الغوصة
الغوصة سفينة تسير تحت الماء تصمَّم معظم الغواصات للاستخدام أثناء الحرب،
لمهاجمة غواصات العدو وسفنه البحرية، ولضرب أهداف داخل الدول المعادية
بالصواريخ. ويتراوح طول هذه السفن ما بين حوالي 60م وأكثر من 150م. أما
جسمها المستدير فيصل نصف قطره إلى 9 أمتار. وتسع تلك السفن بداخلها أكثر
من 100 من أعضاء الطاقم للمأوى والعمل.
وتُستخدم بعض الغواصات لأغراض البحث العلمي، حيث تجوب قيعان المحيطات لجمع
المعلومات العلمية. ولكن هذه الغواصات أصغر حجماً من الغواصات العسكرية
ولا تحمل سوى بضعة أشخاص. .
وعادة ما تهاجم الغواصة أهدافها أثناء الحرب من تحت سطح الماء. ولكي تؤدي
الغواصة دورها بفاعلية لابد من أن تبقى تحت الماء. غير أن الغواصات
البدائية لم تكن تستطيع البقاء تحت الماء لفترات طويلة، ولذلك كانت تضطر
إلى الخروج إلى السطح كل بضع ساعات للتزود بالهواء اللازم لمحركاتها
وطواقمها، مما جعلها عرضة لهجمات طائرات وسفن العدو.
وفي يومنا هذا، تستطيع الغواصات النووية البقاء تحت الماء لعدة شهور دون
الخروج إلى السطح، ذلك لأن المحركات النووية لا تحتاج في عملها إلى
أكسجين. كما أن الغواصات الحديثة تستطيع أن تنتج كل الهواء الذي تحتاجه
أطقمها. إضافة إلى ذلك، فإن الغواصات الحديثة تكاد تكون صعبة الاكتشاف عند
وجودها تحت سطح الماء، لأن محركاتها ومراوحها الدافعة مصممة للعمل بأقل
قدر من الضوضاء.
وجسم الغواصة الطويل الأسطواني الشكل يساعدها على سرعة الحركة تحت سطح
الماء، كما أن بدنيها (جسميها) يحميانها من ضغط الماء. فالبدن الداخلي،
الذي يُسمى بدن الضغط، يقي الغواصة من قوة ضغط الماء العالي في الأعماق
البعيدة، وهو مبني من الفولاذ القوي السميك. أما البدن الخارجي فيغلف
البدن الداخلي، ويحتوي على فتحات تسمح بدخول الماء لإعطاء الغواصة الثقل
الموازن للغوص.
ويطل من منتصف ظهر الغواصة بحوالي 6 أمتار بناء طويل رفيع يسمى الشِّراع،
يحوي بداخله البريسكوبات (مناظير الأفق) والرادار وهوائيات الراديو.
وتستخدم قمة الشِّراع أيضًا غرفة قيادة يوجه منه الربان الغواصة على
السطح. وتبرز من جانبي الشراع والمؤخرة زعانف فولاذية تسمى جنيحات الغوص،
تعمل على توجيه الغواصة نحو الأعماق المختلفة. وتُدفع الغواصة إلى الأمام
بوساطة مروحة دفع موجودة بالمؤخرة، بينما توجه بوساطة دفتي توجيه
مركَّبتين فوق مروحة الدفع وتحتها.
أنواع الغواصات
هنالك نوعان رئيسيان من الغواصات هما: الغواصات الهجومية، وغواصات الصواريخ البالستية.
الغواصات الهجومية. تصمم للبحث عن غواصات العدو وسفنه وتدميرها. ويتراوح
طول معظم الغواصات الهجومية ما بين حوالي 75 و110 أما أعضاء طاقمها فيصل
عددهم إلى 110. وتعمل معظم هذه الغواصات بمحركات تدار بالقدرة النووية
وتسلح بطوربيدات وقذائف موجهة.
وتعمل الغواصات الهجومية بصفة رئيسية على اقتناص غواصات العدو، إذ تتابع
وتكتشف أهدافها بالسونار، وهو جهاز لاكتشاف الأصوات التي تصدرها الأجسام
تحت الماء. أما البريسكوب والرادار فيستخدمان للتعرف على السفن المعادية
على سطح الماء. .
