طائرات المراقبة البحرية
بقلم اللواء (م) : فكري محمد علي
الدور الر ئيسي لطائرات المراقبة البحرية، هو التعامل مع كل ما يتعلق
بجوانب الأمن والسيادة في مجال بحري معين. ونظرا للتطور التكنولوجي القائم
وتحسينات المتلاحقة التي جرى إدخالها على هذه الطائرات، فإنها أصبحت قادرة
على حمل وتوجيه نظم فعالة من المدافع والصواريخ ومجموعة المستشعرات
الحساسة لتغطية نشاطات مختلفة، ومواجهة أوضاع دقيقة على مستوى سطح البحر،
أو في الأعماق.
وتقنيات الدورية والمراقبة البحرية لا تختص فقط بفعالية وحداثة المنصات
الجوية، أو بالنظم التسليحية المختلفة القادرة على حملها، بل بالتجهيزات
الإلكترونية الفعالة ووسائط التوجيه الذاتي والكونصولات والمستشعرات، التي
تتزايد طاقاتها، بالرغم من صغر الحجم وانخفاض الوزن.
ويمكن القول أنه قد انقضى الزمن الذي كان فيه المسؤولون عن مراقبة السواحل
يزودون بسفن قتال مستعملة خفيفة الوزن، أو قوارب محدثة تلبي- إلى حد ما-
حاجاتهم، وبات الدفاع عن الشواطئ اليوم عبارة عن نظام شامل، يشكل إطاراً
تعمل ضمنه وحدات برية وبحرية وجوية.
وليست كل الطائرات الحربية، أو المعدة للاستخدام العسكري، فعالة أثناء
العمليات الجوية فحسب، فالعديد من طرازاتها يلعب دوراً أساسيا في فترات
السلم، أو في مجال تلافي المشاكل قبل وقوعها، أو في إطار عمليات المراقبة
للمواقع الاستراتيجية ومناطق النفوذ الاقتصادي والبحري، وغيرها. ولعل
طائرات الدورية البحرية تدخل في هذا التصنيف، مع أنها تتميز بخصوصيات
عملياتية فعالة، ويتسع نطاق استخدامها من قبل القوات البحرية.
وما يميز طائرة الدورية البحرية قدرتها على التكيف والمناورة، مع تأدية
خدمات واسعة في قطاعات مختلفة، بما فيها المجال اللوجيستي. كما أن تمتع
القوات البحرية المتوسطة، بأسطول متكامل من هذه الطائرات، يشكل من جهة أحد
عوامل التأكيد على السيادة دون تهديد الجيران أو الدول الأخرى، ومن جهة
ثانية أداة مناسبة لتوقع الأزمات واحتوائها. ولذلك، فان الدول المطلة على
البحار لها مصلحة مؤكدة، في تأمين حماية شاطئية متقدمة، والتجهز بطائرات
المراقبة البحرية، ومراقبة التهديدات البيئية والنشاطات المعادية، بمختلف
مظاهرها.
وفي هذا السياق، لجأت الشركات المصنعة من عدة جنسيات، الى تحديث أو تطوير
حاملات جوية، مصممة لمواجهة هذه الاحتمالات، أو تعديل طائرات انطلاقاً من
نماذج أخرى، كطائرات الخطوط الإقليمية وطائرات رجال الأعمال. وهناك أجيال
متقادمة العهد قليلاً، غير أنها لم تسحب من الخدمة، وهي قابلة للتحديث، مع
إضافة مكونات إلكترونية ونظم وتوجيه وتحكم. وفي المقابل، هناك طائرات من
الجيل الجديد، دخلت جزئيا في مجال الخدمة، أو تجتاز مراحلها التجريبية
الأخيرة.
ومن الأمور المسلم بها كذلك، أن دور المراقبة والبحث والإنقاذ، الذي
تلعبه، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، طائرات الدورية البحرية، ذات فائدة
متزايدة على مختلف المسارح، خاصة وأن التقنيات الحديثة تسمح أكثر فأكثر
لهذه الطائرات بتغطية مناطق جغرافية واسعة لوقت أطول من السابق.
وتجدر الإشارة الى أن هناك وسيلة أخرى للكشف في البيئات البحرية "إلا أنها
محدودة الانتشار ،بالمقارنة مع الطائرات. فمنذ عشرين عام تقريباً تطور
شركات متخصصة مناطيد عالية التقنية ومثبتة بكابلات لحمل الرادارات الخاصة
بالمراقبة، أو رصد الطائرات على ارتفاع منخفض. وعلى سبيل المثال، تطور
حالياً شركة أمريكية منطاداً يستطيع مواجهة كافة الأحوال الجوية
والمناخية، وحمل 1350 كجم من المعدات والمستشعرات لارتفاع يصل الى عشرين
ألف متر.
وتقوم العموديات بمهام وتأدية الأدوار المختلفة الموكله إليها، ابتداء
بحماية الشواطئ والنقاط الحساسة في ممارسات القرصنة أو التهريب أو تهديد
مرافق حيوية، وانتهاء بحماية مناطق وثروات اقتصادية وطبيعية والمحافظة
عليها.
