غ Mikoyan MiG-29 "Fulcrum". من الألف الى الياء
<hr style="color: rgb(196, 207, 228);" size="1">
* مـقــدمــة:
الميغ
Mikoyan MiG-29 "Fulcrum" كانت أحد أهم الطائرات القتالية للاتحاد
السوفيتي في السنوات الأخيرة من الحرب الباردة. و مازالت أحد المزايا
المهمة لروسيا الاتحادية. لقد تم تصديرها بشكل واسع حول العالم. و حتى
الآن يتم تطويرها بآخر الأنظمة التى تمكنها من البقاء في الخدمة بفعالية
كبيرة خلال القرن الوحد و العشرين.
* بــدايــة الميغ MiG-29 "Fulcrum" :
في
أواخر الستينات بدأت الولايات المتحدة تطوير الجيل الجديد من المقاتلات
تحت اسم: برنامج "Fighter Experimental (FX)" . و في عام 1969 فازت شركة
McDonnell Douglas بالمنافسة على برنامج الـ FX باطائرة التي ستسمى في ما
بعد بـ “F-15 Eagle”. واكب الاتتحاد السوفيتي برنامج الـ FX باهتمام كبير.
و من الواضح أنه إذا طور الغرب المقاتلات. فإن سلاح الطيران السوفيتي يجب
أن يمتلك مقاتلات منافسة لهم لكي تستطيع الرد عليهم. وفي العام نفسه 1969
أصدرت حكومة الاتحاد السوفيتي قائمة احتياجاتها لصنع مقاتلة ثقيلة تكون
مضادة للـ F-15 تحت اسم "مقاتلة الصف الأمامي المتقدمة" "Prospective
Frontal Fighter (Perspektivnyi Frontovoi Istrebitel / PFI)" .
بدأت
كل من شركتي الـ Mikoyan و الـ Sukhoi للأبحاث “OKB” بدأت بالعمل على
مشروع الـ PFI منطلقة في تصميمها على التوصيات الآتية من المؤسسة المركزية
"Central Aerodynamics & Hydrodynamics Institute (Tsentral'ny
AeroGidrodinamicheski Institut / TsAGI)" . المميزات المتوقعة من الـ PFI
كانت طموحة. و تشمل كلاَ من المدى البعيد و التسليح المعقد و الأداء
العالي و المناورة المتفوقة و الإقلاع من مدرج قصير و غير ممهد.
عندما
تبين أن المتطلبات كانت طموحة أكثر من اللازم إلى حد أنه لم يكن من الممكن
توفيرها جميعاَ في طائرة واحدة. قام مدير الـ MiG OKB السيد أرتيم ميكويان
"Artem Mikoyan" بعد دراسته للمشكلة بإقناع الرئاسة بفصل متطلبات طائرة
الـ FPI الى قسمين في عام 1970. نتج عن ذلك:
1- مقاتلة الـ PFI الثقيلة "Heavy PFI (Tyazholyi PFI / TPFI)".
2- مقاتلة الـ PFI الخفيفة "Lightweight PFI (Logiky PFI / LPFI)".
في
الحقيقة أن الولايات المتحدة قد توصلت أيضا لنفس الاستنتاج تقريباَ عن
طريق نظرية مختلفة بعض الشيء. فبعد إنهائها لمشروع الطائرة F-15 اتبعت
مشروع طائرة خفيفة. لينتهي بها إلى الـ "F-16 Falcon".
تعثرت
خطوات شركة ميكويان عند إصابة مديرها التصميمي بنوبة قلبية و وفاته في
التاسع من ديسمبر عام 1970. أخذ مكانه في الإدارة "رستسلاف بيلياكوف". و
تحت إدارته أكملت شركة ميغ مشروعيها TPFI و LPFI.
طورت
شركة التصميم MiG OKB عدداَ من النماذج للـ TPFI ولكن شركة السوخوي Sukhoi
OKB فازت بالسباق عليها. مما نتج عنه الطائرة التي ستسمّى فيما بعد Su-27.
و تصميمات شركة الميغ للمقاتلات الثقيلة لم تُبن أبداَ. لكن التصميم
للمقاتلة الخفيفة (تصميم رقم "9-11") فاز بالـ LPFI. و أصبح يسمى بعد ذلك
MiG-29 المعروفة اليوم.
