سرّ كره "أشهر جاسوسة عربية" للفلسطينيين؟؟!
هي من اصل شركسي مسلم، وابنة أسرة ثرية عاشت في الأردن في أرقى ضواحي
العاصمة عمان كان والدها تاجر مجوهرات ثرياً وعمها لواء في الجيش الأردني
ووالدتها إحدى أبرز سيدات المجتمع، إنها أشهر جاسوسة عربية للموساد حتى
اليوم، الجاسوسة أمينة المفتي.
بداية حياتها
ولدت
عام 1939 وهي الابنة الصغرى ويسبقها شقيقتان وثلاثة أشقاء، كانت في مطلع
شبابها فتاة جميلة ونضرة اعتادت الدلال وحياة الأثرياء، لكنها بعد ان
تعرفت إلى شاب فلسطيني الأصل سرعان ما تخلى عنها بسبب غرورها وطباعها
السيئة صدمت بشدة عندما هجرها إلى أخرى أجمل منها، وأكثر اتزاناً، وكتب
لها يقول أنها أنانية، مغرورة، سريعة الغضب، شرسة الطباع. هكذا كشف لها
الحبيب عن مساوئ تنشئتها، وأسلوبها الخاطئ في فهم الحياة. ولأن حبها كان
قوياً، جباراً، عاتياً، عصفت بها الصدمة، وزلزلت قلبها الصغير، وتملكتها
رغبة مجنونة في الثأر والانتقام. ويبدو ان هذا كان من بين الأسباب التي
أورثتها حقدا دفينا على الفلسطينيين.
وإثر تخرجها في
المدرسة الثانوية التحقت بإحدى جامعات فيينا لاستكمال دراستها الجامعية
عام 1956 وهناك قد أسبغت الحياة الجديدة على أمينة سعادة غامرة، ودفئاً من
نوع آخر وقد جمعتها الحجرة بطالبة مرحة في نهائي الطب - وتدعى جولي باتريك
- من جوهانسبرج، ذات خبرة كبيرة بالحياة الاوروبية. وفي متنزهات المدينة
الساحرة، والحرية اللانهائية لفتاة من الشرق، علمتها جولي التدخين،
وحذرتها من العلاقات الجنسية مع الشباب حيث الحمل والاجهاض، وحببت اليها
أسلوباً جنسياً خاصاً بالنساء، وشيئاً فشيئاً أدمنت الفعل الخبيث الشاذ
حتى الثمالة، فقد رأت فيه انطلاقتها وتحررها من قيود الشرق، والخجل وسرعان
ما تعددت علاقاتها بالفتيات الأخريات في بيت الطالبات المغتربات في فيينا.
العودة الى عمان.. بين الرقابة والملل
وفي
عام 1961 حصلت على درجة جامعية في الطب النفسي وعادت مرة أخرى الى عمان
التي سرعان ما ضاقت بها ،مكرهة، تضج بالمعاندة والنفور، وتحمل بداخلها
طبائع أخرى، وأحاسيس مختلفة، وآلام الهجرة الى القيود والرقابة. وفي غمرة
معاناتها وكآبتها، تذكرت حبيبها الأول - بسام - فجابت عمان طولاً وعرضاً
بحثاً عنه، وهزتها الحقيقة المرة عندما علمت بزواجه من فتاته الجميلة
الفقيرة، وحاصرها السهوم والملل والحقد، ولم تجد حلاً لأزمتها إلا السفر
ثانية الى النمسا، بدعوى استكمال دراستها العليا لنيل الدكتوراة، عازمة
على ألا تعود الى الشرق أبداً.
العودة الى النمسا وزواجها من "موشيه"
أفرغت كل مشاعرها بين يديه
وبعد
ان قررت السفر الى النمسا مرة أخرى بدعوى الحصول على درجة الدكتوراه في
مجال تخصصها. تعرفت خلال تلك الفترة على فتاة يهودية تدعى سارة بيراد وفي
زيارة لأسرة سارة في وستندورف، دق قلبها فجأة بقوة لم تستطع دفعها.