الطائرات ثابتة الجناح هناك تأكيد على الأهمية المتزايدة التي تميز الطائرات ثابتة الجناح في لعب
دور ضروري لتأمين خدمات بحرية من الطراز الأول. وتغطي سلسلة هذه الطائرات
مجالاً واسعاً من النشاطات البحرية، في مجالات الكشف والرصد والأبحاث
وتعتبر الطائرات المدفوعة بمحركين أو أكثر، ذات فعالية في تنفيذ عمليات
المراقبة التقليدية فوق سطح الماء، غير أن اتساع نطاقات الكشف دفع الشركات
المصنعة الى تعزيز تقنيات الطائرات أحادية المحرك، العاملة توربينا.
وتتوافر في السوق الآن طرازات عديدة من الفئة الخفيفة أو المتوسطة
أوالتقليدية، ومن مصادر مختلفة، لتغطية أوسع مجال ممكن من مهام الدوريات
البحرية.
ومن الطائرات التي يتم تحديثها الطراز الأمريكي واسع الانتشار"أورويون"
Orion 3C-p، والطائرة "نمرود" Nimrod العاملة في سلاح البحرية البريطاني،
وطائرة "اتلانتيك-2" 2-Atlantic الفرنسية.
وطائرة الدورية البحرية، الأكثر استعمالاً على نطاق واسع، هي الطائرة
"أوريون" ، التي تزن 64400 كجم، والتي أنتج منها أكثر من 500 طائرة، وبقي
منها في الخدمة نحو 540 طائرة في 17 بلداً، وانتهى انتاجها في عام 1995،
الا أن البحرية الأمريكية تنوي الاحتفاظ بنحو 250 طائرة منها في الخدمة
حتى عام 2015، عندما يحين موعد استبدال طرازها بطائرة البحرية متعددة
المهام MMA التي من المقرر أن تخدم حتى عام 2040 على الأقل.
وتتصف "أورويون" بمدى عملياتي واسع، وقدرة على الصمود في الجو لفترة
تتراوح بين 14 و17 ساعة، نتيجة دفعها بأربعة محركات. ومن المتوقع أن تصمم
الطائرة الجديدة المتفرعة عنها كي تقوم بتنفيذ أدوار أخرى غير الدورية
البحرية. ومن جهة ثانية، هناك احتمال وارد في الإبقاء على الهيكل نفسه،
مقابل تحديث المحركات ومجموعة النظم الإلكترونية.
وقد استخدم الدفع النفاث في تحديث "نمرود"Nimrod MRA4 ، التي تزن 105400
كجم، بحيث تدخل مجال الخدمة الفعلية في عام 2005 بعد أن جرى اختبار أو ل
تجربة طيران لها نهاية عام 2002 وإذا سارت الأمور وفق الخطة المتبعة، فان
الطائرة المحدثة، ستكون الأولى بأربع محركات نفاثة، التي تنطلق من قواعد
برية ويشار إلى أن البحرية الملكية البريطانية، حسمت عملية تحديث طائرات
"نمرود" بعد فترة طويلة من التردد. ويبدو أن التصدير الكبير الوحيد لهذه
الطائرة، سيكون لليابان، التي تحتاج لأكثر من 100 طائرة لاستبدالها طائرات
P3C التي لديها.
والنموذج الأساسي للطائرة "أتلانتيك-2" يزن 46200 كجم، مع التجهز بمحركين،
ويتمتع بنظام قتال لمحاربة الغواصات، إلى جانب التزود بصاروخ جو- بحر طراز
"اكزوسيت" Exocet والطراز المحدث الذي سيجهز قريبا البحرية الفرنسية،
وربما يجهز سلاحي البحرية في ألمانيا وإيطاليا، سيحتوي على قمرة محدثة،
ومستشعرات عالية التقنية، ونظام تسليح جديد، مع إمكانية استيعاب ثمانية
طوربيدات أو أربعة صواريخ مضادة للسفن، على أن يصمد في الجو لمدة 8 ساعات،
ضمن دائرة نصف قطرها 1400كم.
أما ألمانيا وإيطاليا فقد حدثتا طائرة "أتلانتيك" جزئيا لتحافظا عليها في
الخدمة حتى توفر جيلاً جديداً. ويعتقد أن ألمانيا بحاجة الى نحو 12 طائرة،
على أن يبدأ التسليم في عام 2007، كما تحتاج إيطاليا ابتداء من عام 2008
الى نحو 16 طائرة.
وفي فئة الطائرات المدفوعة بمحركين توربينين، يمكن ذكر طراز Reims
SumarF406 الذي يستخدم لدى سلاح الجمارك أو مهام المراقبة الساحلية في
فرنسا وأوستراليا واسكتلندا وناميبيا، وتشتمل معداته على رادارات بحث ضمن
دائرة كاملة من 360 درجة. وهناك أيضا نموذج 4000- Defender، الذي يخدم في
مراقبة السواحل في ايرلندا.
