معرض عالمي يكشف ممارسة الفراعنة التدخين
المصدر: يوسف جباعته
التاريخ: 05 فبراير 2011
أي شخص شغوف برؤية المومياوات فأفضل مكان لذلك هو معرض «مومياوات العالم»
في مركز علوم كاليفورنيا في الولايات المتحدة، الذي عرض أخيراً مجموعة من
مومياوات العالم. في المعرض يمكنك مشاهدة طفل من البيرو عمره أكثر من 4500
عام، كما يمكنك مشاهدة عائلية هنغارية من القرن الثامن عشر، وتشاهد نبيلا
ألمانيا متوفى منذ عام 1648 ما زال في ملابسه الأنيقة.
والمعرض بهذا يشكل أكبر تجمع للمومياوات تحت سقف واحد في العالم، حيث يضم
45 مومياء و95 تحفة أثرية من آسيا وأميركا الجنوبية وأوقيانوسيا وأوروبا
ومصر القديمة، تعود بعضها إلى أكثر من 6500 عام.
المعرض انطلق بعد أن وجد الباحثون 20 مومياء كان قد ساد الظن في أنها فقدت
خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تم العثور عليها في منطقة «ريس
إنغلهورن» بألمانيا عام 2004، وشكل ذلك مفاجأة للكثيرين، وتم العثور على
صناديق كبيرة الحجم مكتوب عليها «سيراميك» لكنها كانت مليئة بالمومياوات
والرؤوس المحنطة، لهذا أطلق العالم الألماني روزيندهال مشروعاً لدراسة وحفظ
تلك المومياوات، ومحاولة التعرف على مصدرها، وبعد إجراء فحوص الحمض النووي
عليها تبين للعلماء بعض الأخطاء في اعتقادهم السابق، ففي واحدة من الحالات
كانوا يظنون أن أحد تلك المومياوات مصرية، لكن بعد إجراء الفحوص ومقارنتها
بالبيانات المتوفرة تبين أنها قدمت من شمال شرق آسيا. واستخدم الباحثون
الكربون الإشعاعي والتصوير الطبقي لتحديد أعمار تلك المومياوات الجيولوجية،
وأعمارها في وقت الوفاة.
وبإمكان العلماء معرفة الكثير من المعلومات عن تلك المومياوات، فمثلاً
يمكنهم معرفة طبيعة الغذاء الذي كانت تتناوله المومياء في حياتها عن طريق
النظر إلى أسنانها، كما يمكن تحديد ما إذا كانت المومياء نباتية، أي أنها
لا تأكل اللحوم، وذلك بتحليل نسبة نظائر الكولاجين في شعرها، كما يمكن كشف
أشياء أخرى كثيرة عن طريق إجراء الفحوص المختلفة. والطريف ما اكتشفه الفريق
من أن واحدة من تلك المومياوات كانت تحوي آثار النيكوتين في جسمها، فهل
كانت تدخن بطريقة ما السجائر، التي لم تكن معروفة وقتئذ؟
كما أن التحليل المفصل للملابس التي تلبسها المومياوات كشف أن معظمها قادم
من أميركا الجنوبية، ومن تلك المومياوات واحدة لطفل، تبين بالتصوير بالأشعة
تحت البنفسجية أنها كانت مغطاة بالمادة الصمغية «الراتنج»، وسابقاً كانت
طريقة التحنيط هذه تخص قدماء المصريين وحدهم، لكن الاكتشاف الجديد دل على
أن تحنيط المومياوات بهذه الطريقة ليست مصرية فقط.
يدل وجود المومياء في مصر وشمال غرب الصين واليابان وبابوا غينيا وتشيلي
وجبال الأنديز وغابات البيرو على التشابه في ثقافة تلك الشعوب، كما يشير
التشابه في طرق تجفيف المومياء بين ضفتي المحيط الهادي في كل من بابوا
غينيا والبيرو على وجود تواصل بشري مباشر بين الضفتين من خلال الطرق
البحرية القديمة. بالإضافة إلى هذا فقد بينت الفحوصات على عينات مأخوذة من
شعوب جبال الأنديز وسكان تشيلي وسكان جنوب اليابان انهم يشتركون في فيروس
واحد موطنه منغوليا، وقد وُجد الفيروس نفسه في مومياوات كثيرة في تشيلي.
وبالإضافة إلى هذا فقد كشف البحث في المومياوات عن حقائق وافتراضات غريبة،
ومن بينها أن أميركا الجنوبية كانت تقطنها جماعة تدعى «سمك الفسيخ»، وهذه
أول أشارة مباشرة إلى وجود الفراعنة في أميركا الجنوبية، حيث تحتفل مصر منذ
أيام الفراعنة وإلى أيامنا هذه بسمك الفسيخ، كما عثر فريق فرنسي عام 1976
على ورقة من التبغ في بطن مومياء رمسيس الثاني، وذلك أثناء الكشف عليها في
باريس، وأصاب هذا الاكتشاف دهشة العالم، حيث يجمع الكل على أن العالم
القديم لم يعرف التبغ إلا بعد اكتشاف كولمبوس للقارة الأميركية، فكيف وصل
التبغ إلى بطن رمسيس الثاني؟