استخدمت السفن في القتال منذ 2000 عام على الأقل، وحتى القرن ا

تى نشوب الحرب العالمية الثانية، كانت المعارك التي تخوض غمارها أساطيل
العالم من النوع التقليدي الذي يعتمد على اقتراب السفن المتحاربة من بعضها
بعضا بشكل نسبي، والاشتباك باستخدام المدفعية الثقيلة، وأدى ذلك إلى تشجيع
صنع السفن الحربية الضخمة، مثل البوارج والطرادات الأصغر حجماً، وبلغ
الوزن (من الماء) لمثل هذه السفن مايزيد على 60 مليون كجم، وكانت تحمل
مدافع متفاوتة العيار، وكان سُمك ألواحها المدرعة هائلاً بلغ في بعض أجزاء
البرج والمنشأ العلوي للسفينة اليابانية الضخمة >ياماتو< التي خاضت
غمار الحرب العالمية الثانية 63.5 سم

الحربية (warships) أهم أعتدة القتال البحرية، إذ يهاجم بعضها طائرات
العدو وسفنه العائمة وغواصاته، ولها أسلحة ثقيلة مثل المدافع والصواريخ
والقذائف الصاروخية وقذائف الطوربيد، ويستخدم بعضها كقواعد للطائرات أو
الطائرات المروحية، كما لاتزال أنواع أخرى مستخدمة كناقلات للجنود
والأسلحة والمعدات إلى مناطق القتال ·

ويتراوح حجم السفن الحربية بين مراكب صغيرة بطاقم محدود وحاملات كبيرة
للطائرات تحمل مايزيد على 6000 شخص، وعليها رادار وسونار (مسبار بحري)
لكشف وتحديد مواقع طائرات العدو وسفنه العائمة وغواصاته، ويكشف الرادار
الطائرات والسفن العائمة بينما يحدد >السونار< مواقع الغواصات،
وبإمكان معدات الاعتراض الالكترونية كشف هوائي وبث الرادار الخاص بسفن
العدو وطائراته ·



تاريخ قديم



استخدمت السفن في القتال منذ 2000 عام على الأقل، وحتى القرن السابع عشر
الميلادي كانت الاختلافات قليلة بين السفن الحربية وسفن الشحن لأن أية
سفينة شاركت في القتال من المحتمل أيضاً نقلها لبضائع أو حملها لمكتشفين
لرحلات طويلة ·

واستخدمت بحرية قدماء اليونان والرومان >القادس< وهي سفن حربية
بدائية خشبية طويلة وضيقة يسيّرها المجدفون، حيث يجلسون في صف واحد أو
أكثر على كل جانب، واحتوت هذه السفن أيضاً على شراع مستطيل يستخدم حينما
تكون الرياح مواتية، وكانت نهاية مقدمة السفينة طويلة وحادة لاختراق هيكل
سفينة العدو وتدميره ·

وطوّر >الفايكنج< -غزاة أوروبا الشمالية - السفينة الطويلة خلال
القرن الثامن الميلادي، وكان يحركها المجدفون بالإضافة إلى الشراع المربع،
ولكن وزنها كان يعادل نصف >القادس< فقط، وكانت السفن الطويلة صلبة
وملائمة للبحر وساعدت الغزاة في السيطرة على البحار حتى القرن الحادي عشر
الميلادي ·

استمر الأوروبيون الجنوبيون في استخدام سفن >القادس< في القتال،
ولكن هجومها تراجع نتيجة استعمال العدو للمنجنيق، مما جعل المجدفون
يناورون بها بجوار سفينة العدو حتى ينزلوا على ظهرها، وقد حملت معظم السفن
الحربية المدافع في القرن السادس عشر الميلادي، وخلال ذلك لم تعد المعارك
تجري على ظهر السفينة، وبدأت البحرية في استخدام السفن الحربية كمنصات
عائمة للمدافع ·





السفن الأهلية المسلحة

ظهرت هذه السفن قبل ظهور الأساطيل البحرية القوية حينما لجأت كثير من
الدول إلى تفويض سفن الأفراد (الخاصة) للمساعدة في زمن الحرب، وقد عرفت
تلك التفويضات عند استعمالها أول مرة في القرن الخامس عشر الميلادي،
بوثائق السماح بتسليح السفن والانتقام، وكثيراً ماهاجمت تلك السفن سفن
العدو التجارية

