Admin Admin
عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
| موضوع: قـراءة فـي الحالـة الإيرانيـة المعاصـرة الأربعاء فبراير 11, 2009 11:05 am | |
|
قـراءة فـي الحالـة الإيرانيـة المعاصـرة
ما هو الحجم المتاح ـ دولياً ـ من دور إقليمي لإيران في المنطقة؟! هل تستطيع إيران تغيير شروط المجالات الحيوية في المنطقة؟! الى أي مدى يمكن لإيران أن تصبح محور استقطاب اقليمي؟ كيف يمكن أن يستفيد العرب من قوة إيران؟
هذه أسئلة وغيرها أصبحت محاولة الاقتراب من الإجابة عليها حاجة إقليمية بل ودولية ضرورية لأنها تعني نتائج تفاعلات التصارع الظاهر والباطن في المنطقة وحولها وهي التي سترسم المعالم الجيوسياسية لكل قطر من الأقطار المحيطة بإيران، بل والإقليم كله... وستتمدد نتائجها إلى إعادة ترتيب قوى النفوذ الدولية على خريطة المصالح الاستراتيجية الكبرى... وتقع إسرائيل في قلب الاهتمام من ذلك كله. إيـران الحديثـة: لقد تعرضت إيران كباقي قلاع الأمة (تركيا، مصر، المغرب العربي) منذ مطلع القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين لحملة منظمة من الاختراق والتغريب لسلخها عن تاريخها الإسلامي وعزلها عن الأمة... ولقد سقطت هذه القلاع في مخالب المخطط الغربي واحدة واحدة: تركيا، إيران، مصر، الجزائر... ولئن كان توجه المشروع الغربي ضمن حسابات استراتيجية إلى حسم الصراع بعجلة وعنف بالغين في الجزائر لإلحاقها فوراً بالغرب... فهو في بقية المواقع اتجه بالتدرج شيئاً فشيئاً بدءاً باختراق الوعي والثقافة تنتهاءً بإزاحة الأصيل من ثقافة الأمة وربطها باتفاقيات اقتصادية وعسكرية وتدمير كل إمكانات النهوض في داخلها. بدأ الاتجاه نحو الغرب في إيران منذ تسلم الصفويين الحكم وذلك للاستعانة بخبراته في مجال التصنيع العسكري إذ كانوا منشغلين بحروبهم ضد الخلافة العثمانية... وبعد معركة (جالدران) التي وقعت بين الشاه إسماعيل الأول والسلطان العثماني سليم وجد النظام الصفوي في إيران ضرورة الاندفاع نحو الغرب أكثر من ذي قبل... وبالفعل تمكن الشاه عباس مستعيناً بالاخوة شرلي من صنع المدافع والأسلحة النارية. ويمكن اعتبار الفترة التي انطلقت فيها ثورة (الدستور) بداية مرحلة التغريب بشكل رسمي واضح في إيران... فرغم أن علماء الدين شجعوا الدعوة إلى دستور يحكم البلاد في البداية إلا أن التيار العلماني تمكن من السيطرة على التيار وتوجيهه حسب رؤيته وكان على رأس هذا التيار (ملكم ويفرم) الأرمني الذي خاض عملية واسعة منظمة لتغريب البلاد بدعم غربي واسع واسنده في ذلك جيل من المثقفين المتغربين وتمكنوا من إقامة برلمان شكلي للبلاد... وقد تسلم رضا خان السلطة مدعوماً من الإنجليز بموجب برلمان (المشروطة الدستور) وقد أنشأ (ملكم ويفرم) الذي أكمل دراسته في باريس محفلاً ماسونياً في طهران ضم إليه أبناء الأعيان والملاك والمثقفين المتغربين... وكانت دعوتهم إلى ربط الاقتصاد والثقافة بالغرب إلى آخر مدى... وطرحوا فكرة تغيير الخط العربي إلى لاتيني كما فعل أتاتورك في تركيا... إلا أن علماء الدين الإيرانيين نجحوا في إسقاط هذه الجريمة في مهدها. في إيران بدأت مرحلة التقليد للغرب منذ عهد الشاه إسماعيل والشاه عباس الصفويين... أما مرحلة التغريب المنظم فقد بدأت عام 1828 أي بعد هزائم إيران المتتالية على يد الروس... اتجه البلاط الإيراني