ردود فعل نتنياهو على ربيع العرب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ياسر الزعاترة |
04-12-2011 14:32 لم
يسجِّل نتنياهو الكثير من التنازلات السياسية منذ مجيئه إلى السلطة،
وجاءَت مجموعات اليمين المتطرف من حوله لتزيده تشبثًا بخطابه ومواقفه. وهو
لم يتراجع لا أمام أمريكا ورئيسها، ولا أمام الداخل ولا أمام العرب ولا
أمام الأوروبيين، مع العلم أنّ ما طلب منه لم يتجاوز تجميد الاستيطان من
أجل استئناف المفاوضات، إلى جانب التعامل بقليلٍ من الحنان مع سلطة (تسمّى
وطنية فلسطينية) تخدم أمن دولته واقتصادها أكثر بكثير مما تخدم برنامج
تحرّر شعبها من نير الاحتلال .
اليوم، وأمام الربيع العربي ها هو
نتنياهو يتجرَّع مرارة التراجع، ولو بشكلٍ محدودٍ، ويمارس الاحتجاج على
الولايات المتحدة بسبب خطابها حياله، ثم يعلن الخوف من تداعياته. فكيف ذلك؟
لنبدأ
بالاحتجاج، فقد ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أنّ دوائر سياسية رفيعة
المستوى في الدول العبرية وجهت انتقادًا حادًا للبيت الأبيض بسبب دعوته
الجيش المصري إلى نقل صلاحياته لحكومة مدنية في أقرب وقت ممكن. ونقلت
الصحيفة عمن وصفته بمصدر سياسي كبير قوله: إن "الولايات المتحدة تكرر خطأها
في عهد الثورة الأول في مصر، حين دعت مبارك إلى ترك الحكم. فالانتقال
المتسرع وإجراء انتخابات حرة مبكرة جدًّا من شأنه أن يؤدِّي إلى صعود
الإخوان المسلمين إلى الحكم".
وقالت الصحيفة: إن وزارة الخارجية
تعمل من خلال السفارات الإسرائيلية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا على نقل
ذات الرسالة إلى الدول المذكورة .
أما التراجع، فقد سجّله نتنياهو
ضمن ذات السياق، فقد ذكرت صحيفة "معاريف" أيضًا أنه وبسبب الخوف من تداعيات
ما يجري في المنطقة، بخاصة في مصر، فقد اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي خطوة
كان يمكن أن تشعل حريقًا في الشرق الأوسط، وهي هدم جسر باب المغاربة الذي
يربط بين حائط البراق "المبكى" وبين الحرم القدسي. ونقلت الصحيفة عن تقرير
للقناة التلفزيونية الثانية أنّ الخطوة جاءت عقب رسائل تحذير من مصر
والأردن مفادها أنّ تلك الخطوة يمكن أن تحرف وجهة المظاهرات في ميدان
التحرير لتكون ضد الكيان الصهيوني، الأمر الذي ينسحب على دول عربية أخرى.
أما
مخاوف نتنياهو، فقد عبّر عنها في خطابه في الكنيست يوم الاثنين الذي
انطوَى على تبرير لتراجعه بخصوص هدم جسر باب المغاربة. وقد نقلت صحيفة
"القدس العربي" عن موقع صحيفة "هآرتس" قول نتنياهو: إنّ موجة من الإسلام
الراديكالي تجتاح الوطن العربي بعد سنوات طويلة من الأحكام العسكرية
الثابتة في العديد من الدول العربية. وأضاف أنّه من الصعب تحديد الفترة
الزمنية التي ستستغرقها فترة عدم الاستقرار، مشيرًا إلى أن هذا الوقت ليس
مناسبًا للقيام بأعمال متسرعة.
وأضاف أنّ النظام والاستقرار اللذين
عرفناهما في السنوات الأخيرة في طريقهما إلى التلاشِي من المشهد السياسي في
الشرق الأوسط، وخصوصًا أن الجيش الأمريكي سينسحب قريبًا من العراق، وليبيا
باتت أكبر مخزن للأسلحة غير الشرعية، وبالتالِي فإنّ التحدِّي الذي
ستواجهه إسرائيل والأمن القومي الإسرائيلي سيكون كبيرًا .
أما
(المفارقة في كلام نتنياهو) فتتمثل في اطمئنانه حيال وضع السلطة الفلسطينية
(قيل إنه سيفرج عن أموالها المجمدة) التي لاحظ أنها باتت هادئة في
التوجهات أحادية الجانب إلى المنظمات الدولية، أما المفاوضات بين حماس
وفتح، فهي برأيه خطوة تكتيكية ليس إلا، ولن تؤدِّي إلى خطوات عملية على أرض
الواقع (هذا لمن يتوقعون أن يتوقف التنسيق الأمني مع العدو، فضلاً عن
إعلان مقاومة شعبية شاملة ضد العدو على شاكلة الربيع العربي، وندعو الله أن
يكون توقعهم صادقًا وتخيب توقعاتنا).
ألم نقل إنّ الربيع العربي
بشرَى لفلسطين؟ ألم نقل إن حماية إسرائيل كانت تأتِي من المواقف العربية
إلى جانب الانحياز الأمريكي والدولي؟ ثم يأتِي بعد ذلك من يصف هذا الربيع
الأجمل في تاريخنا الحديث برمته بأنه محض مؤامرة يدبرها أعداء الأمة في
الغرف المظلمة. ساء ما يحكمون.
المصدر : الإسلام اليوم