كيف نعيد الثقة المفقودة بين الشرطة والمواطن ؟! ارسل اطبع ( 0 تصويتات )
|
<table class="InnerGalleryArea" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td valign="top" width="100%" nowrap="nowrap"> <table width="100%" border="0" cellpadding="3" cellspacing="0"><tr><td id="viewTitle">وجدي مع قيادات وأفراد الأمن المركزي</td></tr><tr><td id="viewMedia" width="100%" align="center"></td></tr><tr><td> </td></tr></table>
</td> </tr> <tr> <td valign="top" nowrap="nowrap"> <table cellpadding="0" cellspacing="1"><tr><td class="InnerGalleryHead">البوم الصور و الفيديو</td><td align="center"></td><td align="center"></td><td align="center"></td></tr></table>
</td> </tr> </table>
|
<table class="SideFrameTable" width="100%" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" height=""> <tr> <td class="sf11" nowrap="nowrap"> </td> <td class="sf12" nowrap="nowrap"> </td> <td class="sf13" nowrap="nowrap"> </td> </tr> <tr> <td class="SideFrameBody" colspan="3" valign="top"> مصر
البحث عن رئيس .. هل يكون واحد من هؤلاء أم قادم جديد؟ هل 4 سنوات تكفي لتقييم رئيس مصر القادم؟ اغتيال القذافي ينقذ ليبيا من التدخل العسكري الأجنبي الخريطة الجديدة للعالم العربي <li> د. إبراهيم بدران لـ«روزاليوسف»: الأغراض الشخصية لا تليق بثورة شعبية استعرض الملف
</li></td> </tr> <tr> <td class="sf31" nowrap="nowrap"> </td> <td class="sf32" nowrap="nowrap"> </td> <td class="sf33" nowrap="nowrap"> </td> </tr> </table>
|
|
كتب حمدي الحسيني
العدد 4317 - السبت الموافق - 5 مارس 2011
لم
يخطئ اللواء مجدي أبو قمر مدير أمن البحيرة عندما قال لمساعديه وجنوده (
إحنا أسياد الناس.. وإللي يمد إيده علي سيده يضرب بالجزمة ).. ولم يخطئ
الضابط صلاح الدين السجيني الذي أطلق النار علي رأس سائق ميكروباص في
مشاجرة بالمعادي قبل أيام.. الضابط واللواء كانا يعبران بصدق عن ثقة وعقيدة
راسخة في نفوس أغلب العاملين في سلك الشرطة، لأنهم عاشوا طوال أكثر من 30
عاما في ظل قانون الطوارئ العقيم الذي أتاح لهم أن يكونوا ( أسياد الناس )
حتي أصبح العديد من رجال الأمن يعانون من أمراض نفسية واجتماعية . ورغم كل ما جري المواطنون يتساءلون إلي متي تظل الشرطة
مختفية، وما الذي يعوق عودتها لممارسة وظيفتها الطبيعية في حفظ الأمن
وحماية الأشخاص والممتلكات ؟ هل تأخرها يعد نوعا من المساومة ولي ذراع
المجتمع ؟ وهل عودتها ستكون وفقا لنفس المنهج التقليدي الذي عبر عنه اللواء
والضابط مؤخرا ؟ الحقيقة أن أسلوب عمل جهاز الأمن قبل 25 يناير الذي كان
يقوم علي مبدأ «القمع والتخويف والتلفيق» لم يعد مقبولا وأصبحنا بحاجة إلي
عقد اجتماعي يؤسس لعلاقة جديدة بين الشرطة والمواطنين تقوم علي الاحترام
والمساواة والعدالة والاحتكام للقانون الذي ظل معطلا عقودا طويلة بعيدا عن
البلطجة والعنجهية المتأصلة في الجسد الأمني !
لاشك في أن الطوارئ
أتاحت للواء أبو قمر والضابط السجيني وباقي زملائهما في جهاز الأمن الفرصة
للتسلق فوق القانون، بل بلغ الأمر مداه عندما توهم البعض أنهم هم القانون
نفسه فلا حساب ولا رقيب فتعمق لدي رجال الأمن أنهم بالفعل ( أسياد )
المجتمع أما باقي الناس فهم مجرد عبيد أذلاء مصائرهم رهن إرادتهم !!
رغم
إعلان الضابط السجيني الاستقالة من العمل الشرطي بعد أن نجا بأعجوبة من
فتك المارة بحياته، ورغم قرار وزير الداخلية بنقل اللواء أبو قمر من منصبه
في أعقاب نشر مقطع الفيديو الذي يتحدث فيه بهذا الأسلوب السادي غير
الأخلاقي إلي جمع من الضباط والجنود فإن هذا الإجراء لا يكفي لتصحيح الصورة
النمطية الشائعة للعاملين بجهاز الشرطة.
