القتالية للطائرات العمودية
<hr style="color: rgb(196, 207, 228);" size="1">
لم
تبرز أهمية استخدام الطائرات العمودية كأحد منظومات الأسلحة المشتركة في
القوات البرية إلاّ بعد حرب فيتنام، حيث تلا تلك الحرب الكثير من
التحسينات للرفع من أدائها الفني والعملياتي، الأمر الذي رفع من كفاءتها
القتالية، دل على ذلك استخدامها بكثافة في الحروب الحديثة، كحرب الخليج
الأولي، والغزو السوفيتي لأفغانستان، وحرب جزر الفوكلاند، والغزو الأمريكي
لجزيرة جرينادا، وحالياً في العراق وأفغانستان، ناهيك عن مساهمتها بفعالية
في المجالات الأمنية المختلفة، والمجالات الإغاثية في حالات الكوارث.
تقوم تشكيلات الطائرات العمودية في العمليات بأدوار عديدة، منها على سبيل
المثال لا الحصر: تحريك القوات والمعدات جوًا إلى المناطق الحرجة بسرعة
فائقة، متجاوزةً العوائق الطبيعية والصناعية الصعبة، التي عادةً ما تشكّل
صعوبة لتحريك القوات برًا إلى أهدافها، ولإيضاح ذلك على سبيل المثال،
تحتاج حضيرة المشاة الراجلة إلى (6) ساعات تقريبًا لقطع مسافة (30) كم،
فإذا كانت محمولة على ناقلة جنود مدرعة، فإنهاتقطع المسافة نفسها في
ساعتين، بينما لو تم نقلها بطائرة عمودية لما استغرقت لقطع هذه المسافة
سوى من (10 إلى 15) دقيقة. وبالتالي يمكن القول إن القائد يستطيع
الاستجابة الفورية للمواقف الطارئة بسرعة أكبر إذا توفّرت له طائرات
عمودية لتحريك قواته. وقد أثبتت الشواهد التاريخية أن باستطاعة وحدة مشاة
قليلة العدد، ولكنها مدربة على التحرّك والقتال بالطائرات العمودية،
التأثير على سير المعركة، وذلك بالمناورة من أحد الأجناب أو عبر الحافة
الأمامية، للقيام بحركة حجز blocking movement لعناصر العدو الأمامية
المتقدمة، أو لضرب أحد أجنابه، أو احتلال منطقة حيوية لتكون رأس جسر،
تمهيدًا للالتقاء بقوة صديقة أكبر، أو إرباك تحرّك العدو بضرب مؤخرته أو
قواته الاحتياطية.
وبعد إنزال الطائرات العمودية لهذه القوة، تستمر في تعزيزها بالنيران وإدامة عملياتها بالإمدادات حتى انتهاء مهمتها.
ولتأكيد فعالية مساهمات الطائرات العمودية في خفة حركة القوات، فإن طائرات
الأغراض العامة العمودية نوع (UH)، وطائرات النقل العمودية نوع (CH) تمكّن
القادة من تزويد قواتهم بكافة صنوف التموين جوًا، وبسرعة تفوق سرعة وسائل
الإمداد البري الأخرى. كما أن سرعة ومرونة تزويد القوات بالمؤن جوًا تساعد
في التخفيف من العبء القتالي على القوات، وتحقّق لها خفة الحركة.
وهناك أدوار أخري للطائرات العمودية لا يتسع المجال لشرحها، مثل: القيام
بعمليات الإخلاء الطبي الجوي للجرحى من مناطق الإسعاف الأمامية للوحدات
الميدانية، إلى مناطق إسعاف أكثر إمكانات في الخلف.
ولكون الإلمام بقدرات العدو ونواياه من العوامل المهمة لكسب المعركة، فإن
طائرات الاستطلاع العمودية من نوع (OH) تعتبر مثالية للقيام بدور
الاستطلاع، حيث تُمكّن القادة من مشاهدة أرض المعركة المحتملة، مما
يساعدهم في القيام بتقدير سريع للموقف، والتخطيط لاستخدام قواتهم بفعالية،
وبذلك يستطيعون التأثير المباشر على سير المعركة بعد بدأها.
وللقيام بدور القتال ضد الدبابات، وتدمير المواقع الحصينة، وضرب مواقع
مدفعية العدو ووسائل دفاعه الجوي، فإن بإمكان طائرات الهجوم العمودية من
نوع (AH) توفير قوة نيران جوية ضاربة للوحدة، أو التشكيل المكلّفة
بمساندتها، فعلى سبيل المثال، بإمكان الطائرة العمودية الهجومية نوع
(AH64)، أو أي طائرة عمودية هجومية مماثلة مزوّدة بصواريخ جو-أرض نوع (هل
فاير) الاشتباك بنجاح ب (16) هدفًا آخر للعدو في خلال دقائق معدودة، وهذا
يعادل بالتقدير قوة نيران سرية دبابات مكوّنة من (12) دبابة، كذلك
بإمكانها الاشتباك بأهدافها على مسافة أبعد بثلاث مرات من مدى دبابات
القتال الرئيسة.
ويمكن للقادة أيضًا ممارسة القيادة والسيطرة على قوتهم من على منصة طائرة
بدلاً من عربات القيادة، وبخاصة عند انتشار قواته على جبهة عريضة، والتي
توفّر لهم طائرات الاستطلاع العمودية الخفيفة، كما يمكن لملاحظي نيران
المدفعية توجيه نيران مدفعيتهم من الجو بواسطة طائرات الاستطلاع والملاحظة
العمودية.
وتعتمد كيفية استخدام الطائرات العمودية لأي من الأدوار التي تم ذكرها على
نوع وحجم وتصنيف وتسليح وتجهيز الطائرة نفسها، وعلى الموقف التكتيكي
والعقيدة القتالية للدولة المستخدمة. وبشكل عام يعتمد استخدام الطيران
العمودي بفعالية في ميادين القتال على توفير حرية الحركة له، وذلك بتحييد
أسلحة الدفاع الجوي المعادية التي تشكّل تهديدًا كبيرًا على عملياته، إذ
لابد من التخطيط لإعطاء أولوية لإخماد نيران العدو المضادة للطائرات
العمودية بكافة الوسائل المتوفرة للقوات الصديقة من نيران مباشرة وغير
مباشرة، لضمان تمكين وحدات الطيران العمودي من إنفاذ عملياتها بالحد
الأدنى من الخسائر.
في الختام، أستطيع القول إن الطائرات العمودية تقوم بأدوار مماثلة لما
تقوم به تكتيكيًا، تمامًا كما تنفذها عناصر المناورة الأخرى (مشاة دروع)،
والفرق هو أن الطائرات العمودية تعطي القائد بُعداً ثالثًا للمناورة بها
جوًا كجزء مكمِّل لمناورة العناصر البرية، وبما يحقق له إنجاز مهمة وحدته
بنجاح