لمواصفات العامة لأنظمة الردارات البرية
من الاختلافات الرئيسة بين رادارات ساحة القتال وغيرها من الرادارات ، أن
رادارات الميدان تعمل بالطاقة الكهربائية، المستمدة من البطاريات، أما بعض
أنواع الرادارات الأخرى فتحتاج إلى مولدات كهربائية لتمدها بالطاقة مما
يحدّ من منفعتها التكتيكية.
وما يميز رادارات الميدان عن الرادارات الأخرى، هو قدرتها على كشف وتصنيف
الأهداف الصغيرة. وقد تم تطوير رادارات صغيرة الحجم، ولكنها تلبي طلب
تكوين صورة واضحة للأهداف على مسافات قصيرة نسبياً، والغالبية العظمى منها
تعمل في الحيزين الترددين ما بين 8-20 جيجا هيرتز، ويعنى ذلك أن مثل هذه
الرادارات الحديثة تستطيع كشف أهدافٍ بحجم الإنسان على مسافات تتراوح ما
بين 5كم و 25كم، طبقاً لطبيعة الأرض.
وتجدر الإشارة إلى أن الردارات البرية ليست مصممة عموماً لكشف الأهداف
عالية السرعة، وهي تستقبل الانعكاس الرداري بدءاً من سرعة حركة الجندي على
قدمية حتى أقصى سرعة للمركبات الميدانية والطائرات العمودية المنطلقة على
ارتفاعات منخفضة، والعديد من المركبات الجوية من دون طيار.
وعلى الرغم من صغر حجم أجهزة الرادار وبساطة استخدامها الظاهر، فإن
رادارات مراقبة ساحة القتال الحديثة معقدة التصميم، فقد استخدمت بعض النظم
- على سبيل المثال - تقنيات النبضة المضغوطة Pulse Compression لزيادة مدى
عمل الرادار، مع الحفاظ على وضوح الصورة على أقصى مدى كشف، كما يستخدم
البث على التردد القافز Hopping Frequency لزيادة احتمالات كشف الهدف،
وتحسين القدرة على مقاومة الإعاقة.
وقد أصبحت غالبية رادارات ساحة القتال الحديثة أقل وزناً من الرادارات
السابقة، إذ لا يزيد وزن النظام الشامل عن 100كجم عادة، والاتجاه حالياً
هو الاستمرار في تطويرها من ناحية تخفيض الوزن، وذلك بفضل استخدام الدوائر
المدمجة. وعلى سبيل المثال، فإنه في نظام M-Star لا يزيد وزن الرادار عن
35 كجم، كما يمكن تفكيكه ليسهل حمله من طاقم لا يتعدى ثلاثة رجال، وهكذا
يمكن تركيبه في أي مكان من ساحة القتال، ويصبح جاهزاً للعمل في أقل من
ثلاث دقائق، ويعمل على البطارية القياسية فئة 24 فولت، كما أن استخدام
المكونات الميكانيكية التصميم يخفض كثيراً من استهلاك الطاقة الكهربائية،
مما يتيح استخدامه لفترة تتراوح ما بين ساعتين أو ثلاث ساعات للبطارية
الواحدة.
ويمكن دمج نظم الرادارات البرية الحديثة ضمن شبكات مراقبة رادارية شاملة
تستخدم معها أنواع أخرى من المستشعرات؛ لتتنوع وتتعدد وسائل المراقبة
والكشف في النظام الواحد، وهو ما يعرف بنظام (دمج وصهر المعلومات) Data
Fusion، ويكون الاتصال بين مختلف الرادارات، ومستشعرات المراقبة الأخرى من
خلال وصلات اتصالات مؤمنة. ويتوقع أن يستمر تطوير رادارات مسرح العمليات
القتالية لتحقيق مزيد من خفة الوزن، وصغر الحجم، وسهولة كبيرة في عمليات
نشر هذه النظم وإخلائها.
اتجاهات التطور
شهدت التقنية الرادارية تطوراً ملموساً في السنوات الأخيرة، إلى جانب
إدخال تحسينات متلاحقة على مستوى كيفية دمج النظم ورفع درجة الفعالية،
ولعل الإنجازات التي يمكن التوقف عندها في هذا المجال، هي القدرة على
توفير نطاق ترددات مناسب - عبر استخدام طاقة محدودة، نادراً ما تفوق
الكيلو واط الواحد - ومن شأن ذلك أيضاً، أن يضاعف من مستوى الأمان ضد
الوسائط الإلكترونية المضادة.
ونظراً لصغر الحجم والشكل، تبدو الرادارات المعنية أقل عرضة للاكتشاف من
النظم الكبرى البحرية والجوية، مع أن هذه الأخيرة تتمتع بمستويات حماية
نوعية متطورة. وإضافة إلى ظاهرة المناورة يمكن التوقف عند خاصية التموية،
والقدرة المتزايدة على الإفلات من الوسائل الهجومية المعادية، وسرعة
الانتشار في ساحات القتال المختلفة.
