فصل الحكمة في التفرقة بين زمان وزمان ومكان ومكان
وأما قوله: «وخَصَّ بعضَ الأزمنة والأمكنة، وفضل بعضها على بعض، مع
تساويها ـ إلخ» فالمقدمة الأولى صادقة، والثانية كاذبة، وما فَضَّلَ بعضها
على بعض إلا لخصائص قامت بها اقتضت التخصيص، وما خص سبحانه شيئاً إلا
بمُخَصِّصٍ، ولكنه قد يكون ظاهراً وقد يكون خفيًّا، واشتراك الأزمنة
والأمكنة في مسمى الزمان والمكان كاشتراك الحيوان في مسمى الحيوانية
والإنسان في مسمى الإنسانية، بل وسائر الأجناس في المعنى الذي يعمها، وذلك
لا يوجب استواءها في أنفسها، والمختلفات تشترك في أمور كثيرة، والمتفقات
تتباين في أمور كثيرة، والله سبحانه أحكم وأعلم من أن يفضل مِثْلاً على
مِثْل من كل وجه بلا صفة تقتضي ترجيحه، هذا مستحيل في خلقه وأمره، كما أنه
سبحانه لا يفرق بين المتماثلين من كل وجه؛ فحكمته وعَدْله تأبى هذا وهذا؛
وقد نَزَّه سبحانه نفسَه عمن يَظُنُّ به ذلك، وأنكر عليه زعمه الباطل،
وجعله حكماً منكراً، ولو جاز عليه ما يقوله هؤلاء لبطلت حُجَجُه وأدلته؛
فإن مَبْنَاها على أن حكم الشيء حكم مثله، وعلى ألا يسوي بين المختلفين؛
فلا يجعل الأبرار كالفجار، ولا المؤمنين كالكفار، ولا مَنْ أطاعه كمن
عصاه، ولا العالم كالجاهل وعلى هذا مَبْنَى الجزاء؛ فهو حكمة الكوني
والديني، وجزاؤه الذي هو ثوابه وعقابه وبذلك حصل الاعتبار، ولأجله ضُرِبَت
الأمثال، وقصت علينا أخبار الأنبياء وأممهم، ويكفي في بطلان هذا المذهب
المتروك الذي هو من أفسد مذاهب العالم أنه يتضمن لمساواة ذات جبريل لذات
إبليس وذات الأنبياء لذات أعدائهم، ومكان البيت العتيق بمكان الحُشُوشِ
وبيوتِ الشياطين، وأنه لا فرق بين هذه الذوات في الحقيقة، وإنما خصت هذه
الذات عن هذه الذات بما خُصّت به لمحض المشيئة المرجِّحَة مِثْلاً على مثل
بلا موجب، بل قالوا ذلك في جميع الأجسام، وأنها متماثلة، فجسم المِسْكِ
عندهم مُسَاوٍ لجسم البول والعذرة، وإنما امتاز عنه بصفة َعرَضِية، وجسم
الثَّلْج عندهم مُسَاوٍ لجسم النار في الحقيقة، وهذا مما خرجوا به عن صريح
المعقول، وكابروا فيه الحسَّ، وخالفهم فيه جمهور العقلاء من أهل الملل
والنِّحَلِ، وما سَوَّى الله بين جسم السماء وجسم الأرض، ولا بين جسم
النار وجسم الماء، ولا بين جسم الهواء وجسم الحجر، وليس مع المنازِعِينَ
في ذلك إلا الاشتراك في أمر عام، وهو قبول الانقسام وقيام الأبعاد الثلاثة
والإشارة الحِسّية، ونحو ذلك مما لا يوجب التشابه فضلاً عن التماثل،
وبالله التوفيق.
