مصر ستشارك في كأس العالم؟!
2010.05.29
عبد الناصر
هذه ليست مزحة أواخر شهر ماي وإنما هي الحقيقة التي ستعيشها مصر على مدار أيام كأس العالم بعد أن دخلت في التحضير للموعد الكبير مثلها مثل كل الدول المونديالية وهذا على طريقة الرواية المسرحية المصرية الهزلية "علي بيه مظهر" التي تروي قصة رجل أقنع نفسه بأنه مهم وبيده الحل والربط...
وصار يتعامل مع من حواليه بهذه القناعة وبهذه الأوهام، والتهكم الممزوج بالتشفي الذي تلقى به الإعلام المصري هزيمة المنتخب الجزائري بالثلاث في دبلن هو حلقة لن تكون الأخيرة من هذا لمسلسل.. أذكر أنه في عام 1990 عندما خرجت الجزائر بعد أن صارت مدرسة كرة ورياضة إفريقية وعربية كبيرة من آخر محطة في تصفيات كأس العالم بإيطاليا أغلقنا ملف التحسّر والتأسف على ما بدر من "الأشقاء" من خطف بالقوة لتأهل غير مستحق إلى كأس العالم، وتابعنا المنافسة بحياد، ولن نبالغ إذا قلنا أن الكثيرين وقفوا إلى جانب مصر بقلوبهم كما وقفوا إلى جانب الكاميرون الإفريقي والإمارات العربية وكأن شيئا لم يكن، لكن أوهام أم درمان هذه المرة لم تنقشع بعد وهيّجها قرب موعد المنافسة، فكثرت البلاتوهات والحصص المهتمة بكأس العالم في الفضائيات المصرية وتركزت على الفوج الثالث..
حيث ستلعب "مصر" المنافسة بكل قواها العصبية، وإذا كان في قانون الكرة والرياضة عموما أن أمل المتفرج هو دائما الانتصار فإنه سينقلب هذه المرة إلى "الإنهزام".. فما حدث سهرة أول أمس عندما لعب المنتخب الجزائري أمام جمهورية إيرلندا من اهتمام إعلامي مصري يوحي أن الذين قالوا أن بداية كأس العالم ستنهي الأزمة المفتعلة بين مصر والجزائر مخطئون، لأن الطرف الثاني بدأ يحضّر نفسه للتعامل مع كل النتائج المحتملة للجزائريين في كأس العالم.. فإذا حدث الإخفاق ملأ حصصه بالتشفّي والإدعاء بأنه الأقوى والأجدر بتمثيل القارة والعرب في المنافسة، وإذا حدث التفوق تبختر بانتصارات مسمومة حققها ضد الجزائر في مناسبة كأس أمم إفريقيا السابقة وزعم بأنه لو كان في مكان المتألق لاكتسح العالم.. ففي الوقت الذي كان المنتخب الجزائري في مباراة ودية سهرة أول أمس يحاول وضع القاطرة على السكة ناسيا كل المسافات الدامية التي مشاها في رحلة التصفيات، كان الحبر واللعاب يتمخضان قرب الجيزة لأجل أن يلدا مزيدا من الفتنة والأحقاد، وبلغت التحاليل لشأن لا يهمهم درجة القهقهة وهو يقولون "دي إرلندا بس؟"..
وإذا كنا قد حاولنا إيجاد مبررات لحكايات الرقص فرحا في كل هزيمة للمنتخب الجزائري كما وعدت بذلك بعض الفنانات ومنهن المحجبات، وحاولنا تناسي بعض التجاوزات فإننا لا نفهم الآن بعد نصف عام كامل شيّدت فيه وهدمت بيع وصوامع كيف تضاعفت الأحقاد إلى درجة الاتصال بالمدرب الأمريكي وإغراقه بالدعاء لله العلي القدير أن يتمكن الأمريكان من بلوغ الأدوار المتقدمة، وإلى درجة أن تخصص حصة مصرية كاملة لمنتخب سلوفينيا وتقول بأنه سيكون مفاجأة كأس العالم، وتتمنى له من أعماق الأعماق أن يكون الفرس الأسود الذي يكتسح منافسيه، ويتكهن إعلامي مصري يسمي نفسه "كابتن" باحتمال تحطيم رقم التهديف القياسي بالنسبة للاعب واحد الذي يعود إلى عام 1958 في وجود الإنجليزي روني الذي سيواجه فرقا شباكها في متناوله والمقصود هنا هو الجزائر. وبلغ الاستفزاز درجة أكدت أن ما حدث في الأشهر الست الماضية لم يكن تطبّعا من إعلاميين وفنانين وبرلمانيين ولّدته خيبة الأمل وزلزلة لمشروع سياسي وإنما طبيعة لن تتوقف بعد كأس العالم وإنما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
تعلمنا دائما أن الدعاء والتضرع يكون لأجل النصر والصحة والتقدم، وعرفنا دائما أن مواطني الدول التي لا تشارك في كأس العالم يختار كل واحد منهم البلد الذي يقف إلى جانبه ويطلب له الانتصار.. لكننا هذه المرة تابعنا أدعية للخسارة والوهن والتأخر وتعرفنا على أناس سيكون لهم أكثر من منتخب يشجعونه ولا يهمّ إن كان من الغرب أو من الشرق، ولا يهم إن كان من محور الخير أو من محور الشر، المهم أن يكون منافسا لبلد اسمه الجزائر... ألم نقل لكم أن مصر ستشارك بأعصابها في كأس العالم.