استراتيجية حركة المقاومة الإسلامية:
فلسطين أرض وقف إسلامي:
المادة الحادية عشرة:
تعتقد حركة المقاومة الإسلامية أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال
المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل
عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية، ولا
يملك ذلك ملك أو رئيس، أو كل الملوك والرؤساء، ولا تملك ذلك منظمة أو كل
المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية، لأن فلسطين أرض وقف إسلامي على
الأجيال الإسلامية إلى يوم القيامة.
هذا حكمها في الشريعة الإسلامية، ومثلها في ذلك مثل كل أرض فتحها المسلمون
عنوة، حيث وقفها المسلمون زمن الفتح على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة.
وكان ذلك أن قادة الجيوش الإسلامية، بعد أن تم لهم فتح الشام والعراق قد
أرسلوا لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب يستشيرونه بشأن الأرض المفتوحة، هل
يقسمونها على الجند، أم يبقونها لأصحابها، أم ماذا؟ وبعد مشاورات ومداولات
بين خليفة المسلمين عمر بن الخطاب وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
استقر قرارهم أن تبقى الأرض بأيدي أصحابها ينتفعون بها وبخيراتها، أمّا
رقبة الأرض، أمّا نفس الأرض فوقف على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة
وامتلاك أصحابها امتلاك منفعة فقط، وهذا الوقف باقٍ ما بقيت السماوات
والأرض، وأي تصرف مخالف لشريعة الإسلام هذه بالنسبة لفلسطين فهو تصرفٌ
باطل مردود على أصحابه.
﴿إنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ اليَقِين فسبِّح باسْمِ رَبِّك العَظِيم﴾ (الواقعة: 95 – 96).
الوطن والوطنية من وجهة نظر حركة المقاومة الإسلامية بفلسطين:
المادة الثانية عشرة:
الوطنية من وجهة نظر حركة المقاومة الإسلامية جزء من العقيدة الدينية،
وليس أبلغ في الوطنية ولا أعمق من أنه وطئ العدو أرض المسلمين فقد صار
جهاده والتصدي له فرض عين على كل مسلم ومسلمة. تخرج المرأة لقتاله بغير
إذن زوجها، والعبد بغير إذن سيده.
ولا يوجد مثل ذلك في أي نظام من النظم الأخرى وتلك حقيقة لا مراء فيها.
وإذا كانت الوطنيات المختلفة ترتبط بأسباب مادية وبشرية وإقليمية، فوطنية
حركة المقاومة الإسلامية لها كل ذلك، ولها فوق ذلك وهو الأهم أسباب ربانية
تعطيها روحًا وحياة، حيث تتصل بمصدر الروح وواهب الحياة. رافعة في سماء
الوطن الراية الإلهية لتربط الأرض بالسماء برباط وثيق.
إذا جاء موسى وألقى العصا فقد بطل السحر والساحر
﴿قَد تَبيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ
وَيُؤْمِن بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انفِصَامَ
لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 256).
الحلول السلمية، والمبادرات، والمؤتمرات الدولية:
المادة الثالثة عشرة:
تتعارض المبادرات، وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل
القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، فالتفريط في أي جزء
من فلسطين تفريط في جزء من الدين، فوطنية حركة المقاومة الإسلامية جزء من
دينها، على ذلك تربى أفرادها، ولرفع راية الله فوق وطنهم يجاهدون.
﴿واللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: 21).
وتثار من حين لآخر الدعوة لعقد مؤتمر دولي للنظر في حل القضية، فيقبل من
يقبل ويرفض من يرفض لسبب أو لآخر مطالبًا بتحقيق شرط أو شروط، ليوافق على
عقد المؤتمر والمشاركة فيه، وحركة المقاومة الإسلامية لمعرفتها بالأطراف
التي يتكون منها المؤتمر، وماضي وحاضر مواقفها من قضايا المسلمين لا ترى
أن تلك المؤتمرات يمكن أن تحقق المطالب أو تعيد الحقوق، أو تنصف المظلوم،
وما تلك المؤتمرات إلا نوع من أنواع تحكيم أهل الكفر في أرض المسلمين،
ومتى أنصف أهل الكفر أهل الإيمان؟
﴿ولَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليهودُ وَلاَ النَّصَارَى حتَّى تَتَّبعَ
مِلَّتَهُم قُل إنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِن اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءهُم بَعْدَ الذي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ من اللهِ من
وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ (البقرة: 120).
ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، أما المبادرات والطروحات
والمؤتمرات الدولية، فمضيعة للوقت، وعبث من العبث، والشعب الفلسطيني أكرم
من أن يعبث بمستقبله، وحقه ومصيره، وفي الحديث الشريف:
" أهل الشام سوط في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده وحرام على منافقيهم
أن يظهروا على مؤمنيهم ولا يموتوا إلا همًا وغمًا ". (رواه: الطبراني
مرفوعًا وأحمد موقوفًا، ولعله الصواب ورواتهما ثقات والله أعلم).
الدوائر الثلاث:
المادة الرابعة عشرة:
قضية تحرير فلسطين تتعلق بدوائر ثلاث، الدائرة الفلسطينية، والدائرة
العربية، والدائرة الإسلامية، وكل دائرة من هذه الدوائر الثلاث لها دورها
في الصراع مع الصهيونية، وعليها واجبات، وإنه لمن الخطأ الفادح، والجهل
الفاضح، إهمال أي دائرة من هذه الدوائر، ففلسطين أرض إسلامية، بها أولى
القِبْلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ
إلى الْمَسْجِدِ الأقصى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنَ
آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
ولمّا كان الأمر كذلك فتحريرها فرض عين على كل مسلم حيثما كان، وعلى هذا الأساس يجب أن ينظر إلى القضية، ويجب أن يدرك ذلك كل مسلم.
ويوم تعالج القضية على هذا الأساس الذي تعبأ فيه إمكانات الدوائر الثلاث، فإن الأوضاع الحالية ستتغير، ويقترب يوم التحرير.
﴿لأَنْتُم أشد رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ﴾ (الحشر: 13).
الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين:
المادة الخامسة عشرة:
يوم يَغتصب الأعداء بعض أرض المسلمين فالجهاد فرض عين على كل مسلم. وفي
مواجهة اغتصاب اليهود لفلسطين لا بد من رفع راية الجهاد، وذلك يتطلب نشر
الوعي الإسلامي في أوساط الجماهير محليًا وعربيًا وإسلاميًا، ولا بد من بث
روح الجهاد في الأمة ومنازلة الأعداء والالتحاق بصفوف المجاهدين.
ولابد من أن يشترك في عملية التوعية العلماء ورجال التربية والتعليم،
ورجال الإعلام ووسائل النشر، وجماهير المثقفين، وعلى الأخص شباب الحركات
الإسلامية وشيوخها، ولا بد من إدخال تغيرات جوهرية على مناهج التعليم،
تخلصها من آثار الغزو الفكري، الذي لحق بها على أيدي المستشرقين
والمبشرين، حيث أخذ ذلك الغزو يدْهم المنطقة بعد أن دحر صلاح الدين
الأيوبي جيوش الصليبيين، فقد أدرك الصليبيون، أنه لا يمكن قهر المسلمين،
إلا بأن يمهد لذلك بغزو فكري، يبلبل فكرهم، ويشوه تراثهم، ويطعن في
مُثُلهم؛ وبعد ذلك يكون الغزو بالجنود، وكان ذلك تمهيدًا للغزو الاستعماري
حيث أعلن أللنبي عند دخول القدس قائلاً: الآن انتهت الحروب الصليبية، ووقف
الجنرال غورو على قبر صلاح الدين قائلاً: " ها قد عدنا يا صلاح الدين ".
وقد ساعد الاستعمار على تعزيز الغزو الفكري، وتعميق جذوره، ولا يزال، وكان
ذلك كله ممهدًا لضياع فلسطين.
ولا بد من ربط قضية فلسطين في أذهان الأجيال المسلمة على أنها قضية دينية
ويجب معالجتها على هذا الأساس، فهي تضم مقدسات إسلامية حيث المسجد الأقصى،
الذي ارتبط بالمسجد الحرام رباطًا لا انفصام له ما دامت السماوات والأرض
بإسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه منه.
" رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من
الجنة، خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله،
والغدوة خير من الدنيا وما عليها ". (رواه: البخاري ومسلم والترمذي وابن
ماجة).
" والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأُقتل ثم أغزو فأُقتَل ثم أغزو فأُقتَل ". (رواه: البخاري ومسلم).
تربية الأجيال:
المادة السادسة عشرة:
لا بد من تربية الأجيال الإسلامية في منطقتنا تربية إسلامية تعتمد أداء
الفرائض الدينية، ودراسة كتاب الله دراسة واعية، ودراسة السُّنة النبوية،
والاطلاع على التاريخ والتراث الإسلامي من مصادره الموثقة، وبتوجيهات
المتخصصين وأهل العلم، واعتماد المناهج التي تكون لدى المسلم تصورًا
سليمًا في الفكر والاعتقاد مع ضرورة الدراسة الواعية عن العدو وإمكاناته
المادية والبشرية، والتعرف على مواطن ضعفه وقوته، ومعرفة القوى التي
تناصره، وتقف إلى جانبه، مع ضرورة التعرف على الأحداث الجارية، ومواكبة
المستجدات، ودراسة التحليلات والتعليقات عليها، مع ضرورة التخطيط
والمستقبل، ودراسة كل ظاهرة من الظواهر، بحيث يعيش المسلم المجاهد عصره
على علم بغايته وهدفه وطريقه وما يدور حوله.
﴿يَا بُنَيَّ إنَّهَا إنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خرْدَلٍ فَتَكُن في
صَخْرةٍ أو في السَمَاوَات أو في الأرض يَأْتِ بِهَا اللهُ إنَّ اللهَ
لطيفٌ خَبِير يا بُنيَّ أَقِم الصَلاَةَ وأْمُرْ بالمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ
المُنْكَرِ واصبِرْ على ما أصَابَك إنَّ ذَلِكَ من عَزْمِ الأُمُورِ وَلاَ
تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ في الأرض مَرَحًا إنَّ اللهَ لا
يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان: 16- 18).
دور المرأة المسلمة:
المادة السابعة عشرة:
للمرأة المسلمة في معركة التحرير دور لا يقل عن دور الرجل فهي مصنع
الرجال، ودورها في توجيه الأجيال وتربيتها دور كبير، وقد أدرك الأعداء
دورها وينظرون إليها على أنه إن أمكنهم توجيهها وتنشئتها النشأة التي
يريدون بعيدًا عن الإسلام فقد ربحوا المعركة، ولذلك تجدهم يعطون محاولاتهم
جهدًا متواصلاً من خلال الإعلام والأفلام، ومناهج التربية والتعليم بوساطة
صنائعهم المندمجين في منظمات صهيونية تتخذ أسماءً وأشكالاً متعددة
كالماسونية، ونوادي الروتاري، وفرق التجسس وغير ذلك، وكلها أوكار للهدم
والهدامين، وتتوفر لتلك المنظمات الصهيونية إمكانات مادية هائلة، تمكنها
من لعب دورها وسط المجتمعات، بغية تحقيق المنظمات عملها في غيبة الإسلام
عن الساحة، وغربته بين أهله. وعلى الإسلاميين أن يؤدوا دورهم في مواجهة
مخططات أولئك الهدامين، ويوم يملك الإسلام توجيه الحياة يقضي على تلك
المنظمات المعادية للإنسانية والإسلام.
المادة الثامنة عشرة:
والمرأة في البيت المجاهد والأسرة المجاهدة أُمًّا كانت أو أختًا لها
الدور الأهم في رعاية البيت وتنشئة الأطفال على المفاهيم والقيم الأخلاقية
المستمدة من الإسلام، وتربية أبنائها على تأدية الفرائض الدينية استعدادًا
للدور الجهادي الذي ينتظرهم، ومن هنا لا بد من العناية بالمدارس والمناهج
التي تربّى عليها البنت المسلمة، لتكون أمًّا صالحة واعيةً لدورها في
معركة التحرير.
ولا بد لها من أن تكون على قدر كافٍ من الوعي والإدراك في تدبير الأمور
المنزلية، فالاقتصاد والبعد عن الإسراف في نفقات الأسرة من متطلبات القدرة
على مواصلة السير في الظروف الصعبة المحيطة، وليكن نصب عينيها أن النقود
المتوافرة عبارة عن دم يجب ألا يجري إلا في العروق لاستمرار الحياة في
الصغار والكبار على حد سواء.
