أسرار الدين اليهودي
علم الآداب في المستقبل
عندما نغدو سادة لن نترك ديناً قائماً
غير ديننا القائل بالإله الواحد الذي يرتبط به مصيرنا لأننا نحن شعب الله
المختار، وبنا ارتبط مصير العالم، ولذا يجب أن نقضي على كل الأديان، فإذا
نشأ عن ذلك وجود ملحدين عصريين فإنهم سيكونون عناصر انتقالية، وهذا لا يضر
مخططنا لأنهم سيكونون مثالاً للأجيال التي ستعتنق تعاليم دين موسى، الذي
بفضل قوته وعقلانيته يجب أن ينتهي بنا الى التسلط على العالم كله.
وسنفرض أيضاً الحقيقة الصوفية لتعاليم
الماسونية التي تؤكد أنها أساس كل قوة تربوية. وفي كل مناسبة سننشر مقالات
نقارن بها بين قوانينا الخيِّرة وبين قوانين الماضي، وأن نعيم السلام،
الذي هو حصيلة قرون من الاضطرابات، سيظهر الصورة الخيِّرة لسيطرتنا، كما
سيظهر بعنف الأخطاء التي ارتكبها الكوييم خلال حكمهم. وسندعو الى النفرة
من إدارة الكوييم حتى نجعل الشعوب تفضل سلام العبودية على حقوق الحرية
التي طالما عذّبتهم وسلبتهم كل أسباب العيش ثم دفعتهم الى جماعة من
المغامرين يستثمرونهم ولا يدرون ماذا يفعلون بهم. إن التغييرات العقيمة
لهذا النظام الذي دفعنا الكوييم اليه، حينما كنا نعمل للقضاء على إدارتهم
الحكومية، سوف تصيبهم بعذاب يفضلون تحمله منا على أن يقعوا ثانية في
الفوضى والفقر، كما كانوا في الماضي. وفوق ذلك فإننا سوف نصرُّ بصورة خاصة
على الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها حكومات الكوييم، تلك الأخطاء التي
سبّبت آلاماً للإنسانية خلال قرون، لأن هذه الحكومات كانت تجهل كل ما من
شأنه أن يسبب الرخاء الحقيقي للشعب. ولأن مخططاتهم الاجتماعية قد أساءت
الى العلاقات المتبادلة، التي هي أساس الحياة الإنسانية، بدل أن تحسّنها.
إن كل قوة مبادئنا ونتائجها تكمن في هذه الحقيقة وهي: أنها كلها من صنعنا
ومفسرة من قبلنا بما يخالف مخالفة صريحة النظام الاجتماعي القديم المنصرم.
وسوف يناقش فلاسفتنا كل نواقص دين الكوييم، ولكن أحداً لن يناقش ديننا في
معناه الحقيقي ولن يفهمه أحد فهماً صحيحاً إلا شعبنا الذي لن يجرؤ على كشف
أسراره في البلاد التي تسمى متقدمة. قد أوجدنا علم أدب جنوني قذرف ومقرف،
وبعد وصولنا الى السلطة بقليل سوف نشجع إعادة طبع هذه البلاهات لكي ندل
على التضاد بينها وبين محاضرات وبرامج سلطتنا، وسوف يعد حكماؤنا على
اعتبار أنهم قادة الكوييم، محاضرات وبرامج ومذكرات ومقالات للتأثير على
العقول ولسوقها نحو المبادئ التي نود أن نفرضها عليهم.
