Admin Admin
عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
| موضوع: استخباراتية رديئة الأربعاء ديسمبر 12, 2007 7:52 pm | |
| استخباراتية رديئة <hr style="color: rgb(255, 255, 255);" size="1"> ماالذي يزعج الحكومة الإسرائيلية إلي هذا الحد من البرنامج النووي المصري, حتي يتخذ احد مسئوليها الكبار قرارا بتنفيذ عملية يدرك انها ترتبط بمسألة حساسة لدي المصريين؟ فمن المفهوم ان هناك العابا استخباراتية تجري طوال الوقت, لكن المنطق هذه المرة غير مفهوم, وينبغي التوقف امامه, فما قامت به إسرائيل يلقي بعلامات استفهام حول مابقي بين الطرفين, وربما يجب علي مصر أن تطالب هذه المرة بتحقيق حول ماجري, أو أن تتخذ موقفا ما يتجاوز فكرة أن الالعاب الاستخباراتية تحدث في كل الأحوال, وانها جزء من قواعد اللعبة, واننا علي أي حال القينا القبض علي هذا الشخص الذي يستحق دراسة لقواه العقلية وتوجهاته النفسية قبل أن يتم الالقاء به في الجحيم.
ان التفكير المعتاد هو أن بعض أجهزة الاستخبارات تتصرف وفقا لاعتبارات امنية أو تتصور أنها أمنية, بصرف النظر عن طبيعة العلاقات السياسية مع الدول التي يتم استهدافها, لكن اذا كانت الدولة التي يتم الاشتباك معها ليست دولة معادية بالتعبير الرسمي, وتربطها علاقات ذات حساسية خاصة مع إسرائيل, فانه لايجوز افتراض انها عملية روتينية يرتبط القرار فيها بمسئول استخباراتي يمارس عمله, فهناك شخص ما علي القمة لابد أنه يعرف مايجري, أو ربما اتخذ قرارا بذلك.
لقد وضح من خلال العمليات التي مارستها الاستخبارات الإسرائيلية ضد دول تعتبر سياسيا صديقة كما حدث في قضية بولارد في الولايات المتحدة, أو قضية خالد مشعل في الأردن, ان المسألة كانت ذات ابعاد مركبة, فقد اتخذت الولايات المتحدة موقفا متشددا ضد إسرائيل ورفضت لفترة طويلة الافراج عن الجاسوس الإسرائيلي, وعندما كان السؤال يتكرر في مواجهة الرؤساء الأمريكيين بهذا الشأن كان الرد هو لاتخلطوا التفاح بالبرتقال وادت تلك العملية إلي إعادة ترتيب هيكل صنع قرارات الموساد.
قام الملك حسين بنفس الشيء عندما تم تنفيذ عملية خالد مشعل في عمان, فلم تكن حدود المسألة بالنسبة لدولة ذات أوضاع حساسة كالأردن, ستتوقف عند حد القول بأن مشعل استهدف من الخارج, اذ كان هناك من سيصرخ بأن تواطؤا قد جري, واصر الملك حسين علي أن توفد إسرائيل من ينقذ مشعل علي الفور, ثم أصر علي أن تقوم إسرائيل بعقاب من قرر القيام بتلك العملية, وحدث ذلك لكن المهم هذه المرة أيضا, ان ترتيبات خاصة بعملية صنع القرار في الموساد قد جرت.
علي أي حال فإن المسألة لم تكن ـ سياسيا علي الأقل ـ تستحق ممن اتخذ القرار في إسرائيل للقيام بمثل تلك العملية تجاه مصر, كل هذا العناء الذي حدث, والذي سيحدث, فمصر ليس لديها ما تخفيه بشأن برنامجها النووي البحثي القائم, ولاحتي تلك الشائعات التي اطلقت في يوم ما حول نشاطات في مجال معالجة البلوتونيوم, ومشروع برنامجها النووي القائم علي اساس مفاعلات الطاقة, يتم لأول مرة في تاريخ المنطقة بشكل شفاف ومعلن أكثر مما يتصور, وسوف تستمر مصر في هذا الاتجاه.