وتطلق الغواصات الهجومية الحديثة طوربيداتها من أنابيب موجودة على امتداد
جانبي البدن. ولهذه الطوالتوربيدأجهزة توجيه تتابع الهدف وتوجه الطوربيد
لضربه. وبينما تحتوي مقدمة الغواصات القديمة على أنابيب الطوربيد، فهي
تحتوي في الغواصات الحديثة على السونار الذي يكون في هذه الحالة بعيدًا عن
ضوضاء المحرك المروحي للغواصة.
وتستطيع بعض الغواصات إطلاق قذائف مضادة للغواصات من أنابيب طوربيد. وهذه
الصواريخ بالستية قصيرة المدى لها رؤوس نووية قادرة على تدمير الغواصات
الغاطسة تحت الماء من بعد 50كم. وتستطيع بعض الغواصات الأخرى مهاجمة سفن
السطح وأهداف الشاطىء بالصواريخ الطوافة (صواريخ كروز) ذات الأجنحة
القصيرة التي تنفتح مع بداية الانطلاق. والمعروف أن الصواريخ الطوافة يمكن
أن توجه لتفادي دفاعات العدو.
غواصات الصواريخ البالستية. تبقى مختفية في الأعماق إلى أن تحين الفرصة
المناسبة للهجوم. وهذه الغواصات أكبر حجماً من الغواصات الهجومية، إذ
يتراوح طولها بين 115 و 170م، كما يصل عدد أفراد طاقمها إلى حوالي 150
رجلاً. وتحمل غواصات الصواريخ البالستية صواريخ بعيدة المدى لقصف مدن
العدو وقواعده العسكرية المطلة على الساحل. وتُطلق الصواريخ من صوامع
(منصات إطلاق) موجودة في بدن الغواصة. وتستطيع تلك الصواريخ إصابة أهدافها
من بعد يتراوح بين 2,400 و 6,400كم، كما تستطيع أن تحمل قنابل متعددة
لإصابة عدة أهداف في آن واحد، إضافة إلى أنها تحمل طوربيدات للدفاع ضد سفن
العدو المضادة للغواصات.
وهنالك جهاز خاص على ظهر الغواصة يحدد موقعها على وجه الدقة، ويعين مسار
الصاروخ البالستي نحو هدفه. هذا الجهاز المسمى نظام الملاحة بالقصور
الذاتي، يتألف من أجهزة قياس دقيقة موصولة بحواسيب. ويساعد هذا النظام
الغواصة من خلال تسجيل نقطة بدئها في الرحلة وتحركاتها في الاتجاهات كافة.
وهذه المعلومات تُغذي بدورها نظام توجيه الصاروخ ليحدَّد بمقتضاها بُعدُه
عن الهدف واتجاهه إليه بدقة. وبعد إطلاق الصاروخ يعمل نظام الملاحة
بالقصور الذاتي فيه بتوجيهه نحو الهدف.
وحدة توليد القدرة
يتألف محرك الغواصة النووية من مفاعل نووي ومولد بخار. يستخدم المفاعل
اليورانيوم وقودًا، ويشطر ذرات اليورانيوم من خلال عملية تخضع لمراقبة
دقيقة تسمى الانشطار . وينتج عن هذه العملية حرارة شديدة.
وتقوم أنابيب معينة بحمل الماء من مولد البخار إلى المفاعل، حيث يسخن
الماء إلى حوالي 320°م. ولأن هذا الماء المسخن مسبقًا يقع تحت ضغط عال،
فهو لا يغلي، بل يرجع عوضًا عن ذلك إلى مولد البخار، ويعمل على تسخين
مخزون من الماء غير مضغوط ويحيله إلى بخار. وهذا البخار يعمل بدوره على
تدوير توربينات ضخمة لتوليد قدرة كافية لتدوير المحرك المروحي الدفع
وتشغيل الغواصة.
تعمل المحركات النووية دون الحاجة إلى هواء وتستهلك وقودًا أقل بكثير من
ذلك الذي تستهلكه المحركات الأخرى، حيث ينتج 1,8كجم من وقود اليورانيوم
طاقة أكثر من تلك التي ينتجها 38 مليون لتر من زيت الوقود.