القضاء على الأعداء
منع الجمعيات السرية والماسونية
حينما نغدو سادة بشكل نهائي، وذلك بعد
ثورات نثيرها في كل العالم في وقت واحد، وفور إعلان سقوط كل الحكومات
الحاضرة بصورة رسمية (وربما لا يكون هذا قبل قرن من الزمن) (1)، فإننا
سنسهر على الأّ تحاك ضدنا أية مؤامرة، وسوف نقتل، بلا شفقة، كل من يحمل
السلاح ليقف في وجه سلطتنا. إن تأسيس أية جمعية سرية سيكون عقابه الموت،
والجمعيات السرية القائمة الآن، والتي نعرفها، سواءً أعملت معنا أم ضدنا،
فسوف تحلّ وسيُنفى أعضاؤها الى قارات بعيدة عن أوروبا (2)، وسيكون عقاب
الماسون الكوييم مثل ذلك، والماسونيون الذين نعفو عنهم لسبب ما يبقون تحت
التهديد الدائم بالنفي، وسوف نسن قانوناً يقضي بنفي كل أعضاء الجمعيات
السرية من أوروبا التي ستكون مركز حكومتنا، وستكون قرارات حكومتنا قطعية
وغير قابلة للاستئناف.
وفي جماعة الكوييم، حيث نكون قد زرعنا
جذوراً عميقة للنزاع والاضطرابات لا يمكن أن يعاد النظام اليها إلا
بتدابير صارمة لا رحمة فيها لنري الناس أنه ليس بمقدور أحد أن يعصينا، ولا
نبالي بالضحايا مهما بلغ عددها، وذلك في سبيل مستقبل حسن، إذ إن واجب كل
حكومة أن تدرك أن وجودها لا يقوم على حقها بالوجود بل على ممارسة واجباتها
وعلى البحث عن الخير حتى بالقتل. إن خير وسيلة لإقامة حكومة هيؤ تدعيم
هيبة السلطة وهذا غير مستطاع، إلا بجعل السطلة ذات شأن عظيم وغير مزعزعة،
وإشعار الناس بأن مناعتها ناشئة عن طبيعتها الصوفية لأنها مختارة من الله.
هكذا كان، الى هذه الأيام الأخيرة، شأن الأُوتوقراطية الروسية، عدوتنا
الخطرة في العالم مع البابا. اذكروا غرق إيطاليا بالدم على يدي سيلا (1)
الذي أسال أنهاراً من الدم ولم تمس إيطاليا شعرة في رأسه بأذى، وغدا قوياً
في أعين الشعب على الرغم مما أنزل به من عذاب، ورجوعه الجريء الى روما
جعله في مأمن من الانتقام، ولم يجرؤ الشعب أن يمس هذا الرجل لأنه أنامه
نوماً مغناطيسياً بإرادته الحديدية وحضور بديهته.
والى أن يأتي الوقت الذي نصبح فيه سادة
فسوف نظل ننشئ المحافل الماسونية ونضاعفها في كل العالم، وسنجلب الى هذه
المحافل كل أولئك الذين هم زعماء شعوب، أو يمكن أن يكونوا كذلك، لأن هذه
المحافل ستكون المصادر الرئيسية لاستخباراتنا ومنها يأتي نفوذنا. وستتمركز
كل هذه المحافل تحت إدارة واحدة لا يعرفها أحد غيرنا، وسيكون لها ممثلها
في مجالس الإدارة، وسيكون هذا الممثل موظف ارتباط مع الحكومة الماسونية
الظاهرة، وسيُعطى كلمة السر ويشارك في المباحثات وستكون إدارة هذه المحافل
بأيدينا، وسيكون كل أفراد الشرطة العالمية والمحلية تقريباً أعضاء في هذه
المحافل، وستكون حاجتنا اليهم أكيدة، إذ إنهم لا يتخذون المبادرة لمكافحة
الاضطرابات فقط بل إنهم يعملون لستر أعمالنا والتحريض على عدم الرضا وغير
ذلك.
