الحوامات الهجومية في الحروب الحديثة...
<hr style="color: rgb(196, 207, 228);" size="1">
لقد
شهدت العشر سنوات الأخيرة تزايداً في أعداد الدول التي تمتلك الطائرات
العمودية الهجومية، وكان هذا التوسع في امتلاك الحوامات الهجومية مؤشراً
على نمو صناعة الحوامات وتطورها سواء من حيث الشراء للأجيال الجديدة منها
أو تحديث الموجود منها بالخدمة في مختلف الجيوش. لقد تبين خلال المعارك
الأخيرة أن الحوامات الهجومية لا تتوقف أهميتها على تدمير الدبابات
المعادية فقط ولكنها أصبحت جزءاً من المنظومة القتالية التي لا غنى عنها
لكسب الحرب، فخلال حرب تحرير الكويت عندما استخدمت ضمن منظومة الأسلحة
الهجومية كانت تقوم بالتدمير السريع لمعدات العدو، وإفقاده الرغبة في
القتال وكانت هذه الحوامات تواجه بالتهديدات الأرضية مثل الصواريخ
المحمولة على الكتف وأنظمة الدفاع الجوي المتحركة ولكنه بعد تقدم نظم
الحماية الذاتية أصبحت هذه الطائرات قادرة على العمل والقيام بأدوارها
القتالية بشكل أكثر فاعلية، فالرادارات ذات الموجات المليمترية ونظم
التصويب المتقدمة جعلت مشغلي الحوامات الهجومية يتجنبون ويتفادون
التهديدات مثل قواعد صواريخ الدفاع الجوي وذلك بفضل الاكتشاف المبكر لهذه
القواعد الصاروخية والتقاط الإشارات المنبعثة من راداراتها والاشتباك
وتدمير هذه القواعد في وقت قصير، ولقد جعلت أنظمة الاستشعار المتقدمة
للأسلحة الموجهة مثل النظام الصاروخي (هل فاير) AGM-114 المضاد للدبابات
والأنظمة الصاروخية المضادة للرادارات جعلت مشغلي الحوامات الهجومية في
مأمن من مهاجمة التهديدات المضادة الأرضية.
ونظراً للتوسع الحاصل في أعداد الدول الممتلكة للطائرات الهجومية العمودية
وتوسع السوق العالمي لبيع وشراء هذه الطائرات. فإن في الصراعات المستقبلية
سوف تجد الجيوش المتحاربة نفسها تقاتل بطائرات عمودية ليس فقط ضد الدبابات
ولكن سيكون مواجهة بين طائرات عمودية وطائرات عمودية معادية ومثل هذا
السيناريو أوجد مفهوماً جديداً وهو أن لا تشمل مهمة الحوامات الهجومية
قتال الدبابات والمعدات الأرضية فقط ولكن سوف تشمل عملياتها أيضاً مقاتلة
الحوامات المعادية بحيث يكون تسليح الطائرة العمودية الهجومية يشمل أسلحة
جو-أرض وجو-جو وهذا المفهوم الجديد قد برز على الساحة مؤخراً بعد تزايد
الدول التي تمتلك حوامات هجومية وقد تكون الحوامات الصديقة والمعادية من
نفس الطراز.
لقد أكتسبت الحوامات الهجومية شهرة واسعة خاصة الحوامة أباتشي (AH-64A)
خلال حرب تحرير الكويت، ولكن في عام 1999م خلال العمليات في البلقان لم
تحقق هذه الطائرات ما حققته في حرب تحرير الكويت حيث كانت صواريخ الدفاع
الجوي المتطورة التي كانت لدى الصرب تمثل تهديداً حقيقياً على طائرات
الأباتشي (AH-64A) حيث كان تحويل هذا الطائرات لم يتم بعد إلى (AH-64D)
وهو التحويل الذي يجهز هذه الطائرات برادارات (Long Bow) التي تحدد بدقة
موقع أنظمة الدفاع الجوي المعادية. كذلك أثبتت الحرب فوق يوغسلافيا
السابقة أهمية التدريب القتالي الجيد لمشغلي الحوامات والذي اتبعته القوات
الأمريكية نتيجة الدروس المستفادة من الحرب فوق يوغسلافيا السابقة،
بالإضافة إلى ذلك فإن الأجيال الحديثة للأباتشي قد زودت بنظم جمع معلومات
بحيث تمكن الطاقم والقائد من إدراك الموقف حوله بشكل غير مسبوق سواء
بالنسبة للقوات المعادية أو الصديقة. ولقد استخدمت الأباتشي (AH-64A) في
أفغانستان جنباً إلى جنب مع الطائرة الهجومية العمودية Super Cobra وأظهرت
الطائرة الأخيرة قوة نيران فعالة خلال العمليات وتقوم الولايات المتحدة
بإجراء تعديلات على الطائرة (سوبر كوبرا) لتحسين قدرتها القتالية.
وبسبب الشهرة الواسعة التي حصلت عليها الطائرة الأباتشي فقد أنتجت شركة
بوينج حتى الآن 1100 طائرة أباتشي تعمل في عدة جيوش في دول العالم منها
827 طائرة للعمل بجيش الولايات المتحدة، ودخل الخدمة في دولة الإمارات
وحدها عدد 200 طائرة أباتشي النموذج (A) وقامت بتحديثها وذلك بتجهيزها
برادار التحكم في النيران (Long Bow) ومجموعة الصواريخ (هل فاير)
والصواريخ المضادة للرادارات. كماقامت الولايات المتحدة بتحديث ما لديها
من طائرات الأباتشي من النموذج (A) إلى النموذج (D) وبلغت قيمة التحديث
3.2 مليار دولار أمريكي وشمل التحديث تجهيز الطائرة بالرادار (Long Bow)
للتحكم في النيران مع أنظمة رقمية أخرى.
