الحركات الإسلامية:
المادة الثالثة والعشرون:
تنظر حركة المقاومة الإسلامية إلى الحركات الإسلامية الأخرى نظرة احترام
وتقدير، فهي إن اختلفت معها في جانب أو تصور، اتفقت معها في جوانب
وتصورات، وتنظر إلى تلك الحركات إنْ توافرت النوايا السليمة والإخلاص لله
بأنها تندرج في باب الاجتهاد، ما دامت تصرفاتها في حدود الدائرة الإسلامية
ولكل مجتهد نصيب.
وحركة المقاومة الإسلامية تعتبر تلك الحركات رصيدًا لها، وتسأل الهداية
والرشاد للجميع، ولا يفوتها أن تبقى رافعة لراية الوحدة، وتسعى جاهدة إلى
تحقيقها على الكتاب والسُّنة.
﴿واعْتَصِمُوا بحَبْلِ اللهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللهِ عَلَيكُم إذ كُنْتُم أعداء فألَّف بين قُلُوبِكُم فأصْبَحْتُم
بنِعْمَتِه إخْوَانًا وكُنْتُم على شفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
فَأَنْقَذَكُم مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم
تَهْتَدُون﴾ (آل عمران: 102).
المادة الرابعة والعشرون:
لا تجيز حركة المقاومة الإسلامية الطعن أو التشهير بالأفراد أو الجماعات
فالمؤمن ليس بطعانٍ ولا لعان، مع ضرورة التفريق بين ذلك وبين المواقف
والتصرفات. فلحركة المقاومة الإسلامية الحق في بيان الخطأ والتنفير منه،
والعمل على بيان الحق وتبنّيه في القضية المطروحة بموضوعية، فالحكمة ضالة
المؤمن يأخذها أنّى وجدها.
﴿لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بالسُّوءِ مِن القَولِ إلاَّ مَنْ ظُلِمَ وكان
اللهُ سميعًَا عليمًَا، إنْ تُبدُوا خيرًا أو تُخْفُوهُ أو تَعْفُوا عَنْ
سوءٍ فإن اللهَ كان عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ (النساء: 148- 149).
(ب) الحركات الوطنية على الساحة الفلسطينية:
المادة الخامسة والعشرون:
تبادلها الاحترام، وتقدر ظروفها، والعوامل المحيطة بها، والمؤثرة فيها،
وتشد على يدها ما دامت لا تعطي ولاءها للشرق الشيوعي أو الغرب الصليبي
وتؤكد لكل من هو مندمج بها أو متعاطف معها بأن حركة المقاومة الإسلامية
حركة جهادية أخلاقية واعية في تصورها للحياة، وتحركها مع الآخرين، تمقت
الانتهازية ولا تتمنى إلا الخير للناس أفرادًا وجماعات، لا تسعى إلى مكاسب
مادية، أو شهرة ذاتية وما يتوافر لها ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم ما اسْتَطَعْتُم
مِنْ قُوَّةٍ﴾ (الأنفال: 60) لأداء الواجب، والفوز برضوان الله، لا مطمع
لها غير ذلك.
وتُطمئن كل الاتجاهات الوطنية العاملة على الساحة الفلسطينية، من أجل
تحرير فلسطين، بأنها لها سند وعون، ولن تكون إلا كذلك، قولاً وعملاً
حاضرًا ومستقبلاً، تجمع ولا تفرق، تصون ولا تبدد، توحد ولا تجزئ، تثمن كل
كلمة طيبة، وجهد مخلص، ومساعٍ حميدة، تغلق الباب في وجه الخلافات
الجانبية، ولا تصغي للشائعات والأقوال المغرضة، مع إدراكها لحق الدفاع عن
النفس.
وكل ما يتعارض أو يتناقض مع هذه التوجهات فهو مكذوب من الأعداء أو السائرين في ركابهم بهدف البلبلة وشق الصفوف والتلهي بأمور جانبية.