﴿إِنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِمَاتِ والمُؤْمِنينَ والمُؤْمِناتِ
والقَانِتِينَ والقَانِتَاتِ والصَّادِقِينَ والصَّادِقَاتِ والصَّابِرينَ
والصَّابِراتِ والخَاشِعِينَ والخَاشِعاتِ والمُصَدّقِينَ
والمُتَصَدّقَاتِ والصَّائمينَ والصَّائِمَاتِ والحَافِظِينَ فُرُوجَهُم
والحَافِظَاتِ والذَّاكِرِينَ اللهَ كثيرًا والذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ
لَهُم مَغْفِرَةً وأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب: 35).
دور الفن الإسلامي في معركة التحرير:
المادة التاسعة عشرة:
للفن ضوابط ومقاييس بها يمكن أن يعرف هل هو فن إسلامي أم جاهلي؟ وقضايا
التحرير الإسلامية بحاجة إلى الفن الإسلامي الذي يسمو بالروح ولا يغلّب
جانبًا في الإنسان على جانب آخر، ولكن يسمو بجميع الجوانب في توازن
وانسجام. والإنسان تكوين عجيب غريب من قبضة الطين ونفخة الروح، والفن
الإسلامي يخاطب الإنسان على هذا الأساس، والفن الجاهلي يخاطب الجسد ويغلّب
جانب الطين.
فالكتاب، والمقالة، والنشرة، والموعظة، والرسالة، والزجل، والقصيدة
الشعرية، والأنشودة، والمسرحية وغير ذلك، إذا توافرت فيه خصائص الفن
الإسلامي، فهو من لوازم التعبئة الفكرية، والغذاء المتجدد لمواصلة
المسيرة، والترويح عن النفس، فالطريق طويل والعناء كثير، والنفوس تمل،
والفن الإسلامي يجدد النشاط، ويبعث الحركة، ويثير في النفس المعاني
الرفيعة والتدبير السليم.
لا يصلح النفس إن كانت مدبرة إلاَ التنقل من حالٍ إلى حال.
كل ذلك جِد لا هزل معه، فالأمة المجاهدة لا تعرف الهزل.
التكافل الاجتماعي:
المادة العشرون:
المجتمع المسلم مجتمع متكافل والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " نِعْم
القوم الأشعريون كانوا إذا جهدوا في حضر أو سفر جمعوا ما عندهم ثم قسموه
بينهم بالسوية ". وهذه الروح الإسلامية هي التي يجب أن تسود في كل مجتمع
مسلم، والمجتمع الذي يتصدى لعدو شرس نازي في تصرفاته لا يفرق بين رجل
وامرأة أو كبير وصغير، هو أولى أن يتحلى بروح الإسلام هذه. وعدونا يعتمد
أسلوب العقاب الجماعي، سَلَب الناس أوطانهم وممتلكاتهم، ولاحقهم في
مهاجرهم وأماكن تجمعهم فاعتمد تكسير العظام، وإطلاق النار على النساء
والأطفال والشيوخ بسبب وبدون سبب، وفتح المعتقلات ليزج فيها بالآلاف
المؤلفة في ظروف لا إنسانية، هذا فضلاً عن هدم المنازل وتيتيم الأطفال،
وإصدار الأحكام الظالمة على آلاف الشباب ليقضوا زهرة شبابهم في غياهب
السجون.
وقد شملت نازية اليهود النساء والأطفال، فالترويع للجميع، يحاربون الناس
في أرزاقهم ويبتزون أموالهم ويدوسون كرامتهم، وهم بأعمالهم الفظيعة
يعاملون الناس كأعنف ما يكون مجرمو الحرب، والإبعاد عن الوطن نوع من أنواع
القتل. وفي مواجهة هذه التصرفات لا بد من أن يسود التكافل الاجتماعي بين
الناس، ولا بد من مواجهة العدو كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى.