وخلال الثورة الأمريكية (1775- 1783) ساعدت تلك السفن المستعمرات
الأمريكية ضد بريطانيا بتفويض من الكونغرس، وكان جورج واشنطن (1732-1799)
من المساهمين في واحدة على الأقل من هذه السفن المسلحة، وقد تمكنت تلك
السفن من الاستيلاء على 600 سفينة بريطانية، ولأن السفن الحربية الفرنسية
استولت على كثير من السفن الأمريكية، فقد فوضت الولايات المتحدة تلك السفن
بالاستيلاء على سفن فرنسا، وفيما بين عامي (1798-1801) وفي حرب عام
1812تمكنت تلك السفن من الاستيلاء على 1345 سفينة بريطانية، وتحول بعضها
إلى القرصنة بعد الحرب ·

وفي عام 1856 رفضت الولايات المتحدة توقيع >اتفاقية باريس< لإلغاء
نظام السفن الأهلية المسلحة، خشية أن تحتاج لهذه السفن لمساندة أسطولها
الضعيف ·

وفي أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) أصدرت الحكومة المتحالفة
الأمريكية تفويضاً بتسليح السفن للانتقام، ولكن بعد العام الأول من الحرب
استبدل هذا النظام بنظام الأسطول البحري التطوعي، وقد حاولت الحكومة
الاتحادية تجربة تلك السفن عام 1863 واستخدمتها تشيلي ضد أسبانيا عام 1865
وكانت تلك آخر الاستخدامات المعروفة لتلك السفن ·

وفي القرن السادس عشر الميلادي بدأت أوروبا في صناعة سفن شراعية كبيرة
وثقيلة صممت لرحلات محيطية طويلة يقوم بها المكتشفون، وقد شملت هذه السفن
>الجليون< وهي تستخدم أيضاً كسفن حربية، وعمدت البحرية الأسبانية
إلى صناعة سفن الجليون الكبيرة التي أبحرت بعيداً في المياه، وكانت سفن
الجيلون الانجليزية صغيرة منخفضة وسهلة المناورة، وفي عام 1588 حاولت
البحرية الأسبانية غزو انجلترا وأطلق الأسبان اسم >أرمادا التي
لاتقهر< على أسطولهم لأنهم كانوا على يقين باستحالة هزيمته، ولكن
الانجليز انتصروا في المعركة، وذلك لأن سفنهم الجليون كانت أكثر قدرة على
المناورة مقارنة بالسفن الأسبانية ·

وبعد هزيمة أسبانيا شرعت القوات البحرية في صناعة سفن قتال متخصصة كانت من
بينها السفن >كابتال< وهي نوع مهم من السفن الحربية في القرنين
السابع عشر والثامن عشر، وكانت هذه السفن كبيرة الحجم يمكنها حمل أكثر من
100مدفع، وأصبحت معروفة بسفن خط القتال لأنها كانت تبحر في صفوف داخل
المعركة ·

وفي عام 1814 بنى الرسام والمخترع الأمريكي روبرت فولتن (1765-1815) أول
سفينة حربية تتحرك بالبخار، وبدأت القوات البحرية في استخدام هذا النوع من
السفن تدريجياً، ولكن استمرت البحرية الملكية البريطانية وبعض القوات
البحرية الأخرى تستخدم السفن الشراعية حتى منتصف القرن التاسع عشر ·

وجرى تطوير المدافع البحرية التي ترمي القذائف المتفجرة خلافاً لقذائف
المدفعية الثابتة في عشرينيات القرن التاسع عشر، فالقذائف يمكنها بسهولة
إحداث الفتحات الكبيرة على بدن السفن الخشبية، وكذلك بدأت القوات البحرية
في صناعة المراكب الحديدية والسفن المدرعة، وصنعت هياكل تلك السفن من
الحديد أو الخشب المغطى بأنواع سميكة من الحديد، الأمر الذي جعل تحملها
للهجوم أفضل من السفن الخشبية ·

وقد نشبت أول معركة بين تلك الأنواع الجديدة من السفن الحربية عام 1862
خلال الحرب الأهلية الأمريكية، واعتبرت المعركة بداية لعصر السفن
المعدنية، وقد كانت أيضاً أولى المعارك بين السفن التي تعمل بالبخار فقط،
وتم اختراع أبراج المدفع الدائرة في منتصف الثمانينات، ولقد كانت السفينة
المونتير من أوائل السفن التي استخدمتها ومكنت الأبراج المدافع من الدوران
في الاتجاهات المختلفة، وأنهت بالتالي الحاجة للمناورات المكثفة التي تقوم
بها السفن الحربية، وأصبحت المدافع الكبيرة هي التسليح المثالي في المراكب
القتالية، كما تحسن مدى أداء المدافع البحرية ودقتها كثيراً·

