بسم الله الرحمن الرحيم
طائرات JSTARS
( Joint Surveillance & Target Attack Radar System )
هي من أحدث طائرات الاستطلاع
الأمريكية. وتستخدم لمراقبة ميدان المعركة، رادارياً، لأعماق تزيد على 150
كم. وقد اشتركت، للمرة الأولى، في عمليات فعلية، أثناء حــرب تحرير
الكويت.
والاسم الكامل لهذه الطائرة هو: Joint Surveillance & Target Attack Radar System
ويرمز إليها عادة بالأحرف الأولى JSTARS أو Joint STARS
ومهمتها الأساسية هي توفير معلومات لحظية، عن الأهداف
البرية المعادية، تمهيداً لقصفها بوساطة القوات الجوية والأسلحة البرية.
وتشمل هذه الأهداف أرتال العدو، الآلية والمدرعة، وأماكن تجمعها وحشدها،
ومنصات الصواريخ أرض/ أرض، الثابتة والمتحركة، ومواقع الدفاع الجوي،
والمستودعات، وغيرها من الأهداف الثابتة، أو المتحركة بسرعات بطيئة، بما
في ذلك الطائرة العمودية، التي تُحلِّق على ارتفاعات منخفضة.
وتتكون المنظومة من جهاز رادار، ووسائل اتصال، وحواسب إلكترونية وأماكن عمل لطاقم القيادة والسيطرة والاستطلاع.
وتتميز هذه الطائرة بقدرتها على تقديم
معلومات مستمرة، ولحظية، إلى المقاتلات القاذفة، أثناء طيرانها، وإلى قادة
الوحدات والتشكيلات البرية، في الوقت نفسه، من طريق محطات أرضية خفيفة
الحركة. وقد تم نشر ست محطات منها في المملكة العربية السعودية، أثناء
"عاصفة الصحراء".
الرادار
جهـاز رادار ذو رؤيـة جانبية، مـن
نـوع نـوردن Norden Side looking Radar ) )، له طريقتا عمـل: الأولـى
لاكتشـاف الأهـداف الثابتـة وتحديدهـا، فـي منطقــة محددة، وتسمـى (
Synthetic Aperture RadarSAR ) SAR. والثانية تستخدم نظرية دوبلر (Doppler
) ، للبحث عن الأهداف المتحركة، في منطقة واسعة، وتسمى (Wide area
Surveillance )
تهتم القوات البرية، أساساً، بالطريقة الأولى ( SAR )،
لاكتشاف الأهداف الثابتة، وذلك للتنبؤ بعمليات العدو القادمة، وتوجيه
قصفات إليها بالأسلحة البرية.
أمّا القوات الجوية، فهي أكثر اهتماماً بالمعلومات
المتعلقة بالأهداف المتحركة. وتستفيد من طريقة الرادار في استطلاع
المساحات الكبيرة، باستخدام مبينات الأهداف المتحركة. ويمكن جهاز الرادار
العمل بالطريقتين، في وقت واحد، كما لو كان جهازين معاً. ومما يساعد على
ذلك، أن الهوائي يتحرك، إلكترونياً، في المستوى الأفقي، ومن ثم، يستطيع
الانتقال من هدف إلى آخر بسرعة، على الرغم من أن حركته، في المستوى
الرأسي، تتم آلياً، إضافة إلى سرعة الأهداف البرية، التي تكون بطيئة،
نسبياً. ومن ثم، فإن معدل تكرار عملية المسح للمنطقة، يمكن أن يكون
قليلاً. فإذا كان ضابط الاستطلاع في الطائرة JSTARS، يراقب رتلاً متحركاً
بسرعة 30 ميل / ساعة، مثلاً، فإن تجديد المعلومات عن هذا الرتل، كل 60 -
80 ثانية، لن يقلل من صحة هذه المعلومات ، لأن مكان الرتل، لن يختلف
اختلافاً كثيراً، خلال هذه الفترة.
