كسح الألغام البحرية من بعد
في الوقت الذي تسعى فيه القوات البحرية لمعظم الدول لتوفير قدرات كسح
الألغام لقطع السطح البحرية المقاتلة، فإن القوات البحرية الأمريكية تسعى
لتنفيذ برنامج يوفر لأسطول سفن السطح قدرات كسح الألغام من بعد. يهدف نظام
صيد الألغام من بعد (Remote Minehunting System-RMS) إلى تزويد مجموعة
القتال البحرية بقدرة عضوية للاستطلاع وتجنب الألغام البحرية ذات فترة عمل
طويلة ويتم تشغيلها من بعد، بحيث يتم نشر نظام صيد الألغام من بعد (RMS)
من الزوارق أو الطرادات للبحث عن الألغام في المضايق ومناطق العمل البحرية
وفي المياه غير العميقة، حيث لا تدعو الحاجة إلى استطلاع سري للألغام.
ويعتبر نظام صيد الألغام من بعد منصة ثابتة لأجهزة الاستشعار وله بصمة
ضعيفة ويمكن تزويده بالوقود في البحر.
يستخدم النظام التجريبي لنظام صيد الألغام من بعد (RMS) مركبة النظام
دولفين التي يتم دفعها بمحرك ديزل ومجهزة بأجهزة سونار مجرورة للمسح
الجانبي من طراز AQS-14 وجهاز سونار لتجنب الألغام. سيتم تجهيز هذا النظام
في المستقبل بجهاز سونار ذي فتحة اصطناعية وجهاز حاسب آلي للمساعدة في كشف
وتصنيف الألغام وأجهزة استشعار كهرو بصرية للكشف والتصنيف. تم اختبار نظام
كسح الألغام من بعد (RMS) بنجاح في عدة مناورات بحرية. من البرامج قريبة
الأمد وطويلة الأمد للقوات البحرية الأمريكية: تزويد سفن السطح والغواصات
بقدرة الإجراءات المضادة للألغام البحرية وهذا يعني توفير الوقاية من
الألغام البحرية لسفن السطح والغواصات الموجودة ضمن أي مجموعة قتال بحرية
وبالتالي فلن تنتظر مثل تلك القوة حتى يتم تطهير المنطقة من الألغام
بواسطة القطع البحرية المتخصصة في الإجراءات المضادة للألغام. تقوم القوات
البحرية للدول المختلفة بتبني هذا الاتجاه ولو بدرجة أقل حيث تم استخدام
أجهزة السونار غير المتقدمة نسبيا لتجنب الألغام الطافية بواسطة القوات
البحرية لبعض الدول أثناء الحرب العراقية - الإيرانية في الفترة من عام
1980- 1988.
تم تجهيز بعض قطع القتال البحرية الأمريكية بأجهزة كهروبصرية قادرة على
كشف الألغام وذلك بالإضافة إلى استخدامها كمعدات إدارة نيران كما تم تعديل
أجهزة السونار الحديثة المركبة على هيكل تلك القطع بحيث توفر القدرة على
الكشف المبدئي للألغام. قامت ألمانيا بتطوير أجهزة سونار لتجنب الألغام
وتم اختبار تلك الأجهزة بعد تركيبها على هيكل فرقاطة من البحرية الألمانية
وأوضحت تلك الاختبارات أنه يمكن كشف الألغام البحرية حتى عندما تسير
القطعة البحرية بسرعتها كما يمكن كشف الألغام على مدى مناسب يمكن معه أن
تقوم تلك القطعة البحرية بالمناورة لتجنب تفجير اللغم. كما قامت بأستراليا
(شركة طومسون- سنترا باسفيك (Thomson- Sintra Pacific بتجربة جهاز سونار
مركب على الهيكل ومجهز بمصفوفة من وحدات للمعالجة توفر لجهاز السونار
القدرة على تحديد مكان الموانع الموجودة أمام القطعة البحرية من حيث العمق
والاتجاه كما يوفر خريطة بشكل قاع البحر.
ليس من المتوقع في المستقبل القريب أن تنهج القوات البحرية للدول الأوربية
نهج القوات البحرية الأمريكية من حيث تجهيز قطع السطح البحرية المقاتلة
والغواصات بقدرات عضوية للإجراءات المضادة للألغام ولكن إذا كان القصد من
كلمة عضوية الحماية الذاتية ضد الألغام البحرية فمما لاشك فيه أن القوات
البحرية لمعظم الدول ستسعى لامتلاك تلك القدرة.