﴿يا أيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُم فاسِقٌ بنبأٍ فَتَبَيَّنُوا
أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بَجَهَالةٍ فَتُصْبِحوا عَلَى مَا فَعَلْتُم
نَادِمِين﴾ (الحجرات: 6).
المادة السادسة والعشرون:
حركة المقاومة الإسلامية وهي تنظر إلى الحركات الوطنية الفلسطينية - التي
لا تعطي ولاءها للشرق أو للغرب - هذه النظرة الإيجابية، فإن ذلك لا يمنعها
من مناقشة المستجدات على الساحة المحلية والدولية، حول القضية الفلسطينية
مناقشة موضوعية تكشف عن مدى انسجامها أو اختلافها مع المصلحة الوطنية على
ضوء الرؤية الإسلامية.
(جـ) منظمة التحرير الفلسطينية:
المادة السابعة والعشرون:
منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية،
ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو
قريبه أو صديقه. فوطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك.
وتأثرًا بالظروف التي أحاطت بتكوين المنظمة، وما يسود العالم العربي من
بلبلة فكرية، نتيجة للغزو الفكري الذي وقع تحت تأثيره العالم العربي منذ
اندحار الصليبيين، وعززه الاستشراق والتبشير والاستعمار، ولا يزال، تبنت
المنظمة فكرة الدولة العلمانية وهكذا نحسبها. والفكرة العلمانية مناقضة
للفكرة الدينية مناقضة تامة، وعلى الأفكار تُبنى المواقف والتصرفات، وتتخذ
القرارات.
ومن هنا، مع تقديرنا لمنظمة التحرير الفلسطينية - وما يمكن أن تتطور إليه
- وعدم التقليل من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي، لا يمكننا أن
نستبدل إسلامية فلسطين الحالية والمستقبلية لنتبنى الفكرة العلمانية،
فإسلامية فلسطين جزء من ديننا ومن فرّط في دينه فقد خسر. ﴿ومَنْ يَرْغبْ
عَنْ مِلّةِ إبْرَاهِيمَ إلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ (البقرة: 130). ويوم
تتبنى منظمة التحرير الفلسطينية الإسلام كمنهج حياة، فنحن جنودها ووقود
نارها التي تحرق الأعداء. فإلى أن يتم ذلك - ونسأل الله أن يكون قريبًا -
فموقف حركة المقاومة الإسلامية من منظمة التحرير الفلسطينية هو موقف الابن
من أبيه والأخ من أخيه والقريب من قريبه، يتألم لألمه إن أصابته شوكة،
ويشد أزره في مواجهة الأعداء ويتمنى له الهداية والرشاد.
أخاك أخاك إن من لا أخًا لــه كساعٍ إلى الهيجا بغير سـلاح
وإن ابن عم المرء - فاعلم جناحه وهل ينهض البازي بغير جـناح.
(د) الدول والحكومات العربية والإسلامية:
المادة الثامنة والعشرون:
الغزوة الصليبية غزوة شرسة، لا تتورع عن سلوك كل الطرق مستخدمة جميع
الوسائل الخسيسة والخبيثة لتحقيق أغراضها، وتعتمد اعتمادًا كبيرًا في
تغلغلها وعمليات تجسسها على المنظمات السرية التي انبثقت عنها كالماسونية،
ونوادي الروتاري والليونز، وغيرها من مجموعات التجسس وكل تلك المنظمات
السرية منها والعلنية تعمل لصالح الصهيونية وبتوجيه منها، وتهدف إلى تقويض
المجتمعات وتدمير القيم وتخريب الذمم، وتدهور الأخلاق، والقضاء على
الإسلام وهي من خلف تجارة المخدرات والمسكرات على اختلاف أنواعها ليسهل
عليها السيطرة والتوسع.
والدول العربية والمحيطة بإسرائيل مطالبة بفتح حدودها أمام المجاهدين من
أبناء الشعوب العربية والإسلامية ليأخذوا دورهم ويضموا جهودهم إلى جهود
إخوانهم من الإخوان المسلمين بفلسطين.
