التطورات الرئيسية في استراتيجية البحرية المصرية والإسرائيلية
وفي هذا المقال نستعرض التطورات الرئيسية التي حدثت فيمجال استراتيجية البحرية المصرية والاسرائيلية خلال السنوات الماضية وحتىوقتنا هذا وذلك على ضوء الصراعات والحروب التي اندلعت في هذا المجال.
حرب فلسطين عام 1948:
كانت البحرية المصرية في هذا الوقت محدودة العدد، ولا يوجد لديهاقطع قتالية رئيسية، بل كانت تتكون من عدد من الزوارق المسلحة وبضع سفنمرور مسلحة بتسليح مدفعي يضم مدفعية متوسطة المدى من عيار 4 بوصات و 3بوصات وأسلحة المجتمع . ط قريبة المدى عيار 20 مم وعيار 40 مم. ولكنبالرغم من ضآلة حجم البحرية المصرية، الا أن اسرائيل لم تكن تمتلك قوةبحرية بمعنى الكلمة، وكانت تستعين ببعض السفن واللنشات المدنية أصلا بعدتجهيزها ببعض الأسلحة من مدفعيات بأعيرة مختلفة. وعلى ذلك نجد أن البحريةالمصرية تمكنت من تحقيق مهامها المختلفة حدود الامكانيات المتاحة التيشملت الآتي:
- القيام بالمرور أمام السواحل الاسرائيلية لمنع وصول المهاجرين اليهودوالامدادات إلى الموانئ الاسرائيلية بفرض الحصار البحري على الموانئالاسرائيلية.
- دعم وتأمين القوات البرية المصرية العاملة بمحاذاة الساحل وخاصة في منطقة المجدل.
- توفير مطالب النقل والدعم باتجاه البحر لصالح القوات البرية المصرية المتقدمة شرقا.
- توجيه ضربات باستخدام المدفعية ضد الموانئ والأهداف الساحلية ذات الأهمية.
في مقابل ذلك لم تقم البحرية الاسرائيلية بأية أعمال خلاف محاولاتالاشتباك مع القطع البحرية المصرية التي كانت دائما متفوقة من حيث التسليحوالسرعة. وقد حاولت فعلا الاستعانة بعنصر جوي محدود في هذه الاشتباكات،ولكن كانت الطائرات المستخدمة طائرات غير قتالية بالمعنى المفهوم ولمتستطع أن تحقق أية نتائج من هجماتها على القطع المصرية، هذا وقد نجحتعملية خاصة باللنشات المتفجرة ضد سفينة الحراسة الطوافة “الأمير فاروق”مستغلة فترة الهدنة الأولى وكان ذلك أمام ميناء غزة. والجدير بالذكر أنالقيادة العامة المصرية أصدرت أوامر بعدم الاشتباك مع السفينة المقلة لهذهالزوارق عند اكتشافها ذلك على أساس التمسك بشروط الهدنة.
العدوان الثلاثي على مصر عام 1956:
مع تغير الأوضاع في مصر عقب ثورة يوليو 1952، التي كان أحد أهممبادئها بناء قوات مسلحة مصرية قوية، فإن الوضع قد تغير تغيرا ملموسا فيمايخص توازن القوى بين البحرية المصرية والبحرية الاسرائيلية، فقد تمكنت مصرمن عقد اتفاقية إعادة تسليح قواتها المسلحة مع الاتحاد السوفييتي عن طريقدول أخرى في الكتلة الشرقية، وقد تمكنت بموجب هذا الاتفاق من الحصول علىعدد من المدمرات طراز” سكوري” التي كانت تعتبر من أقوى المدمرات الموجودةعلى المسرح البحري في ذلك الوقت، بالإضافة لحصول مصر على عدد كبير منالغواصات بلغ 12 غواصة، وذلك بالإضافة إلى عدد من الزوارق الصاروخية التيكانت مسلحة بصواريخ موجهة سطح/ سطح وغير المتوافرة على المستوى العالمي فيذلك الوقت، إلا في روسيا وبعض الدول الحليفة لها. كل ذلك بالإضافة إلى عددمن كاسحات الألغام وقناصات الغواصات وسفن الإبرار والسفن المساعدة.. الخ،الأمر الذي أعطى لجمهورية مصر العربية تفوقا ملموسا في القوة البحرية.
