قد يتسبب فشل إطلاق صاروخ كوريا
الشمالية الأخير بنكسة للجهود الإيرانية الساعية إلى تطوير صاروخ يمكنه أن
يهدد الولايات المتحدة وأوروبا.
فقد كانت
الصناعات الجوفضائية الإيرانية تعتمد إلى حد كبير على تكنولوجيا كوريا
الشمالية، بالإضافة إلى التكنولوجيا الصينية والروسية، لتطوير ترسانتها
الصاروخية الاستراتيجية التي كانت يُنظر إليها بشكل عام على أنها وسيلة
لحمل الرؤوس النووية التي تحاول طهران إنتاجها لضرب الولايات المتحدة
وحلفائها.
ففي الثالث عشر من أبريل قامت كوريا
الشمالية بإطلاق صاروخ Unha-3 البعيد المدى الذي روجت له بشكل كبير، فتحطم
في البحر الأصفر بعد إطلاقه بمدة قليلة. وليس من شأن ذلك أن يعزز سمعة
بيونغ يانغ لدى الإيرانيين الذين واجهوا بأنفسهم نكسة مماثلة في التجارب
التي أجروها في منطقة " الدشت الكبير" أي الصحراء المالحة الكائنة جنوب
طهران.
تقول كوريا الشمالية إن صاروخ Unha
الثلاثي المراحل كان مخصصاً لوضع قمر اصطناعي للاتصالات في مداره. ولكن
المسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية واليابان يجزمون
بأن عملية إطلاق الصاروخ هذه كانت جزءًا من مخطط كوريا الشمالية لتطوير
صاروخ بالستي عابر للقارات.
قام فريق مكون من 12
مهندساً للصواريخ البالستية بمراقبة عملية الإطلاق هذه وهم ينتمون إلى "
مجموعة شهيد هِمّات الصناعية" الإيرانيةSHIG ، التي تقوم ببناء الصواريخ
البالستية الإيرانية في موقع لها خارج طهران. وتعتبر مجموعة SHIG جزءًا من
منظمة الصناعات الجوفضائية التي تديرها الحكومة الإيرانية، وهي مسؤولة عن
صناعة الصواريخ البالستية العاملة بالوقود السائل مثل صواريخ شهاب-3 التي
تعتمد صاروخ كوريا الشمالية العامل بنظام نو- دونغ، والذي كان السبب في
إطلاق كامل برنامج الصواريخ الإيراني منذ أكثر من عقد من الزمن.
و تشير وكالة يون هاب الكورية الجنوبية للإعلام إلى أن المهندسين
الإيرانيين قد وصلوا إلى بيونغ يانغ بتاريخ الحادي والثلاثين من شهر مارس
الماضي 2012، دون أي شك لمراقبة عملية إطلاق الصاروخ والحصول على بيانات
التجارب من الكوريين الشماليين.
ومن المعروف أن
كوريا الشمالية قد لعبت دوراً حيوياً في مساعدة الإيرانيين لتطوير
برنامجهم الصاروخي، ومن المنتظر من هذه المساعدة أن تدفع طهران إلى البحث
عن رؤوس نووية. فكل من بيونغ يانغ وطهران في مواجهة مع الولايات المتحدة
الأميركية وإسرائيل، تحاولان تطوير صواريخ بالستية عابرة للقارات، التي
بحسب تحديد الولايات المتحدة الأميركية، يجب أن يفوق مداها 3400 ميل.
وفي
شهر نوفمبر من العام 2010، وردت تقارير متكررة عن أن كورياً الشمالية قد
زودت إيران بما يقدر بـ 19 صاروخاً متقدماً من طراز BM-25، وهي القادرة
على حمل رؤوس نووية. فالبرقيات الدبلوماسية التي نشرتها ويكيليكس تقول أن
قدرات إيران التكنولوجية قد تتقدم بشكل كبير لدى حصولها على هذه الأنظمة
كما انه قد تسمح لها بتطوير جيل جديد كلياً من الصواريخ.
ويتم
تصنيع صاروخ BM-25 على غرار نموذج الصاروخ R-27 الذي يطلق من الغواصات
والذي يصنعه مكتب ماكييف للتصميم، الذي قام ببناء صاروخ سكود – بي
(Scud-B) الواسع الانتشار، وهو الطراز النموذجي الذي تعتمده كوريا
الشمالية لأنظمتها الصاروخية العاملة بالوقود السائل.
ويملك
صاروخ BM-25 المعروف لدى حلف شمال الأطلسي الناتو بصاروخ SS-N-6 مدى
يقدر بـــ 1500 ميل. وفي ذلك الوقت كان مدى الصواريخ الإيرانية المصنعة
محلياً يبلغ حوالي 1250 ميلاً. إلا أن صاروخ BM-25 قد أصبح أكثر طولاً
وأثقل وزناً، يستطيع أن يقوم بحمل كمية وقود أكبر، مما يجعل مداه يصل إلى
2000 ميل، أي أن مداه يصبح كافياً لضرب أوروبا الغربية أو ... حتى موسكو.
وبأتي
هذا، في الوقت الذي يتزايد فيه قلق البلدان الغربية من جراء التطورات
المتقدمة التي طرأت على برنامج الصواريخ البالستية الإيراني، بعد أن قامت
طهران بوضع أول قمر اصطناعي لها على مداره في الفضاء على متن الصاروخ
الحامل " سفير" Safir، والمزود بمحرك أقوى مما كان موجوداً على الأنظمة
السابقة، والمتضمن لبعض التكنولوجيا الروسية.
وتعتبر عملية تحويل صواريخ الفضاء الحاملة للأقمار الاصطناعية إلى صواريخ
بالستية بعيدة المدى اللبِنَة الرئيسة للارتقاء إلى القدرات العابرة
للقارات.
وقد أفادت إحدى وسائل الإعلام بتاريخ 24
فبراير، 2010 إلى أن إيران "سعت للتوصل إلى محركات قادرة على استعمال
وقود أكثر فاعلية. في حين تعتبر صفقة شراء دفعة من صواريخ BM-25 قد أعطت
إيران، مجموعة من هذه الصواريخ يمكنها العمل عليها بطريقة الهندسة العكسية
للوصول إلى هذا الهدف.
لم يتم بعد، التأكد بشكل
قاطع من صدق وصول صواريخ BM-25 إلى إيران. ولكن من المعتقد أن يكون قد تم
تسليمها إلى إيران في العام 2005، قبل أن تقوم الأمم المتحدة بفرض عقوبات
على بيونغ يانغ بسبب تجاربها النووية في العامين 2006 و2009.
في كافة الأحوال، فقد أشارت البرقيات إلى وجود تعاون عسكري بين هاتين الدولتين يتمتع بدرجة أقوى مما تظهر عليه الأمور في العلن.
ففي
الثالث عشر من شهر مايو الماضي، قام مجلس من الخبراء التابعين للأمم
المتحدة بتقديم تقرير لمجلس الأمن يقول أن بيونغ يانغ قد استمرت في تصدير
الصواريخ البالستية ومكونات هذه الصواريخ والتكنولوجيا العائدة لها إلى
إيران، وذلك في مجهود لها للحصول على العملات الصعبة ولكي تقوم بدعم
جهودها الخاصة.
يضيف التقرير بأن كوريا الشمالية،
التي استُبعِدت من قبل الأمم المتحدة، ومنعت من الاتجار بالتقنيات
النووية والصاروخية، كانت تشحن هذه المواد الممنوعة بطريقة غير قانونية "
عبر بلد ثالث من جيرانها" يشتبه بأن يكون الصين.