إن كثيراً من الناس الذين ينتسبون الى
الجمعيات السرية يكونون من المغامرين، أي مثل الفواكه الجافة (1) وعلى
الغالب لا تكون لهم قيمة فهم لا يسببون لنا أية صعوبة بل، على الضد،
يساعدوننا في تنفيذ مخططنا، فإذا ظهرت اضطرابات عكرت صفو الأمن في العالم،
فهذا يدل على أن هناك ضرورة لإفساد نظامه للقضاء على التضامن القوي الذي
يتمتع به العالم، فإذا حيكت مؤامرة فلا بد من أن يكون على رأسها أخلص
خدامنا. إنه من الطبيعي أن نقود نحن وحدنا الأعمال الماسونية، لأننا وحدنا
نعلم أين ذاهبون، وما هو هدف كل عمل من أعمالنا، وأما الكوييم فإنهم لا
يفهمون شيئاً حتى ولا يدركون النتائج القريبة، وفي مشاريعهم فإنهم لا
يهتمون إلا بما يرضي مطامعهم المؤقتة ولا يدركون أيضاً حتى أن مشاريعهم
ذاتها ليست من صنعهم بل هي من وحينا.
ينتسب الكوييم الى المحافل الماسونية
بدافع الفضول أو على أمل الحصول على حصتهم من الثروة العامة، وآخرون
ينتسبون الى المحافل لكي يحققوا ما لا يمكن تحقيقه من آمال فهم يطمحون بعد
كل نشوة نجاح خطابي أن ينالوا كلمات الاستحسان مع التصفيق الذي نبذله لهم
بسخاء. ونحن نخلق نجاحهم لكي نستغل غرورهم الذي يتكوّن أحياناً من هذا
النجاح، وذلك حينما يعتقد المرء أنه من العظماء، ويظن أنه هو صانع الأفكار
التي فاه بها، والتي هي من إيحاء آخرين. إنكم لا تقدرون مدى السهولة التي
يمكن أن يُقاد بها، أذكى الكوييم، الى السذاجة المطلقة، وكم هو سهل أيضاً
تثبيط همته بأقل صدمة أو حتى بإيقاف التصفيق له، الى هذا الحد يخلص في
عبوديته لكي نهيء له نجاحات جديدة. وبقدر عدم مبالاة شعبنا بالنجاح، شريطة
أن يتحقق مخططه، فإن الكوييم مستعدون أن يضحوا بكل مشاريعهم في سبيل
الحصول على النجاح. إن هذه النفسية تسهل لنا قيادتهم، وإن هذه النمور في
ظاهرها لها أرواح خراف ويمكن ملء أدمغتهم، بدون صعوبة، بكل أنواع
السخافات. لقد حشونا أدمغتهم بالخيالات أي بحلم إغراق الفردية في مبدأ
الجماعية (1) التي هي فكرة رمزية، إنهم لم يكتشفوا حتى الآن، ولن يكتشفوا
أبداً، إن هذا الحصان الخشبي يقود مباشرة الى قانون يخالف قانون الطبيعة
مخالفة كلية. فالطبيعة منذ نشأة العالم خلقت الناس مختلفين، والغاية من
ذلك لكي يستطيعوا أن يؤكدا فرديتهم، فإذا كنا استطعنا أن نجعل الكوييم
يقبلون مثل هذه الفكرة الواهية أفلا يدل هذا بصورة أكيدة، على المستوى
المنحط لتطورهم العقلي حين نقيسهم بنا؟ كم كان حكماؤنا القدامى بعيدي
النظر حينما قالوا: إذا كان المطلوب أمراً عظيماً فلا يجب التوقف عند
الوسائل ولا عند عدد الضحايا. إننا لم نحص الضحايا من الكوييم، ذريّة
البهائم، وقد ضحينا أيضاً بكثير منا وأعطينا شعبنا مقابل ذلك مكاناً لم
يكن يحلم به قط. إن العدد القليل، نسبياً، من شعبنا قد أنقذ عرقنا من
الإبادة. إن الموت غاية كل حي، فمن الخير أن نعجل بموت أولئك الذين
يتدخلون في شؤوننا من أن نرى شعبنا يموت، أو نمون نحن مؤسسي هذه الخطة.
إننا نقتل الماسونيين بطريقة لا يشتبه بنا أحد حتى ولا الضحايا أنفسهم.
