مصر في المرحلة القادمة
"
استمرار سياسة مصر الخارجية على ما هي عليه لن يؤدي إلا إلى زيادة التحديات خطورة وتعقيدا, وما لم تتوافر لقيادتها السياسية إرادة حقيقية لمواجهة هذه التحديات والخروج عن الطوق الأمريكي فسوف يستمر تدهور دورها ووضعها ومكانتها في النظامين الإقليمي والعربي
"
في سياق ما تقدم يمكن القول إن مصر ستواجه في المرحلة القادمة جملة من التحديات التي تنطوي على تهديدات محتملة مباشرة لأمنها الوطني, يتمثل أهمها في:
1- تفتت عدد من الأقطار العربية تحت وطأة الصراعات الإثنية والقبلية والدينية والقومية, على رأسها السودان.
2- انهيار عملية التسوية نهائيا, خاصة على المسار الفلسطيني, ونجاح إسرائيل في فرض تسوية بشروطها قد تتضمن فرض توطين أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في سيناء تحت شعارات التعمير والتنمية.
3- تنامي قوة كل من إيران وتركيا وإسرائيل إلى الدرجة التي تؤهلها للعب أدوار إقليمية تتنافس على النفوذ في المنطقة وتسعى لاقتسامه.
وفي تقديري أن استمرار سياسة مصر الخارجية على ما هي عليه لن يؤدي إلا إلى زيادة التحديات خطورة وتعقيدا, وما لم تتوافر لقيادتها السياسية إرادة حقيقية لمواجهة هذه التحديات والخروج عن الطوق الأمريكي فسوف يستمر تدهور دورها ووضعها ومكانتها في النظامين الإقليمي والعربي. وحين تتوفر لقيادتها هذه الإرادة السياسية فسوف تظهر الحاجة الماسة لتغيير بوصلة سياسة مصر الخارجية انطلاقا من الأسس التالية:
1- التعامل مع إسرائيل باعتبارها مصدر التهديد الرئيسي على أمن مصر وأمن العالم العربي والذي يسبق أي خطر آخر, مما يفرض عليها السعي لحشد كل الطاقات وتعبئة كل الجهود لمواجهته بكل الوسائل المتاحة, بما في ذلك دعم وترشيد عمل المقاومة المسلحة, والعمل على إعادة توحيد الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال المساعدة على إعادة بناء منظمة تحرير فلسطينية أصدق تمثيلا للشعب الفلسطيني وحرصا على ثوابت نضاله.
2- إعادة ترتيب البيت العربي على أسس جديدة والسعي لبناء توافق عربي جول صيغة للتكامل تحقق منفعة متبادلة لكافة الدول العربية ويكسب منها الجميع. 3- فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران. تبدأ بإعادة العلاقات على مستوى السفراء , ودعم علاقات التعاون مع تركيا, وتمهيد الطريق لحوار عربي-تركي-إيراني يستهدف البحث عن حلول إقليمية متوازنة لمشكلات الأمن في المنطقة.
غير أني اعتقد أنه يصعب تبني مصر لهذه التوجهات الجديدة في سياستها الخارجية بدون تغيير في بنية نظامها السياسي الراهن والذي يشهد في المرحلة الراهنة بداية لحالة حراك من نوع جديد، من المتوقع أن تتصاعد تدريجيا على مدى العامين القادمين لتصل ذروتها أثناء في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في أكتوبر/تشرين أول عام 2011 والتي ستسبقها انتخابات تشريعية شديدة الأهمية والحساسية في نهاية عام 2010.
وفي تقديري أن نتائج هذه الانتخابات هي التي ستؤشر لحجم التغير الذي سيطرأ على سياسة مصر الخارجية، وبالتالي مدى قدرة مصر كدولة وكنظام وكمجتمع على مواجهة تحديات الحقبة القادمة.
_______________