وعلى ذلك نجد أنه مع اندلاع الصراع في حرب 1956، خلال العدوان الثلاثي علىمصر قررت اسرائيل تجنب الاشتباك مع القوات البحرية المصرية بالكامل وذلكحرصا على سلامة وحداتها البحرية وعدم تكبدها خسائر كبيرة في حالة محاولةالدخول في صراع مع الأسطول المصري القوي واتبعت مرغمة استراتيجية بحريةسلبية بالكامل. ولمعالجة هذا الموقف اعتمدت اسرائيل في مرحلة التحضيرللعدوان الثلاثي على أن تتولى البحرية الفرنسية مهمة الدفاع عن اسرائيل منجهة البحر والعمل على منع تعرض مدن وموانئ اسرائيل الساحلية لأية هجمات منقبل القوات البحرية المصرية وبالذات المدمرات طراز “سكوري” التي كانت تحملمدفعية عيار 130 مم بعيدة المدى وتستطيع أن تحدث خسائر كبيرة في موانئاسرائيل وأهدافها الحيوية على الساحل.
وعلى ذلك لم تحاول البحرية الاسرائيلية الدخول في أية معارك مع الأسطولالمصري وتركت ذلك للبحرية الفرنسية والبريطانية، وفي نطاق الصراع أثناءالعدوان الثلاثي قامت البحرية المصرية بعدة عمليات تتسم بالشجاعة والتضحيةومنها معركة الفرقاطة “دمياط” بقيادة الرائد شاكر حسين ضد الطرادالبريطاني “نيوفوندلاند” “H. M. S NEWFOUNDLAND” وكذا معركة لنشاتالطوربيد بقيادة الرائد/ جلال الدسوقي مع قطع من الأسطول الفرنسي، وكذامعركة المدمرة “الناصر” والفرقاطة” طارق” ضد الطيران البحري البريطانيالذي حاول مرارا تكرارا إغراق هذه الوحدات، الا أن جميع هذه المحاولاتباءت بالفشل نتيجة لما أبدته المدمرات المصرية من روح قتالية عالية وبسالةفي الدفاع عن وحداتها باستخدام ما لديها من قدرات نيرانية وبالمناورةواستخدام ستائر الدخان أيضا.
حرب يونيه عام 1967:
بالرغم من أن موقف القوات البحرية الاسرائيلية كان قد تحسن نسبيا،إلا أن تفوق القوات البحرية المصرية مقارنة بوجود لنشات صاروخية وعدد كبيرمن الغواصات والمدمرات، أجبر اسرائيل على تجنب الدخول في معارك بحرية معالقوات البحرية المصرية، واستمرت الاستراتيجية البحرية الإسرائيلية تعتمدعلى أعمال القوات الخاصة والغواصات ومنع إشراك سفن السطح في القتال خوفامن تعرضها لخسائر جسيمة، وظل كالمعتاد الاعتماد على العمليات ذات الطابعالخاص والاستفادة من الغواصات.
ومع ذلك كانت اسرائيل تخشى إلى حد كبير أن تتعرض أهدافها الساحليةوموانيها الرئيسية التي على البحر المتوسط لهجمات بواسطة التشكيلات منالمدمرات طراز “سكوري” المدعمة بزوارق صاروخية الموجودة لدى البحريةالمصرية في ذلك الوقت، هذا ويجب الأخذ في الاعتبار أن الطيران الاسرائيليلم يكن قد أتقن بعد أسلوب مهاجمة السفن والقطع البحرية بواسطة الطائراتليلا، خصوصا أنه لم يكن هناك صواريخ موجهة جو/ سطح لدى اسرائيل، بل كانتتعتمد على الصواريخ غير الموجهة والقنابل التي تحتاج لدرجة مناسبة منالرؤية سواء الطبيعية أو الصناعية باستخدام مشاعل الاضاءة.
وحيال هذا الموقف، نجد أن اسرائيل خططت عملية خاصة لتدمير المدمرات طراز“سكوري” الموجودة بميناء الاسكندرية بواسطة غواصة قبيل حرب يونيه 1967،والمعروف أن الغواصات تحتاج إلى عدة أيام لتصل من قواعدها في اسرائيل إلىمشارف الاسكندرية وهو الأمر الذي يثبت بجلاء النية الهجومية لإسرائيلوأنها لم تكن تقوم بحرب دفاعية بل هي نفسها التي أشعلت هذه الحرب، وذلكيرجع إلى أن الغواصة الاسرائيلية “تنين” “TANIN” كانت موجودة أمام ميناءالاسكندرية ليلة 5 يونيه لإنزال مجموعة من الضفادع البشرية بهدف تدميرالمدمرات طراز سكوري داخل ميناء الاسكندرية، وهذا يعني أن الغواصة “تنين”غادرت قواعدها قبل هذا الموعد بعدة أيام.