وبدأت سفن القتال الحديثة حينما أدخلت البحرية البريطانية >البارجة<
عام 1906، وهي أول سفينة قتال حديثة، وقد بلغ طولها أكثر من 150م وتزيح
18,800 طن متري من الماء، وتنطلق بسرعة تبلغ نحو 21 عقدة وفاقت مدافعها
العشرة عيار 300 ملم في دقتها المدافع الكبيرة السابقة، وكانت نذيراً لسفن
القتال التي سيطرت على البحار لمدة تزيد على 35 عاماً ·



دخول البارجة

وعملت القوات البحرية على تحسين التصميم الرئيسي للبارجة في أوائل
تسعينيات القرن العشرين ومنتصفه لزيادة حجم سفن القتال وسرعتها، كما أن
تطور وسائل الاتصالات الجيدة داخل السفن قد رفع من كفاءة قيادتها وأصبحت
سفينة القتال السفينة الحربية الرئيسية، وصارت قوة الدول عالمياً تقاس
بعدد وأنواع سفن القتال الموجودة في قواتها البحرية

وكانت سفن القتال من أقوى السفن الحربية أثناء الحرب العالمية الأولى
(1914-1918)، ومع ذلك برهنت البحرية الألمانية على أن الغواصات كانت أيضاً
ذات فعالية عالية، واستطاعت الغواصات الألمانية >يو-بوت< إغراق
الآلاف من سفن الحلفاء التجارية، وأدت تلك الهجمات الرهيبة إلى تطور معدات
>السونار< والسفن المختلفة المضادة للغواصات ·

وتم تطوير الرادار قبل زمن قصير من الحرب العالمية الثانية في عام 1939،
الأمر الذي مكن السفن الحربية من تحديد مواقع طائرات العدو وسفنه ليلاً،
وخلال السحب وعلى بعد مسافات كبيرة، كما تم تطوير أنظمة توجيه المدافع في
الوقت ذاته تقريباً، واستطاعت تتبع طائرات العدو وتوجيه مدافع السفن عليها
واستخدمت >الصمامة التقاربية< مع موجه المدافع حيث تعمل على تفجير
القذيفة كلما اقتربت من الهدف، وألغيت بالتالي الحاجة إلى الضرب المباشر ·

كذلك أصبح الطيران أكثر الأسلحة أثراً في الحرب العالمية الثانية، وتضاءلت
أهمية السفن الحربية، وبدأت القوات البحرية في التركيز على بناء حاملات
الطائرات، كما تم بناء عدد كبير أيضاً من الطرادات والمدمرات لحماية
الحاملات ، وركبت الأسلحة المضادة للطائرات على جميع السفن الحربية ·

وفي الحرب العالمية الثانية استخدمت آلاف السفن الحربية البرمائية
(الهجومية) ومنها سفينة إنزال الدبابات ال اس تي (L.S.T) التي حملت
الدبابات وأنزلتها على سواحل العدو، ونقلت السفن الحربية البرمائية الأخرى
الجنود والطائرات لإنزال المؤن العسكرية، وهناك سفن أخرى لاتزال تستخدم
المدافع والهاونات والقذائف الصاروخية لقصف سواحل العدو ·

واصلت السفن تطورها حينما بدأت البحرية الأمريكية في تطوير السفن الحربية
التي تعمل بالطاقة النووية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد أطلقت
أول غواصة نووية >نوتيلس< في عام 1954، وكانت تلك الغواصة تتحرك
بسرعة تفوق غواصات الديزل التي كانت عاملة في ذلك الحين، وقد مكن نظام
الطاقة الذرية الغواصة من التحرك تحت الماء لمئات الآلاف من الكيلومترات
دون احتياج للتزود بالوقود، وبعد زمن قصير من دخول >نوتيلس< البحر،
صنع الاتحاد السوفييتي (سابقاً) أول غواصة نووية، كما عمدت القوات البحرية
في كل من بريطانيا وفرنسا والصين إلى بناء غواصاتها النووية أيضاً ·

ولاشك أن تطور الصواريخ الموجهة الطويلة المدى (العابرة) قد زاد من كفاءة
السفن الحربية، حيث يمكن إطلاق تلك الصواريخ من أي نوع من السفن الحربية
تقريباً، وكان لتلك الصواريخ ومنصات إطلاقها من سفن الأسطول الأمريكي دور
مميز في حربي الخليج 1991و2003، وفي أوائل الستينات من القرن العشرين طورت
البحرية الأمريكية أول غواصة صاروخية قاذفة ·