النماذج المتفرعة من طائرات النقل هناك فئة نماذج طائرات الدورية البحرية المتفرعة من طائرات النقل
الإقليمية. وفي طليعتها يدخل الطراز الأمريكي 200T- Beech، الذي طور منه
طراز Beech 1900D . وهناك الطراز المعدل لمهام المراقبة من نموذج 228
Dornier واسع الانتشار، الذي يستخدم في مراقبة السواحل الفنلدية، وسيصنع
بموجب ترخيص في الهند لصالح سلاح البحرية، على أن يجهز بمركز حمولة إضافي
للصواريخ المضادة للسفن، وبرادار متقدم.
وتنتج شركة "كاسا" KASA الأسبانية نوعين من طائرات الدورية البحرية، هما
الطائرة Patrullero 400-212-C التي تزن 8100 كجم، والطائرة Persuade
235-532-CN. وقد برز النوع الأول المجهز بمحركين توربينيين، والمجهز بنسخة
معدلة الآن للسلاح البحري الأسباني في مجال حماية ومراقبة مصايد الأسماك،
وصدر إلى سلاح البحرية في فنزويلا. وقد قامت دول خليجية موخراً بطلب
الطائرة C395، المخصصة للاضطلاع بمهام خاصة، لا سيما بغية تعزيز مراقبة
الحدود.
واستناداً إلى النموذج 400-212-C، الذي يعمل لدى سلاح الجو الايرلندي
والبحرية التركية، تم تطوير طراز 35-CN المجهز بمحركات أقوى لتلبية حاجات
المراقبة البحرية في بروناي وإندونيسيا. وطائرة النقل الإقليمي الأوروبية
42-ATR تستخدم الآن لدى الجمارك الإيطالية، فيما تجري مفاوضات متقدمة
لتصديرها الى الهند والفلبين. بينما تجهز الطائرة 200- Dash البرازيلية
الصنع، وحدات الجمارك الأسترالية.
أما الزبائن المحتملون لمثل طائرات النقل المحولة، ذات المحركات المروحية
التوربينية، فهي الجزائر وجنوب أفريقيا، لحاجتهما الى استبدال طائرات Airs
King وطائرات 74TP-C، وتحتاج جنوب أفريقيا، مع ذلك، الى مدى طويل جدا
للمراقبة البحرية، ولذلك فانها قد تفضل شراء طائرات 3C-P الفائضة عن
البحرية الأمريكية.
وهذه الفئة من الطائرات، تشمل أيضا الطراز الروسي الجديد 80- SU من
"سوخوي"، المصمم للقيام بأدوار متعددة، بما فيها الرقابة البحرية وحماية
المصالح الاقتصادية. ويقودنا ذلك أيضا، الى التوقف عند تطوير نموذج
للمراقبة البحرية مشتق من طائرات النقل الإقليمية الروسية 114-IL ومجهز
بمحركات مناسبة. والطائرات "بيرييف" 200 -Be Beriev البرمائية، تتمتع
بقدرة على القيام بمهام المراقبة البحرية، وهي مشتقة من مثيلتها الطائراة
40-Be التي تزن 86000كجم، ويعتقد بأنها طورت لإنقاذ طواقم الغواصات على
مسافات بعيدة.
وهناك الطائرت الشهيرة "كانادير" البرازيلية، التي تستعمل على نطاق واسع
في مكافحة الحرائق، وهي تصلح لمهام البحث والإنقاذ على المستويات الساحلية
ولعل هذا الطراز البرمائي تمكن مقارنته بطراز أكبر من أربعة محركات، جرى
تطويره في الولايات المتحدة ويخدم في البحرية اليابانية تحت اسم Maywa
Shin.
والطائرة الإقليمية النفاثة 145-RJ Embraer ، مجهزة بمحركين توربينين،
وتشكل قاعدة مناسبة لمهام المراقبة البحرية، وهي مجهزة برادار بحث ونظام
SAFIR Star للرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء، ونظام FLIR للتصوير
الحراري.
أما سلاح البحرية الأمريكية فيعمل على تمديد حياة الطائرة "فايكنج" S-3 B
Viking والتي تزن 26650كجم، كما يعمل على إدخال بعض التعديلات على
إلكترونيات الطيران. وتجرى تجارب على إحداها برادار APS-137 وعلى نظا
مراقبة تلفيزونية، ومراقبة بالأشعة تحت الحمراء من نوع "ويسكام" Wescam
TVKR
وتشمل التطورات الجديدة للطائرات ذات المحركات المروحية التربينية، طائرة
200BF - Y7 الصينية، التي عرضت كنموذج في نوفمبر 2000، وهي طائرة مشتقة من
طائرة 26-An Antonov ومركب في مقدمتها رادار، وتحت أجنحتها 4 نقاط لتعليق
صواريخ مضادة للسفن وصواريخ جو-جو، مع خزانات وقود إضافية مثبتة على
الجانبين المنخفضين لهيكلها.