ويقوم جهاز الرادار بالتفتيش في
منطقة، مساحتها 512 كم2. وعند ذلك، لا يتجاوز الخطأ 100م، في قياس مسافة
الهدف. وعندما يكتشف ضابط الاستطلاع هدفاً متحركاً بسرعة، ويحتاج إلى
معلومات أكثر دقة وتفصيلاً، وأسرع تكراراً، فإنه يستطيع التحول من البحث
في منطقة واسعة إلى منطقة أصغر، مساحتها 20 كم2 فقط ( Zooming ) وأن يزيد
من معدل تكرار عملية البحث، لتصبح كل 15 ثانية، وذلك لتحديد مسار الهدف
وسرعته.
ويستخدم الرادار مصفوفة هوائيات، طولها 24 قدماً، موضوعة
في وعاء على شكل قارب طويل، رفيع Canoe -Shaped ) (، مثبت أسفل مقدمة جسم
الطائرة.
والمنظومة مجهزة بما يسمى لوغاريتم
معالجة الإشارة ) Signal Processing algorithm )، يستطيع أن يميز بين
المركبات ذات الجنزير، والمركبات المتحركة على عجل، آلياً.
الحواسب الإلكترونية
يوجد في الطائرة خمسة حواسب
إلكترونية. الأول يقوم بتلقي مطالب القادة من المعلومات، ويحدد أسبقية
وتسلسل تنفيذها، بما يحقق أقلّ تحريك للهوائي، في قطاعات التفتيش
المختلفة. ثم يعرض هذا التسلسل على شاشة الضابط المختص، الذي يمكنه تعديل
جدول العمل، الذي حدده الحاسب، عند الضرورة.
أمّا الحواسب الأربعة الأخرى، فواجبها معالجة البيانات،
التي يحصل عليها جهاز الرادار، ثم إظهارها على شاشات العرض، وإرسالها،
بناءً على أوامر المُشَغِّلين (operators )، إلى الجهات المستفيدة، في
الجو وعلى الأرض. وتبلغ سرعة كل من هذه الحواسب 600 مليون عملية في
الثانية.
أماكن العمـل
الطائرة مجهزة بعشرة أماكن للعمل
(Console )، تحتوي على شاشات العرض ولوحات التشغيل، وتتصل بالحواسب
الإلكترونية وبأجهزة الاتصال. ويتكون الطاقم من مجموعة استطلاع، تعمل مع
القوات الجوية، وأخرى تعمل مع الجيش، ومجموعة للعمل على أجهزة الاتصال،
وضباط لمتابعة الحالة الفنية للأجهزة.
ويمكن مجموعات الاستطلاع استدعاء البيانات السابق الحصول
عليها، حتى أسبوع مضى، لمقارنتها بالمعلومات الجديدة، ومعرفة المتغيرات
التي حدثت في الموقف.
منظومة الاتصال
هي إحدى مكوّنات المنظومة الشاملة،
المعروفة باسم منظومة توزيع المعلومات التكتيكية المشتركة JTIDS ( Joint
Tactical Information Distribution System) ، وهي توفر اتصالاً ذا اتجاهين
بين الطائرة والأطقم، الجوية والبرية. ويتم الاتصال بينهم بالصوت وبوساطة
وصـلات البيانات ( Data link ) والاتصال مؤمن ضـد التنصت والتداخل
المعادي.
بيانات أخرى:
• ارتفاع الطائرة 93. 12 م
• الطول 61. 46 م
• عرض الأجنحة ( المسافة بين طرفَي الجناحين ) 42. 44 م
• اتساع الطائرة 76. 3 م
• أقصى مدى 5000 ميل بحري ( 9260 كم )
• أقصى سرعة 545 عقدة ( 1009 كم / ساعة )
• ارتفاع العمل 11885 م
• أقصى معدل تسلق 1219 م / دقيقة
• المسافة الأرضية للتأهب للإقلاع 785 م
• أول تجربة طيران أبريل 1988
طائرتا الاستطلاع JSTARS في حرب الخليج
كانت حـرب تحريـر الكـويت فرصـة
مناسبة لتطبيق نظرية المعركة الجو ـ برية (AirLand Battle )، التي تقضي
بتوجيه ضربات متزامنة إلى القوات المعادية، في المواجهة وفي العمق. وتتميز
بخفة الحركة، وتكامل الأعمال القتالية، والاستمرارية. إضافة إلى المهام
التقليدية للقوات الجوية، التي تشمل عمليات الاعتراض الجوي، والعزل
(Interdiction )، والإسناد الجوي المباشر للقوات البرية.
