ترى ماالذي دفع ( يهوذا ) إلى ارتكاب أبشع خيانة عرفها التاريخ ؟؟ ... كرس ( عيسى ) – عليه السلام – كل جهده لدعوة الناس إلى الفضيلة , والسعي
إلى رد اليهود عن ضلالتهم , وإلى اتباع شريعة ( موسى ) السمحة , التي
حرفوها , ونهاهم عن تركيز الاهتمام في جمع المال , وكانوا قد حضوا الفقراء
والمحتاجين على تقديم مايملكون من نذر يسير إلى صندوق الهيكل , ليتدفق
الذهب إلى خزائنهم .
وكان من اليهود طائفة أنكرت القيامة , واستبعدوا الحساب , وكذبوا الثواب والعقاب , ومنهم طائفة أخرى انغمست في الملذات والشهوات .
لم يترك ( عيسى ) – عليه السلام – سبيلا لهدايتهم إلا سلكه , لينتشلهم من وهدة الضلال .
وشعر كهنة اليهود بخطر انفضاح أسرارهم وزوال دولتهم , فثارت ثائرتهم ,
وقلبوا علية ولاة الروم , وصوروه لرجال السياسة مؤلبا للجموع , مثيراً
للفتن , منافساً للحكام .
وتحالف الكهنة والساسة ضده .. وشوا بالمسيح عند ( بلاطس النبطي ) الحاكم
الروماني . رموه بالسحر , واستطاع ( كيافاس ) كبير الكهنة اليهود إقناع
الحاكم بأن انتشار دعوة ( عيسى ) سوف يؤدي إلى زوال حكمه وتقويض سلطانه.
ونعتوه بأنه كافر بدينهم , وأجمع الكل على التخلص منه .
بثوا من حوله العيون لرصد تحركاته والإيقاع به ثم قتله . وبذلوا الوعود
بالأموال والأماني عن الناس , حتى لايثير قتله ثورة . ومما يؤسف له أن
يستجيب لغوايتهم ( يهوذا الإسخريوطي ) أحد حوارييه الاثنى عشر ... دلهم
عليه وتقدم الجند نحوه ليقبضوا عليه لكن قدرة الله تجلت فأنجاه من كيد
الكائدين .
أخفاه سبحانه وتعالى عن أعين الناظرين , وأوقع أبصارهم على رجل شديد الشبه
بالمسيح .. انقضوا على الرجل الشبيه بوحشية , فانعقد لسانه من الخوف
والفزع ولم يستطع الكلام .. وصلبوه فوق جبل الزيتون .. ولم يكن ذلك الرجل
المجهول سوى ( يهوذا ) , الجاسوس الخائن ..
ولكن ما الذي دفع ( يهوذا ) إلى ارتكاب هذه الخيانة التاريخية ؟؟
يعتقد البعض أنه تجسس ووشى بمعلمه من أجل المكافأة المرصودة رغم تفاهتها
.. ومقدارها ثلاثون قصعة فضية .. ويرى البعض الآخر أن إرادة الله جعلت من
( يهوذا ) عبرة لعل الناس به يتعظون ويحذرون.