إن تغيير مفاهيم وعقلية
رجال الأمن وترسيخ مبادئ احترام القانون يحتاج أولا إلي استيعابهم للصدمة
التي روعتهم في 25 يناير واعترافهم بحجم الجريمة التي ارتكبها جهازهم بحق
الشباب الغاضب بميدان التحرير في ذلك اليوم المهيب.. فقد كنت وسط
المتظاهرين الذين كانوا يلوحون للجنود والضباط بأن احتجاجهم ( سلمي.. سلمي )
لكن جاء رد الضباط والجنود بالرصاص الحي والخرطوش والغاز بلا هوادة
وبكثافة لا يمكن تصورها إلا في ميادين المعارك وساحات القتال.. في تلك
اللحظات بكيت كثيرا ليس فقط بفعل قنابل الغاز المصنوعة في الولايات المتحدة
لكن أكثر ما أبكاني حقا هو سلوك هؤلاء الجنود والضباط في قمع أشقائهم
وأبنائهم بهذه الوحشية والعنف المفرط لحماية نظام فاسد ومستبد !
لم
يتوقف خطأ جهاز الأمن عند حد الإفراط في استخدام العنف والقتل العمد
للمتظاهرين المدنيين، بل وصل إلي حد الخيانة عندما اختفوا فجأة من جميع
مواقعهم بطريقة مثيرة للريبة والشكوك وبلا مبرر يشفع لهم وكأن الأرض انشقت
وابتلعتهم..!!..
مازاد الطين بله فتح السجون والمعتقلات عمدا مع
سبق الإصرار والترصد بطريقة أكثر ريبة أمام أرباب الجرائم والمسجلين خطرا
والبلطجية لينشروا الخوف والهلع في أرجاء مصر المحروسة وكأنهم أرادوا
الانتقام من المواطنين علي طريقتهم.. لكن الله خيب ظنون من ارتكبوا هذه
الجريمة البشعة بحق الوطن وتجلي معدن المصري الأصيل خلال المحنة وتسابق
الجميع لحماية وتأمين المنازل والمزارع والممتلكات العامة حتي البلطجية
وأصحاب السوابق هداهم الله وجمدوا نشاطهم الشرير، وانضموا إلي لجان الحراسة
الشعبية المنتشرة علي مداخل الشوارع والحواري.. هكذا أراد الله لمصر
النجاة من كارثة الترويع وبث الفوضي في نفوس المواطنين.. في ظل غياب كامل
لجهاز الأمن عشنا تجربة اجتماعية جديدة سوف تصبح من العلامات المضيئة لتلك
الثورة المباركة التي أسقطت أقنعة عديدة كانت تخفي خلفها حقائق مثيرة أشبه
بما نراه من خيال السينما فقد كان الجميع علي يقين أن هناك فسادا، لكن لم
يجول بخاطر أحد أن يكون بهذا الكم والكيف ومع ذلك مازالت للفساد بقية ستأتي
وعند كشفها تباعا سنصاب بالصدمة والدهشة من هول المفاجآت !
الآن،
وبعد أن هدأت الأمور ونجحت الثورة وسقط رأس النظام السابق العنيد، مع ذلك
لاتزال المسيرة مستمرة لاستكمال مشوار التغيير الشامل والقضاء علي باقي
أذناب النظام البالي في كل المواقع.. وسط كل هذه التحولات يتداول الناس
أسئلة تدعو للحيرة، لكنها مشروعة.. أبرزها، لم تعد أجهزة الأمن إلي مواقعها
وممارسة دورها في تأمين المواطنين ؟ ماذا تنتظر الداخلية كي تعود إلي
مهامها المنوطة بها ؟ وهل هناك تعارض بين وجودها ووجود الجيش واستمرار فرض
حالة الطوارئ ؟.. هذه الأسئلة وغيرها الكثير لم يرد عليها وزير الداخلية،
ولم يحدد موعدا نهائيا لعودة رجال الأمن إلي مواقعهم رغم أن الحكومة مستمرة
في تسديد رواتبهم ومكافآتهم كاملة.
أنا وغيري نخشي من أن يكون
هناك تعمد وراء تأخير عودة رجال الشرطة إلي ممارسة واجبهم ، وأن يكونوا
مدركين لخطورة استمرار حالة الفراغ الأمني وإشعار المواطنين بأهمية دورهم
بالنسبة للمجتمع، خصوصا أن الجميع يعلم أن القوات المسلحة لا يمكن أن تملأ
هذا الجانب باعتبارها لا تملك لا الأفراد ولا الأدوات، علاوة علي أن هذا
ليس دورها الذي وجدت من أجله.. هل يمكن اعتبار تأخير عودة الشرطة لاستئناف
عملها من باب سياسة الضغط علي الشارع المصري ؟.. أتمني ألا يكون هذا
الإحساس المنتشر بين كثير من المصريين ليس صحيحا، لأنه سيكون كارثة ووبالا
علي جهاز الشرطة أولا والمجتمع بأثره ثانيا لما سيتركه من فجوة نفسية
وتعميق مشاعر الكراهية والنفور من الجانبين !