هكذا فلسفت طائفة الحكماء تلك النصوص- الايات القرآنيه من سورة الكهف- لتستخرج لها مذهبا وطريقة وسياسة تحكم بها العالم
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في رسائل ومسائل ابن تيمية ج2 ص 66-67
:
بطلان الاحتجاج بقصة موسى والخضر على مخالفة الشريعة:
ولا حجة فيها لوجهين (أحدهما) : أن موسى لم يكن مبعوثاً إلى الخضر ولا كان
يجب على الخضر اتباع موسى فإن موسى، كان مبعوثاً إلى بني إسرائيل، ولهذا
جاء في الحديث الصحيح «أن موسى لما سلم على الخضر قال: وأنى بأرضك السلام؟
قال أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال نعم، قال إنك على علم من علم
الله علمكه الله لا أعلمه. وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه» ولهذا
قال نبينا صلى الله عليه وسلّم: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِخَمْسٍ:
جُعِلَتْ صُفُوفَنَا كَصُفُوفِ المَلاَئِكَةِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ
مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأيَّ رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَعِنْدَهُ
مَسْجِدَهُ وَطَهُورُهُ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ
لأحَدٍ قَبْلي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» وقد قال تعالى: {وَمَا
أرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِلْنَّاسِ بَشِيراً ونَذِيراً} وقال تعالى:
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُم جَميعاً}
الآية.
فمحمد صلى الله عليه وسلّم رسول الله إلى جميع الثقلين: إنسهم وجنهم،
عربهم وعجمهم، ملوكهم وزهادهم، الأولياء منهم وغير الأولياء. فليس لأحد
الخروج عن مبايعته باطناً وظاهراً، ولا عن متابعة ما جاء به من الكتاب
والسنة في دقيق ولا جليل، لا في العلوم ولا الأعمال، وليس لأحَدٍ أن يقول
له كما قال الخضر لموسى، وأما موسى فلم يكن مبعوثاً إلى الخضر
(الثاني) : أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة بل الأمور التي فعلها
تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بين
أسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان مخالفاً لشريعته لم يوافقه بحال.
وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع. فإن خرق السفينة مضمونه أن المال
المعصوم يجوز للإِنسان أن يحفظه لصاحبه بإِتلاف بعضه، فإن ذلك خير من
ذهابه بالكلية كما جاز للراعي على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم أن يذبح
الشاة التي خاف عليها الموت. وقصة الغلام مضمونها جواز قتل الصبي الصائل،
ولهذا قال ابن عباس: وأما الغلمان فإن كنت تعلم منهم ما علمه الخضر من ذلك
الغلام فاقتلهم وإلا فلا تقتلهم. وأما إقامة الجدار ففيها فعل المعروف بلا
أجرة مع الحاجة إذا كان لذرية قوم صالحين.
(الوجه الثامن) أنه قال: ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلّم النبوة
بالحائط إلى آخر كلامه وهو متضمن أن العلم نوعان، (أحدهما): علم الشريعة
وهو يأخذه عن الله كما يأخذ النبي فإنه قال: والسبب الموجب لكونه رآها
لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر وهو موضع اللبنة الفضية وهو
ظاهره، وما يتبعه فيه من الأحكام كما هو آخذ عن الله في السر ما هو
بالصورة الظاهرة متبع فيه، لأنه يرى الأمر على ما هو عليه فلا بد أن يراه
هكذا.
فلسفة الاختفاء والظهور –رجال الغيب-
يرى هؤلاء انه يحدث لاصحاب الحق اختفاء لفترة من السنين ثم يظهرون في
الوقت المعلوم .. وذلك من قصة اصحاب الكهف اللذين انامهم الله تعالى
ثلاثمئة سنه ..وهو ما تجده عندهم في قصة المهدي العسكري عند الصفويين حيث
يقولوا انه دخل السرداب في نومة كهفية وسيعود في الوقت المحدد ..كذلك عند
الباطنية الفاطميين كما قال الاخ احمد امين الشجاع حول اهتمامهم باليمن
لأنه في نظرهم مقر الإمام المستتر (الطيب بن الآمر) الذي سيظهر آخر الزمان
ويحكم الناس، أما الآن فينوب عنه (الدعاة المطلقون) –حسب معتقداتهم-
وآخرهم محمد برهان الدين الذي يحمل الرقم الـ 52 في الترتيب.
