الحملات الصليبية أو الحروب الصليبية بصفة عامة اسم يطلق
حاليا على مجموعة من الحملات والحروب التي قام بها اوروبيون ما بين اواخر
القرن الحادي عشر إلى الثلث الاخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)،
كانت بشكل رئيسي حروب فرسان ، واسميت بهذا الاسم لان الذين اشتركوا فيها
كانوا يخيطون على البستهم على الصدر والكتف علامة الصليب من قماش احمر .
كانت السبب الرئيس في سقوط البيزنطيين
بسبب الدمار الذي كانت تخلفه الحملات الاولى المارة في بيزنطة(مدينة
القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية البيزنطية وتحول حملات لاحقة نحوها
سمي الصليبييون في النصوص العربية بالفرنجة أو الافرنج و سميت الحملات
الصليبية بحروب الفرنجة اما في الغرب فقد سمي الصلييون بتسميات متعددة
كمؤمني القديس بطرس (fideles Sancti Petri) او جنود المسيح (milites Christ)، ورأى من كان مندفعا بدافع الدين
من الصليبيين انفسهم, على انهم حجاج ، واستخدم اسم "الحجاج المسلحين"
لوصفهم في إشارة إلى ان الحجيج لا يحمل السلاح في العادة .وكان الصليبيون
ينذرون او يقسمون ان يصلوا إلى القدس ويحصلوا على صليب من قماش يخاط إلى
ملابسهم ، واصبح اخذ هذا الصليب إشارة إلى مجمل الرحلة التي يقوم بها كل
صليبي .
وفي العصور الوسطى كان يشار إلى هذه الحروب عند الاوروبيين بمصطلحات تقابل الترحال والطواف والتجوب (peregrinatio)والطريق إلى الارض المقدسة (iter in terram sanctam) وظهر مصطلح "الحرب الصليبية" او "الحملة الصليبية" على ما يبدو أول ما ظهر في بحث لمؤرخ بلاط لويس التاسع عشر ، لويس ممبور سنة 1675
جاءت بداية الحروب الصليبية في فترة كانت فيها أوروبا قد تنصرت بالكامل تقريبا بعد اعتناق الفايكينج والسلاف والمجر للمسيحية .فكانت طبقة المحاربين الاوروبيين قد اصبحوا بلا عدو لقتاله ، فاصبحوا ينشرون الرعب بين السكان ، وتحولوا إلى السرقة وقطع الطرق والقتال في ما بينهم ، فكان من الكنيسة
ان حاولت التخفيف بمنع ذلك ضد جماعات معينة في فترات معينة من اجل السيطرة
على حالة الفوضى القائمة .وفي ذات الوقت افسح المجال للاوربيين للاهتمام
بموضوع الارض المقدسة التي سيطر عليها المسلمون
منذ عدة قرون ولم يتسن للاوربيين الالتفات لها لانشغالهم بالحروب ضد غير
المسيحيين من الفايكنج والمجريين الذين كانوا يشكلون المشكلة الاقرب
جغرافيا سابقا ، وكذلك بدأت الكنيسة تلعب دورا في الحرب الاستردادية في اسبانيا ، حيث قام البابا الكسندر الثاني عام 1063 بمباركة المحاربين الذاهبين إلى الاندلس ، الامر الذي لعب دورا كبيرا في تكوين فكرة الحرب المقدسة.
كذلك كانت جذور الفكرة الصليبية قد بدأت بالظهور عندما بدا ان المسلمين
يضطهدون المسيحيين في الديار المقدسة عندما هدمت احدى الكنائس في القدس ، وان كان قد اعيد بناؤها فيما بعد. وفي هذه الظروف التاريخية
، كان شن حروب إلى ما وراء البحار باسم هداية الناس إلى الطريق الصحيح
والدفاع عن الاخوة في الارض المقدسة فكرة لاقت ترحيبا في صفوف الاوروبيين.
الدوافع الدينية
كانت دعوة الباباوية للحروب الصليبية التي بدأها البابا اوربان الثاني في نوفمبر 1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمون فران الفرنسية
، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق "ارادة الرب" عن طريق الحج إلى
الارض المقدسة للتكفير عن الخطايا ، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم
الاسلامي للمسيحيين في الارض المقدسة وتدعو إلى تحريرهم ، وتراجعت هذه
الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل إلى حد تدمير مدينة القسطنطينية
المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأولى و الرابعة على أيدي الصليبيين
أنفسهم .
الدوافع الاجتماعية
كان قانون الارث المطبق في أوروبا ينص على ان يرث الابن الاكبر عقارات
والده وعبيده بعد موته ، وتوزع المنقولات بين ابنائه ، وبسبب هذا القانون
نشأت طبقة من النبلاء او الاسياد الذين لم يكونوا يملكون اقطاعيات ، فشاعت
بينهم القاب مثل "بلا ارض" و"المعدم" دلالة على عدم ملكيتهم لقطعة ارض ،
ورأى الكثير من هؤلاء فرصتهم في الحملات الصليبية للحصول على اراض في
الشرق ، ورأى آخرون فيها فرصة لتوسيع املاكهم بضم املاك جديدة ، كما كان
الفقراء يجدون فيها فرصة لحياة جديدة أفضل ووسيلة تخرجهم من حياة العبودية
التي كانوا يعيشونها في ظل نظام الاقطاع السائد في ذلك الوقت.
العلاقة مع الإسلام
كانت العلاقات الخارجية لاوروبا مع المد الإسلامي لا تبعث على الطمأنينة
.فالمسلمون الذين كانوا قد قاتلوا البيزنطيين منذ القرن السابع الميلادي
قد وصلوا إلى جبال البيرينية في شمال اسبانيا وجنوب فرنسا بعد ان سيطروا
على شمال افريقيا
، فكانت المناطق الاوروبية المتاخمة لحدود دولة الأندلس الاسلامية بشبه
جزيرة إيبيريا وجزيرة صقلية تشعر بتهديد السيطرة الإسلامية عليها مما ساهم
في تجنيد الاوروبيين بدافع الحماية والدفاع عن مناطقهم.
التوترات بين روما والقسطنطينة
رأت البابوية في السيطرة على الارض المقدسة دعما كبيرا لنفوذها ، كما رأت
ايضا ، في السيطرة على الكنيسة الشرقية بالقسطنطينية وسيلة لاعادة توحيد
الكنيسة تحت ظلال البابوية ، ولعبت العوامل الاقتصادية والتنافسية دورا
بدا واضحا في الحملة الصليبية الرابعة. مما أدي إلى التضاؤل المستمر في
دفاع الصليبيين عن الامبراطورية البيزنطية.
حملة الفقراء أو حملة الشعب
للمقال الكامل راجع حملة الفقراء
حملة قام بها الفقراء والاقنان وجمهور قليل من الفرسان ، حيث كان الوعد
الكنسي بالخلاص والفوز بالغنائم سببا مقنعا لمغادرة حياتهم البائسة
والتوجه إلى تحرير القدس. وهذه الحملة قادها بطرس الناسك حتى وصولها إلى القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزطية. وكانت الجموع تندفع دون توقف ودون انتظار أوامر القيادة، خلفت وراءها خرابا ونهبا في المجروالصرب واليونان وآسيا الصغري، حتى سحقتهم قوات السلاجقة الأتراك في 21 أكتوبر عام 1096 م. وكان عدد الصليبيين 25 ألف رجل.