كانت الـ MiG-29 بديلاَ
للميغ MiG-21 و MiG-23 و السوخوي Su-7 و Su-17 أي المقاتلات الأمامية
التكتيكية في سلاح الجو السوفييتي. و المهمة الأساسية للـ MiG-29 كانت
للسيطلرة الجوية في أرض المعركة. مع أن لها مهام هجومية ثانوية. تابعت
الميغ تطوير طائرتها بفريق تحت إشراف ميخائيل فالدنبرج. و كان سلاح الجو
السوفييتي مطمئنا تماما من تصميم الـ MiG-29 لمنحها عقد الإنتاج خلال
مرحلة التطوير.
تم أول تحليق للنموذج
الأساسي رقم "901" في السادس من أكتوبر عام 1977 بواسطة الطيار ألكسندر
فيدوتوف. و بعد ذلك أتبعت بثلاثة نماذج "902" إلى "904" بعجلات أمامية
أقصر و تغييرات أخرى. سقط النموذج "903" خلال التحليق بعد اشتعال محركه في
الجو يوم 15 يونيو 1978 ولكن الطيار فاليري مينيتسكي نجى. و استبدل
النموذج بآخر جديد "908" ولكن الطريف في الموضوع أن هذا الموذج تحطم أيضاَ
بنفس الطريقة في 31 أكتوبر عام 1980 و أيضاَ نجى الطيار ألكسندر فيدوتوف.
كانت
أجهزة الاستخبارات الغربية على علم بمشروع التطوير السوفييتي. فقد رصد قمر
تجسس أمريكي عام 1977 نموذج الميغ 29 التجريبي في قاعدة جوكوفسكي. وبما أن
هذه القاعدة كانت سرية في ذلك الوقت و اسمها غير معروف لدى المخابرات
الغربية، فقد تم قرنها باسم رامينسكي "Ramenskoye" نسبة للبلدة القريبة
منها. وبذلك أخذت الطائرة الغامضة الاسم الشيفري "Ram-L".
تم
انتاج تسع نماذج أخرى لما قبل التصنيع من الأرقام "917" الى "925" آخرها
نفذت تحليقها الأول في ديسمبر 1982. و بالطبع فإن كل طائرة ناجحة من هذه
السلسلة كانت تقترب أكثر من نموذج التصنيع. و مع النموذج "925" الذي اعتبر
كنموذج التصنيع، دخلت الميغ MiG-29 الخدمة في سلاح الجو السوفيتي في يونيو
عام 1983. و كل النماذج و الطائرات المصنّعة أخذت الرقم الكودي "9-12".
التصميم كان مماثلاَ في المبدأ للتسميم الأساسي الكود "9-11" مع أنّ بعض
الاختلافات مثل المقدمة الأطول و زعانف الذيل الأعلى و القمرة الأبسط كانت
من مميزات الـ "9-12".
عندما جمعت
الاستخبارات الغربية معلومات كافية عن الطائرة الجديدة، أعطت الناتو الاسم
الكودي "Fulcrum-A" للجيل الأول من طائرات الميغ MiG-29. و في شهريوليو من
عام 1986 سمح الاتحاد السوفييتي بعرض الطائرة للغرب في زيارة لفنلندا.
* الميغ MiG-29 "Fulcrum-A" في سلاح الجو:
بعد
زيارة فنلندا عام 1986، ظهرت التعليقات بقوة عن الميغ 29 في الصحافة
الغربية. ادّعى النقاد الغرب أن الطائرة ما هي إلاّ تقليد ركيك للتصاميم
الغربية. ولكن في الحقيقة أنّ مقاتلات ذلك العصر كانت كلها تشترك في مبدأ
التصميم نفسه. و كان الشبه الكبير بينها محتوم.
بنيت
الميغ 29 رقم "9-12" في أغلبها من الألومينيوم مع استعمال بعض السبائك
الأخرى. أجنحة الطائرة مثبتة من الأعلى. أجنحة الذيل متحركة بالكامل.
زعنفتي ذيل في الخلف مع ميلان بسيط للخارج. التحكم يتم بطريقة هيدروليكية.
و الأجنحة مدمجة بجسم الطائرة، مع طرف أمامي داخلي بارز"LERXs". و زعنفة
مناورة في النصل الأمامي للجناح. و زعانف صاعدة و هابطة على النصل الخلفي
من الجناح. و مصدات هواء "فرامل" مثبتة في أعلى و أسفل جسم الطائرة من
الخلف.
