كيم فيلبي
يعد
في سجلات تاريخ الجاسوسية زعيم حلقة عملاء كامبردج الشهيرة والأسطورية
وأحد أهم جواسيس القرن العشرين، انضم إلى خدمة الاستخبارات السرية عام
1940 وترقى في منصبه حتى وصل إلى موقع رئاسة إدارة مكافحة التجسس
السوفييتي وضابط الارتباط ما بين الاستخبارات البريطانية ال MI6 ونظيرتها
الأمريكية الCIA وأيضا الFBI وهو من قام بتسريب جميع أسرار عمليات الحلفاء
وقدمها إلى الروس وقام بالعمليات السرية من أجل إزاحة الستار الحديدي في
السنوات الأولى للحرب الباردة كان عبثياً ومتعجرفاً وتهكمياً ومليئاً
بالثقة بالنفس وكان جاسوساً بارعاً تمكن بكل ذكاء من التفوق على وكالات
التجسس البريطانية التي عمل معها، وكان مخلصا للماركسية حيث فضل النظام
السوفييتي بكل مساوئه عن النظم الغربية الديمقراطية وضحى في سبيل
الماركسية بكل شيء بما في ذلك جنسيته وسمعته.
ولد في الهند
البريطانية لأسرة تنتمي للطبقة العليا حيث كان والده ضابطاً مدنياً ذا
رتبة عالية، وعقب تخرجه في إحدى مدارس الأرستقراطيين عام 1928 التحق
بجامعة كامبردج وتخرج فيها عام ،1933 وكانت أول بناء في عمله كجاسوس
سوفييتي مزدوج.
وعند تخرجه عمل فليبي في الصحافة وبحث عن وظيفة
في صحف سياسية معتدلة وأخفى معتقداته الشيوعية وعندما اندلعت الحرب
الإسبانية حصل فيلبي على عمل كمراسل لصحيفة لندن وهي وكالة صحافة صغيرة
لتغطية الحرب، ولكنه في الواقع كان قد أرسل إلى أسبانيا من قبل السوفييت
للتجسس على الثوار ضد الجمهوريين.
عاد إلى إنجلترا واندلعت الحرب
العالمية الثانية ولكنه أرسل إلى فرنسا وفي هذا الوقت أصبح مراسلاً حربياً
متمرساً وأظهر احتراماً للقائد الأعلى البريطاني ومن خلاله تمكن من
الاطلاع على الأسرار العسكرية الأكثر أهمية والتي كان يرسلها إلى موسكو.
وعندما
سقطت فرنسا عاد إلى إنجلترا مرة أخرى وعلى الرغم من عضويته في البعثة
الأنجلو- ألمانية إلا إنه قرر الانضمام إلى خدمة الاستخبارات البريطانية
السرية وتمكن ببراعة لا توصف من الانضمام إلى الاستخبارات السرية، وفي صيف
عام 1940 كانت المرة الأولى التي أقام فيها اتصالاً بالخدمة السرية
البريطانية.
وترقى في منصبه حتى وصل إلى منصب رئيس إدارة مكافحة
التجسس السوفييتي وضابط الارتباط ما بين الاستخبارات البريطانية ال MI6
ونظيرتها الأمريكية ال CIA وأيضاً الFBI والذي قام بخيانة جميع أسرار
عمليات الحلفاء وقدمها إلى الروس وقام بالعمليات السرية من اجل إزاحة
الستار الحديدي في السنوات الأولى للحرب الباردة. في عام 1967 كتب من
موسكو مذكراته في كتابه الشهير الذي ما زال حتى اليوم يطبع الآلاف من
النسخ “حربي الصامتة” وهو الكتاب الذي أذهل العالم وفيه كشف عن تفاصيل
عمله كجاسوس مزدوج لصالح الKGB للمرة الأولى واعتبره العالم أحد اكثر
الجواسيس نجاحا في العالم وكان أيضاً كاتباً متميزاً قدم (قصة أيقونة) عن
سنوات الحرب الباردة وأحدث ما يعد ثورة في عالم كتب الجاسوسية. الكتاب
أعيد طبعه مرات ومرات بعد نحو 12 عاماً من صدوره للمرة الأولى وفيه يقدم
فيلبي تفاصيل عمليات التجسس التي قام بها لصالح الاتحاد السوفييتي وكيف
تمكن من النجاح في الهرب إلى موسكو عام 1963 والتي عاش بها حتى مماته عام
،1988 ويشرح لماذا ظل مخلصاً للشيوعية حتى بعد أن اكتشف جرائم ستالين؟
ويكتب
في مذكراته: “في صيف عام 1940 كانت المرة الأولى التي أقيم فيها اتصال
بالخدمة السرية البريطانية ولكن الأمر كان قضية مثيرة بالنسبة لي لعدة
سنوات في ألمانيا النازية وفيما بعد في أسبانيا حيث خدمت كمراسل لصحيفة
التايمز مع قوات الجنرال فرانكو “وفي جزء آخر يكتب: “قررت أن أترك التايمز
قبل أن تتركني هي إن فكرة أن أظل أكتب ممجداً عظمة القوات البريطانية
وروعة أخلاقيات جنودها للأبد كانت فكرة ترعبني”.
عند نهاية الحرب
فإن إنجلترا وإلى حد كبير الولايات المتحدة أصبحتا أقل ثقة في حليفهما
السوفييتي وأدركا أن جوزيف ستالين لديه خطط ما بعد الحرب تتضمن الاستيلاء
والسيطرة على دول وسط أوروبا أثناء تحررها من الألمان، وأراد تشرشل أن تتم
مراقبة السوفييت عن قرب ومن جانبه كما يذكر فيلبي اقترح أن يتم إنشاء مكتب
مقاومة للشيوعية داخل الاستخبارات البريطانية في حين أدرك المشرف عليه أن
فيلبي كان على صلة بضباط سوفييت ذوي رتب عليا في إنجلترا ودول أخرى وبهذا
تمت الموافقة على خطة فيلبي التي أبهجت المشرف عليه السوفييتي اناتولي
ليبيديف الذي استبدل ببوريس كورتوف مدير الاستخبارات المسؤول عن عمليات
فيلبي لصالح الKGB والذي كان لفترة طويلة قد أشرف على عمليات فيلبي.
في
23 يناير 1963 ترك فيلبي أسرته وهرب إلى الاتحاد السوفييتي في حين انتظرته
زوجته في حفل عشاء وسار عبر مرفأ في ميناء بيروت ومن هناك استقل سفينة إلى
الميناء الروسي أوديسا وعاش فيلبي لعدة شهور في مدينة على نهر الفولجا على
بعد آلاف الأميال من موسكو وعندما وصل موسكو كان بورجيس قد توفي إثر أزمة
قلبية في سن 52 عاما وكانت وفاته بسبب الإفراط في الشراب.