الاحزاب السياسيه السوريه
الكتلة الوطنية
التى
فقدت تماسكها السياسي في صراعها ضد الفرنسيين عام 1945 وكان زعيمها شكري
القوتلي من قدماء دعاة العروبة فقد حارب الترك أثناء الحرب العالمية
الأولى ثم الفرنسيين. وكان قريباً من العربية السعودية ومن مفتي القدس
الحاج أمين الحسيني وكان ينتمي الى النزعة القومية العربية المعادية
للهاشميين. وفي سنة 1943 تم انتخابه رئيساً للجمهورية. وكان محل احترام
بسبب ماضيه السياسي غير أنه لم يستطع تسيير وضعية سياسية مضطربة.
اختفت الكتله الوطنيه فى انتخابات عام 1947 مفسحة المجال لحزبين اثنين:
الحزب الوطني
الذي كان يجمع أنصار القوتلي وأنصار المحافظة على استقلال سوريا وهو حزب كان يمثل ائتلافاً من الوجهاء الممثلين لدمشق
وحزب الشعب
الذي كان يمثل أعيان المدن الكبرى الأخرى بالبلاد والذي كان يناصر مشاريع الاتحاد العربي وخاصة مشروع الهلال الخصيب مع العراق.
ثم تحالف حزب الشعب في انتخابات يوليو 1947 مع قوة سياسية جديدة هي حزب البعث وأحرزوا تقدماً كبيراً إلا ان الحزب الوطني ظل في الحكم معتمداً على عدد كبير من المستقلين
ونتيجة لعدم وجود أغلبية سياسية واضحة كان من غير الممكن القيام بأي إصلاح سياسي. وكان هذا الوضع لصالح القوى الجديدة.
الحزب القومي السوري
أسسه انكوان سعادة سنة 1932 وهو أحد اللبنانيين الروم الارثوذكس وكان مشروعة يتلخص في الشعار التالي:
(سوريا
للسوريين الذين يشكلون أمة في حد ذاتها.) وسوريا هذه تمتد حتى قناة السويس
وقبرص. والسوريون هم ورثة كل حضارات التاريخ القديم المشرقة.
وكان
أنطون سعادة يعترض على طائفية المجتمع السوري اللبناني ويرفض وجود لبنان
كما كان يرفض العروبة والإسلام. فالدين واللغة في رأيه لا يمكنهما تشكيل
قاعدة لأمة. وهو يقترح خمسة إصلاحات:
فصل الدين عن الدولة
اقصاء رجال الدين عن الشئون السياسية والقضائية
إلغاء كل المميزات الطائفية والإقطاع
تنظيم الاقتصاد القومي على أساس حرفي
حماية حقوق العامل ومصالح الأمة والدولة
تأسيس جيش قوي قادر على ضمان أمن الامة والدولة.
ويمتد تنظيم أنطون سعادة في لبنان وسوريا.
حزب البعث
أسس
حزب البعث كل من ميشيل عفلق وهو من الروم الارثوذوكس والسني صلاح البيطار.
وكانا طالبين بالسربون من 1929 الى 1934 وتأثرا تأثراً كبيراً بأفكار غير
الامتثاليين أو أصحاب الرأي المستقل لفترة الثلاثينيات والتحق بهما سنة
1939 العلوي زكي الارسوزي. وبعد ان ناضلوا برابطة العمل القومي أو الحزب
القومي السوري أسسوا تنظيمهم الخاص بهم إبان الحرب.
ولقد حدد أول مؤتمر للحزب سنة 1947 محتواه السياسي وكان شعاره: (أمتنا العربية ذات رسالة خالدة)
وهم يتوقون الى ثورة كاملة في المجتمع من أجل إيقاظ كل امكانيات الروح
العربية. والاشتراكية وسيلة لبلوغ ذلك والإسلام ليس وحياً إلهياً بل مظهر
من مظاهر العبقرية الخالدة للروح العربية. والاستعمار هو نتيجة ضعف العالم
العربي الحاضر والعمل السياسي ينبغي ان يؤدي الى إعادة سبك المجتمع العربي
والثقافة العربية واندماج مختلف الدول العربية في كيان واحد هو الهدف
النهائي، وحزب البعث يظهر بمظهر الحركة العروبية الأكمل والأكثر علمانية
والأكثر وحدوية. والبعث ليس حزباً جماهيرياً ولكنه حزب إطارات وحزب ثوريين
محترفين. وللحزب قيادة قومية لكامل العالم العربي وقيادة قطرية لكل بلد.
