عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
موضوع: لماذا زار السادات القدس وليس تل أبيب؟ الأربعاء يوليو 08, 2009 7:34 am
فى الأسبوع الثالث من نوفمبر 1977 قام الرئيس السادات بزيارة لإسرائيل واختار القدس بالذات وليس تل أبيب. ولما كانت هذه الزيارة هى مفتاح خريطة الأحداث السياسية فى المنطقة طوال العقود التالية، فقد أصبح لازما التدفيق فى الفجوات التى قفزت فوقها الأحداث الكبرى. فقد أعقب الزيارة مسار طويل اختلف الباحثون فى النظر إليه مثلما اختلفوا فى كل ما يتعلق بهذه الزيارة. وفيما عدا الفريق الذى رأى السادات ذا نظرة استراتيجية ووطنية وأنه وفر على مصر عقوداً من الصراع مع إسرائيل واختصر المسافة معها فاستحق أن يكون أبن مصر البار، فإن الفريق الآخر يرى العكس تماماً، بل ذهب إلى أن سلوك السادات كان جزءاً من منظومة فكرية واتجاه قوى انجر إليه السادات ولقى عنده هوى شخصياً وسياسياً، وأن الزيارة لم تكن مفاجئة كما أوحى السادات، وإنما كان يراد للسادات بوصفه رئيس أكبردولة عربية، والعقبة الكبرى فى طريق المشروع الصهيونى، أن يقوم بدور مزدوج وهو أن ينزع العقبة، وأن يسعى إلى تمكين إسرائيل من التغلغل فى الجسد العربى. لكل من الفريقين شواهد وأتباع وحجج، ولكن كلامنهما يقدم تقييمه للسادات وسلوكه من منظورين مختلفين كل منها يدعى أنه المنظور الاستراتيجى. ولكن الحقيقة أن السادات مهما بدا ممثلاً فى معظم أدواره وخلط الجد بالهزل فى معظم الأحيان، فإن حقيقته لم تعرف حتى لأقرب الباحثين منه، رغم أن هذه نقطة بالغة الأهمية فى اسيفاء صفحة هامة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى. وعلى أية حال، فإنه يبدو لنا أنه أيا كان السادات وطريقة تفكيره، فإن السادات أعان المشروع الصهيونى بقصد أو بغير قصد، وأنه حتى لو كان قد شهد كل هذه المخاطر على مصر والمنطقة فربما كان قد أعاد النظر فى هذه المسيرة لو أمهله القدر، ورأى تداعيات السلام المصرى الإسرائيلى. صحيح أن الفريق الأول يرى أن السادات لم يقصد صلحاً منفردا ليستحق اللوم عليه وأنه لم يكن أنانياً فى مصريته، بل حاول أن تكون مصر قاطرة السلام العربى مع إسرائيل، ولازال هذا الفريق يردد أن السادات أتاح السلام الشامل للفلسطينين، ولكن قادتهم الذين امتهنوا المقاومة فوتوا هذه الفرصة. ويستطيع هذا الفريق أن يستدل بالمآسى التى تشهدها القيادات الفلسطينية خاصة فى إطار السلطة الوطنية لتأكيد هذه الملاحظة، وهى أن الفلسطينيين ليسوا الأكثر حرصاً على مصالحهم، وأن نسبة الجواسيس العاملين لصالح إسرائيل ضد أنفسهم وشعبهم خاصة خلال الاعتداءات الإسرائيلية فى غزة تقطع بخيبة الأمل فى وطنيتهم. ولا أزال ممن يرون أن الدراسة المتأنية الموضوعية التى تنحاز إلى الرؤية الاستراتيجية حتى المصرية الخالصة تقطع بأن السلام مع إسرائيل على النحو الذى انتهى إليه، وبصرف النظر عن قصد صانعيه صار كارثة على مصر الوطن وليس فقط مصر الدور، وأنه صار لزاماً على العقلاء فى العالم العربى مساندة عملية إستعادة مصر لنفسها بعد استلابها طيلة هذه العقود، إذا أريد للعالم العربى أن يعيد تماسكه فى مواجهة مشروع صهيونى ذى مخطط استراتيجى يستهدف مصر القلب فى البداية والنهاية. ولكن هذه الملحمة تحتاج كما قلت إلى مراجعة بالتصوير البطئ فى ضوء تحليل نوايا السادات وطريقة تفكيره، لماذا زار السادات القدس ولم يقم بزيارة تل أبيب، وهل اختار السادات أم أن إسرائيل اشترطت عليه أن يزور القدس، وإذا كان هدفه كما قال هو القفز فوق المسائل الإجرائية والنفسية ومواجهة القضية الأساسية، وهى شروط السلام العادل. فهل كان السادات يعتبر زيارة الحكومة الإسرائيلية فى القدس مسألة تافهة لاتستحق التوقف عندها؟ وهل كان السادات يدرك حقاً طريقة التفكير الإسرائيلية وخطة المشروع الصهيونى، أم أن تكوينه لم يسمح له بمعرفة هذه القضايا، وإذا قيل أن السادات بدأ حياته عسكرياً ثم أصبح سياسياً مرموقاً منذ قيام ثورة يوليو، وأنه رغم ذلك لم يقرأ ويستوعب ما أفصح عنه قادة إسرائيل أنفسهم حول المشروع الصهيونى الذى لايمكن أن يكون مفاجأة لأحد، ألم يدرك السادات أن جميع قادة إسرائيل خاصة من الآباء المؤسسين هم زعماء العصابات الذين انخرطوا فى المشروع مهاجرين أو أبناء مهاجرين وتدربوا لنهب الأرض من سكانها بالقوة، وأن إسرائيل لهذا السبب جيش تسربل برداء الدولة، بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات فى القرار والسلوك الذى تفرضه أوضاع القوة بحسبانها أهم مقومات وأدوات المشروع الصهيونى، فأصبح العسكرى الإسرائيلى مختلفاً فى مدركاته بالطبع عن الثقافة السياسية للعسكريين المصريين بالنسبة لأوضاع الصراع العربى الإسرائيلى. بعبارة أوضح هل يدرك السادات أن القدس يتم تهويدها منذ 1948 بشكل منهجى وأن إسرائيل تدعى أنها عاصمتها الأبدية على الأقل منذ بداية الخمسينيات، وبشكل أخص منذ احتلال الشطر الشرقى منها فى السابع من يونيو 1967، ثم ألم يدرك أن زيارة الحكومة الإسرائيلية فى القدس رغم إصرار قرار مجلس الأمن 242 على أنها جزء من الضفة الغربية المحتلة بعد اعترفا منه بأنها عاصمة إسرائيل، وأنه يعمل ضد الشرعية الدولية فى هذه القضية، إذا أخذنا بنظرية أن السادات كان محبذا لإخراج مصر من ساحة الصراع مع إسرائيل، وفتح الطريق لانطلاق هذا المشروع إلى غايته، فمن السهل القول أنه كان يدرك ذلك كله وأنه تعمد هذه النتيجة وأن يكون عنوان الزيارة تاريخياً زيارة القدس، وأن تحفظه حول مزاعم إسرائيل فى خطابه فى الكينيست كان على سبيل التمويه وإبراء الذمة التاريخية الشكلية. أما إذا سلمنا مع الفريق الآخر بأن السادات كان يستخف بأمور بالغة الجدية بسبب نقص تكوينه الثقافى والفكرى وإدراكه لخطورتها، فإن التفسير الأقرب هو أن السادات لم يدرك هذا كله الإدراك الكافى أو أنه ربما أدركه ولم يرتب عليه النتائج التى يستوجبها هذا الإدراك. ونحن نميل إلى هذا التفسير، والدليل على ذلك أن مصر خلال مفاوضات واشنطن لإبرام معاهدة السلام عام 1979 وحتى خلال محادثات كامب دافيد 1978 سجلت موقفها كتابة من قضية القدس، بل إن السادات شعر فى أغسطس 1980 أن صدور قانون الكينسيت بضم القدس لإسرائيل واعتبارها عاصمة أبدية لها عمل قصد إحراجه عقب توقيع اتفاقية السلام لإثبات أن الاتفاقية أطلقت يد إسرائيل وأخرجت مصر حتى من المعادلة الدبلوماسية فى القضية، وأن هذا العمل إهانة له من جانب مناحم بيجن على النحو الذى أشير إليه فى مذكرات أمريكية وإسرائيلية. ولذلك سعى السادات مع كارتر إلى صدور قرار مجلس الأمن الشهير رقم 478 الذى أدان القانون الإسرائيلى واعتبره باطلاً ولاغياً وحث الدول على ألا تنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس. على أية حال لم يؤثر قرار مجلس الأمن فى مسيرة إسرائيل نحو تهويد القدس وكان قانون الكينسيت إحدى المحطات فى الطريق القانونى، ولاشك فى أن علاقة مصر بإسرائيل منذ 1977 أثمرت عام 1995 فى أول قانون أمريكى يطابق تماما موقف إسرائيل حتى صدر القانون الأشمل عام 2002 من الكونجرس وصدق عليه الرئيس، ولذلك لايمكن فصل اشتداد عملية التهويد الأن فى ظل نتانياهو عن الإرهاصات الأولى يوم زار السادات القدس.
الدرويش عميد
عدد الرسائل : 115 العمر : 60 الموقع : العراق نقاط : 115 تاريخ التسجيل : 23/08/2013
موضوع: رد: لماذا زار السادات القدس وليس تل أبيب؟ السبت أغسطس 24, 2013 2:14 pm
بالرئيس السادات رحمة الله او بدونه فان اسرائيل ماضية بتهويد القدس من خلال بناء المستوطنات .... تحياتي لك