وتسير بعض الغواصات بمحركات تعمل بالديزل. ونظرًا لأن محركات الديزل تحرق
زيت الوقود فهي تحتاج في عملية الاحتراق إلى هواء. ولذلك لا تستخدم تلك
الغواصات المحركات إلا عندما تكون على سطح الماء أو بالقرب منه. وتستمد
الغواصة قدرتها من بطاريات عندما تكون تحت سطح الماء. وفي الفترة الأخيرة
من الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م)، جهزت البحرية الألمانية
غواصاتها بأنبوب تنفس يسمى المنشاق (قصبة التنفس). وقد عمل المنشاق على
إدخال الهواء إلى الغواصة عند وجودها بالقرب من السطح. وحل هذا الهواء محل
الأكسجين الذي تستخدمه محركات الديزل ويتنفسه طاقم الغواصة. غير أن
المنشاق كان يخلف أثرًا في الماء مما كان يساعد على اكتشاف موقع الغواصة.
ولذلك فإن الغواصات لم تصبح سفنًا تحت مائية حقًا إلا بعد تطوير القدرة
النووية.
العمل على السطح. عندما تكون الغواصة على سطح الماء، فإنها تعمل كأية سفينة أخرى. وتستطيع الغواصة
تسير على سطح الماء بسرعة 20 عقدة (ميلاً بحريًا) في الساعة. ومهما يكن من
أمر فإن الغواصات الحديثة لا تقضي وقتًا يذكر على سطح الماء.
الغوص. تغوص الغواصة بإغراق خزان ثقلها الموازن بالماء، حيث يفقد الوزن
المضاف الغواصة قابليتها الإيجابية للطفو، ويجعل تلك القابلية محيَّدة
تمامًا. وبعدئذ تمال جنيحات الغوص إلى أسفل لتشق الغواصة طريقها بيسر نحو
عمق الماء.
تستطيع الغواصة أن تغوص إلى عمق 30م في أقل من دقيقة واحدة. ولا تصل إلى
أكثر من عمق حوالي 900م إلا غواصات البحث العلمي المصممة خصيصًا لهذا
الغرض. وتستطيع هذه الغواصات مقاومة الضغط الشديد الذي يمكن أن يسحق
الغواصات العادية في ثوان. والفلزات المستخدمة في غواصات البحث العلمي
أثقل من التي تستخدم في الغواصات القتالية، كما أن تقنيات التصميم
المستخدمة فيها باهظة التكاليف .
العمليات تحت الماء. تسير الغواصة تحت الماء كما تسير الطائرة في الجو
تريبًا، إذ تتخذ جنيحات الغوص زوايا مختلفة صعودًا وهبوطًا لرفع أو خفض
الغواصة. ويجلس اثنان من أفراد الطاقم أمام لوحة تحكم شبيهة بلوحة التحكم
في الطائرة لمناورة الغواصة، فيدفعان بعجلة التحكم إلى الأمام إذا أرادا
الهبوط أو يسحبانها إذا أرادا الصعود بالغواصة. كما أن إدارة العجلة إلى
اليمين أو اليسار يحرك دفة التوجيه لتغيير اتجاه الغواصة حسب الاتجاه
المطلوب.
وتستطيع الغواصة النووية أن تسير تحت الماء بسرعة تزيد على 30 عقدة.
وبينما يصدر جهاز السونار تحذيرًا ضد أية عوائق في الطريق، يعطي نظام
التوجيه بالقصور الذاتي معلومات عن موقعها على وجه الدقة. وتستطيع أسرع
الغواصات أن تسير بسرعة 43 عقدة تحت الماء.
الخروج إلى السطح. تخرج الغواصة إلى سطح الماء بإحدى طريقتين: بإخراج
الماء من خزانات الثقل الموازن بالهواء المضغوط، أو بإمالة جنيحات الغوص
بطريقة تجعل الغواصة متجهة إلى أعلى.