إنها
المرة الثانية التي يخالجها ذلك الشعور الرائع المشوق، فقد كان موشيه -
شقيق سارة الأكبر - شاب لا يقاوم. إنه ساحر النظرات والكلام، حيوي الشباب
رائق الطلعة كانت تعرف أنه طيار عسكري برتبة نقيب، يكبرها بنحو سبع سنوات
تقريباً، شاعري، مهووس بموتسارت وبيزيه، ولوع بالشعر الأسود ونجلاوات
الشرق.
وفي نزهة خلوية معه حاولت أمينة ألا تنحرف، لكنها ما كانت
تتشبث إلا بالهواء، واستسلمت له حينئذ.. حينئذ فقط.. أفرغت كل مشاعرها بين
يديه.. وبصدق، وضعف، اعترفت له بحبها. هكذا خطت أمينة المفتي خطوات الحرام
مع الطيار اليهودي.. ولما أفاقت قليلاً.. هربت منه الى فيينا، يطاردها دنس
الجسد، وغباء العقل، ورجفة الرغبة.
وبمسكنها في شارع شتراوس حاولت
أن تنسى، أن تغسل البدن المدنس بالخطايا، أن تمحو صورة أول رجل هتك ستر
عفافها وأشعرها بفورة الأنثى، لكن مطارداته التليفونية لها كانت تسحق
إرادتها، وتشتت عقلها الزائغ أمام جيوش عواطفه، فتخور صاغرة. تعددت
لقاءاتهما المحرمة وتحولت أمينة بين يديه الى امرأة لا تدخر وسعاً في
إسعاده، وتغلبت على ضميرها قدر استطاعتها وهي تدعي لنفسها الحق في أن
تعيش، وتحيا، وتجرب، وتمارس الحب بلا ندم في بلاد لا تعترف بالعذرية
والعفاف.
هكذا مرت خمس سنوات في انحلال وترد، متناسية ما لأجله
غادرت وطنها الى فيينا. وبعد جهد ساعدها موشيه في الحصول على شهادة
دكتوراة مزورة في علم النفس المرضي PATHOPYCHOLOGY - وهو فرع من علم النفس
الطبي، وعادت أدراجها الى الأردن في – أيلول/ سبتمبر 1966 ليستقبلها الأهل
في حفاوة وفخر، ويطالبونها بإعلان موافقتها على الزواج من ابن عمها، لكنها
تطلب منهم إمهالها حتى تفتتح مستشفاها الخاص في عمان
وبينما
إجراءات الترخيص للمستشفى تسير بشكلها العادي، وقع خلاف بينها وبين وكيل
الوزارة المختص، فتشكوه الى وزير الصحة الذي أبدى اهتماماً بشكواها ويأمر
بالتحقيق فيها على وجه السرعة. فتتشكك اللجنة القانونية في تصديقات
الشهادة العلمية، وتطلب منها تصديقات جديدة من فيينا. وخوفاً من انكشاف
التزوير وما يصاحب ذلك من فضيحة لها ولأسرتها، سافرت أمينة الى النمسا
متخمة بالخوف، وبأعماقها غضب يفيض كراهية لبلدها. هناك.. أسرعت الى موشيه
يعاودها الحنين، غير عابئة بانكسار وطنها العربي بنكسة 1967، فكانت تعلن
شماتتها بلا حرج أو خجل، إذ طفحت منها الكراهية لكل ما هو عربي، ولكل ما
يمت للعرب.
عملها في اسرائيل مع جهاز المخابرات
حصلت على شهادة دكتوراة
مزورة في علم النفس المرضي
وفي
عام 1972 قررت مع زوجها السفر الى "اسرائيل" وتطوعا في الجيش "الاسرائيلي"
وهناك بمجرد ان علمت الاستخبارات "الاسرائيلية" اصلها قررت ان تستجوبها في
مقابلة طويلة تمكنت منها ان تعرف رأيها في الفلسطينيين وفي العرب وكيف
أنها تكره بلدها الأم وترى ان الفلسطينيين ارهابيون وان الملك "حسين" اخطأ
عندما لم يقتلهم جميعا وهكذا لاقت ترحيباً من الموساد الذي شعر بفرحة
للمواطنة "الاسرائيلية" الجديدة.وفي يناير/كانون الثاني 1973 قيل لها ان
زوجها انفجرت طائرته في الجبهة السورية بعد ان كان تقلد رتبة رائد طيار في
سلاح الجو "الاسرائيلي". ولكنها أصرت على انه لم يمت ولكن السوريين أسروه.
