ليبيا تبدأ تنفيذ قرار منع دخول رعايا دول الاتحاد الاوروبي
ساد
غموض وتضاربت الأنباء أمس عن عدد الرعايا الأوروبيين الذين منعتهم ليبيا
من دخول أراضيها وكذا عدد الذين سمحت لهم بالدخول وهي تبدأ تنفيذ قرارها
بمنع مواطني دول معاهدة شنغن من الدخول في حلقة أخرى من حلقات أزمتها مع
سويسرا.
وقد بدأت ليبيا امس الثلاثاء تطبيق قرارها بمنع دخول رعايا دول الاتحاد
الأوروبي أراضيها، متسببة في ردود فعل واسعة بعدد من العواصم الاوروبية
المعنية.
وقد منعت سلطات الأمن دخول مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من
دخول أراضيها عبر مطاراتها ومنافذها البرية والبحرية مستثنية بذلك الرعايا
البريطانيين.
وذكرت صحيفة 'أويا' المقربة من نجل الزعيم الليبي معمر القذافي عبر موقعها
الالكتروني أمس 'لقد تمت إعادة من وصل من الأوروبيين (اليوم) على متن
الطائرات التي جاؤوا على متنها'.
وذكر مسؤول ليبي للصحيفة أن هذا الإجراء ينطبق على جميع الدول التي تتعامل
بتأشيرة شنغن، وهي 25 دولة اوروبية، ولا ينطبق على الرعايا البريطانيين.
لكن تقارير أخرى أفادت أن ليبيا سمحت خلال الأيام الـثلاثة الأخيرة بدخول
50 مواطنا إيطاليا إلى أراضيها بالرغم من اتخاذها قرار الحظر الذي يستثني
الرعايا البريطانيين.
وقالت مصادر في وزارة الخارجية الإيطالية لوكالة 'آكي' الإيطالية للأنباء
ان السلطات الليبية سمحت منذ يوم الأحد لخمسين مواطنا إيطاليا بدخول
أراضيها.
لكن المصادر أشارت في الوقت نفسه إلى ان المنع طبق بالفعل بحق تسعة
مواطنين إيطاليين مباشرة في المطار، بينما تم توقيف أربعة يوم الاثنين في
مطار طرابلس ثم ترحيل ثلاثة منهم بينما سمح لواحد فقط بدخول البلاد.
ويبدو أن هذا الإجراء جاء ردا على القرار السويسري بمنع 188 شخصية ليبية
من دخول أراضيها شملت الزعيم الليبي معمر القذافي وأفراد أسرته ومن بينهم
سيف الإسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول الليبي الذي لم تكشف عن هويته قوله ان اجراءات
قاسية تستند الى مبدأ المعاملة بالمثل ستتخذ اذا لم تتراجع سويسرا عن
قرارها قبل فوات الاوان.
وفي ردود، أعرب الاتحاد الاوروبي أمس عن أسفه لقرار ليبيا.
وقال متحدث باسم المفوضية الاوروبية في افادة صحافية معتادة 'نأسف لهذا
الاجراء لأن اجراءات تعطيل تسليم تأشيرات الدخول هي اجراء من جانب واحد
وغير متناسب.'
وأضاف 'نأسف حقا انه حتى مواطنون من الدول الاعضاء في شينغن بالاتحاد الاوروبي كانت بحوزتهم تأشيرات سارية منعوا من الدخول واعيدوا.'
ورفض المتحدث التعليق على تصريحات لوزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني
اتهم فيها سويسرا باستغلال اتفاق شينغن واحتجاز اعضائه 'رهائن' بفرضها
حظرا على مسؤولين ليبيين وهو ما دفع طرابلس للرد.
وقال فراتيني في لقاء نشر في صحيفة 'لاستامبا': 'الحكومة السويسرية وضعتهم
(المسؤولين الليبيين) في القائمة السوداء لشينغن. لكن هذا ليس اتفاق شينغن
الذي نعرفه. بتصرفها هذا احتجزت سويسرا باقي الدول في منطقة شينغن رهائن.'
وصرح المتحدث باسم المفوضية الاوروبية بأن الدول الاعضاء في شينغن سيجتمعون غدا الخميس ليتخذوا قرارا بشأن الخطوة الليبية.
ونمت الاستثمارات الاجنبية في ليبيا منذ رفع عقوبات الامم المتحدة عن طرابلس في عام 2003.
وتربط بين ايطاليا وليبيا علاقات جيدة بعد ان وقع البلدان في اب/اغسطس
2008 معاهدة صداقة، وبعد ان قام القذافي بزيارة تاريخية لروما في
حزيران/يونيو 2009.
شنغن الذي نعرف!
وتخوض ليبيا نزاعا دبلوماسيا منذ شهور مع سويسرا بسبب اعتقال أحد ابناء
القذافي في جنيف لفترة قصيرة في عام 2008 وما أعقب ذلك من إجراءات مساءلة
قانونية بحق رجلي أعمال سويسريين يعملان في ليبيا.
ولا تزال طرابلس تحتجز مواطنين سويسريين تتهمهما 'بالاقامة غير الشرعية' و'ممارسة نشاطات اقتصادية بشكل غير قانوني'.
وفي اللقاء الذي نشر في صحيفة 'لاستامبا' قال فراتيني ان ايطاليا التي
اقام رئيس وزرائها سيلفيو برلسكوني علاقات وثيقة مع القذافي طلبت من
طرابلس اعادة النظر في قرارها.