يموت الجميع حينما تدعو الحاجة ويكون موتهم طبيعياً في ظاهره، حتى الإخوان
المطلعون على الأمر لا يجرؤون على الاحتجاج. وهكذا فإننا قد اقتلعنا من
نفوس الماسون أقل رغبة بالثورة ضد أوامرنا، لأننا ونحن نبشر بين الكوييم
بالليبرالية فإننا نفرض على شعبنا وعملائنا نظاماً صارماً.
لقد استطعنا بنفوذنا أن نجعل تطبيق
قوانين الكوييم في أدنى درجة مستطاعة وأَضعنا هيبة القانون بالتفسيرات
الليبرالية التي أدخلناها عليه. وأهم المبادئ السياسية والأخلاقية يفصل
بشأنها في المحاكم كما نريد، وفي الوجهة التي نعرضها على إدارة الكوييم.
وإننا نبلغ هذه الغاية بواسطة عملائنا الذين لا تربطنا بهم رابطة ظاهرة،
عن طريق الصحافة أو غيرها. وهناك أعضاء في مجلس الشيوخ وموظفون كبار
يعملون بنصحنا كالعميان. إن أدمغة الكوييم البهيمية المحضة غير قادرة على
تحليل الأمور وملاحظتها لا بل غير قادرة على رؤية ما سيؤدي اليه تطوير
مبدأ معين.
وبفضل هذا الاختلاف في محاكاة الأمور
بيننا وبين الكوييم يظهر بوضوح طابع عقلية المختار من الله بمقارنتها
بعقلية الكوييم الفطرية البهيمية. إنهم يبصرون ولكنهم لا يدركون العواقب،
وهم ليسوا بقادرين على أن يبتدعوا غير الأشياء المادية فمن البدهي، إذن،
أن تكون الطبيعة قد أوجدتنا لكي نكون حكاماً وقادة للعالم.
وحينما تأتي اللحظة التي نكون فيها
سادة فسوف نحصل على فوائد لسلطتنا، وسوف نعدل كل القوانين، وسوف تكون
قوانيننا مختصرة وواضحة، وغير قابلة للنقض، ولا تحتاج الى تفسير ويكون كل
إنسان قادراً على فهمها فهماً تاماً. والنقطة الرئيسية الأكيدة هي إطاعة
السلطة طاعة تامة، وهذه الطاعة تقضي على كل التجاوزات لأن كل إنسان، وبلا
استثناء يكون مسؤولاً أمام السلطة العليا صاحبة هذا الحق. وسوف تزول إساءة
الموظفين الثانويين استعمال وظائفهم لأنهم سوف يعاقبون بشدة مثل عقاب
المجرمين حتى تنعدم الرغبة من نفوسهم بإعادة التجربة.
إننا سوف نراقب كل عمل إداري يتعلق
بحسن سير الأمور، لأن الفساد (الرشوة) الذي يحدث في مكان ما ينتقل الى
مكان آخر، ولن يمر انتهاك القانون والعمل السيء بلا عقاب. وسوف تتوقف
الاختلاسات والإهمال المتعمد الذي يرتكبه الموظفون مذ يرون العقاب الأول.
إن هيبة السلطة تقتضي إنزال العقاب المناسب، أي الشديد، لأقل مساس بسلامة
السلطة العليا لا سيما إذا كانت الغاية من هذه الإساءة مصلحة شخصية. إن
المذنب الذي يعاقب يشبه الجندي الذي يقع في ميدان القتال الإداري للدفاع
عن السلطة والمبادئ والقانون، وهذه المبادئ لا تسمح بأي إهمال في العمل
الاجتماعي بسبب شخصي، حتى ولو كان الفاعل من الحكام، ومثال ذلك أن قضاتنا
يعلمون أنهم بمحاولتهم إبداء الرحمة الحمقاء سيخالفون قانون العدالة، الذي
إنما وجد لإنزال العقاب الصارم بالمجرمين، وليس لكي يبدي القاضي صفات
أخلاقية. إن مثل هذه الصفات يمكن عرضها في الحياة الخاصة لا في الحياة
العامة التي هي ميدان تربية الحياة الانسانية.