والجدير بالذكر أن القوات البحرية المصرية تمكنت من اكتشاف أفراد الضفادعالبشرية والقبض عليهم وكذلك اكتشاف الغواصة الاسرائيلية صباح اليوم التاليحيث تم مهاجمتها بواسطة الفرقاطة “طارق” التي أحدثت بها أعطابا جسيمةمنعتها من إعادة التقاط أفراد الضفادع، بل إنها لم تتمكن من العودة إلىقواعدها إلا بعد رحلة طويلة شاقة نتيجة لما حدث بها من إصابات جسيمة عقبالهجوم المؤثر الذي نفذته الفرقاطة “طارق”.
أما في اتجاه محور البحر الأحمر، فكانت المهمة الرئيسية للبحريةالاسرائيلية هي تأمين ميناء “ايلات” ضد أي هجمات من قطع الأسطول المصريالموجودة في البحر الأحمر. وفي سبيل ذلك نظمت اسرائيل طلعات مرور بواسطةزوارق الطوربيد بالاضافة لطلعات جوية متكررة في منطقة مدخل مضيق “تيران”وكذلك داخل خليج العقبة؛ بهدف كشف أي محاولات مصرية لتوجيه مدمراتها إلىميناء “إيلات”. وبالرغم من هذه الاجراءات التي اتخذتها البحريةالاسرائيلية الا أن المدمرتين المصريتين “القاهر” و” الفاتح” تمكنتا منالتوجه إلى ميناء ايلات بهدف توجيه قصفة نيران مركزة على منشآت الميناء،وكان ذلك بقرار من قائد القوات البحرية مساء يوم 5 يونيه حيث غادرتالمدمرتان قواعدهما بعد آخر ضوء ذلك اليوم، وقد تمكنتا فعلا من تجنبالاجراءات الدفاعية الاسرائيلية حتى وصلتا إلى مسافة قريبة جدا من ميناءايلات وأصبحتا على وشك الوصول الى موقع الفتح التكتيكي لبدء تنفيذ مهمةاطلاق النيران على منشآت الميناء، الا أنه في آخر لحظة وردت التعليماتلقائد التشكيل بإلغاء المهمة والعودة الى قواعده، وهذه المهمة في حد ذاتهاتثبت فشل البحرية الاسرائيلية في تأمين أهدافها في منطقة خليج “العقبة”وبالذات بالنسبة لتأمين إيلات ضد القصف البحري وهي المهمة الرئيسيةللبحرية الاسرائيلية.
وفي منطقة ميناء السويس حيث تمركزت عناصر عديدة من قوات البحرية المصرية،حاولت اسرائيل تعويض عجزها البحري بالاستعانة بما لديها من تفوق في القوةالجوية، خاصة بعد نجاحها في تدمير الأغلبية العظمى للطيران المصري، حيثأغارت الطائرات الاسرائيلية بصفة مستمرة على وحداتنا البحرية المتمركزةبميناء السويس ومشارفها، الا أنها لم تستطع أن تحدث بها أية خسائر، ووفرتهذه الوحدات ستائر من نيران الدفاع الجوي حققت التأمين لمنطقة ميناء“السويس” ولقواتنا البرية التي كانت موجودة على الضفة الشرقية في هذاالمكان.
إغراق المدمرة الإسرائيلية “إيلات”:
والجدير بالذكر أن التفوق البحري لدى البحرية المصرية أمكن إثباتهبوضوح لإسرائيل عقب عمليات يونيه 1967، حيث تمكنت زوارق الصواريخ المصريةمن إغراق المدمرة الاسرائيلية “ايلات” في معركة خاطفة ورائدة باستخدامالصواريخ الموجهة سطح/ سطح لأول مرة في الحرب البحرية، وذلك قبيل غروب يوم21 اكتوبر 1967، إلا أنه بالرغم من وجود هذا التفوق فإن قصر مدة الحربوعدم توافر التخطيط السليم قد منعا قوات البحرية المصرية من استغلال هذاالتفوق خلال عمليات يونيه 1967، علما أن الأمر كان يستوجب اتباعاستراتيجية بحرية هجومية ضد اسرائيل.