وقال فراتيني ان الغرض من اتفاق شينغن أصلا هو حماية الدول الموقعة من المجرمين والارهابيين لا ممارسة الضغوط في قضايا ثنائية.
وأضاف 'ليس من الصواب ان تقوم سويسرا بليّ شينغن لتصبح وسيلة ضغط.. هناك
طرق اخرى لحسم المشاكل الثنائية مع ليبيا. قرار (الاتحاد) السويسري الذي
يساوي بين القذافي ومسؤولين ليبيين اخرين وبين الارهابيين الدوليين ربما
كان يمكن تجنبه.'
وقررت ايطاليا الاثنين ان تنصح رعاياها بعدم السفر الى ليبيا بعد هذا القرار المفاجئ.
يذكر أن معاهدة شنغن دخلت حيز التنفيذ عام 1995 وتنص على إلغاء التأشيرات
بين خمس من دول الاتحاد الأوروبي، لكن سرعان ما انضمت اليها دول أخرى في
الاتحاد بالاضافة إلى دول أوروبية من خارجه وهي الاتحاد السويسري والنروج
وايسلندا، ليبلغ مجموع الدول المطبقة للاتفاقية 28.
وسويسرا اصبحت عضوا في فضاء شنغن الاوروبي بلا حدود داخلية اعتبارا من 12 كانون الاول/ديسمبر 2008.
ورفضت وزارة الخارجية السويسرية أمس الثلاثاء التعليق فورا على تصريحات
وزير الخارجية الايطالي لكنها قالت ان سويسرا تطبق 'سياسة مقيدة لاستصدار
تأشيرات الدخول منذ خريف عام 2009 بعد خطف مواطنين سويسريين واحتجازهما في
مكان غير معلوم 52 يوما.'
وقالت أيضا ان دولا اخرى في اتفاق شينغن أيدت سياستها في اصدار تأشيرات الدخول.
ووصفت مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، سيسليا مالمستروم، رفض
ليبيا عدم دخول مواطنين من رعايا دول منطقة شينغن بـ'غير المناسب وأحادي
الجانب'.
واعلنت المفوضية الاوروبية الاثنين ان مشاورات ستجري بين دول شنغن والدول الشريكة لتحديد 'الرد المناسب قبل نهاية الاسبوع'.
وفي روما قالت مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الإيطالية الإثنين إن
إيطاليا ستثير مسألة تعليق ليبيا منح تأشيرات الدخول لمواطني دول معاهدة
شنغن خلال قمة رؤساء الدبلوماسية الأوروبيين المقررة في 22 من الشهر
الجاري.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية 'آكي' عن المصادر أن إيطاليا 'تود التحقق
من وجود قرار سويسري' دفع ليبيا إلى الرد بمنع مواطني شنغن من دخول
أراضيها.
وكانت صحيفة 'إل كوريري ديلا سيرا' الإيطالية الصادرة الاثنين، ذكرت أن
السلطات الليبية قامت منذ مساء أمس بمنع دخول أربعة عشر من المواطنين
الأوروبيين لدى وصولهم إلى مطار طرابلس، وذلك تطبيقاً لقرار صدر عن
الحكومة الليبية الأحد بعدم منح تأشيرات الدخول للدول الموقعة على اتفاقية
شنغن الأوروبية.
وأوردت الصحيفة استنادا إلى مصادر خاصة أن قناصل دول الأشخاص الذين مُنعوا
من دخول الأراضي الليبية (ثلاثة ايطاليين وتسعة برتغاليين وفرنسي وأوروبي
مجهول الجنسية) منعوا من لقاء مواطنيهم الذين أوقفوا ثم تم ترحليهم إلى
حيث أتوا.
لوفتهانزا تواصل رحلاتها الى طرابلس
في السياق ذاته واصلت شركة لوفتهانزا الألمانية للطيران رحلاتها إلى طرابلس ولم تتعرض لحالات ترحيل غير معتادة لمواطني دول الشينغن.
وقال متحدث باسم الشركة أمس الثلاثاء في فرانكفورت إن رحلة لوفتهانزا التي
أقلعت الإثنين من فرانكفورت إلى طرابلس كانت تقل 58 راكبا. وأضاف المتحدث
أنه جرى منع أربعة ركاب من دخول ليبيا مشيرا في الوقت نفسه إلى أن منع
السلطات الليبية لبعض الأشخاص من دخول البلاد ليست مسألة غريبة.
وعاد الركاب الأربعة مرة أخرى في حين سمح لباقي الركاب ومعظمهم من دول الاتحاد الأوروبي ، بدخول ليبيا دون مشكلات.
وكان من المقرر أن تقلع طائرة أخرى تابعة للوفتهانزا إلى طرابلس في وقت
لاحق امس.. وتم حجز 91 تذكرة على متن الطائرة التي من المقرر أن تقلع في
موعدها المحدد.
ولا يُعرف هل أقلعت وما مصير ركابها الاوروبيين.
فرنسا تنصح رعاياها
من جهتهااعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس ان باريس نصحت رعاياها بعدم
السفر الى ليبيا عقب قرار طرابلس حجب تأشيرات الدخول عن رعايا دول شنغن.
وقالت نائبة المتحدث باسم الخارجية الفرنسية 'ننصح الفرنسيين حاليا بعدم
السفر الى ليبيا طالما هذه الاجراءات قيد التنفيذ'. ونصحت ايطاليا الاثنين
رعاياها ايضا بعدم السفر الى ليبيا اثر القرار الليبي. واكدت المتحدثة
الفرنسية ان بلادها 'تجري مشاورات مع شركائها الاوروبيين'