الطائرات "Fulcrum-A" الأولى كانت
تحتوي على زعانف عامودية في بطن الهيكل مثبتة تحت الذيل مباشرة. ولكنها
أثبتت عدم أهميتها، ولذا تم إلغاؤها لاحقاَ. بعد ذلك تم إضافة صناديق
المقذوفات الحرارية (Chaff-flare) على امتداد زعانف الذيل العامودية من
أعلى جسم الطائرة. كل صندوق يحوي 60 مقذوفة (30 Chaff و 30 flare). تمت
هذه الإضافه كنتيجة للتجربة السوفيتية في حرب أفغانستان. حيث كان الصارخ
الأمريكي الحراري Stinger المحمول باليد و الذي زود به المجاهدون الأفغان،
كان قد أثبت خطورته على الطائرات السوفيتية.
زودت
الـ " Fulcrum-A" بزوج محركات كليموف Klimov RD-33 ، بدفع 49.4 ألف عقدة و
دفع الحارق الاحق 81.4 ألف عقدة. طوّر هذا المحرك بغرض زيادة فرصة النجاة
للطائرة. و وضعت المحركات في غرفتين منفصلتين تحت جسم الطائرة. و لتمكين
الطائرة من الإقلاع على مدرج خشن، وضعت بوابات على فتحات الهواء لكل محرك.
تغلق عندما تكون العجلات ملامسة للأرض. وذلك لمنع أي ضرر ناتج عن امتصاص
أجسام غريبة الى داخل المحرك مثل الأحجار و غيرها. و للسماح بدخول الهواء
في حال غلق البوابات، وضعت شبابيك علوية على امتداد ممر الهواء. و وضعت
مظلّة الفرامل في حجرة خلفية تقع ما بين النفاثات.
تحمل
الـ Fulcrum-A مدفع رشاش GSh-301 ذو ماسورة واحدة من عيار 30 ملم بـ 149
دورة رصاص، مثبتة في طرف الجناح الداخلي من اليسار "left LERX". النماذج
الأولية كانت تستخدم المدفع GSh-23-2 من عيار 23ملم. لكن اتفق أخيرا على
استخدام الرشاش الأثقل.
كانت تحتوي
الطائرة على ثلاث نقاط حمل الصواريخ تحت كل جناح، أي بما مجموعه 6. و في
مهمات السيطرة الجوية تحمل الطائرة صاروخين طويلي المدى "BVR" من طراز
R-27R / AKU-470 (AA-10 Alamo-A) و الذي يعمل بطريقة "SARH". و أربعة
صواريخ R-60 (AA-8 Aphid) أو R-73 (AA-11 Archer) الحرارية.
الصاروخ
R-73 (AA-11 Archer) كان أول صاروخ "off-boresight" من نوعه، أي أنه قادر
على الاطباق على الهدف باستخدام الرؤيا عن طريق الخوذة. والتي كانت تأتي
أساساَ مع معدات الميغ 29. و يعتبر هذا الصاروخ عالي المناورة، و يتمتع
بقدرات قوية مضادة للـ ECM، ويتفوق جداَ على الصاروخ R-60 (AA-8 Aphid)
الذي كان الصاروخ الوحيد المحمول على الميغ 29 السوفيتية. و كالعادة فإنّ
الدول التي كانت تشتري الميغ 29 نادراَ ما كانت تحصل على الصاروخ R-73، و
تضطر أن تكتفي باستخدام الـ R-60. في بعض الأحيان كانت الـ Fulcrum-A
تستطيع حمل صاروخ واحد من نوع R-27B (AA-10 Alamo-B) الحراري مكان صاروخ
R-27R واحد. يسمح الصاروخ R-27B (AA-10 Alamo-B) بالهجوم طويل المدى من
دون اصدار اشعاعات رادارية من الطائرة.
خصصت
نقاط الصواريخ الطرفية كلياَ لصواريخ جو- جو و لم يكن من الممكن أن تحمل
قنابل. أما النقاط الداخلية على كل جناح فكانت تستطيع حمل خزانات خارجية
بحجم 1,150 لتر. و للطلعات الطويلة يمكن أن يثبت خزان 1,500 لتر في الوسط
بين المحركين. و مع أن الـ Fulcrum-A كانت تفتقر الى نظم الملاحة الخاصة
بالطلعات الهجومية، فقد كان بمقدورها حمل قنابل غبية و مخازن صواريخ غير
موجهة. و يعتقد أن بعض أسراب الـ MiG-29 كانت مجهزة بأسلحة RN-40 النووية
التكتيكية.