إلى الغرب لاستيراد السلاح وبعض الأساليب الغربية على صعيد الأمور العسكرية والنظام التعليمي والإداري وهكذا بدأت في إيران المرحلة الأولى من التغريب أي منذ عهد (فتح على شاه)، وبلغت ذروتها بإصلاحات (أمير كبير) الذي استدعى لإيران مستشارين فرنسيين برئاسة (مسيوجاردان) المرافق الخاص لإمبراطور فرنسا فقام هؤلاء المستشارون بوضع خرائط للطرق والشوارع والموانئ، ووضع الخرائط العسكرية وتدريب أفراد الجيش وقد أرسلت الحكومة الإنجليزية عدداً من الوفود العسكرية إلى إيران للمشاركة بتدريب أفراد الجيش... كما دخلت المطبعة الحديثة والتلغراف... ونشطت عملية الترجمة للآداب والثقافة الأوروبية. تسعة وعشرون طالباً كان قد أرسلهم (عباس مبرزا) سنة 1811 إلى أوروبا عادوا ليؤسسوا (دار الفنون) التي جلبت إليها أساتذة فرنسيين وكان نظام التدريس والمادة الدراسية فيها فرنسيين. وكان المتخرجون من هذه الكلية معظمهم من أبناء الأعيان والأشراف والملاكين... ومن هذه الطبقة تكون رواد حركة الدستور... ولقد تخرج من هذه المدرسة في المرحلة الأولى (1100) شخص شكلوا النواة الأولى للمثقفين الإيرانيين المتغربين... وبالإضافة لهذه المدرسة فتحت مدرستان واحدة تعنى بالترجمة والأخرى بالعلوم السياسية. وهكذا نلاحظ أن عملية التغريب في إيران تمت كجزء من عملية تاريخية ضخمة شملت الأمة في عواصمها جميعاً في الوقت نفسه... فلقد كان التغريب تكرارا للوضع الذي لحق بالخلاقة العثمانية بمصر ففي البداية اقتبست التقنية الحربية ثم النظام التعليمي والإداري والتقني، واستوردت المنتجات الصناعية الغربية، وكان الدافع هو نفسه أي تعزيز بنية البلاد العسكرية، وكان شأن إيران مشابهاً لشأن تركيا في تقلد الجيل الذي تربى في النظام التعليمي الجديد المناصب الحكومية... واستمرت مرحلة التغريب حتى ثورة الدستور التي بدأت بعدها المرحلة الثانية الأكثر انتظاما في الارتهان للغرب والتي بلغت ذروتها في عهد كل من رضا خان وابنه محمد رضا... وكان معظم المستشارين الذين خططوا لنظام التعليم الجديد ومعلمو هذا النظام فرنسيين حتى أن الطلاب الإيرانيين كانوا يرسلون إلى فرنسا في البداية من هنا صارت اللغة الفرنسية منذ ذلك الحين اللغة الشائعة في محافل المثقفين وطبقات المجتمع العليا وعن هذا الطريق توسع نفوذ الفرنسيين في كافة المجالات... ترافق هذا الخط الثقافي بتوجهات سياسية حيث تم ربط البلاد بأوروبا فيما يخص اتفاقيات النفط، والعلاقات المتطورة باضطراد في أحلاف مع الإنجليز ثم الأمريكان. شهدت إيران حركات مقاومة من قبل علماء الدين لمشاريع الإلحاق فكانت ثورة (التمباك) حيث قاد علماء الدين حملة مقاطعة ضخمة ضد الغربيين... ثم جاءت محاولة تأميم النفط بقيادة مصدق مدعومة بعلماء الدين المناضلين والتي أسقطها الغرب. وبعد ذلك جاءت حركة العودة إلى الذات بشكلها المعاصر والشامل... التي خاض غمارها علماء دين كبار ومفكرون متميزون منذ النصف الأول من القرن العشرين... تصاعدت هذه الحركة حتى بلغت درجة الغليان في 5 جوان 1963 بمظاهرات عمت المدن الإيرانية ترفع لأول مرة شعارات العودة إلى الذات والمطالبة برحيل كل النظام السياسي الثقافي الاجتماعي الذي يشرف عليه الشاه محمد رضا بهلوي وطرد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي... وكان آية الله الخميني هو من تزعم هذه النهضة
| |
|