عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
موضوع: موريتانيا.. وفشل المراهنة الثلاثاء فبراير 10, 2009 1:55 pm
على الرغم من أن الساحة السياسية في موريتانيا شهدت هذا الأسبوع أحداثا سياسية هامة تمثل في معظمها جوانب من تجليات المواجهة المفتوحة بين مؤيدي ومعارضي القادة الجدد للبلاد منذ انقلاب 6 أغسطس 2008 ، إلا أن الحدث الأبرز كان بلا شك قرار السلطات الموريتانية تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني تطبيقا لتوصيات قمة غزة المنعقدة مؤخرا بالعاصمة القطرية الدوحة .
خصوصية هذا القرار لا تنحصر فقط في دلالة توقيته وأبعاده السياسية محليا ودوليا، وإنما تبرز كذلك من حقيقة كونه يجسد إرادة حقيقية للشارع الموريتاني عبرت عنها مختلف القوى والأحزاب السياسية - من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار – في قطع هذه العلاقة المشينة مع كيان غاصب يفتقد للحد الأدنى من مبررات الوجود السياسي أو الأخلاقي أو التاريخي .. وهي علاقات لا يتحمل القادة الجدد - بالتأكيد - المسئولية عنها ، حيث أقامها نظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع عام 1999 في لحظة تيه سياسي ، أملا في مباركة البيت الأبيض !
وإذا كان بعض معارضي الحكام الجدد لموريتانيا يرون أن هذا القرار لا يعبر عن موقف مبدئي وإرادة جادة في التناغم مع مطالب وتوجهات الشارع الموريتاني ، بقدرما يمثل مناورة سياسية من القادة العسكريين لكسب المزيد من التعاطف الداخلي ، في مواجهة الضغوط الخارجية وخاصة من الاتحاد الأوروبي ، إلا أن المؤكد أن هذا القرار جاء تتويجا لشهر كامل من الغليان غير المسبوق في الشارع الموريتاني ، بكل اتجاهاته السياسية والفكرية تضامنا مع الأهل في غزة ، وتنديدا بالمواقف العربية المتخاذلة ، بل والمتواطئة أحيانا مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها عصابة ( أولمرت ، ليفني ، وباراك ) .
والمؤكد كذلك أن قرار تجميد علاقات موريتانيا مع الكيان الصهيوني قد أكسب الجنرال محمد ولد عبد العزيز المزيد من التعاطف الشعبي الداخلي حتى داخل أوساط الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ( أهم قوة سياسية مناوئة للانقلاب الأخير) .
وفي سياق المواجهة السياسية المفتوحة بين السلطات الحاكمة والرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله - الذي مازال يعتبر نفسه الرئيس الشرعي للبلاد - أقدمت الأجهزة الأمنية صباح الخميس الماضي على منع هذا الأخير من دخول العاصمة ، في موكب احتفالي قادما من مسقط رأسه (250 كلم جنوب نواكشوط ) . وقد اعترضت أجهزة الأمن موكب الرئيس المخلوع عند نقطة تفتيش على بعد 50 كلم حيث طلبت التحقق من هويات ركاب السيارات المرافقة لولد الشيخ عبد الله ، وهو ما اعتبره الرئيس السابق نوعا من الإهانة ، وبالتالي قرر عدم إكمال رحلته إلى العاصمة وعاد إلى مسقط رأسه بلدة " لمدن " رفقة عدد من وزرائه السابقين .
وكما هو منتظر في مثل هذه المواقف فقد تباينت الروايات حول حقيقة ما حدث ، حيث يقول أنصار السلطات الحاكمة بأن الأمر لا يعدو كونه إجراء روتينيا عند نقطة تفتيش عادية ، اعتبر الناطق الرسمي باسم الرئيس المخلوع أحمد ولد صنبه أن ما حدث " يمثل إهانة مقصودة لرئيس الجمهورية المنتخب والذي يبذل جهده لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي تهدد بفرض حصار على الشعب الموريتاني " .
وكان الرئيس المخلوع ولد الشيخ عبد الله قد أعلن عن نيته العودة للعاصمة نواكشوط " للمساهمة في إيجاد حل للأزمة التي تعيشها البلاد " وطالب الرئيس السابق جميع الفاعلين السياسيين " ببدء مشاورات جادة تفضي إلى إنهاء الحالة الانقلابية الراهنة ، وإعادة البلاد إلى نهج الديمقراطية والتنمية".
وقدم الرئيس السابق – في هذا السياق – ما اعتبره حلا توافقيا يرتكز على نقاط أساسية أهمها :
- إنهاء الحالة الانقلابية وإبعاد الجيش عن المشهد السياسي .
- استعادة رئيس الجمهورية لكامل صلاحياته وممارسة مهامه الدستورية .
- الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها .
ومع أن قبول الرئيس المخلوع بفكرة تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها تمثل تراجعا هاما مقارنة بمواقفه السابقة ، إلا اشتراطه ذلك بعودته للسلطة وممارسته لصلاحياته الدستورية يجعل من الصعب على النظام الحالي قبول مثل هذه المقترحات ، لأن عودة الرئيس السابق للسلطة "ولو لدقيقة واحدة " يمثل بالنسبة للجنرال ولد عبد العزيز " خطا أحمر لا يمكن تجاوزه " كما عبر عن ذلك بنفسه في أكثر من مناسبة . المصدر: الإسلام اليو