وفي 1947 امتزجت القيادتان القومية والقطرية السورية.
حزب العمل
لأكرم
حوراني الذي جعل من حماه قاعدة لعمله السياسي. وفي عهد الوصاية كان قريباً
من الحزب القومي السوري الذي بدا له أفضل تنظيم ضد الوجود الفرنسي وفي 1945 اسس الحزب الاشتراكي العربي
وفي ذلك دليل على انتقاله الى العروبة، الذي توطد بعلاقاته مع ميشيل عفلق.
وقد اشتهر مع ضابط سوري هو أديب الشيشكلي في الكفاح ضد الفرنسيين ثم في
القوات غير النظامية بفلسطين سنة 1948. أما في منطقة حماه فقد كان يدعم
نضال المزارعين الفقراء وأصبح بحق قوة محلية. وكان أول من سعى الى انشاء
خلايا بالجيش واستعمل لذلك الكلية العسكرية بحماه التي كانت تعد الضباط
الشبان.
الحزب الشيوعي السوري
تأسس
في العشرينيات وفي سنة 1932 سيطر عليه خالد بقداش الكردي الاصل وكان
طالباً في العشرين من عمره. وشارك مشاركة فعالة في النضال ضد الفرنسيين
بالتحالف مع البرجوازية الوطنية ثم إنه بعد 1945 وسع نضاله ليشمل
الإمبريالية بكاملها. وكان الحزب نشطاً جداً إلا أن تأثيره أكبر بين
المثقفين منه بين العمال. ولقد سبب وجوده قلقاً كبيراً للأمريكان الذين
حاولوا التدخل في الحياة السياسية السورية بواسطة وكالة الاستخبارات
المركزية. وكانت أحزاب اليمين قد تلقت مساعدة مالية لإعداد انتخابات 1947.
الاخوان المسلمون
ظهر
الإخوان المسلمون بدءاً من عام 1944. وكانوا يمثلون العداء لمجموع هذه
العقائد التي كانت في نظرهم ذات أصل غربي رغم نضالها ضد الوجود الأوروبي.
وكان أنصارهم قريبين من هذه التنظيمات الأخرى ولعبوا دوراً صغيراً نسبياً
في بداية فترة ما بعد الحرب.
وفي
سنة 1948 كان نظام الأعيان يبدو صلباً والقوى الجديدة كانت تعد مجموعات
صغيرة من الحركيين. وكانت الطبقة الحاكمة ترغب في الزج بالبلاد على طريق
التحرر السياسي والاقتصادي غير أنها أساءت تقدير مخاطر الوضع السياسي
الإقليمي، فكان من أول ما قامت به بعد الحصول على الاستقلال هو تقليص
الجيش السوري الموروث عن الوحدات الخاصة للمشرق لفترة الانتداب. فقلص الى
اعدا شبه رمزية والى سلاح يصلح للأستعراض أكثر منه للدفاع عن البلاد. ولما
اندلع النزاع الفلسطيني كانت حالة عدم الاستعداد كاملة. ودخلت سوريا الحرب
مثل البلدان العربية الأخرى بسبب ضغوط رأيها العام ولتخوفها من مطامع
جيرانها. ولم تحارب جيوشها كثيراً وكان أول نظام عربي يدفع ثمن نتائج
الهزيمة.
وفي
ذلك التاريخ أصبح العداء لأمريكا مضموناً جديداً من مضامين الحياة
السياسية. فالدعم الذي قدمه الرئيس ترومان للحركة الصهيونية ثم لدولة
إسرائيل قد قضى على رصيد الود الذي نشأ من معاداة الأمريكان للاستعمار.
وكانت سوريا البلد العربي الذي ذهب أبعد من غيره في العقوبات ضد الموقف
الأمريكي. وتملك واشنطن القلق وخشيت التواطؤ بين نظام الاعيان وبين
الاتحاد السوفييتي وتلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمر بالعمل في
السياسة السورية. فقامت باتصالات في الأوساط العسكرية وشجعت رئيس الأركان
حسني الزعيم على الاستيلاء على السلطة بالقوة فتم ذلك يوم 30 مارس 1949.