الحياة داخل الغواصة
تخرج الغواصات الهجومية في دورية لعدة شهور، وكثيرًا ما تتوقف في موانئ
معينة في تلك الرحلة. أما غواصات الصواريخ البالستية فتستمر دوريتها لمدة
60 يومًا، وتكاد تبقى خلال كل تلك الفترة تحت الماء. وفي كلا النوعين من
الغواصات يتوافر لدى الملاحين شتى سُبل الراحة والترفيه أثناء الرحلة.
فعلى سبيل المثال، هناك وحدات تكييف الهواء الضخمة للمحافظة على الحرارة
والرطوبة في مستوى مريح، وهناك مكتبات وغرف للتسلية تيسر كثيرًا من رتابة
الحياة في أعماق البحر.
وفي معظم الغواصات، يجب على كل فرد من أفراد الطاقم أن يعمل في نوبة لمدة
4 ساعات تُسمىنوبة الحراسة. وبعد الفراغ من نوبته يسلم فرد الطاقم العمل
لفرد آخر، ويبتعد عن العمل لمدة ثماني ساعات. وفي تلك الفترة قد يقوم ببعض
أعمال الصيانة في السفينة، ولكنه يتمتع بحرية كاملة لنيل قسط من الراحة أو
للقراءة حتى يعود إلى العمل مرة أخرى. وتتغير واجبات العمل على نحو يهيىء
لأفراد الطاقم كافة عطلة لعدة أيام .
تملك الغواصات النووية القدرة على إنتاج هوائها الخاص وماء الشرب. فعن
طريق العملية المسماة التحليل الكهربائي يتم استخلاص الأكسجين من ماء
البحر وتوفير الهواء اللازم للطاقم. وتعمل مصفيات كيميائية خاصة على تنقية
الهواء من العناصر الضارة داخل الغواصة. وهناك صفائح رصاصية تغلف المفاعل
النووي لوقاية الطاقم من خطر الإشعاع. ويُقطر ماء الشرب النقي من ماء
البحر بآلات خاصة.
تعود الغواصة إلى الميناء، بعد الانتهاء من رحلتها، وهناك تجرى عليها
الصيانة اللازمة وتزود بمزيد من المؤن. أما غواصة الصواريخ البالستية
فتستبدل طواقمها أيضًا. ولغواصة الصواريخ البالستية في العادة طاقمان، يحل
أحدهما محل الآخر بعد أن يكمل نوبته، ومن ثم يخرج الطاقم الجديد بالغواصة
في مهمة أخرى. أما العائدون إلى الشاطىء فيذهبون في عطلة يتلقون فيها
مزيداً من التدريب. وبعد أن يكمل طاقم الغواصة الهجومية نوبتهم، تربض
الغواصة لعدة شهور أو تقتصر على عمليات محلية.
نبذة تاريخية
الغواصات البدائية. كانت أول غواصة صالحة للعمل مركب تجديف خشبيًا مغطى
بجلود لا ينفذ منها الماء. وقد تمكن صانع هذه الغواصة، وهو عالم هولندي
يدعى كورنيلياس فان دريبيل، من عرض اكتشافه لأول مرة في إنجلترا حوالي عام
1620م. وفي القرن التالي بنى المصممون عددًا من السفن التحتمائية، غير أن
تلك السفن لم تعد بفائدة تذكر حتى اندلاع الثورة الأمريكية (1775 -
1783م). وفي تلك الحرب، قام الطالب ديفيد بوشنل بتصميم السلحفاة، وهي
غواصة لرجل واحد، تسير بمروحة دفع تدار برفَّاص يدوي. وفي عام 1776م أخفقت
السلحفاة في محاولة إغراق سفينة حربية بريطانية في خليج نيويورك. وكانت
هذه المهمة أول هجوم معروف قامت به غواصة.</H6>وفي عام 1800م، بنى
المكتشف الأمريكي روبرت فولتن الغواصة نوتيلوس، وهي غواصة مغطاة بالنحاس،
طولها 6,4م. وقد حاول فولتن بيع غواصته نوتيلوس لفرنسا ومن ثم لبريطانيا،
غير أن كلتا الدولتين لم تبديا اهتمامًا بالغواصة برغم نجاحها في إغراق
عدة سفن في عروضها التجريبية.
