أسرار اغتيال الأمين العام الأسبق لحزب الله عباس الموسوي: فكّر شامير لدقيقة وقال اقتلوه.
كيف اتّخذ الصهاينه قرار اغتيال الأمين العام
الأسبق لحزب الله، عباس الموسوي؟ تفيد المعلومات أنَّ الهدف المقرّر من
العملية كان «جمع معلومات قبل الاختطاف» عن «ثلاث شخصيات في حزب الله»،
إلّا أنَّ هذه الإجراءات انتهت إلى «هجوم». وها هو محلّل الشؤون
الاستخبارية في «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، يكشف عن مجريات الأحداث
داخل غرفة العمليات، ويكشف أنَّ قرار الهجوم اتخذ دون الاستعداد لليوم
الذي يلي العملية.
بحسب المعلومات كان موضوع الطيّار الإسرائيلي المفقود، رون أراد، قد بُحث
في إحدى الجلسات المهمّة التي عقدتها القيادة العليا للاستخبارات العسكرية
«أمان»، في تموز ـــــ آب من عام 1991. اقترح أحد المشاركين القيام
بـ«كاسر التعادل». كان المقصود الحصول على «أوراق مساومة» من خلال
الاختطاف، ثم التبادل. طُرحت في الجلسة ثلاثة أسماء، ذكر التقرير واحداً
منهم، هو الموسوي. في 5 آب 1991، طرحت الأسماء الثلاثة لدى رئيس
الاستخبارات العسكرية، «أمان»، الجنرال أوري ساغي، الذي طلب تفعيل عملية
جمع المعلومات.
تتابع الرواية الإسرائيلية أنه في 12 شباط عام 1992، تلقّت الاستخبارات
العسكرية معلومات وصفت بـ«الدراماتيكية»، تقول إنَّ حزب الله سيقيم
مهرجانًا سياسياً في الذكرى السنوية لاغتيال الشيخ راغب حرب في قرية
جبشيت، وسيشارك فيه عدد من القادة، من بينهم الموسوي. لم يعرف
الإسرائيليون الموعد المحدد بالضبط، وحصلوا عليه من «مصادر مكشوفة»، مثل
وسائل الإعلام.
وفي إحدى الجلسات التي سبقت العملية أعلن أحد الضباط أنه يدعم تجهيز
«نموذج استخباري» لفحص إمكان استغلال الذكرى من أجل اختطاف الموسوي
كـ«ورقة مساومة»، من الممكن أن تكون في العام المقبل. قال أحد الضباط،
«تعالوا نعمّق معلوماتنا». عقدت اجتماعات عدّة، وكان الحديث عن «نموذج
عملية» لا عن عملية اختطاف فعلية.
وبحسب التقرير، فإن أحداً لم يعتقد أنَّ هذه المناورة ستتحوّل إلى عملية فعلية.
ويقول برغمان: «العملية تدحرجت إلى الأمام من دون أن يتوقف أحد لفحص هدف
العملية، وماذا يمكن أن يكون رد الجانب الآخر. في ليلة 13 شباط نشر رئيس
قسم العمليات، شموئيل أراد، برنامج العملية».
❞كان المقصود الحصول على «أوراق مساومة» من خلال الاختطاف ثم التبادل❝وفي
14 شباط 1992، نشر القسم الذي يُعنى بشؤون «الإرهاب» في وحدة الأبحاث
التابعة للاستخبارات العسكرية تقريراً، كان واضحاً فيه أن الحديث يجري عن
«نموذج استخباري» لاختطاف. اشتمل التلخيص على ما يأتي: «موكب السيارات
التابع للموسوي يضم عادة من ثلاث سيارات إلى 5. من بينها سيارتان
للمرافقين في أول الموكب وآخرها. السيارة التي يركبها الموسوي من طراز
مرسيدس 280 أو 500. مكان الموسوي في الموكب ليس ثابتاً».
