سقط صدام لكن ثروته مازالت لغزاً يتحدى المحققين
غزة-دنيا الوطن
شبكة بالغة التعقيد من العلاقات والحسابات والأرصدة، هي ثروة صدام حسين
التي تبدو عمليات تتبعها مهمة ليست أسهل من تتبعه هو شخصياً، وقد شكلت
بريطانيا والولايات المتحدة فريق عمل مشتركا للقيام بعمليات واسعة النطاق
لاقتفاء أثر أموال وثروات صدام وعائلته التي يعتقد أنه قام بتهريبها من
العراق في حسابات سرية وتحت العديد من الأغطية في بعض الدول الأوروبية،
وحتى في الولايات المتحدة ذاتها، في ما قدرت مصادر تلك الثروات بما يتراوح
بين 5ر1 مليار جنيه استرليني و13 مليارا.
وتشير تقديرات الخبراء ان صدام حسين وأسرته قد استولوا على 40 مليار دولار
من أموال العراق خلال سنوات حكم الرئيس السابق، وبنفس الحماس الذي طاردت
به الولايات المتحدة الرئيس العراقي المخلوع، يسعى فريق من المحققين
للوصول إلى هذه الثروة.
وكانت الإدارة الأميركية قد شكلت فريقا من وزارة الخارجية ووزارة الخزانة
ووزارة العدل في نهاية نيسان (أبريل) الماضي للقيام بهذه المهمة، غير أن
هذا الفريق لم يحقق النجاح المرجو من هذه المهمة لتخاذل القوات الأميركية
في الوقوف في وجه العصابات التي هاجمت قصور صدام وأسرته مما أدي إلي ضياع
الكثير من المستندات الخاصة بهذه الثروة، ورصد الفريق قيام أسرة صدام بنقل
مليار دولار من البنك المركزي في العراق عشية قصف بغداد حيث وضعت في سيارة
نقل وتم العثور على بعض هذه الأموال وهي مازالت في صناديق البنك، وما زال
الفريق ومنذ شهر آيار (مايو) الماضي يتنقل بين 50 دولة كان للعراق أو
لصدام بصفة خاصة تعاملات مالية معها.
وفي جلسة استماع عقدها الكونغرس الأميركي أوضح دافيد أوفهوزر المحامي
بوزارة الخزانة الأميركية ان الرئيس العراقي السابق بالرغم من العقوبات
التي كانت مفروضة على العراق، قد تمكن من تأسيس شركات بأسماء وهمية في
العديد من دول العالم لنقل الأموال المسروقة من العراق إليها، لافتاً إلى
ان صدام استولى فيما بين عام 1997 وعام 2001 على ما يقدر بنحو 6،6 مليار
دولار في صورة عمولات من حصيلة برنامج النفط مقابل الغذاء.
وأوضح ان ما حصل عليه صدام في نفس الفترة نتيجة تهريب البترول وبيعه خارج
البرنامج يفوق هذا الرقم، وذكر ان أسرة صدام كانت تستخدم البنك المركزي
العراقي باعتباره خزانة خاصة بها وتسحب منه ما يقرب من خمسة ملايين دولار
في المرة الواحدة. وكانت واشنطن قد قامت بتجميد الأرصدة العراقية في بعض
المؤسسات الأميركية وقدرت هذه الأرصدة بنحو 7،1 مليار دولار هذا إلي جانب
2،1 مليار دولار كانت موجودة بالبنوك اللبنانية، وقد قام اليو بورادوري
وهو من خبراء البنوك السويسرية والذي عمل لفترة كمستشار لإدارة أموال أسرة
الرئيس العراقي في بعض الدول بالشهادة أمام الكونغرس عن كيفية قيامه
بالإشراف على تمويل صفقات الأسلحة وعقود البناء وكيف تولى نقل مبالغ ضخمة
أودعت في حساب خاص أطلق عليه اسم الشيطان ويوجد في بنك بجزر البهاما، كما
أوضحت المستندات المعروضة أمام محاكم إيطاليا وسويسرا ان شركة مشروعات
تنمية البحر المتوسط هي من أهم شركات صدام حسين وانها تشرف على أكثر من
300 شركة أخرى حول العالم ولها فروع في كل من نيويورك وطوكيو ولندن وباريس.
وتشير مصادر دبلوماسية غربية إلى أن فريقا مشتركا من المحققين الأميركيين
والبريطانيين يعتقدون ان الجزء الاكبر من ثروات صدام حسين جاءت من خلال
العمولات التي حصل عليها من إدارة عمليات بيع غير مشروعة للنفط العراقي
ونتيجة لعمولات صفقات الاسلحة للعراق وتم ايداع غالبيتها في حسابات سرية
باسماء عراقيين موالين لصدام في شتى أنحاء العالم، ويصف الدبلوماسيون
عملية اقتفاء أثر المليارات التي يعتقد أن صدام حسين قام بإخفائها بأنها
ليست مهمة سهلة مشيرة إلى ان الأمر يتطلب تعاونا من جانب المؤسسات المالية
حول العالم ومن جانب مسؤولي النظام العراقي السابقين حول شبكة الأموال
العراقية والمسئولين عنها، مؤكدين أن عمليات السلب والنهب التي تمت في
العراق سوف تعوق جهود البحث عن أموال صدام حسين حول العالم حيث يعتقد أن
الكثير من الوثائق التي يمكن من خلالها كشف الخلايا العراقية حول العالم
تعرضت للحرق والتدمير خلال تلك العمليات وخاصة في بعض المصارف الكبرى مثل
مصرف الرشيد وغيره.
تجدر الإشارة إلى أن السلطات البريطانية كانت قد جمدت أرصدة عراقية حكومية
ضخمة مودعة في مصارفها انتظارا للتحقيق في مصادر تلك الأرصدة , كما نصحت
المسئولين المصرفيين البريطانيين بمراجعة مصادر الأرصدة العراقية حتى
بالنسبة للمواطنين العراقيين العاديين في كافة المصارف البريطانية، وقبل
اندلاع الحرب في 20 آذار (مارس) الماضي قامت السلطات الأميركية بمصادرة
مجموعة من الأصول العراقية الرسمية تصل قيمتها إلى نحو مليار دولار كما
قامت السلطات السويسرية بخطوة مماثلة.