وتحتوي الرادارات الحديثة على شاشات عرض وهوائيات وإلكترونيات مدمجة، مع
ملاحظة فروقات طبيعية ومبررة بالنسبة للحجم والوزن وطريقة النشر والملاءمة
مع الحاملات الثابتة والمتحركة. إلا أن ما يميز الردارات التكتيكية، هو
الدمج الفعال مع نظم نوعية مختصة، مهمتها إصدار الأصوات السمعية بأنغام
تحاكي الأصوات التي تولدها الأهداف المتحركة، وبذلك تقترب نوعية النظم
المذكورة من نوعية النظم المحمولة جوا، المصممة للكشف عن المقاتلات
والعموديات، أو مراقبة حركة إطلاق النار من الجو.
وبالنسبة إلى الرادار البري التكتيكي، تبدو صعوبة التمييز أحياناً، من
خلال شاشة العرض بين هدف وآخر، أو تحديد هوية الهدف بالدقة المطلوبة،
نظراً للتشابه في معطيات الصور، وهذا ما يفسر، ضرورة استكمال التجهيز
الراداري الأساسي بسماعات، مهمتها المساعدة على التعرف على الأصوات
والتمييز بينها، كما أن هذا التجهيز لا يثبت فعاليته من خلال العامل
التقني فحسب، بل من خلال العامل البشري أيضاً، المتعلق بخبرة المشغل
ومهارته وحدسه أحياناً.
تمييز الأهداف
تقدمت تقنية الرادار بما يمكِّن من الكشف عن هوية بعض الأهداف، وهو ما لم
يكن ميسراً في الفترات السابقة، ويمكن على سبيل المثال الآن، التفريق بين
الإنسان والآلة، أو التمييز بين مركبة مدولبة وأخرى مجنزرة، أو التعرف على
مدى انتظام الحركات الأرضية. بل أكثر من ذلك، تم تحويل ناجح لهذه التقنية،
بحيث أصبحت تستخدم أيضاً لتحديد نوعية الطائرات العمودية،المحلقة على
ارتفاعات منخفضة، إضافة إلى توسيع مجال استخدام الرادارات التكتيكية في
مهام المراقبة والحراسة الإلكترونية.
ويعني ذلك أن ظاهرة التنويع التي شملت بنجاح المجال الجوي المحدود في
مرحلة أولى، دفعت الشركات المصنعة إلى تجهيز سفن الدورية السريعة برادارات
برية تكتيكية، تلعب دوراً إيجابياً مضاعفاً في الدفاع عن الشواطئ. وعلى
الرغم من توسع إطار الاستخدام وتنويع الاعتبارات الإيجابية، يبقى بالطبع
المجال البري، الإطار الأفضل للاستعمال، إضافة إلى فوائد جديدة تم تسجيلها
على مستوى التعرف بدقة على مصادر إطلاق مدافع الهاون والمدافع الميدانية.
وتم تطوير إمكانات تكتيكية لدى الرادارات البرية بهدف تحسين الأداء
العملياتي المختص، وإذا كانت الشركات الرئيسة ضاعفت جهودها في هذا
الاتجاه، من خلال تطوير نظم خاصة بتوجيه اطلاق النار وعمليات المراقبة
الأرضية، فقد توجهت أيضاً نحو تطوير رادارات تكتيكية ثلاثية الأبعاد 3D،
لمهام التحذير المتقدم وتنسيق الدفاع الجوي على ارتفاع منخفض.
الاستخدام الفردي
تصاعدت قدرة الاستخدام الفردي للرادارت البرية، بحيث يستطيع مشغل واحد، في
بعض الأحيان، أن يحمل تجهيزاً متكاملاً، تتفكك عناصره إلى وحدات صغيرة.
وهذه التقنية تمنح الرادار مرونة إضافية، وتعطي الوحدات المتقدمة مساحة
إضافية أيضاً من المناورة.
ومن التطورات في مجال رادارات ساحة القتال، نظام يحمله جندي واحد على
ظهره، وهو مثبت على ظهر الجندي بأشرطة، أمّا الهوائي فيحمله الجندي على
صدره، وتنفذ عملية المسح طبقاً لحركة الجسم، وعن احتمال تعرض الجندي حامل
الرادار ومشغله لأخطار الإشعاع تأكد أن هذا الخطر غير وارد.
مجالات القصور
من مجالات القصور التي تعاني منها أجهزة الرادار أن عدم قدرتها على الكشف
إلاّ على امتداد خط النظر، يجعل استخدامها في المناطق الجبلية أو ذات
التضاريس الحادة أمراً غير ذي نفع، كما أن هطول الأمطار الغزيرة، أو هبوب
العواصف الثلجية والترابية، أو وجود أعشاب كثيفة، يقلل من قدرات النظام
على العمل بكفاءة، وتلعب الإجراءات المضادة دوراً في الحد من قدرات
الرادار.
واستخدام أنظمة رادار المراقبة الأرضية في المناطق الصحراوية له أهمية
بالغة. فالرادار يمكنه الكشف عن أهداف تقع على مسافات بعيدة فوق أرض وعرة
قليلة الارتفاع، أو هضبة صخرية، أو مناطق السهول الرملية، إلاّ أن كفاءة
عملها تتأثر بوجود الغبار العالق في الجو، وارتفاع درجات الحرارة في هذه
المناطق، كما هو الحال لغيرها من الأجهزة