أما بالنسبة للطائرة العمودية الأوروبية الهجومية القاتلة للدبابات
(Tiger) فهي تجد منافسة شديدة في السوق العالمي من الطائرة أباتشي. ولكنها
تفوقت عليها في مناقصة توريد الحوامات الهجومية إلى استراليا حيث اختارت
استراليا الحوامة Tiger في صفقة تقدر ب 622 مليون دولار أمريكي مقابل
توريد عدد (22) طائرة (تيجر) للاستطلاع المسلح. وقد تسلمت فرنسا وألمانيا
هذا العام عدد 160 حوامة (Tiger) من أصل (392) حوامة. بينما فضلت تركيا
الحوامة كوبرا من الجيل الأحدث حيث ترغب تركيا في الحصول على عدد 145 من
الحوامة كوبرا المعدلة والتي يصل ثمنها إلى 4 مليارات دولار أمريكي.
وهناك لدى الولايات المتحدة برنامجاً لتحديث الحوامات (Super Cobra) وذلك
بتزويد عدد 180 حوامة منها برادار Long Bow أيضاً وقد استخدمت هذه الطائرة
في حرب تحرير الكويت وتنافس هذه الحوامة الحوامة أباتشي والحوامة (Tiger)
في السوق العالمي.
أما الحوامة الروسية الأحدث (Kamov K50) فهي مزودة بدوارين يدوران في
اتجاهين متعاكسين ويقودها طيار واحد. وذلك بعكس كل التصاميم الحالية
الأخرى للحوامات الهجومية التي يستخدم فيها مقعدين مترادفين وبذلك أصبحت
الحوامة الروسية (K-50) أصغر حجماً قياساً بالحوامات المقاتلة الأخرى.
وبالنسبة للحوامة الأمريكية الأحدث (كومانشي) فمن المتوقع أن تحصل على نفس
الشهرة التي حصلت عليها الأباتشي وهي تمثل الجيل المقبل من الحوامات
القتالية، حيث من المتوقع أن تدخل الخدمة في الجيش الأمريكي في عام 2009م
وتتميز الكومانشي بعدة ميزات أهمها الأسلحة المثبتة داخل الهيكل وذلك لخفض
البصمة الرادارية وسوف تزود هذه الحوامة برادار التحكم في النيران Long
Bow ويخطط الجيش الأمريكي لامتلاك 1213 حوامة كومانشي.
وتنتج شركة أطلس الجنوب أفريقية حوامة متطورة (رويفالك) وهي مصممة على
أساس الحوامة (بوما) التكتيكية للنقل وتتميز هذه الحوامة بالقوة والحيز
الملائم لحمل مجموعة متنوعة من الأسلحة وزودت حوامة (رويفالك) بمستشعرات
لكشف الأهداف وتحديد هويتها وتتبعها. أما حوامة إيطاليا (Agusta 129A) كان
تصميمها أساساً على أنها حوامة نقل خفيفة ثم تم تطويرها لتكون حوامة هجوم
قتالية مضادة للدبابات ويتم إنتاج ما يحتاجه الجيش الإيطالي منها وهي
صغيرة الحجم نسبياً ولها قدرة على العمل ليلاً ونهاراً وتستطيع حمل مجموعة
واسعة من الأسلحة حتى وزن 1200 كج، ومن الحوامات أيضاً التي تحولت من
حوامة نقل تكتيكية إلى حوامة مقاتلة هجومية هي الحوامة (بلاك هوك) وكانت
هذه الحوامة تخدم كحوامة نقل تكتيكي تتسع ل (11) فرد بكامل أسلحتهم وقد تم
تحويلها إلى حوامة قتالية بعد تزويدها بأنظمة لحمل الأسلحة وإطلاقها وشملت
هذه الأسلحة الصواريخ أو قذائف صاروخية أو قذائف مدفعية، وتجري عليها
الولايات المتحدة تعديلات لتحسين قدرتها القتالية.
الخلاصة:
السوق العالمي ممتلئ بأنواع كثيرة من الحوامات القتالية وكل الدول المنتجة
تقوم بإدخال تحسينات مستمرة على إنتاجها سواء بإنتاج أجيال جديدة أو
بتحديث ما لديها من الحوامات من الطرازات القديمة لتصل إلى كفاءة الطرازات
الأحدث، أما الدول المستخدمة لهذه الحوامات فهي تسعى بدورها لتحديث ما
لديها من حوامات قتالية سواء عن طريق تزويدها برادارات متقدمة أو بنظم
رؤية ليلية- نهارية ونظم رقمية ونظم أحدث للملاحة الجوية وذلك بإعادة
التعاقد مع الشركات المنتجة لعمل التحديث.
ولكن السؤال .. أي نوع من هذه الحوامات أنسب للإقتناء؟ إن الإجابة على هذا
السؤال تكمن أولاً في القدرة المالية للدولة وثانياً في مدى الحاجة لنوع
معين بالذات وملاءمته للاستخدام في الأغراض الدفاعية للدولة.
بلاك هوك:
K-50:
Tiger :
Super Cobra :
Agusta 129A :
AH-64A :
المصدر: مجلة الدفاع