وخلال تلك الفترة العصيبة تفاقم كرهها للعرب وشعرت انهم هم الذين خطفوا
منها زوجها وهكذا قررت السفر الى بيروت لتقصي أخباره ولكنها في النهاية
اقتنعت انه بالفعل قد مات وبقي ان تستلم إرثه الكبير، وكانت الظروف مناسبة
في تلك الفترة ليجندها الموساد لأنها كانت تشعر بغضب وكراهية شديدة ضد
العرب وخلال تلك الفترة تلقت تدريبا مكثفا على التجسس وأدواته المختلفة
وزرعت في لبنان للتجسس على الفلسطينيين ورجال المنظمات الفلسطينية
والمقاومة.
وكانت تعرفت من قبل إلى صديقة أردنية في بيروت صاحبة
محل للملابس تدعى خديجة زهران والتقت بها هذه المرة أيضا وطلبت منها ان
تساعدها في ايصال خط لهاتف شقتها في حي الروشة في بيروت. ومن خلال مارون
الحايك الموظف الكبير في ادارة الهواتف في لبنان تمكنت من معرفة أرقام
هواتف القادة الفلسطينيين في لبنان وعناوينهم أرسلتها بدورها الى عملاء
الموساد في بيروت وتمكنت فيما بعد من تجنيده هو أيضا للحصول على أرقام
هواتف القادة الفلسطينيين السرية وفيما بعد بدأ يتنصت لحسابها أو لحساب
الموساد على مكالمات هؤلاء القادة ومنهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر
عرفات.
وتمكنت أيضا من تجنيد خديجة زهران التي ساعدتها من خلال
مصادقة زوجات القادة الفلسطينيين واستدراجهن للحديث عن أسرار أزواجهن
وهكذا توسعت الشبكة التي أدارتها أمينة المفتي في بيروت للتجسس لصالح
الموساد ومن خلالها تمكنت من مد الموساد برصد لمراكب وسفن الصيد التابعة
لمنظمة التحرير الفلسطينية على موانئ صيدا ورأس شكا في جنوب وشمال لبنان
والتي كانت تستخدم للهجوم البحري على "اسرائيل" التي تمكنت بذلك من
تدميرها أخيرا، حيث كشفت أمينة المفتي وشبكتها التجسسية في بيروت وألقى
الفلسطينيون القبض عليها وسجنت في كهف السعرانة في جنوب لبنان.
وكان
الرئيس الراحل عرفات قرر الابقاء عليها في كهف السعرانة لحين البت في
أمرها رافضا فكرة اعدامها وهكذا مرت خمس سنوات على سجنها وفي نوفمبر/تشرين
الثاني 1979 أجرت منظمة الصليب الأحمر محاولات مع منظمة التحرير للافراج
عن أمينة المفتي في حين عرضت "اسرائيل" استبدالها بأسرى فلسطينيين. ووافقت
قبرص على ان تتم عملية المبادلة في أراضيها وكان ذلك في يوم 13
فبراير/شباط 1980.
اختلاف الروايات حول مصير امينه المفتي بعد تحريرها
إحدى
الروايات تؤكد بأنها حصلت على وثيقة سفر أميركية باسم جديد. وتعيش الآن
بولاية تكساس حيث تمتلك مزرعة واسعة. وتزوجت من بحار إسباني ولم تنجب.
رواية
ثانية تزعم بأنها أجرت تعديلات بوجهها بمعرفة الموساد. وتعيش بجنوب
أفريقيا منذ عام 1985 تحت اسم مزيف. وتعمل في الاستيراد والتصدير، وأنجبت
ولداً من ضابط روماني أسمته موشيه.
ورواية ثالثة تقول إنها
انتحرت بحقنة هواء داخل حجرتها بقسم الأمراض العصبية بمستشفى تل هاشومير،
وهو مستشفى يعد من أكبر مستشفيات إسرائيل، ويقع بحي راق في منطقة يطلق
عليها: تل لتفنسكي، ثم عدل اسمها ليصبح تل هاشومير.ثوروا..فلن تخسروا سوى القيد والخيمة .
إن الثورة الفلسطينية قامت لتحقق المستحيل لا الممكن .