إن قضاتنا لا يبقون في وظائفهم بعد
بلوغهم الخامسة والخمسين من العمر، أولاً: لأن الشيوخ أكثر انجذاباً الى
الآراء القائمة وأقل انصياعاً للأوامر الجديدة، ثانياً: إننا نستطيع أن
نحافظ على بعض المرونة في الموظفين الذين هم أقل مقاومة لضغطنا، والذي
يريد أن يبقى في وظيفته عليه أن يطيعنا طاعة تامة عمياء.
وعلى العموم إن قضاتنا سوف ينتخبون من
بين أولئك الذين يدركون جيداً أن واجبهم أن يعاقبوا الناس ويفرضوا سلطة
القانون، وليس الجري وراء أحلام الليبرالية على حساب مصلحة الحكومة، كما
يظن الكوييم في الوقت الحاضر. إن الطريقة التي تقضي بتغيير الموظفين
باستمرار تساعد أيضاً على القضاء على تضامن الموظفين فيما بينهم، وتزيد في
ميلهم الى العمل لمصلحة الحكومة التي تسيطر على مصيرهم. وسوف يدرب جيل
القضاة الشباب بشكل يجعلهم يدركون مسبقاً كل تدخل إجرامي في نظام العلاقات
الذي أقمناه بين رعايانا.
ليس لقضاة الكوييم، في الوقت الحاضر،
أية فكرة واضحة تماماً بشأن واجباتهم، فهم يجدون أسباباً مخففة لكل
الجرائم، وهذا يرجع الى أن الحكام حينما يعينون القضاة لا يكلفون أنفسهم
أن يشجعوا في نفوسهم معنى الواجب والضمير في العمل الذي عليهم القيام به.
وكما ترسل الحيوانات صغارها لتبحث عن فرائسها هكذا يعهد الكوييم الى
رعاياهم بالوظائف العالية من غير أن ينفقوا وقتاً قليلاً ليشرحوا لهم نوع
عملهم فيعملون بجهودهم الخاصة، وهذا درس لنا لتنظيم طريقتنا في المستقبل.
سفو نلغي الليبرالية من كل مكان استراتيجي ذي أهمية تعتمد عليه إدارتنا في
تربية رعايانا تربية اجتماعية، وسيعهد بهذه الأعمال حصراً الى أولئك الذين
أنشأناهم على الأعمال الحكومية. قد يقال إن إحالة الموظفين، كبار السن،
على التقاعد ينهك خزينة الدولة، فأُجيب على ذلك بأننا قبل أن نفصلهم عن
العمل سوف نجد لهم أماكن في المصالح الخاصة، حيث يستطيعون أن يحصلوا على
ما خسروه، وأضيف الى ذلك أن كل أموال العالم ستكون بين أيدينا ولذا فلن
نبالي بالإنفاق الزائد.