المادة الحادية والعشرون:
ومن التكافل الاجتماعي تقديم المساعدة لكل محتاج، سواء كانت مادية أو
معنوية، أو المشاركة في إنجاز بعض الأعمال، على عناصر حركة المقاومة
الإسلامية أن ينظروا إلى مصالح الجماهير نظرتهم إلى مصالحهم الخاصة.
وعليهم ألا يدخروا جهدًا في سبيل تحقيقها والمحافظة عليها وعليهم أن
يحُولوا دون التلاعب بكل ما يؤثر في مستقبل الأجيال أو يعود على مجتمعهم
بالخسارة، فالجماهير منهم ولهم، وقوتها قوة لهم، مستقبلها مستقبلهم. على
عناصر حركة المقاومة الإسلامية أن يشاركوا الناس في أفراحهم وأتراحهم وأن
يتبنوا مطالب الجماهير وما يحقق مصالحها ومصالحهم، ويوم تسود هذه الروح
تتعمق الألفة ويكون التعاون والتراحم وتتوثق الوحدة ويقوى الصف في مواجهة
الأعداء.
القوى التي تدعم العدو:
المادة الثانية والعشرون:
خطَّط الأعداء منذ زمن بعيد، وأحكموا تخطيطهم كي يتوصلوا إلى ما وصلوا
إليه، آخذين بالأسباب المؤثرة في مجريات الأمور، فعملوا على جمع ثروات
مادية هائلة ومؤثرة، سخروها لتحقيق حلمهم، فبالأموال سيطروا على وسائل
الإعلام العالمية، من وكالات أنباء، وصحافة، ودور نشر، وإذاعات، وغير ذلك.
وبالأموال فجَّروا الثورات في مختلف بقاع العالم، لتحقيق مصالحهم وجني
الثمار، فهم من وراء الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية ومعظم ما سمعنا
ونسمع عن ثورات هنا وهناك.
وبالأموال كوَّنوا المنظمات السرية التي تنتشر في مختلف بقاع العالم، لهدم
المجتمعات، وتحقيق مصالح الصهيونية، كالماسونية، ونوادي الروتاري،
والليونز، وأبناء العهد وغير ذلك، وكلها منظمات تجسسية هدامة، وبالأموال
تمكنوا من السيطرة على الدول الاستعمارية، ودعوها إلى استعمار كثير من
الأقطار، لكي يستنزفوا ثروات تلك الأقطار وينشروا فيها فسادهم.
وعن الحروب المحلية والعالمية حدِّث ولا حرج، فهم من خلف الحرب العالمية
الأولى، حيث تم لهم القضاء على دولة الخلافة الإسلامية، وجنوا الأرباح
المادية، وسيطروا على كثير من موارد الثروة وحصلوا على وعد بلفور وأنشأوا
عصبة الأمم المتحدة ليحكموا العالم من خلال تلك المنظمة، وهم من خلف الحرب
العالمية الثانية، حيث جنوا الأرباح الطائلة من تجارتهم في مواد الحرب،
ومهدوا لإقامة دولتهم، وأوعزوا بتكوين هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن
بدلاً من عصبة الأمم المتحدة ولحكم العالم من خلال ذلك.
وما من حرب تدور هنا أو هناك إلا وأصابعهم تلعب من خلفها ﴿كُلَّمَا
أَوْقَدُوا نارًا لِلحرب أطْفَأها اللهُ ويَسْعَوْنَ في الأرض فَسَادًا
واللهُ لا يُحِبُّ المُفْسِدين﴾ (المائدة: 64).
فالقوى الاستعمارية في الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي، تدعم العدو بكل ما
أوتيت من قوة، ماديًا، وبشريًا، وهي تتبادل الأدوار، ويوم يظهر الإسلام
تتحد في مواجهته قوى الكفر، فملة الكفر واحدة.
﴿يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بطانةَ من دونِكُم لا
يأْلُونكُم خَبَالاً وَدُّوا ما عَنِتُّم قَدْ بَدَتِ البغْضَاءُ من
أَفْواهِهِم وَمَا تُخفْي صُدُورُهُم أكبر قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ
إنْ كُنْتُم تَعْقِلُون﴾ (آل عمران: 118).
وليس عبثًا أن تختم الآية بقوله تعالى ﴿إنْ كُنْتُم تَعْقِلُون﴾.
الباب الرابع - مواقفنا من