أمَّا الدول العربية والإسلامية الأخرى فمطالبة بتسهيل تحركات المجاهدين منها وإليها وهذا أقل القليل.
ولا يفوتنا أن نذكّر كل مسلم بأن اليهود عندما احتلوا القدس الشريف عام
1967 ووقفوا على عتبات المسجد الأقصى المبارك هتفوا قائلين: محمد مات خلف
بنات.
فإسرائيل بيهوديتها ويهودها تتحدى الإسلام والمسلمين فلا نامت أعين الجبناء.
(هـ) التجمعات الوطنية والدينية والمؤسسات والمثقفين والعالم العربي والإسلامي:
المادة التاسعة والعشرون:
تأمل حركة المقاومة الإسلامية أن تقف تلك التجمعات إلى جانبها، على مختلف
الأصعدة، تؤيدها، وتتبنى مواقفها، وتدعم نشاطاتها وتحركاتها، وتعمل على
كسب التأييد لها لتجعل من الشعوب الإسلامية سندًا وظهيرًا لها وبعدًا
استراتيجيًا على كل المستويات البشرية والمادية والإعلامية، الزمانية
والمكانية، من خلال عقد المؤتمرات، ونشر الكتيبات الهادفة وتوعية الجماهير
حول القضية الفلسطينية، وما يواجهها ويدبر لها وتعبئة الشعوب الإسلامية
فكريًا وتربويًا وثقافيًا، لتأخذ دورها في معركة التحرير الفاصلة، كما
أخذت دورها في هزيمة الصليبيين وفي دحر التتار وإنقاذ الحضارة الإنسانية،
وما ذلك على الله بعزيز.
﴿كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أنا وَرُسُلِي إنَّ الله قويٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).
المادة الثلاثون:
الأدباء والمثقفون ورجال الإعلام والخطباء ورجال التربية والتعليم وباقي
القطاعات على اختلافها في العالم العربي والإسلامي، كل أولئك مدعوون إلى
القيام بدورهم، وتأدية واجبهم نظرًا لشراسة الغزوة الصهيونية، وتغلغلها في
كثير من البلاد وسيطرتها المادية والإعلامية، وما يترتب على ذلك في معظم
دول العالم.
فالجهاد لا يقتصر على حمل السلاح ومنازلة الأعداء. فالكلمة الطيبة،
والمقالة الجيدة، والكتاب المفيد، والتأييد والمناصرة، كل ذلك إن خلصت
النوايا لتكون راية الله هي العليا فهو جهاد في سبيل الله " من جهز غازيًا
في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا ". (رواه:
البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي).
(و) أهل الديانات الأخرى:
حركة المقاومة الإسلامية حركة إنسانية:
المادة الحادية والثلاثون:
حركة المقاومة الإسلامية حركة إنسانية، ترعى الحقوق الإنسانية، وتلتزم
بسماحة الإسلام في النظر إلى أتباع الديانات الأخرى، لا تعادي منهم إلا من
ناصبها العداء، أو وقف في طريقها ليعيق تحركها أو يبدد جهودها.
وفي ظل الإسلام يمكن أن يتعايش أتباع الديانات الثلاث الإسلام والمسيحية
واليهودية في أمن وأمان، ولا يتوافر الأمن والأمان إلا في ظل الإسلام.
والتاريخ القريب والبعيد خير شاهد على ذلك. وعلى أتباع الديانات الأخرى أن
يكفوا عن منازعة الإسلام في السيادة على هذه المنطقة، لاتهم يوم يسودون
فلا يكون إلا التقتيل والتعذيب والتشريد، فهم يضيقون ذرعًا ببعضهم البعض
فضلاً عن أتباع الديانات الأخرى، والماضي والحاضر مليئان بما يؤكد ذلك.
﴿لا يُقَاتِلُونكُم جميعًا إلاّ في قُرى مُحَصَّنَةٍ أو من وَرَاءِ جُدُرِ
بَأْسُهُم بَيْنَهُم شديدٌ تَحْسَبُهُم جميعًا وقُلُوبُهم شتَّى ذلكَ
بأنَّهُم قَومٌ لا يَعْقِلُون﴾ (الحشر: 14).