ولما كانت سلطتنا مطلقة متلاحمة
الأجزاء فإن كل قرار يصدر عن سلطتنا العليا يجب أن يحترم ويطاع من غير
تردد. ونحن لن نبالي بالتذمر ما دام كلاماً فإذا انقلب الى عمل فإن عقابنا
سيكون شديداً وعبرة للآخرين. إننا سوف نلغي حق الاستئناف الذي يقصد منه
إلغاء الحكم القضائي. ولما كانت العدالة هي الامتياز الخاص الذي يتمتع به
الحاكم، فإننا لا نستطيع أن نسمح للشعب أن يظن بأن حكماً خاطئاً يمكن أن
يصدر عن قاص نعينه نحن. ومع ذلك فإذا اتفق أن صدر حكم خاطئ فنحن نلغيه،
ولكن العقاب الذي يناله القاضي بسبب جهله وواجبه ومسؤوليته يكون من القسوة
بحيث يجعل من المستحيل تكرار هذا الخطأ. أكرر القول بأننا نراقب مراقبة
دقيقة كل التدابير التي يتخذها موظفنا الإداريين إرضاء للشعب الذي من حقه
أن يطالب بإدارة صالحة يتولاها إداريون صالحون. وسيكون لحكومتنا، بشخص
حاكمنا، مظهر الوصاية الأبوية وسيرى رعايانا فيه أن مهمته السهر على تأمين
جميع الحاجات، وكل المطالب، ويهتم بكل الصلات، سواء ما كان منها بين أفراد
الرعية أنفسهم أم بينهم وبين الحكومة، وهكذا يتشبع الشعب بفكرة كونه لا
يستطيع أن يعمل عملاً بغير هذا الحارس، وهذا القائد إذا كان يود أن يعيش
بسلام واطمئنان فيخضع لسلطة حاكمنا المطلقة ويجله، لا سيما حين يشعر أن
عمّالنا يقومون بأعمالهم على أكمل وجه، وينفذون أوامر السيد بكل طاعة،
وهكذا سيكون رعايانا سعداء بأن يروا كل شيء منظم في حياتهم كما يفعل
الآباء الذين يودون أن يربوا أولادهم وفاقاً لقوانين الواجب والطاعة. إن
الشعوب وإداراتهم أطفال صغار بالنسبة الى أسرار نظامنا السياسي.
إن استبدادنا، كما ترون، قائم على الحق
والواجب. وحق تنفيذ الواجب هو عمل الحكومة الرئيسي شأنها في ذلك شأن الأب
مع أولاده، وللقوي الحق بأن يستعمل قوته ليقود الإنسانية نحو نظام اجتماعي
قائم على قانون الطبيعة ألا وهو الطاعة. إن كل ما في هذا الكون خاضع لقوة
ما، فإذا لم يكن خاضعاً لقوى أخرى فهو خاضع، على الأقل، للظروف أو لطبيعته
هو ذاته، وبالتالي فإنه خاضع لقوة أقوى من قوته نفسه فلنكن، إذن، الأقوى
لكي نحقق السعادة العامة.
علينا أن نضحي بكل من ينتهك النظام القائم لأن هذا النظام التربوي العظيم يكمن في العقوبة المثلى.
حينما يضع ملك إسرائيل، على رأسه،
التاج الذي تقدمه أوروبا إليه فسيكون سيد العالم، وإن الضحايا التي يجب أن
تقدم للوصول الى هذه النتيجة لا تعدل أبداً تلك الضحايا التي قدمت قرابين
على مذابح جنون العظمة خلال قرون المنافسات بين حكومات الكوييم.
إن ملكنا سيكون على صلة مستمرة بالشعب وسوف يخطبهم، وسوف تذاع خطبه على كل العالم.
(1) ها قد قرب القرن ولم يتحقق شيء من هذه الأوهام.
(2) هذه الفقرة تدل على أن صاحب هذه البروتوكولات لا يطمع إلا بأوروبا المسيحية.
(1) Sulla أو Sylla 138-78 ق.م. قائد
روماني كانت بينه وبين حاكم روما حروب على السلطة فانتصر سيلا عليه وأصبح
بعد ذلك ديكتاتوراً، وكان سفاكاً قتل آلافاً من الناس ثم اعتزل الحكم إثر
أمراض مستعصية أصابته فعاش في الريف الى أن وافته المنية. وكاتب هذا
الكتاب يريد أن يستشهد به ليقول أن الحاكم يجب أن يكون سفاكاً لكي يسلم له
الحكم ويسلم من الشعب وبئس الرأي.
(1) لم أفهم معنى هذا التشبيه.
(1) الجماعية هي فكرة عدم حق الفرد
بالتملك، بل تكون الملكية للجماعة، وهذه نظرية الشيوعيين في الوقت الحاضر
ولكنهم لا يعملون عليها بإخلاص لأنها فكرة غير عملية.