وعقب عملية إغراق المدمرة الاسرائيلية “ايلات” في عام 1967 حدثت تغييراتجذرية في مفهوم الاستراتيجية البحرية في اسرائيل، حيث تبنت اسرائيل مبدأعدم جدوى السفن الكبيرة مع وضع كل اهتمامها في الحصول على الزوارقالصاروخية، وذلك بهدف إيجاد نوع من التوازن مع قدرات البحرية المصرية فيهذا المجال، والعمل على دعم البحرية الاسرائيلية بزوارق صاروخية جديدةتحقق لها التفوق على البحرية المصرية. وبناء على ذلك شرعت البحريةالاسرائيلية في الحصول عليها بالشراء من فرنسا ثم بإنتاج زوارق فيالترسانات المحلية في اسرائيل، وقد تم كل ذلك في نطاق تكوين أسطول منالزوارق الصاروخية الحديثة التي تحمل صواريخ موجهة سطح/ سطح ذات قدراتمتميزة عن الصواريخ المتوافرة لدى البحرية المصرية، وفي نفس الوقت بذلتجهودا مضنية للحصول على المعلومات التفصيلية عن الصواريخ المصرية- أيالصواريخ السوفييتية الصنع- طراز “ستيكس” بهدف استنباط الأساليبالتكنولوجية اللازمة لتعطيل نظام التوجيه الموجود بهذه الصواريخ وذلكبالاستناد على وسائل الحرب الالكترونية الايجابية والسلبية، وقد نجحت فعلااسرائيل في التعرف على خصائص الصواريخ الموجودة لدى البحرية المصريةوالطرق الكفيلة لتعطيل عملها والحد من خطورته، كما استمرت إسرائيل فيالاعتماد على دعم القدرات البحرية بالمعاونة الجوية بهدف تعويض أي نقص أوضعف في البحرية الاسرائيلية، وعلى ذلك نجد أن البحرية الاسرائيلية أصبحتفي موقف قوي حيال الاشتباكات التي يمكن أن تحدث بين الزوارق الصاروخيةالمصرية والزوارق الصاروخية الاسرائيلية، بل إنها تمكنت من إيجاد قوةضاربة تستطيع أن توقف وتدمر أعمال المدمرات في حالة قيامها بتوجيه قصفاتنيران ضد الأهداف الساحلية، كما سبق أن فعلت البحرية المصرية مرارا، وفيالواقع فإن اسرائيل كانت تتمنى أن تحاول البحرية المصرية تنفيذ مثل هذهالعمليات حتى تقابل بتشكيل من الزوارق الصاروخية المدعومة بالعنصر الجويالتي تستطيع أن تحقق التفوق مع الأخذ في الاعتبار ضعف قدرات الزوارقالصاروخية المصرية وكذلك عدم وجود أنظمة دفاع جوي حديثة على المدمراتالمصرية.
وفي حقيقة الأمر فإن البحرية المصرية كانت على علم تام بنواحي الضعفوالقصور الموجودة لديها وبالذات في الصاروخ السوفييتي المتوفر، وقد بذلتمحاولات عديدة للحصول على زوارق جديدة وصواريخ ذات قدرات متميزة، إلا أنالاتحاد السوفييتي لم يلب هذا المطلب، الأمر الذي وضع الزوارق الصاروخيةالمصرية في موقف ضعيف للغاية، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الصاروخالسوفييتي لم يكن مخصصا للتعامل ضد اللنشات، بل إنه يصلح فقط للاطلاق علىسفن السطح المتوسطة الحجم مثل الفرقاطات والمدمرات على الأقل، علما بأنالبحرية الاسرائيلية كانت قد قررت استبعاد إقحام مثل هذه الوحدات فيالصراع المسلح مع البحرية المصرية.
وهكذا أصبح للبحرية الاسرائيلية درجة عالية من التفوق النوعي على البحريةالمصرية لأول مرة في تاريخها، وعلى ذلك عدلت من استراتيجيتها، فبعد أن كانمجهودها موجها الى منع وصول أية وحدات بحرية إلى السواحل الاسرائيلية،تحول الموضوع إلى محاولة جذب الوحدات المصرية، وبالذات المدمرات واللنشات،الى النطاق القريب من السواحل الاسرائيلية حيث يسهل تدميرها بالأسلوبالسابق ذكره، مع الأخذ في الاعتبار أن التفوق كان للتشكيلات الاسرائيلية.