والإسلام يعطي كل ذي حقٍ حقه، ويمنع الاعتداء على حقوق الآخرين،
والممارسات الصهيونية النازية ضد شعبنا لا تطيل عمر غزوتهم فدولة الظلم
ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.
﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُم في الدِّيْن
وَلَم يُخْرِجُوكُم مِنْ دِيارِكُم أنْ تبرُّوهُم وتُقْسِطوا إليهِم إنَّ
اللهَ يحبُّ المُقْسِطِين﴾ (الممتحنة:
.
(ز) محاولة الانفراد بالشعب الفلسطيني:
المادة الثانية والثلاثون:
تحاول الصهيونية العالمية، والقوى الاستعمارية بحركة ذكية وتخطيط مدروس،
أن تخرج الدول العربية واحدة تلو الأخرى من دائرة الصراع مع الصهيونية،
لتنفرد في نهاية الأمر بالشعب الفلسطيني.
وقد أخرجت مصر من دائرة الصراع إلى حد كبير جدًا باتفاقية كامب ديفيد
الخيانية، وهي تحاول أن تجر دولاً أخرى إلى اتفاقيات مماثلة، لتخرج من
دائرة الصراع.
وحركة المقاومة الإسلامية تدعو الشعوب العربية والإسلامية إلى العمل الجاد
الدؤوب لعدم تمرير ذلك المخطط الرهيب، وتوعية الجماهير إلى خطر الخروج من
دائرة الصراع مع الصهيونية، فاليوم فلسطين وغدًا قُطر آخر أو أقطار أخرى،
والمخطط الصهيوني لا حدود له، وبعد فلسطين يطمعون في التوسع من النيل إلى
الفرات، وعندما يتم لهم هضم المنطقة التي يصلون إليها، يتطلعون إلى توسع
آخر وهكذا، ومخططهم في بروتوكولات حكماء صهيون وحاضرهم خير شاهد على ما
نقول.
فالخروج من دائرة الصراع مع الصهيونية خيانة عظمى، ولعنة على فاعليها.
﴿وَمَن يُوَلِّهِم يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحرِّفًا لقتالٍ أو
متَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ
جَهَنّمُ وبِئْسَ المَصِير﴾ (الأنفال: 16). ولا بد من تجميع كل القوى
والطاقات لمواجهة هذه الغزوة النازية التترية الشرسة، وإلا كان ضياع
الأوطان، وتشريد السكان، ونشر الفساد في الأرض، وتدمير كل القيم الدينية،
وليعلم كل إنسان أنه أمام الله مسؤول. ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرًا يَرَهُ﴾ (الزلزلة:
7 –
.
وفي دائرة الصراع مع الصهيونية العالمية، تعتبر حركة المقاومة الإسلامية
نفسها رأس حربة أو خطوة على الطريق، وهي تضم جهودها إلى جهود كل العاملين
على الساحة الفلسطينية، ويبقى أن تتبع ذلك خطوات على مستوى العالم العربي
والإسلامي، فهي المؤهلة للدور المقبل مع اليهود تجار الحروب.
﴿وأَلْقَيْنَا بَيْنَهُم العَدَاوةَ والبَغْضَاءَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ
كُلَّمَا أَوْقَدُوا نارًا لِلحَرْبِ أطْفأها اللهُ ويَسْعَوْنَ في الأرض
فَسَادًا واللهُ لا يُحِبُّ المُفْسِدِين﴾ (المائدة: 64).