ويتوقف نجاح تنفيذ هذه المهام على المعلومات اللحظية
الدقيقة، المستمرة، لتحقيق هدفين أساسيين، هما: مراقبة موقف القوات
المعادية، لحظة بلحظة، وتوضيح الصورة أمام القادة باستمرار، وتوفير
البيانات اللازمة، لتوجيه ضربات مبكرة، ومستمرة، إلى قوات العدو. على أن
يتم ذلك ليلاً ونهاراً، وفي جميع الأحوال الجوية.
وقد نفذت الطائرتان JSTARS هذه المهمة، أثناء الحرب.
والواقع، أن هذا النوع من الطائرات كان في مرحلة الاختبار النهائي، عندما
صدرت الأوامر إلى طائرتين منها بسرعة التوجه إلى منطقة العمليات المنتظرة.
ووصلتا إلى المملكة العربية السعودية، وبدأتا تنفيذ مهامهما، قبل بدء
القتال، بمدة 12 ساعة. وتبادلت الطائرتان العمل. وكانت إحداهما تُحلِّق
خلف خطوط القوات المتحالفة، بمسافة تراوح بين 50 و 75 ميلاً، وبذلك تكون
خارج مدى نيران صواريخ الدفاع الجوي العراقي، وعلى ارتفاع 30 ألف قدم،
وتكتشف أنشطة القوات العراقية حتى أعماق، وصلت إلى 155ميلاً، ليلاً
ونهاراً. وكانت هاتان الطائرتان متصلتين بالجهات الآتية:
1. القيادة المركزية للجيش. Army Central Command
2. مركز العمليات الجوية التكتيكية. Tactical Air Control Center
3. القيادة المركزية لمشاة البحرية Marine Central Command
4. الفيلق السابع. VII Corps
5. الفيلق الثامن عشر، المحمول جواً. XVIII Airborne Corps
6. طائرات الآواكس وطائرات الاستطلاع الإلكتروني. RC- 135 (Rivet Joint) & AWACS
7. المقاتلات القاذفة. F- 15E
وأثناء تحليق طائرة JSTAERS، الذي كان
يستمر، أحياناً، لمدة 13 ساعة، كانت تقوم باكتشاف، وتتبّع، وتحديد مواقع
المدرعات والمدفعية، وغيرها من الأهداف. وتتابع تحركات القوات العراقية،
وترسل بياناتها، من الفور، إلى أسلحة القصف، الجوية والبرية ( طائرات،
صواريخ، مدفعية ). ومن ثم، أمكن توجيه ضربات مركزة، وفورية، إلى هذه
القوات، لتعطيل تحركها، وإرباكها، وإنزال خسائر كبيرة بها.
وفي إحدى المرات، استطاعت طائرات A-10، وُجِّهت بواسطة JSTARS، أن تدمر 58 مركبة من رتل عراقي، كان يضم 61 مركبة.
وفي عملية أخرى، جرى تدمير 80 % من وحدة عراقية، كانت تنوي مهاجمة الفيلق السابع.
وفي نهاية الأسبوع الأول من العمليات، بدأ إمداد طائرتَي
JSTARS بمعلومات شبكة الأقمار الصناعية((Defense Satellites Program DSP
وهي الشبكة المخصصة لاكتشاف الصواريخ الباليستية، ومتابعتها، وتوفير
الإنذار والمعلومات لأسلحة الاعتراض. واستُخدمت هذه المعلومات في توجيه
الطائرات إلى مهاجمة مواقع إطلاق صواريخ سكود.
كما كانت طائرتا JSTARS تكتشفان منصات هذه الصواريخ،
ليلاً، وتحدد مواقعها للقادة في مركز العمليات البرية، ولطائرات F-15E،
وطائرات الاستطلاع الإستراتيجي U-2 و TR-1، مما ساعد على قصف هذه المواقع.