وفي الحرب الأهلية الأمريكية (1861 - 1865م)، أصبحت الغواصة الكونفدرالية
هنلي أول سفينة تحتمائية تغرق سفينة أثناء الحرب. وكانت هنلي تحمل شحنة
متفجرة ملحقة بصارية طويلة على مقدَمها. وفي عام 1864م، تمكنت هنلي من قصف
سفينة الاتحاد هوساتونيك في خليج تشارلستون قبالة شاطىء كارولينا
الجنوبية. ومع أن هنلي أغرقت هوساتونيك، إلا أنها تبعت ضحيتها إلى القاع.
*وفي عام 1898م دفع المكتشف الأمريكي جون هولاند غواصة طولها 16م إلى
البحر، وكانت تعمل بمحرك جازولين وبطاريات كهربائية، وتسير تحت الماء
بسرعة 6 عُقَد. وقد اشترت البحرية الأمريكية هذه الغواصة عام 1900م لتكون
غواصتها الأولى تحت اسم يو إس إس هولاند. كما قام سايمون ليك، وهو مكتشف
أمريكي آخر، بتصميم عدد من الغواصات، غير أن أهم إنجاز له هو اكتشاف
بريسكوب الغواصة في عام 1902م. وقد استخدم بريسكوب ليك عدسات مكبرة ساعدت
الغواصة على رؤية الأهداف البعيدة. وبنى ليك أيضًا غواصات ذات عجلات
لمساعدتها على السير بيسر في عمق المحيط.
وفي عام 1908م، تمكنت بريطانيا من إنزال أول غواصة تعمل بالديزل في عرض
البحر . وكانت محركات تلك الغواصة أقوى عزمًا، وأقل تكلفة في العمل، كما
أنها كانت تنتج أبخرة أقل خطورة من تلك التي تنتجها أبخرة محركات البترول.
وقد استخدمت كل الغواصات محركات الديزل حتى خمسينيات القرن العشرين.
*الحرب العالمية الأولى والثانية. برهنت ألمانيا خلال الحرب العالمية
الأولى (1914 - 1918م) على فاعلية الغواصة بوصفها سفينة حربية رهيبة. ففي
عام 1914م، أغرقت الغواصة الألمانية ثلاثة طرادات بريطانية خلال ساعة
واحدة فقط، وحاصرت الغواصات الألمانية التي أُطلق عليها القوارب التحت
بحرية أو القوارب يو - بوت إنجلترا وأحدثت خسائر فادحة بالسفن التجارية
وسفن نقل الركاب، وهكذا أصبحت القوارب يو - بوت تُشكل رُعبًا في البحار من
خلال شنها لحرب غير محدودة على سفن الحلفاء .
وفي مايو 1915م، ضربت غواصة ألمانية السفينة البريطانية لوسيتانيا
بالطوربيدات وأغرقتها، مما أسفر عن مصرع 1,200 راكب تقريبًا في هذا
الهجوم. وخلال العام التالي تصاعد الغضب الشعبي في الولايات المتحدة نتيجة
إغراق الغواصات الألمانية القوارب يو - بوت للسفن التجارية الأمريكية
الواحدة تلو الأخرى. وقد أسهمت هجمات الغواصات الألمانية في دخول الولايات
المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء في أبريل عام 1917م.
أغرقت الغواصات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م )
ألف سفينة تجارية، وكانت القوارب يو بوت تخرج لاصطياد السفن في مجموعات
أُطلق عليها قِطعان الذئاب تتكون من 40 غواصة. وقد كافح الحلفاء لحماية
سفنهم من خطر الغواصاتِ الألمانية. فكانت السفن التجارية للحلفاء تسيرُ في
قوافل كبيرة (أساطيل) تحت حماية المدمرات، والسفن الحربية الأخرى. وساعد
تطور الرادار وجهاز السونار في اكتشاف مواقع الغواصات الألمانية والحد من
خطرها في المحيط الهادئ، كما تمكنت غواصات البحرية الأمريكية من إغراق ما
يزيد على نصف السفن التجارية وكثير من السفن الحربية اليابانية.
