كشف مصدر أوروبي رفيع لـ"الوطن" في بروكسل أن التحقيقات مع الرئيس العراقي
صدام حسين والتي كشفت عن وجود جواسيس وعملاء له داخل القوات الأمريكية،
وداخل القوات العراقية التي تعيد أمريكا تشكيلها أمنيا، قد أصابت الإدارة
العسكرية الأمريكية بالإرباك والشكوك، حيث كشفت التحقيقات أن صدام أبلغ أن
هؤلاء العملاء كانوا يمدونه بالمعلومات والتحركات العسكرية للقوات
الأمريكية وأنه كان يعلم كل ما يدور من قرارات داخل الإدارة العسكرية
الأمريكية وهو في موقعه، وذلك في تعمد منه لإثارة الشكوك الأمريكية حول
عملاء له على مستوى عسكري رفيع داخل القوات الأمريكية.
وأكد المصدر الأوروبي أن صدام رفض الإفصاح للمحققين الأمريكان عن أسماء
هؤلاء العملاء رغم العثور على بعض هذه الأسماء في الوثائق والأوراق التي
كانت في حقيبته الخاصة التي ضبطت بحوزته لحظة اعتقاله.
وأوضح المصدر أن صدام حسين مصاب بحالة من الإعياء بسبب التحقيقات
المستمرة، واستخدام أسلوب التناوب معه في التحقيق لإرهاقه نفسيا والوصول
به إلى حالة الانهيار العصبي ليدلي بكل المعلومات، وأنه عانى خلال الساعات
الأخيرة من آلام في معدته وإرهاق شديد، وقد طلب أن يقوم بمتابعته صحيا
طبيب عراقي يثق فيه.
ومن المرجح وفقا للمصدر أن صدام طلب متابعته صحيا من قبل أحد أطبائه
الخاصين الذين كانوا يتابعونه هو وأفراد أسرته من الدرجة الأولى في قصوره
ببغداد، إلا أن الجانب الأمريكي يرفض ذلك ويصر على أن تكون المتابعة
الطبية من خلالهم، في تأكيد على عدم السماح له بالاتصال بأي ممن كان يثق
فيهم أو من كانوا يتعاونون معه.
وأفاد المصدر أن صدام أكد للمحققين أن لديه القدرة للدفاع عن نفسه، وأنه
قد لا يحتاج إلى محامٍ أو دفاع لرد الاتهامات الموجهة ضده، وأنه أكد
للمحققين أنه لا توجد اتهامات في الواقع يمكن محاكمته عليها، فكل ما فعله
كان مشروعا في إطار حماية شعبه وأرضه من أي تفكك داخلي أو تهديد خارجي
يقوض أمنهما ووحدتهما.
وأشار المصدر إلى أن صدام قد ينتهج نهج الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان
مليسوفيتش المحتجز الآن في لاهاي، حيث رفض الأخير أيضا تفويض محامٍ يتولى
الدفاع عن نفسه. وأشار المصدر أيضا إلى إمكانية عدم اعتراف صدام بأي محكمة
يعرض أمامها كما فعل مليسوفيتش، وهو ما يمكن أن يضع أي محكمة في موقف
قانوني حرج.
وأكد المصدر الأوروبي أن صدام حسين بدا خلال التحقيقات غير نادم على أي
عمل ارتكبه خلال حياته السياسية وسلطاته كرئيس للعراق، حيث أكد للمحققين
أن المسؤولية السياسية تفرض على أي سياسي اتخاذ خطوات وإجراءات قد لا تبدو
مقبولة من الآخرين، لكنها تكون أمرا واقعا لا بديل له لحماية الوطن.
وأكد صدام حسين في التحقيقات أن الحرب الأمريكية على بلاده لم يكن لها
مبرر، وأنه حاول بكل الطرق والاتصالات الرسمية وغير الرسمة حماية بلاده من
الحرب الأمريكية، إلا أن أمريكا كان لديها إصرار مسبق على دخول بلاده ووضع
أيديها عليها.
وأكد المصدر أن مجلس الحكم الانتقالي يبحث الآن تجميع الوثائق والمعلومات
والأدلة القوية لتقديمها للجانب الأمريكي لإدانة صدام حسين على جرائمه ضد
الأكراد وضد معارضيه السياسيين، وأن اتفاقا شبه ضمني بين الجانبين
الأمريكي والعراقي على أن تكون أموال صدام حسين هي المصدر الأول لدفع
التعويضات التي تطالب بها دول الجوار على غرار إيران والكويت على ما
أصابهما من أضرار بسبب الحروب التي شنها صدام حسين عليهما، وأن ذلك يطلب
وفقا للجانب العراقي سرعة التوصل إلى أموال صدام في الخارج، لتكون وسيلة
لإغلاق صفحات الصراع مع دول الجوار وبدء صفحة جديدة من العلاقات المتوازنة.