وكثيراً ما كانت هذه الطائرات، تكتشف منصات قواذف صواريخ
سكود ذاتية الحركة، أثناء تحركها لاحتلال مواقع جديدة، تمهيداً لتنفيذ
القصف الليلي، وترسل إحداثياتها إلى طائرات F-15E، لتقصفها، أثناء تحركها،
باستخدام منظومة القصف الليلي لانترن،
LANTIRN، ( Low - Altitude Navigation and Targeting Infra-Red Night )
وفي بداية العمليات البرية، اكتشفت طائرات JSTARS، فرقة
مدرعة عراقية، تتحرك استعداداً لهجوم ليلي، وأنذرت القوات من ذلك، ووفرت
المعلومات اللازمة للقوات الجوية، التي قامت بقصف التشكيل العراقي، فأجهضت
العملية الهجومية. كما وفرت طائرات JSTARS معلومات رادارية فـورية،
استخدمهـا الفيلق السابع في قصف مواقع الصواريخ أرض ـ جو العراقية، من نوع
SAM-8، بوساطة قواذف الصواريخ متعددة الأنابيب MLRS (Multiple Launch
Rocket System)
ونتيجة للمعلومات، التي حصلت عليها طائرات القتال من
طائرات JSTARS، كانت نسبة نجاحها في اكتشافها، في أول مرور فوق مواقع
الأهداف، لا تقلّ عن 90 %.
وكان التدخل المباشر لطائرة JSTARSسبباً في منع قوات مشاة
البحرية من مهاجمة رتل مدرع بريطاني، خطأً، في المرحلة الأولى من العمليات
البرية.
دور طائرتي "JSTARS" في معركة الخفجي:
في يوم 25 يناير 1991، وصل إلى قيادة القوات
المتحالفة معلومات من القيادة المركزية، ومن رجال المقاومة الكويتية،
الموجودين داخل الكويت، تفيد بأن القوات العراقية، تجري تحركات، تشير إلى
احتمال قيامها بهجوم بري ضد المملكة العربية السعودية. ولكن لم يكن
معروفاً موعد، أو مكان، أو طبيعة هذا الهجوم. وكان هناك عدة احتمالات،
أحدها أن يوجّه الهجوم ضد الفيلق السابع، الذي لم يكن أي من فِرقه جاهزة
للعمليات ( حتى يوم 28 يناير ). واحتمال آخر، أن يكون هدف الهجوم هو منطقة
التكديسات الأمامية لقوات مشاة البحرية، التي تحتوي على كميات كبيرة من
العتاد، ومع ذلك، يُدافَع عنها بدفاعات خفيفة. وكان الموقف يكتنفه الغموض،
أو ما يسمى بضباب الحرب (Fog of war ) وقامت طائرات JSTARS بدور فعال في
جلاء هذا الغموض، فاكتشفت أن الفرقتين، الثالثة المدرعة والخامسة الآلية،
العراقيتين مدعمتان بعناصر من الفرقة الثالثة الآلية، تقومان، بالفعل،
بالتحضير لعملية هجومية. وخلال الفترة من 25 إلى 29 يناير، ظلت طائرتا
JSTARS تتابعان تحركات القوات العراقية وتمدان القادة والقوات بكل
المعلومات اللازمة لاستيضاح الموقف، وتوجيه ضربات مؤثرة ضد القوات
العراقية، التي تستعد للهجوم. وبذلك، تمكنت القوات الجوية من مهاجمة
الأرتال العراقية المتحركة، التي كانت لا تزال بالقرب من قاعدة جابر
الجوية، وحقل نفط الوفرة، في القطاع الجنوبي من الكويت. وفي إحدى هذه
الليالي، قامت طائرة JSTARS بتوجيه مجموعة من طائرات A-10 وF-16 ضد رتل
مدرع عراقي. واستطاعت هذه الطائرات تدمير 72 مدرعة، من إجمالي 100 مدرعة،
كانت هي كل تشكيل ذلك الرتل.
ولقد نفذت الطائرتان، خلال الحرب، 54 طلعة، بإجمالي 600 ساعة طيران.
وعُدَّتا ضمن مجموعة الأسلحة، التي يسمونها مُضاعِفات القدرة ( Force
multiplier )
ولهذا، صرح الفريق ماك بيك ( McPeak )، رئيس أركان القوات الجوية
الأمريكية، آنذاك، قائلاً: "لن ندخل أي قتال، بعد اليوم، من دون طائرات
JSTARS"