الغواصات النووية. في عام 1954م، أدخلت البحرية الأمريكية في خدمتها
الفعلية أول غواصة تعمل بالقدرة النووية، وأُطلق عليها اسم نوتيلوس. وفي
أول رحلة بحرية لها، حطمت تلك الغواصة كل الأرقام القياسية السابقة لسرعة
سير الغواصات تحت المياه، ودرجة تحملها. وفي عام 1958م، أصبحت الغواصة
نوتيلوس أول غواصة تَبْحر تحت ثلوج القطب الشمالي. وفي عام 1960م كانت
الغواصة الامريكية تريتون أول غواصة تُسافر حول العالم تحت المياه.
طوَّرت البحرية الأمريكية في أوائل الستينيات من القرن العشرين أول غواصات
حديثة لإطلاق الصواريخ البالستية، وكانت كل غواصة منها تحمل 16 صاروخًا من
صواريخ بولاريس، وتحمل أسلحة نووية خلف الشراع. وكان بإمكان الطراز الأول
لصواريخ بولاريس أن تضْرب أهدافًا تصل إلى بُعد 1930كم. وقد طُورت هذه
الصواريخ فيما بعد ليزداد إصابتها إلى 4,500كم.
دخلت أول غواصة نووية في الخدمة الفعلية للبحرية البريطانية في 1963م، وهي
الغواصة إتش إم إس دريد نوت. أما الطراز الأكثر تطورًا منها وهو الغواصة
إتش إم إس رزوليوشن، التي حملت أول صاروخ بولاريس نووي، فقد دخلت الخدمة
في عام 1967م.
وفي عام 1981م، صنعت الولايات المتحدة أول جيل من الغواصات أوهايو.
وتُعتبر تلك الغواصات أكبر وأقوى الغواصات التي بنتها الولايات المتحدة
حتي الآن، حيث تبلغ 170 مترًا طولاً وتحمل 24 من صواريخ ترايدنت، يبلغ مدى
كل صاروخ منها حوالي 6,400كم. ويمكن أن يحتوي على عدة رؤوس نووية مستقلة
يمكن توجيه كل منها إلى هدف مُنْفصل. وتُخطط الحكومة البريطانية لإحلال
صواريخ ترايدنت محل صواريخ بولاريس في التسعينات من القرن العشرين.
وقبل تفككه في عام 1991م كان الاتحاد السوفييتي يمتلك أكبر غواصات
الصواريخ البالستية حجمًا. وكانت صواريخ تلك الغواصات تضرب أهدافًا على
بعد يصل إلى 8,000كم. وامتلك الاتحاد السوفييتي أيضًا أسطولاً من الغواصات
النووية ـ 310 غواصة ـ زاد عددها على أي دولة أخرى، وتلتها الولايات
المتحدة الأمريكية. وفي عام 1992م، دشـّنت روسيا، وتبعتها أوكرانيا،
أسطولها من الغواصات. وقد ضمت روسيا معظم الغواصات التي كان يمتلكها
الاتحاد السوفييتي السابق. ومن الدول الأخرى التي تمتلك الغواصات النووية
الصين وفرنسا وبريطانيا.
وكانت البحرية الملكية لبريطانيا أول بحرية في العالم تستخدم الغواصات
النووية في القتال عندما استخدمتها أثناء الصراع بين بريطانيا والأرجنتين
حول جزر فوكلاند عام 1982م.
if (window.Event)
document.captureEvents(Event.MOUSEUP);
function nocontextmenu()
{
event.cancelBubble = true
event.returnValue = false;
return false;
}
function norightclick(e)
{
if (window.Event)
{
if (e.which == 2 || e.which == 3)
return false;
}
else
if (event.button == 2 || event.button == 1)
{
event.cancelBubble = true
event.returnValue = false;
return false;
}
}
document.oncontextmenu = nocontextmenu;
document.onmousedown = norightclick;
وفي أغسطس 2000م، غرقت الغواصة النووية كورسك في بحر بارنتس، ومات جميع
.ملاحيها البالغ عددهم 118 ملاحاً. ظل سبب غرق هذه الغواصة مجهولاً.