بعد نجاح الثورة
مباشرة التقيت بأحد الضباط الكبار في مرور الدقهلية وسألته عن تصوره
للتغيير الذي يمكن أن يطرأ علي عملهم بعد 25 يناير فجاء رده سريعا وحاسما..
لا جديد !! فقلت هل ما جري من إنجاز سيغير من طبيعة عملهم فأجاب بالنفي
أيضا.. ولذلك أتصور أن سلوك الضابط صلاح السجيني وكلام اللواء أبوقمر
واحتقار أغلب العاملين بجهاز الشرطة للمواطنين لن يتغير كثيرا علي الأقل في
الوقت الراهن فنحن في حاجة ماسة لصياغة جديدة لمنظومة الأمن تواكب التطور
العالمي في هذا المجال وتتماشي مع مكتسبات ثورة الشباب.
فلا غني عن
بناء جسور من الثقة المتبادلة بين الطرفين علي السواء بما يسمح بعودة
الشرطة وبأسرع وقت ممكن.. أتصور أن الكثير من العاملين في جهاز الأمن حبسوا
أنفسهم داخل رؤية مغلوطة جاءت نتيجة أوضاع استثنائية جعلت منهم عصا غليظة
يستخدمها النظام السابق في إرهاب المواطنين وبالتدريج أصبحوا أداة سهلة
لفرض سياسات هذا النظام مهما كان انحرافها وفسادها.. المقابل كان تغاضي
النظام عن تجاوزاتهم فسمحت لوزير الداخلية أن يرتكب جرائم فظيعة كان أقلها
غسيل الأموال واختلاس ونهب المال العام و.. و.. الكارثة أن جهاز الأمن
ترسخت بداخله قناعة ورضا بالعمل لخدمة النظام لا الشعب، وكانت النتيجة تلك
العداوة والجفوة وعدم الثقة التي تجلت في ميدان التحرير يوم 25 يناير.. هذا
المفهوم الخاطئ تعمق أكثر وأكثر منذ أن تولي اللواء حبيب العادلي مسئولية
وزارة الداخلية لمدة تجاوزت السنوات العشر.. العادلي وصل إلي موقعه في
أعقاب حادث الأقصر الإرهابي الشهير الذي ربما تتكشف حقائقه السرية في
الأيام القادمة مع غيره من الجرائم الكبيرة التي هزت مصر طوال ثلاثة عقود،
ولا نملك بشأنها المعلومات الكافية باستثناء تلك التي كانت تزودنا بها
أجهزة الأمن والتحقيق التي تبين أنها لم تكن نزيهة بالدرجة الكافية.. ففي
حال استمر عمل جهاز الأمن علي ما كان عليه قبل 25 يناير لن تعود الثقة
المفقودة بين الشعب وجهاز الأمن، وسنظل نلف وندور في حلقة مفرغة، لذلك
أقترح العودة بهذا الجهاز إلي دوره المدني في تأمين وحماية الجبهة
الداخلية.. وفقا لما هو منصوص عليه في الدستور.. فلن يتسني لجهاز الأمن
التخلي عن طبيعته التي عبر عنها الضابط السجيني واللواء مجدي أبو قمر
بطريقة عملية قبل أيام إلا بتعيين وزير داخلية مدني كما كان الحال قبل ثورة
1952 التي ابتكرت فكرة أن يتولي منصب وزير الداخلية أحد العسكريين.
أتصور
أن الفرصة متاحة أمام رئيس الوزراء الجديد الدكتور عصام شرف لاختيار وزير
داخلية مدني محترف ليتولي مهمة توفير المناخ الملائم لإعادة هيكلة منظومة
الأمن المصرية وفقا لرؤية عصرية متطورة.
إن وجود وزير مدني علي رأس
الداخلية سوف يجنب جهاز الأمن والمجتمع آثارا عديدة ارتكبها ضباط كبار
وصغار طوال العقود الماضية كما ستختفي تلقائيا جرائم إهانة وتعذيب وقتل
المتهمين في أقسام الشرطة، خصوصا الجرائم والفضائح من عينة جريمة ( خالد
سعيد، وسيد بلال، وعماد الكبير ) وغيرها من الانتهاكات التي تسيء ليس لجهاز
الأمن وحده، بل لمصر كلها. أعتقد أن تعيين وزير داخلية مدني سيكون كفيلا
بأن يصبح قسم الشرطة مكانا لائقا - كما هو الحال في كل الدول المتقدمة -
لاسترداد الحقوق الضائعة وتطبيق القانون بلا تفريق.