هذة العملية من جانب المخابرات الإسرائيلية (الموساد) كمحاولة للرد على
نشر القاهرة لعملية رفعت الجمال، فقد واجهت المخابرات الإسرائيلية حملات
صحفية عنيفة داخل إسرائيل وخارجها تقلل من شأنها.
بدأ نشر العملية عندما نشرت الصحف
الإسرائيلية موضوعا موسعا في 26 نوفمبر 1989 تقول فيه أن المخابرات
الإسرائيلية تلقت قبل حوالى شهر من حرب أكتوبر من أحد جواسيسها في مصر
تحذيرات واضحة بأن مصر تنوى شن حرب ضد إسرائيل.وأن هذا الجاسوس بعث
بمعلومات في غاية الدقة عن تحركات الجيش المصري فى منطقة قناة السويس
اضافة الى تأكيده بأن المصريين قاموا بتحريك الجسور الخشبية العائمة
الحاملة للجنود الى ضفة القناة.
وأكد الموضوع أن هذا الجاسوس مواطن مصري مسلم عمل جاسوسا في مصر لصالح إسرائيل طوال سبع سنوات .. وأن اسمه هو إبراهيم شاهين.
وتبدأ
القصة بنجاح المخابرات الإسرائيلية فى تجنيد ابراهيم شاهين إبن مدينة
العريش والذى كان يعمل موظفا بمديرية العمل بسيناء بعد ان لاحظت حاجتة
للمال. وعرض علية ضابط المخابرات الاسرائيلى "نعيم ليشع" اعطاءه تصريح
للسفر الى القاهرة ،وكانت كل مهمتة كما كلفه "نعيم" هى السفر الى القاهرة
وارسال اسعار الخضروات والفواكه فى القاهرة الى شقيقة الذى كان يمتلك مكتب
للتصدير والاستيراد فى لندن ، واصطحبة "نعيم" الى رئيسه المقدم "ابو
يعقوب" المختص بتدريب الجواسيس المستجدين.
واتقن ابراهيم التدريب واصبح
يستطيع التمييز بين انواع الاسلحة والطائرات والكتابة بالحبر السري ، كما
نجح ابراهيم فى ان يجند زوجتة انشراح للعمل معه وحمل معه الى القاهرة
العناوين التى سيرسل اليها رسائله من القاهرة وكانت كلها عناوين فى مدن
اوربية.
وبعد وصوله الى القاهرة تقدم
ابراهيم الى ادارة المهجرين المصريين وحصل على منزل فى منطقة المطرية
ومعاش شهرى تدفعه الحكومة للمهجرين من مدن المواجهة.
وواصل ابراهيم وزوجتة ارسال
المعلومات المطلوبة ، الى ان طلب منهما السفر الى روما وهناك تم منحهما
جوازى سفر بإسم موسى عمر وزوجته دينا عمر، وسافرا من روما على طائرة شركة
العال الاسرائيلية الى اللد ومنها الى بئر سبع
وكان المغزى من هذة الرحلة هو عرض
ابراهيم على جهاز كشف الكذب تحسبا وخوفا من ان يكون مدسوسا من المخابرات
المصرية، واثبت الجهاز مصداقيته وتم تكليفة بموجب ذلك بمتابعة وتقصى وقياس
الحالة المعنوية للشعب المصرى اضافة الى النواحى العسكرية، وبعد ان عادا
من روما قاموا بتجنيد جميع اولادهم للعمل معهم.
وحقق ابراهيم وزوجته نجاحا كبيرا
خاصة فى النواحى المعنوية بسبب احتكاكهم بالمناطق الشعبية، وعاود الاثنين
السفر الى بئر سبع مرة أخرى لتلقى دورة تدريبية متقدمة فى اعمال التصوير
وحصلوا على كاميرات صغيرة تعمل تلقائيا فى التقاط الصور ، كما تم زيادة
اجرهم الشهرى الى ما يعادل 300 دولار، ومنح ابراهيم رتبه مقدم فى جيش
الدفاع الاسرائيلى وزوجتة رتبة ملازم اول، وعادا الى مصر على ان يتلقوا
التعليمات بشفرة خاصة من خلال الراديو.
وبرغم هذا النجاح الا انهما فشلا
فى توقع نشوب حرب السادس من أكتوبر والتى كانت المخابرات الاسرائيلية قد
وعدتهم بمبلغ مليون دولار كمكافأة فى حالة توقعهما لميعاد الحرب وكان كل
المطلوب منهما فى هذة الحالة هو رسالة شفرية من كلمتين "يوم ......".
وتصادف ان سافرت انشراح وحدها الى
روما يوم 5 أكتوبر وقابلها "ابو يعقوب" يوم 7 أكتوبر وأمطرها بسيل من
الأسئلة عن الحرب وأتضح انها لا تعرف شيئا.