المادة الثالثة والثلاثون:
وحركة المقاومة الإسلامية وهي تنطلق من هذه المفاهيم العامة المتناسقة
والمتساوقة مع سنن الكون كما تتدفق في نهر القدر في مواجهة الأعداء
ومجاهدتهم دفاعًا عن الإنسان المسلم والحضارة الإسلامية والمقدسات
الإسلامية، وفي طليعتها المسجد الأقصى المبارك، لَتهيب بالشعوب العربية
والإسلامية وحكوماتها وتجمعاتها الشعبية والرسمية أن تتقي الله في نظرتها
لحركة المقاومة الإسلامية، وفي تعاملها معها، وأن تكون لها كما أرادها
الله سندًا وظهيرًا يمدها بالعون والمدد تلو المدد، حتى يأتي أمر الله.
وتلحق الصفوف بالصفوف، ويندمج المجاهدون بالمجاهدين، وتنطلق الجموع من كل
مكان في العالم الإسلامي ملبية نداء الواجب، مرددة حي على الجهاد، نداء
يشق عنان السماء، ويبقى مترددًا حتى يتم التحرير، ويندحر الغزاة ويتنزل
نصر الله.
﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ من يَنْصُرُهُ إنَّ اللهَ لَقَويٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: 40).
الباب الخامس - شهادة التاريخ عبر التاريخ في مواجهة المعتدين:
المادة الرابعة والثلاثون:
فلسطين صرة الكرة الأرضية، وملتقى القارات، ومحل طمع الطامعين، منذ فجر
التاريخ والرسول صلى الله عليه وسلم يشير إلى ذلك في حديثه الشريف الذي
يناشد به الصحابي الجليل معاذ بن جبل، حيث يقول: " يا معاذ، إن الله سيفتح
عليكم الشام من بعدي، من العريش إلى الفرات، رجالها، ونساؤها وإماؤها
مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت
المقدس، فهو في جهاد إلى يوم القيامة ".
وقد طمع الطامعون بفلسطين أكثر من مرة فدهموها بالجيوش، لتحقيق أطماعهم،
فجاءتها جحافل الصليبيين يحملون عقيدتهم ويرفعون صليبهم، وتمكنوا من دحر
المسلمين ردحًا من الزمن، ولم يسترجعها المسلمون إلا عندما استظلوا
برايتهم الدينية، وأجمعوا أمرهم، وكبّروا ربهم وانطلقوا مجاهدين، بقيادة
صلاح الدين الأيوبي قرابة عقدين من السنين فكان الفتح المبين واندحر
الصليبيون وتحررت فلسطين.
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ستُغْلَبُون وتُحْشَرُون إلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ﴾ (آل عمران: 12).
وهذه هي الطريقة الوحيدة للتحرير، ولا شك في صدق شهادة التاريخ. وتلك
سُنَّة من سنن الكون وناموس من نواميس الوجود، فلا يفل الحديد إلا الحديد،
ولا يغلب عقيدتهم الباطلة المزورة إلا عقيدة الإسلام الحقة، فالعقيدة لا
تُنازَل إلا بالعقيدة، والغلبة في نهاية الأمر للحق والحق غلاب. ﴿وَلَقَد
سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنا المُرْسَلِينَ، إنَّهُمْ لَهُمُ
المَنْصُورُون، وإنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُون﴾ (الصافات: 171 – 173).
المادة الخامسة والثلاثون:
تنظر حركة المقاومة الإسلامية إلى هزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين
الأيوبي واستخلاص فلسطين منهم، وكذلك هزيمة التتار في عين جالوت، وكسر
شوكتهم على يد قطز والظاهر بيبرس، وإنقاذ العالم العربي من الاجتياح
التتري المدمر لكل معاني الحضارة الإنسانية، تنظر إلى ذلك نظرة جادة،
تستلهم منها الدروس والعبر، فالغزوة الصهيونية الحالية سبقتها غزوات
صليبية من الغرب، وأُخرى تترية من الشرق، فكما واجه المسلمون تلك الغزوات
وخططوا لمنازلتها وهزموها يمكنهم أن يواجهوا الغزوة الصهيونية ويهزموها،
وليس ذلك على الله بعزيز إن خلصت النوايا وصدق العزم واستفاد المسلمون من
تجارب الماضي وتخلصوا من آثار الغزو الفكري، واتبعوا سنن أسلافهم.
الخاتمة