ويمكن القول إن نظام صيد الألغام من بعد
(RMS) الأمريكي ماهو إلا أحد نظم استطلاع الألغام البحرية. ومع ذلك فإنه
عندما يدخل الخدمة بأعداد كبيرة كل من نظام استطلاع الألغام من بعد طويل
الأمد (Long Term Mine Reconnaissance System- LMRS) ونظام صيد الألغام من
بعد (RMS) فإن التقنية ستتطور لدرجة يصبح معها من الممكن قيام المركبات
تحت الماء بدون قائد (UUV) أو طائرات الماء التي تعمل من بعد بمسح حقل
الألغام البحرية ونشر شحنات المفرقعات ضد الأهداف التي يتم اكتشافها
لتفجيرها. ولاشك أنه ستظل دائما لدى القوات البحرية لمعظم الدول حاجة
للقطع البحرية المتخصصة في الإجراءات المضادة للألغام البحرية. وبالرغم من
ذلك فإنه بحلول الفترة من 2010- 2015 ستصبح معظم قطع السطح البحرية
المقاتلة والغواصات الموجودة في القوات البحرية الأمريكية على الأقل لديها
قدرتها المتكاملة والعضوية على تنفيذ الإجراءات المضادة للألغام البحرية
مثلها في ذلك مثل تجهيز قطع السطح البحرية للقيام بالهجوم البري، الحرب ضد
الهجوم الجوي، الحرب ضد الغواصات وذلك بالإضافة إلى الحرب ضد سفن السطح
المعادية كما ستصبح في القريب مجهزة للدفاع ضد الصواريخ البالستية والدفاع
ضد طوربيدات سفن السطح.
استخدام المركبات التي يتم تشغيلها عن بعد للتطهير
تم إجراء تكامل المركبات التي يتم تشغيلها من بعد (ROV)، التي تعتبر
الخادم التقليدي في تنفيذ الإجراءات المضادة للألغام البحرية، بنوعين
جديدين من المركبات التي تعمل تحت الماء. بينما ستظل المركبات المجرورة
التي يتم تشغيلها من بعد (ROV) هي العمود الفقري في التعامل مع الألغام
حيث يتم تطوير الأنواع الموجودة منها لتحقق المطالب الجديدة ولكن على
المدى الطويل سيتم تكامل تلك المركبات بمركبات غير مجرورة لها حجم ومدى
أكبر وتتمتع بدرجة أكبر من الآلية، ومركبات مستهلكة (يتم استخدامها لمرة
واحدة) أصغر وأخف يتم تصميمها لإيقاف عمل الألغام وسرعة التطهير منها.
تمتلك المركبات تحت الماء غير المجرورة وبدون قائد (Untethered Unmanned
Underwater Vehicle-UUV) مصدر طاقتها ولا تحتاج لسحب طاقة من المنصة التي
تعمل معها من خلال كابل. توفر تلك الميزة للمركبات تحت الماء بدون قائد
(UUV) قدرة أكبر على آلية العمل إذا قورنت بالمركبات المجرورة التي يتم
تشغيلها من بعد (ROV) وإذا أخذ في الاعتبار التطورات المتوقعة في مجال
مصادر الطاقة فمن المتوقع أن تزيد فترة عملها ومداها. لاشك أن مركبات
استطلاع الألغام ذاتية التحكم بالكامل ستكون أكثر أمنا وأكثر راحة بالنسبة
للمنصة الأم، التي (المنصة الأم) سيمكنها إطلاق مركبة بدون قائد وتلتقي
معها في مكان محدد بعد عدة ساعات ولكن في حالة المركبة المجرورة التي يتم
تشغيلها من بعد (ROV) فإن المنصة الأم يجب أن تظل في نفس المنطقة كما أن
قدرتها على المناورة ستظل مقيدة طوال فترة نشرها.
كما يمكن نشر المركبات بدون قائد (UUV) من أي منصة بما في ذلك الغواصات
ولكن المركبات التي يتم تشغيلها من بعد (ROV) تحتاج إلى معدات متخصصة
للتعامل معها ولم يتم حتى الآن تعديلها بحيث يمكن استخدامها من الغواصات
التي بطبيعتها أهدأ ومن الصعب كشفها إذا قورنت بقطع السطح البحرية. في حال
نشر الغواصات النووية (SSN) سرا في مسرح العمليات قبل وصول بقية القوات
المخصصة للمهمة وبالتالي قبل وصول القطع البحرية المتخصصة في الإجراءات
المضادة للألغام (MCMV) ستكون قادرة على استطلاع حقول الألغام البحرية قبل
وصول سفن السطح التي تمثل الألغام البحرية تهديدا كبيرا لها. بالرغم من
أنه لا يوجد حاليا في الخدمة مركبات غير مجرورة وبدون قائد (UUV) إلا أن
غواصات القوات البحرية الأمريكية سيتم تجهيزها بمثل تلك القدرات خلال
السنوات القادمة من هذا القرن. تعتبر المركبات تحت الماء بدون قائد (UUV)
أكثر تعقيدا من المركبات التي يتم تشغيلها من بعد (ROV) وذلك لأنها تحمل
مصدر طاقتها معها وتحتاج إلى نظام متقدم للتحكم. ونظرا لأنها لا تمتلك
وسيلة اتصال مباشرة مع المنصة الأم يلزم أن تكون قادرة على الملاحة
الدقيقة باستخدام أجهزة الاستشعار الموجودة معها كما يجب أن تكون قادرة
على تخزين وتشكيل البيانات التي تجمعها وإرسالها إلى المنصة الأم وإلى
باقي القطع البحرية الأخرى.