنة 1948 رئيساً للمجلس الرئاسي وفي سنة 1949 انتخب كأول
رئيس (لدولة إسرائيل) ألف وايزمان سنة 1949 كتابه "التجربة والخطأ" ويتضمن
سيرته الذاتية، وتوفي سنة 1952 عن عمر يناهز 78 عاماً.
زئيف فلاديمير جابوتنسكي (1880ـ1940) (7)
ولد جابوتنسكي في روسيا لعائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، في عام 1908 أنهى
دراسته في جامعة فيينا، وانتقل إلى تركيا حيث تولى مسؤولية الصحافة
الصهيونية (1909ـ1911) وعمل على المشاركة في تأسيس الصندوق القومي اليهودي
والفيلق اليهودي.
في عام 1921 أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية،
واستقال في عام 1923 وأسس حركة بيتار. في عام 1925 أسس في باريس "اتحاد
الصهيونيين الإصلاحيين".
اشتهر جابوتنسكي بميوله العنصرية والتطرف، وهو صاحب نظرية "الجدار
الحديدي" التي تقوم على تكبيد الخصوم خسائر كبيرة تؤدي لتحويلهم من خصوم
متطرفين عنيدين إلى معتدلين على استعداد للمساومة.
عارض جابوتنسكي بشدة خطة التقسيم التي عرضتها لجنة بيل عام 1937، ودعا إلى
رفض الاكتفاء بإقامة (إسرائيل) على أرض فلسطين وحدها بل مدها إلى الأردن
وصحراء سوريا، وأيد المجازر التي قامت بها منظمة (الأتسل) ضد العرب.