ان مصر لديها مفاعلان نوويان, احدهما2 ميجاوات, والآخر22 ميجاوات, وهما مفاعلا ابحاث, ولديها عناصر متكاملة ـ لكنها محدودة ـ لدورة وقود نووية, ولديها كوادر عملية وفنية باعداد تحسد عليها, ولديها مشروع لاقامة محطات طاقة بعدد كبير في المرحلة القادمة, يتحدث عنه ويتدخل في شئونه كل من له علاقة أو ليست له علاقة بالموضوع, ويدور النقاش حوله بشكل سييء احيانا, امام الجميع, لكنه سيقام في النهاية, ولايحتاج الأمر إلي معلومات اضافية ليتم تقدير الأمور علي المستوي الاستراتيجي.
لقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت عندما بدأ الحديث في مصر عن استئناف النشاطات النووية, أنه ليس لدي إسرائيل مشكلة مع البرنامج النووي المصري, وأنه يثق انه سلمي بالكامل, لكن يبدو أن هناك في إسرائيل من لايثق في شيء, ويريد أن يتأكد من الناحية الفنية ان الأمور تسير في الاتجاه الذي تسير فيه, حتي لو كان الثمن عودة لايعرف احد كيف يعالجها لحالة حادة من عدم الثقة بين الجانبين, في وقت تطالب فيه إسرائيل الدول العربية بإجراءات ثقة قبل حل المشكلات المعلقة, بمناسبة مبادرة السلام العربية.
المسألة هي ان إسرائيل قد ضربت عدة مرات في الفترة الماضية فيما يتعلق بقدرتها علي التعامل مع المشروعات النووية في المنطقة, فلم تعرف شيئا عن البرنامج النووي العراقي, ولاعن البرنامج النووي الليبي, ولاعن برنامج تخصيب اليورانيوم الايراني, ولم يكن لديها سوي معلومات من الدرجة الثالثة, إلي أن فوجئت بكل ذلك مرة واحدة, ولم تكن هي ذاتها قادرة علي أن تزعم انها قادرة علي ايقاف تلك البرامج, التي توقفت لاسباب مختلفة لاعلاقة لها بها فاستراتيجيا لايوجد انجاز.
لكن المشكلة الحقيقية هي انها قد استخدمت مالديها بشكل شديد السوء, فقد اعتمدت علي الشائعات الجارية والتسريبات المقصودة والمعلومات الناقصة والأفكار الطائرة والابحاث النظرية في اصدار تقديرات بدت مضحكة في كثير من الأحيان, لكنها كانت مضرة في احيان أخري, فالحديث عن تنشيط قدرات العراق النووية بعد عام1998, أو أن العراق نقل اسلحته النووية المزعومة لسوريا أو السودان, أو أن السعودية تفكر في امتلاك خيار نووي, أو أن إيران قامت بشراء اسلحة نووية من كازاخستان, أو انها يمكن ان تمتلك سلاحا نوويا خلال6 شهور, كلها زوابع اثارتها إسرائيل استنادا علي عملية طبخ استخباراتية معروفة.
ان ذلك يمكن ان يحدث مرة أخري, ووقتها قد تزداد الأمور سوءا بين مصر وإسرائيل, فالبرنامج النووي المصري المقبل يعد أحد مقومات المستقبل في مصر, حتي لو لم يكن بعض المصريين انفسهم يتصرفون علي هذا الاساس, وهنا يجب أن ننتبه, فالعملية الإسرائيلية لن تؤثر علي برامج مصر النووية, التي تتسم بشفافية غير مسبوقة لكنها قد تثير زوابع لامعني لها, ستنحسر مع الوقت, لكن سيبقي في النهاية درس كبير وهو أننا يجب أن ننتبه لما لدينا.
فإسرائيل قامت بحركة سيئة سيتم التوقف عندها طويلا, لكن رب ضارة نافعة. | |
|