زودت الـ Fulcrum-A بنظامي
تحسس: الأول هو Phazotron "N-019 (NATO Slot Back)" pulse-Doppler
multimode radar، و الثاني هو "infrared search and track (IRST)" مجهز
بنظام تحديد المسافة بالليزر. و كان يتبر ذلك النظام فعال و لكن لا يقارن
بالأنظمة الغربية. لأن الضغط على الطيار بالمعايير الغربية كان عالياَ. مع
أنها لم تكن تعتبر مشكلة كبيرة، لأن المدرسة السوفيتية كان تعتمد بالأساس
على تكتيك الاعتراض الموجه من الأرض "ground controlled intercept (GCI)".
فالطائرة كانت توجّه للهدف بشكل نصف اوتوماتيكي من القاعدة الأرضية. أي أن
الطيار كان يعمل تقريباَ كمراقب.
يصنف
تصميم قمرة قيادة الـ Fulcrum-A من متوسط إلى ضعيف، حتى بمعايير ذلك
العصر. الطائرة تحتوي على عدادات analog، مع أنها كانت مزودة بـ head-up
display (HUD)، و تحكم " hands on throttle and stick (HOTAS)" محدود. من
وجهة نظر معينة، فإن لقمرة الميغ 29 تطور يربطها بسابقاتها الميغ MiG-21 و
MiG-23 و كان ذلك يسهل انتقال الطيار بينهم. لكن من وجهة نظر أخرى، فإن
الطيار يجلس على أفضل كرسي قاذف في العالم، القاذف الصاروخي Zvezda
"K-36D" بخاصية zero-zero "أي يمكن قذفه من ارتفاع صفر و سرعة صفر". و قد
رأى الغرب التطبيق الرائع لذلك الكرسي K-36D في معرض باريس الجوي عام 1989
عندما اضطر الطيار أناطولي كفوتشر لمغادرة طائرته الـ MiG-29 بسرعة نظراَ
لتعطل محركها بسبب نشوب طير داخله. أخرجه الكرسي القاذف قبل جزء من
الثانية من تحطم الطائرة و تحولها الى كرة من النار.
كانت
الـ Fulcrum-A عالية المناورة، رغم أنها كانت تفتقر الى نظام تحكم الـ
fly-by-wire (FBW) الذي كان في منافساتها الغربية. و يعني ذلك أنها كانت
تعتمد بالأساس على مهارة الطيار. يتمتع نظام تحكم الطائرة بما يسمى "soft
limits" بما يسمح للطيار بتخطي الحدود الملاحية المسموحة إن لزم الأمر.
ولكن الميغ 29 على كل حال لم تكن آلة عقيمة، بل إنّها تصدر الكثير من
التحذيرات قبل الخروج عن الخطة الملاحية. و أيضا لم تكن الطائرة تقع في
دوامة الـ spin بسهولة، وحتى إن وقعت فيها فإنه يسهل على الأغلب تصحيحها
عن طريق ترك التحكم على الوسط. تتمتع الـ MiG-29 بتحكم جيد على السرعات
المنخفضة و تظل قابلة للتحكم على AOA عالي.
اعتبرت
الـ Fulcrum-A أفضل في المناورة من منافستها الغربية F-16A. و بالذات في
التفافات السرعات المنخفضة تعتبر الميغ خطيرة بالنسبة لها. ولكن مشكلتها
الأكبر كانت في مدى الطيران القصير. يعني في بعض الأحيان يشار لها أنها
"مقاتلة للاستخدام فوق محيط المطار".
صنع طرازين من الميغ MiG-29 "Fulcrum-A" :
1-
"9-12A MiG-29A" صنعت للتصدير الى دول حلف وارسو. كانت تقريباَ مماثلة للـ
"9-12". لكن لم تكن مزودة بالتوصيلات اللازمة للأسلحة النووية. و لديها
نظم ملاحة أبسط.
2- "9-12B MiG-29B" صنعت للتصدير خارج حلف وارسو. كانت نسخة مبسطة جداَ من "9-12". مع أنظمة ملاحة مجردة كثيراَ.
كلا الطرازين أخذ الاسم "Fulcrum-A". و قد بني من الـ "Fulcrum-A" حوالي 840 طائرة لكل من سلاح الجو السوفييتي و التصدير الخارجي.