طيار سوري لاجئ لإسرائيل منذ 26 عاما يدخل السجن لإيوائه من التشرد
الدفاع فشل في إقناع المحكمة بتقدير «خدماته الجليلة»
تل ابيب:
حكمت المحكمة المركزية في حيفا بالسجن مع التنفيذ لمدة 16 شهرا على الطيار
السوري الذي هرب الى اسرائيل على متن طائرة «ميغ - 23» القتالية في سنة
1979،
وتحول إلى مجرم في خدمة العصابات الاسرائيلية.
وكان هذا الطيار قد حقق لاسرائيل والولايات المتحدة مكسبا عسكريا كبيرا اذ ان أسرار هذه الطائرة السوفياتية لم تكن معروفة بعد
. وبناء على ذلك تم تكريمه لفترة طويلة. الا ان السلطات الاسرائيلية ضاقت
به ذرعا قبل ثماني سنوات فأوقفت ف وقفت عنه الراتب وطلبت اليه ان يعتمد
على نفسه من الآن فصاعدا. ولما لم يعد رجاؤه مجديا اقترح على المخابرات
الاسرائيلية ان يعمل لديها «عصفورا» في السجون. والعصفور هو الاسم الذي
يطلقه السجناء على عملاء ادارة السجون الذين يتجسسون على أقرانهم
ويخبرونها بأفعالهم لقاء راتب زهيد ومأوى (داخل السجن) ومأكل ومشرب.
فوافقت، وأمضى ست سنوات كاملة يتنقل خلالها من سجن الى آخر ومهمته استدراج
السجناء الفلسطينيين ليحكوا له عن أفعالهم في مقاومة الاحتلال. فكان يدخل
الى الزنزانة ويزعم انه فدائي فلسطيني من احد التنظيمات العسكرية (كل مرة
يختار لنفسه اسم تنظيم ومهمة مختلفة)، فيزرع الثقة في نفس الأسير
الفلسطيني فيروي له هذا قصته. ويكون الطيار السوري قد أخفى آلة التسجيل في
مكان ما وتمكن من تسجيل الاعترافات. ثم يسلمها الى رؤسائه، فاستخدموها ضد
الأسرى خلال التحقيق أو حتى خلال المحاكمة.
وعندما انكشف أمر هذا الطيار وأصبح مفضوحا في كل السجون ولم تعد منه
فائدة، رماه رؤساؤه الاسرائيليون مرة أخرى الى الشارع ليعتمد على نفسه
وقطعوا عنه اي معاش أو دعم. وما هي الا بضعة أسابيع حتى وجد نفسه بلا مأوى
وبلا قوت. فراح يفتش عن الطعام في حاويات القمامة وينام في الشوارع
والحدائق. واهتدى اليه مواطن عربي في اسرائيل (من فلسطينيي 48)، فعرض عليه
ان يسكن في حاوية في ساحة داره، شرط ان يقدم له خدمات اجرامية، مثل
الاعتداء على مواطنين يدله عليهم، فوافق. وفي احدى المرات قام باحراق
سيارة أحد المواطنين في مدينة باقة الغربية، فاكتشف أمره وتم اعتقاله.
وتطوع محام يهودي للدفاع عنه. وحرص المحامي على اطلاع المحكمة على تاريخ
الرجل وسجله الطافح بالخدمات لاسرائيل ضد شعبه. وقال ان اسرائيل قد خانته
وطعنته في الظهر وهو الذي قدم أرفع الخدمات لها. وأعرب عن احتجاجه على هذا
الاهمال «الذي لن يبقي لاسرائيل صديقا واحدا في العالم العربي». وحاول ان
يستدر عطف القضاة الثلاثة حتى يطلقوا سراح موكله ويأمروا باعادة راتبه
اليه، وعندما رفض القضاة ذلك باعتبار انه ليس بالأمر القانوني، طلب ان
يسمح القاضي لموكله الطيار بالمكوث في بيت احد فلسطينيي 48 فوافق، الا انه
لم يجد بيتا عربيا واحدا في اسرائيل مستعدا لاستضافته، فما كان من المحكمة
الا ان لبت طلب النيابة وحكمت عليه بالسجن.