البحرية المصرية قبيل حرب أكتوبر 1973:
تمكنت شعبة العمليات في القوات البحرية المصرية من مواجهة هذاالموقف الحرج وذلك بالتخطيط السليم والتوصل الى أساليب جديدة لاستخدامالقوات تهدف إلى حرمان اسرائيل من الاستفادة مما لديها من عناصر تفوقكخطوة أولى ثم مواجهة اسرائيل بظروف قتال لم يسبق لها أن واجهتها فيالجولات السابقة، بل حدث تغيير شامل في أسلوب استخدام القوات البحريةالمصرية حيث اتخذ مبدأ الاستفادة من العمق الاستراتيجي العربي المتاح لمصرفي اتجاه جنوب البحر الأحمر وغرب البحر المتوسط وكذلك الاستفادة من القيمةالاستراتيجية للمضايق التي تقع في نطاق السيطرة المصرية، ومن هنا كاناختيار مهمة التعرض لخطوط المواصلات من العوامل الرئيسية التي حققتللبحرية المصرية النجاح في هذه الحرب. أما مهام قصف الأهداف الساحليةالاسرائيلية، فقد تم تنفيذها بأسلوب مبتكر حيث استخدمت زوارق مجهزة محليابالصواريخ غير الموجهة لتنفيذ هذه المهمة واستبعدت المدمرات تماما منالعمل في النطاق القريب من السواحل الاسرائيلية، بل تفرغت للعمل في العمقالاستراتيجي بأعالي البحار بهدف إحراز السيطرة على المضايق الحاكمةوبالتالي عرقلة حركة النقل التجاري البحري الاسرائيلي في البحر المتوسطوالبحر الأحمر، بل قطعت امدادات البترول كلية عن اسرائيل.
* التطورات الحديثة في استراتيجية البحرية الاسرائيلية:
على ضوء خبرات قتال حرب أكتوبر 1973 والدروس المستفادة من هذه الحربونواحي النقص التي أبرزتها العمليات الناجحة التي قامت بها القوات البحريةالمصرية خلال هذه الحرب، فقد أجبرت إسرائيل على إعادة تقييم موقفها والعملعلى تدعيم قدراتها البحرية بما يتيح لها تلافي أخطاء الماضي وخاصة عدمقدرتها على العمل في أعالي البحار مدة طويلة؛ لافتقار الأسطول الاسرائيليللقطع المناسبة لتنفيذ مثل هذه المهام، كما استفادت اسرائيل من خبراتالبحرية المصرية في استغلال ما لديها من غواصات في تحقيق مبدأ السيطرة علىالبحار.
بناء على ذلك قامت اسرائيل بتدعيم قواتها البحرية بشكل ملحوظ ولم تعدتكتفي بوجود تفوق كبير لها في الزوارق الصاروخية التي تحقق لها الدفاعالساحلي، بل أصبحت الآن تطمع في فرض وجودها البحري ونشر قواتها في أعاليالبحار. وبناء على ذلك نجد أنه قد انضم للأسطول الاسرائيلي عدد 3 غواصاتحديثة ألمانية الصنع طراز “دولفين” “DOLPHIN” وهي من الغواصات الحديثةالصغيرة نوعا ما، وذات القدرات القتالية العالية، وهي تستطيع أن تحملالصواريخ الموجهة طراز: “HARPOON” الامريكية الصنع كما تفيد بعض المعلوماتانه قد يتم تطوير هذه الغواصات لاطلاق الصواريخ طراز “توما هوك”:“TOMAHAWK” التي قد تجهز برؤوس حرب نووية، مما يعطي البحرية الاسرائيليةقدرات قتالية متفوقة، بالاضافة الى حرية العمل في جميع أرجاء المسرح.
وفي نفس الوقت أضيفت للبحرية الاسرائيلية- التي لم تكن مقتنعة بوحدات سفنالسطح المتوسطة- فرقاطات خفيفة من طراز “صعر-5”: “SAAR 5” وهي وحداتقتالية تدخل في نطاق حجم الفرقاطة الخفيفة (حمولة حوالي 1250 طناً) وتتميزبتسليح قوي وتجهيزات إلكترونية متميزة سواء للحرب الالكترونية أو الحربالالكترونية المضادة، وذلك بالإضافة للصواريخ بنوعياتها المختلفة، كما أنهذه السفن تستطيع أن تحمل طائرات هليوكبتر، مما يعطي الأسطول الاسرائيليالمرونة الكافية للعمل في أعالي البحار.
الخلاصة:
مما سبق يتضح أن البحرية الاسرائيلية في تطور مستمر، وأنها تعمل منذ سنواتعلى تلافى نواحي القصور التي أبرزتها حرب أكتوبر 1973، وتعمل على تنفيذمخطط متقن يهدف الى رفع كفاءة القوات البحرية الاسرائيلية وتمكينها منزيادة القدرات القتالية وتوفر لها إمكانية نشر قواتها في أعالي البحاربهدف ممارسة مهام ذات طابع استراتيجي يمكنها من فرض السيطرة البحرية، وهوالأمر الذي يستلزم التقييم السليم واتخاذ ما يلزم حياله من إجراءاتلمجابهة ما طرأ من تطور ودعم في قدرات البحرية الاسرائيلية.