واخبرها ابو يعقوب ان الجيش
المصرى والسورى هجما على اسرائيل وان المصريون عبروا القناة وحطموا خط
برليف ، وامرها بالعودة فورا الى مصر .
ابراهيم شاهين
وفى
بدايه عام 1974 سافر ابراهيم الى تركيا ومنها الى اليونان ثم الى تل ابيب
وحضر اجتماعا خاصا على مستوى عال مع قيادات المخابرات الاسرائيلية الجديدة
بعد ان اطاحت حرب اكتوبر بالقيادات السابقة.
وخضع ابراهيم للاستجواب حول
عدم تمكنه من معرفة ميعاد الحرب وأجاب ابراهيم انه لم يلحظ شيئا غير عادي
بل ان قريبا له بالجيش المصرى كان يستعد للسفر للحج ، وانه حتى لو كان
يعلم بالميعاد فليس لدية اجهزة حديثة لارسال مثل تلك المعلومات الهامة.
واستضاف نائب مدير
المخابرات الاسرائيلية ابراهيم وابلغه بانه سيتم منحه جهاز ارسال متطور
ثمنه 200 الف دولار وهو احدث جهاز ارسال فى العالم ملحق به كمبيوتر صغير
فى حجم اليد له ازرار ارسال على موجه محددة واخبره كذلك ان راتبه الشهرى
قد تم رفعة الى الف دولار اضافة الى مكافأة مليون دولار فى حالة اخبارهم
عن موعد الحرب القادمة التى ستشنها مصر بواسطة الفريق سعد الشاذلي!.
وقامت المخابرات
الاسرائيلية بتوصيل الجهاز المتطور بنفسها الى مصر خشية تعرض ابراهيم
للتفتيش، وقامت زوجتة بالحصول على الجهاز من المكان المتفق علية عند
الكيلو 108 طريق السويس وهى المنطقة التى تعرضت لثغرة الدفرسوار.
وبمجرد وصول انشراح للقاهرة
اعدوا رسالة تجريبية ولكنهم اكتشفوا عطلا فى مفتاح الجهاز وبعد فشل
ابراهيم فى اصلاحه توجهت انشراح الى تل ابيب للحصول على مفتاح جديد.
لم يدر بخلد انشراح ان
المخابرات المصرية التقطت رسالة لها عبر جهاز روسي حديث يسمى "صائد
الموجات" وذلك اثناء تدريبها وتجربتها للجهاز الجديد.
وايقن رجال المخابرات
المصرية انهم بصدد الامساك بصيد جديد ، وتم وضع منزل ابراهيم تحت المراقبة
وتم اعتقاله صباح 5 اغسطس 1974 مع ولديه وانتظارا لوصول انشراح من تل ابيب
اقام رجال المخابرات المصرية بمنزل ابراهيم لثلاثة اسابيع كاملة ، وبمجرد
وصولها استقبلها رجال المخابرات المصرية وزج بهم جميعا الى السجن.
وكانت المخابرات
الاسرائيلية قد بثت رسائل بعد عودة انشراح من اسرائيل واستقبلها رجال
المخابرات المصرية على الجهاز الاسرائيلى بعد ان ركبوا المفاتيح ، ووصل
الرد من مصر.
" ان
المقدم ابراهيم شاهين والملازم اول انشراح سقطا بين ايدينا .. ونشكركم على
ارسال المفاتيح الخاصة بالجهاز .. كنا فى انتظار وصولها منذ تسلم ابراهيم
جهازكم المتطور"
تحياتنا الى السيد "ايلي زئيرا" مدير مخابراتكم.
وتمت محاكمة الخونة بتهمة
التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام إبراهيم وإنشراح بينما
حكم على ابنهما الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة وأودع الولدان محمد وعادل
باصلاحية الاحداث نظرا لصغر سنهما، ونفذ حكم الأعدام في إبراهيم شاهين
شنقا، بينما تم الإفراج عن إنشراح وابنها بعد ثلاث سنوات من السجن في
عملية تبادل للأسرى مع بعض أبطال حرب أكتوبر.
وقد نشرت صحيفة يدعوت
احرونوت عام 1989موضوعا عن انشراح واولادها قالت فيه : ان انشراح شاهين
(دينا بن دافييد) تقيم الان مع اثنين من ابنائها بوسط اسرائيل وهما محمد
وعادل بعد ان اتخذت لهما اسماء عبرية هى حاييم ورافي اما الابن الاكبر
نبيل فقد غير اسمه الى يوشي.
وتقول الصحيفة ان دينا بن
دافيد تعمل عاملة فى دورة مياه للسيدات فى مدينة حيفا وفى اوقات الفراغ
تحلم بالعودة للعمل كجاسوسة لإسرائيل فى مصر !، بينما يعمل ابنها حاييم
كحارس ليلي بأحد المصانع ، اما الأبن الأكبر فلم يحتمل الحياة فى إسرائيل
وهاجر هو وزوجتة اليهودية الى كنداحيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس.