أنفلونزا الخنازير خارج السيطرة وخشية من امتزاجها بطاعون الطيور |
مسافرون يضعون أقنعة واقية في مكسيكو أمس. (ا ب) |
لا شيء أسوأ من الأزمة الإقتصادية العالمية هذه الأيام،
سوى الإحتمال الكارثي لإمتزاج فيروس الخنازير «إتش1 أن1» الذي يضرب راهناً
المكسيك والولايات المتحدة، مع فيروس طاعون الطيور «أتش1 آن5» الذي ما برح
يتنقل بين الدواجن والبشر. إذ يؤدي ذلك إلى موجة إنفلونزا ربما فاقت تلك
التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، فحصدت أرواح ملايين البشر! ويتمثّل
الإحتمال المفزع الآخر في إنفلات موجة إنفلونزا الخنازير الراهنة عن
السيطرة، بسبب قوة العنصر الذي يُسبّبها.
فبعد التعرّف إلى التركيب
الجيني للفيروس الذي يقود الموجة الراهنة من «إنفلونزا الخنازير»، غيّر
مسؤولو «مراكز رصد الأمراض» (سي دي سي) في ولاية أتلانتا لهجتهم، وتبيّن
أنه فيروس «هجين» يمزج عناصر من فيروسات الإنفلونزا عند الخنازير والطيور
والإنسان، وباتوا أكثر تشاؤماً حيال الموجة الراهنة من إنفلونزا الخنازير.
ويُعتقد بانه حصد 68 شخصاً في المكسيك، حيث أصاب 1004 أشخاص، و 8 أشخاص في
ولاية تكساس المجاورة، لم يتوف أياً منهم.
وقال الدكتور ريتشارد بريسير
من مراكز «سي دي سي»: « لقد تنامت شكوكنا، إنه فيروس شديد التقلّب، ما
يجعل الوباء غير قابل للتوقع». وأشار إلى أن «سي دي سي» لا تعرف السرعة
التي ينتقل بها الفيروس بين البشر.
وفي الموجة الراهنة، ثارت مخاوف
كبيرة من وجود عناصر فيروسية من أنفلونزا طيور الماء، لأنها مستودع لأنواع
الفيروس «إيه». ويصيب جهازها الهضمي وليس التنفسي، وترميه مع برازها في
البحيرات والمسطحات المائية والبراري والمزارع.
وإذا صدف أن «امتزج»
نوعان من الإنفلونزا في خلية حيّة، فأنها تنتج نوعاً قوياً من فيروس
الإنفلونزا الشديدة العدوى. وقد تسبب هذا الامتزاج في موجتي وباء عند
البشر حدثت الأولى في 1957، وحملت اسم «الإنفلونزا الآسيوية». وسميت
الثانية «أنفلونزا هونغ كونغ» عندما انتشرت العام 1968. وتكرر الأمر في
موجات ضربت الصين 1997، وهولندا والصين في 2003. وتعتبر تلك الموجات
«إستثنائية» علمياً، لأن إمتزاج الفيروسات حدث إستثنائي بحد ذاته، إذ
يتضمن تجاوز الموانع الجينية التي تفصل طبيعياً الأنواع الحيّة بعضها عن
بعض. فلا يُصاب إنسان بمرض حيواني إلا إستثنائياً.
ولأن هذا الاستثناء يترافق مع ظهور فيروس غير مألوف، وبالتالي لا يوجد لدى الناس مناعة ضده، فإنه ينتشر في موجات ضارية.
ودعت
«منظمة الصحة العالمية» الى إجتماع دولي طارئ لبحث هذه الموجة الفيروسية.
وحذّرت من تزايد إنتشاره بين البشر. ولم توقف الرحلات الجوية في القارة
الأميركية. وأغلقت المكسيك المدارس والمتاحف، وعلّقت المناسبات العامة.
والمعلوم
أن الفيروس يسبب الإنفلونزا في الخنازير سنوياً. وعُزِل للمرة الأولى
العام 1930. وتوجد منه 4 أنواع على الأقل، ولا يصيب البشرعادة، لكنه قد
يصيب من يكثرون من مخالطة الخنازير مثل مربي المواشي والجزارين ودباغي
الجلود وغيرهم. وسُجّلت تكراراً إصابات بشرية به، وكذلك من إنتقاله من
إنسان إلى آخر. وتسجّل «سي دي سي» 1 - 2 إصابة بشرية بالفيروس سنوياً.
وبين 2005 ومطلع السنة الجارية، سُجلّت 12 إصابة بشرية في الولايات
المتحدة. ولم يمت أياً منها. وفي 1976، انتتشر في ولاية «نيوجرسي»، وأصاب
200 شخص. وعانى البعض أمراضاً تنفسية خفيفة، وسُجّلت وفاة وحيدة.
وفي
العام 1988، توفيت أميركية بأثر من إصابتها بذات الرئة سببه فيروس
الخنازير. وحينها، عُثِر على إصابات بشرية كثيرة، لكنهت لم تعاني سوى
أعراض هيّنة.
وكذلك أوضح الدكتور جيل تشافيز مدير «مركز الامراض
المعدية» في وزارة الصحة العامة في كاليفورنيا أنه ينظر الى حقيقة ان معظم
الذين لقوا حتفهم جراء المرض تتراوح اعمارهم بين 25 و45 عاماً على انها
علامة «تبعث على القلق»، إذ تميل تلك الانفلونزا التقليدية للإنتشار بين
المسنين والصغار.
ويفيد إعطاء اللقاح للخنازير في خفض انتشار الفيروس
بين القطعان. ولا تعطي لقاحات إنفلونزا البشر مناعة من الإصابة بفيروس
الخنازير إلا بصورة جزئية، لكنها تخفف من انتقاله بينهم. وتنصح السلطات
الصحية الأميركية المصابين باستخدام دوائي «اوسيلتاميفير» و «زاناميفير»،
المعروفين أيضاً باسمي «تاميفلو» و»ريلينزا».
وتشبه أعراض إنفلونزا
الخنازير عند البشر الإنفلونزا العادية، لكنها أكثر حدّة، وقد تترافق مع
قيء وإسهال. ويعتبر المصاب بالفيروس معدياً طوال بقاء الأعراض لديه، وكذلك
لمدة أسبوع بعدها. ولكن الأطفال والمراهقين قد ينقلون العدوى لفترة أطول.
وحث
وزير الصحة المكسيكي خوسيه انخيل كوردوبا على تجنب التجمعات الحاشدة وعلى
ارتداء الاقنعة، مشيرا الى عدم وجود ضمان على ان لقاح الانفلونزا يساعد
على القضاء على السلالة الجديدة.
وفي سياق مُشابه، نصح أرنولد
شوارزينجر، حاكم ولاية كاليفورنيا الناس باتخاذ خطوات تنسجم مع «الفطرة
السليمة» لتفادي الاصابة بالانفلونزا مثل تغطية الانف والفم عند العطس
وغسيل اليدين تكراراً بالصابون والماء وغيرها.
وفي جنيف (ا ف ب)، اعلنت
المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان ان ظهور «فيروس جديد»
من انفلونزا الخنازير ينتقل الى الانسان يشكل «وضعا خطرا»، و»لا يمكن
توقع» عواقبه وتجب مراقبته عن كثب. وقالت تشان، في مؤتمر صحافي عبر
الهاتف، ان تطور وضع هذا الفيروس «لا يمكن توقعه».