إن لم تنقذ القاهرة نفوذها ستسحب تركيا البساط من تحتها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تاريخ النشر : 2011-10-08
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] واشنطن - دنيا الوطن
فتحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية باب النقاش على صفحاتها حول مستقبل
مصر التى قالت عنها إنها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان ومرساة
الاستقرار فى الشرق الأوسط طيلة العقود الماضية، وقالت إنه فى الوقت الذى
لا تملك فيه السلطة العسكرية جدولا زمنيا محددا لتسليم مقاليد القوى إلى
حكومة مدنية، كثرت التكهنات بشأن مسار المستقبل الذى تتبناه البلاد، لاسيما
مع استمرار حالة الضبابية وعدم اليقين.
ورأت الصحيفة الأمريكية أنه مع استمرار تحكم السلطة العسكرية فى البلاد،
بدأ نفوذ مصر يتآكل فى المنطقة، الأمر الذى سيترتب عليه نتائج إقليمية، على
رأسها أن تسحب أنقرة البساط من تحت أقدام القاهرة وتصبح هى اللاعب
العالمى الرئيسى فى المنطقة، وفقا لروبين رايت، الباحثة المعروفة فى مركز
"ويلسون".
وتقول رايت إن معظم الدول الإسلامية من المغرب إلى المحيط الأطلنطى ومن
تركيا على البحر المتوسط إلى إيران والمملكة العربية السعودية على الخليج
العربى، تشهد تحالفات كبيرة، وهذا كله لا يمثل سوى البداية، فكل الانتقالات
السياسية فى القاهرة وتونس وطرابلس وغيرها لم تتجاوز مراحلها الأولى.
ومضت الباحثة تقول: "إن مركز مصر كروح وقلب العالم العربى الفكرى بدأ
يتآكل بصورة كبيرة خلال الـ30 عاما الماضية التى حكم فيها الرئيس حسنى
مبارك، ومنذ الإطاحة بحكمه فشل المجلس العسكرى فى خلق نموذج لمرحلة
الانتقال ما بعد الثورة. ومع ذلك، مصر لا تزال أكبر قوى عربية فى المنطقة،
غير أن المجلس العسكرى يتسم بالعناد، أما تركيا، فقد ظهرت كأقوى دولة فى
المنطقة بأسرها، ولاشك كواحدة بين ثلاثة أو أربعة لاعبين جدد يغيرون من
موازين القوى فى العالم. ورغم أن المملكة العربية السعودية لا تزال غنية
ومؤثرة، إلا أنها لا تزال تعانى من قيود شتى، حتى بعدما أدانت القيادة
السورية على حملة القمع التى شنتها ضد شعبها".
ومن ناحية أخرى، رأى شادى حميد، مدير مركز بروكينجز فى الدوحة، أن
الانتقال الديمقراطى فى مصر، وهو يتسم بالفعل بكونه متخبطا وغير واضح
المعالم، بات تحت تهديد كبير، لاسيما وأن موعد الانتخابات الجديدة، والتى
كانت نتاجا لاتفاقية بين المجلس العسكرى و13 حزبا سياسيا، يشوه "نقل
السلطة" بشكل لا يوصف، قائلا إنه عندما حصل الجيش على السلطة فى بادئ
الأمر فى فبراير الماضى، تعهد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية خلال ستة
أشهر، ورغم عدم واقعيته، إلا أن هذا الجدول أرجح أن الجيش متحمس للعودة
إلى ثكناته، غير أن هذا الانطباع بدأ يتلاشى، فوفقا للاتفاق الجديد، لن
تعقد الانتخابات الرئاسية قبل عام 2013. وإن المشير، حسين طنطاوى، الحاكم
المؤقت للبلاد، قال فى محاولة لطمأنة المتشككين "إذا أتيحت الفرصة، سيتنحى
المجلس العسكرى غدا"، الأمر الذى أعاد إلى الأذهان قول مبارك بأنه سيتنحى
فقط إن وجد شخصا ذات خبرة كافية ليكون رئيسا.
ومضى حميد يقول: "إن الجيش لا يمكن أن" يؤتمن على شىء بأهمية ديمقراطية
مصر الوليدة"، حتى وإن كان لا يريد إلا مصلحة البلاد، فالمجلس العسكرى لم
ينتخب ومن ثم غير مسئول عن الشعب الذى يخدمه.
وإن كانت المسألة متعلقة بالاستقرار، إذا الموعد المقترح لن يسفر سوى عن
المتاعب، فتمديد حكم العسكر، سيغذى مشاعر المعارضة والرفض بل وسيبعد
المستثمرين".
وذهب الباحث إلى أن ما يحتاجه المصريون الآن هو إشارة قوية على أن دولتهم تسير نحو المستقبل، مخلفة ورائها ماضيها الاستبدادى.
ورأى من ناحية أخرى، سامر شحاتة، الأستاذ المساعد فى جامعة "جورج تاون"
الأمريكية، أن مصر كانت زعيمة العالم العربى فى القرن العشرين، وكانت
الأولى على المستوى التعليمى والثقافى والإعلامى، مما منحها الهيمنة
الفكرية والسياسية التى وضعت إطار للعالم العربى. غير أن مركز مصر بين
جيرانها تراجع بصورة كبيرة خلال العقدين الماضيين، فى ظل حكم الرئيس
السابق، حسنى مبارك.
ومضى يقول: "إن الاضمحلال السياسى، وارتفاع مستوى الفساد أدى إلى تراجع
خطير فى نفوذ البلاد الإقليمى. وبالمثل، كان وضع السياسة الخارجية، الذى
وجدها الكثير من العرب مظلة لسياسة واشنطن وتل أبيب، وهذا حدث فى وقت حصلت
فيه تركيا وإيران وحتى قطر "الصغيرة" على الهيمنة فى الشأن العربى".
ولكن تمكن المصريون بثورتهم من استقطاب احترام الملايين من العرب
المتشوقين إلى الكرامة والحرية السياسية. وذهب شحاتة إلى أن استعادة مكانة
مصر الإقليمية يعتمد على عدد من العوامل، أبرزها الانتقال الناجح إلى
الديمقراطية، وزيادة الرخاء الاقتصادى الذى يستشعره جميع أطياف الشعب
المصرى، وتبنى سياسة خارجية تعمل على الصالح المصرى والعربى.
وأكد من جهة أخرى، مارك لينش، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط فى جامعة
جورج واشنطن بأمريكا، أن مصر تواجه الآن لحظة حاسمة، فالآمال العظيمات
للثورة بدأت تتلاشى مع تعاظم غضب النشطاء حيال المجلس العسكرى، وانقسام
المجتمع حول دور الإسلاميين. وإذا أراد المصريون أن يعيشوا تعهد ثورتهم،
ينبغى أن يسرع الجيش إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ويسهل عملية
كتابة الدستور، وأن يعود إلى ثكناته قبل حلول الصيف المقبل. وذهب إلى أنه
كلما تأخرت الانتخابات، كلما ستزيد الأوضاع سوءا للقوات الليبرالية ولجميع
المصريين.