وفي حوار مع جريدة (الناس) –العدد 60 بتاريخ 13/8/2001م- يقول سلمان أكبر
-نائب السلطان- عن استتار إمامهم: "ولا يعني أن دعوة الإمام المستتر غير
موجودة في اليمن وإنما هي موجودة، وأتباعه دائماً موجودون هنا، أما الدعاة
المطلقون فقد انتقلوا إلى الهند"
وامتدت اثار هذه الفلسفة خصوصا من الكلمة التي موجودة في قوله تعالى
(((وليتلطف))) من سورة الكهف ..حيث يرون بفلسفتهم انه ينبغي عليهم ان
يختفوا في اوقات معينة ويخرجون بتلطف خفي سحري ..لان هناك علاقة بين مادة
السحر لغويا وما لطف من قول او فعل او تأثير قال ابن كثير رحمه الله في
تفسيره لدى تفسيره رحمه الله الاية 102-لان السحر في اللغة عبارة عما لطف
وخفي سببه –فتم تفسير قوله تعالى (((وليتلطف)))- وليتسحر – أي ليقول قولا
او ليفعل فعلا يقتضي اثرا سحريا فيختفي عن الانظار..فتجدهم يبحثون في
الاسباب الموجبة للاختفاء والظهور السحري والذي يمكن اجمال انواعه الى كما
يقول ابن كثير رحمه الله
ثم ذكر ابو عبدالله الرازي ان انواع السحر ثمانية
النوع الاول سحر الكلدانيين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب
السبعه المتحيرة وهي السيارة وكانوا يعتقدون انها مدبرة العالم وتأتي
بالخير والشر—لاحظ في تقرير الاخ احمد امين الشجاع ان اركان الدين عندهم
سبعة ..وهناك الهودية الذين يهتمون برقم سبعة فيبحثون عن اشخاص يكون لهم
اسماء سبعة من اباءهم..الخ-
النوع الثاني سحر اصحاب الاوهام والنفوس القوية ثم استدل الرازي على ان
الوهم له تأثير بأن الانسان يمكنه ان يمشي على الجسر الموضوع على وجه
الارض ولايمكنه ان يمشي عليه اذا كان ممدودا على نهر او نحوه وما ذاك الا
لان النفوس خلقت مطيعة للاوهام-وهذا النوع من السحر ينطلي على اصحاب
النفوس الضعيفة المتذبذبة-
النوع الثالث
من السحر الاستعانة بالارواح الارضية وهم الجن ..قال واتصال النفوس
الناطقة بها اسهل من اتصالها بالارواح السماوية لما بينهما من المناسبة
والقرب
النوع الرابع سحر التخيييلات والاخذ بالعيون
النوع الخامس الاعمال العجيبة والتيي سمونها الحيل الميكانيكة
النوع السادس سحر الاستعانة ببعض خواص الادوية والاطعمه والدهانات
النوع السابع سحر تعليق القلب والفك والربط
النوع الثامن السعي بالنميمة من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شائع بين الناس
قال ابن كثير رحمه الله وانما ادخل الرازي كثيرا من هذه الانواع المذكورة
في فن السحر للطافة مداركها لان السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفي سببه
ولذا تجدهم يهتمون كثيرا بكل ما لطف وخفيت اسبابه عن العامة من الناس من
العلوم والمعارف والاسباب ولعل ابرزها هذه الايام هو البحث الدؤوب والذي
جعل قناة الجزيرة تخصص برنامجا عنه وهو الزئبق الاحمر المطلوب في تحقيق
سرعة الاستحالة
قال ابن كثير رحمه الله المرجع السابق
حكى الرازي في تفسيره عن المعتزلة انهم انكروا وجود السحر قال وربما
كفََروا من اعتقده واما اهل السنه فقد جوزوا ان يقدر الساحر ان يطير في
الهواء ويقلب الانسان حمارا والحمار انسانا الا انهم قالوا ان الله يخلق
الاشياء عندما يقول الساحر تلك الرقي والكلمات المعينة
تجدر الاشارة الى ان المملكة العربية السعودية تكاد تكون الدولة الوحيدة
التي تحارب السحرة تحقيقا للمراد الامري الديني كما يكشف هذا التقرير من
مواقع سعودية الكترونية ..وصحف ايضا