يزيد برغمان، في كتابه الجديد: «إسرائيل ستفعل كل شيء» أنَّ فريق
الاستخبارات في سلاح الجو أخرج في حينه أمراً خاصاً به، أشار إلى إمكان
مختلف للغاية مفاده أنه «بموجب جمع المعلومات تنتقل العملية إلى مرحلة
الهجوم».
بعد يوم واحد قتل ثلاثة جنود إسرائيليون في عملية نفّذها الجهاد الإسلامي.
وفي يوم 16 آب، افتتحت «غرفة العمليات» الإسرائيلية عند السابعة صباحاً.
وقد دخل في حينه قائد هيئة الأركان إيهود باراك إلى الصورة. ويرى التقرير
أن ساغي وباراك «أرادا الهجوم وبحثا عن إمكان للضرب».
في غرفة العمليات لم يكن الجميع موافقاً على الهجوم. هناك من وافق بتحفّظ،
وهناك من رفض. دورون تمير، ضابط الاستخبارات الرئيسي، سمع مقاطع من حديث
باراك وساغي، وأسرع إلى رئيس قسم الأبحاث وسأله: «ما الذي يجري هنا، كيف
سيتحوّل نموذج الاستخبارات إلى هجوم؟ علينا ألّا نفعل شيئًا نندم عليه بعد
ذلك». ويروى برغمان أن (الذين عارضوا) لم يمتلكوا الشجاعة الكافية ليقولوا
رأيهم.
الحديث بين باراك وساغي جرى على مقربة من الصورة التي نقلتها الطائرة من
دون طيّار، وطائرة الاستعلامات عن موكب الموسوي. إذ كان سلاح الجو جاهزاً
أيضاً. لكن لم يكن الإسرائيليون متأكدين من أنَّ الموكب هو موكب الموسوي
فعلاً. وزير الدفاع أرينز دخل الصورة، وعارض الهجوم في البداية، خشية ألا
يكون الموسوي في الموكب.
وبقيت العملية دون تصديق رئيس الحكومة في حينه عليها، إسحاق شامير، الذي
لم يسمع بالعملية إلا في يومها. لم يجرِ الاتصال به، ولم يتصل به أرينز
«لا هاتف في منزله». كانوا يعرفون أنه يعود إلى المكتب عند الرابعة بعد
العصر.
وعند الساعة الـ15:55 وصل شامير إلى مكتبه. استمع إلى تفاصيل العملية
بواسطة السكرتير العسكري، الذي لم يسمع هو أيضاً بها من قبل، ويشير
التقرير إلى استغراق شامير لدقيقة واحدة قبل أن يقرر، وقال: «فليقتلوه»
وأرفق كلمته هذه بحركة من يده.
وعند الساعة الـ16:10دقائق، اقترب موكب الموسوي من مفترق قرية تفاحتا بعد
انتهاء الترتيبات في جبشيت، وأطلقت الطائرة الصاروخ الأول على الموكب
فأصاب السيارة الثالثة. بعدها أطلقت النار على السيارة الأولى في الموكب،
التي كان يُفترض أن يكون الموسوي فيها. لكنه أخطأ الهدف. سائق السيارة
اتجه إلى مكان تحت الشجر وخرج عن خط الرؤية لكنه عاد إلى الشارع بسرعة
أكبر فأصابه الصاروخ. وأصيبت سيارة المرافقين. وعند السادسة فقط تبيّن أن
الموسوي كان في السيارة الثانية مع ابنه وزوجته. وفي الساعة الثامنة، ظهر
موشيه أرينز في نشرة الأخبار المركزية، وأعلن المسؤولية. في ردّهم على
العملية أمطر حزب الله الشمال بصواريخ الكاتيوشا. ولا يزال النقاش في
إسرائيل دائراً بشأن ضرورة العملية. وهناك جزء كبير يرى أن إسرائيل لم
تبحث العواقب من قبل.