مليار دولار فاتورة رحلات «الرأس الطائر» في 30 عاما
خلال ثلاثين عاما في حكم البلاد.. قام خلالها المخلوع
بـ (495) رحلة طيران لدول العالم.. انفق فيها من خزينة مصر (29) مليار
دولار.. استحق عليها لقب الرئيس «الطائر» هذا ما توصل إليه الباحث الدكتور
صلاح جودة رئيس مركز الدراسات الاقتصادية في دراسة مهمة مليئة بالتفاصيل
الدقيقة عن رحلات الرئيس السابق سواء كانت خارج مصر أو داخلها.. وتؤكد
الدراسة أن عدد ساعات الطيران التي قضاها مبارك في الهواء أكثر من عدد
ساعات الحكم!! قام المخلوع بالسفر إلي فرنسا 62 مرة، وإلي ألمانيا 42 وإلي
إنجلترا 36 مرة. وإيطاليا 35 مرة.. وامريكا 34 واحتلت السعودية المرتبة
الأولي من بين الدول العربية الأكثر في عدد المرات التي زارها مبارك وتبلغ
26 رحلة .. تليها سلطنة عمان حيث وصل عدد رحلاته إليها 23 رحلة ثم ليبيا 22
رحلة، أما مجمل الدول الافريقية بمساحاتها الشاسعة واهميتها الاستراتيجية
والإقتصادية لمصر فلم يزرها جميعا مجتمعة إلا من خلال 8 رحلات.. أي أن هناك
دولا لم يزرها مطلقًا.
كانت الرحلات الأكثر وللأطول اقامة إلي شرم الشيخ أو جنوب سيناء والأقصر واسوان والإسكندرية.
- هو.. والحاشية
لم
ينفق مبارك مبلغ الـ 29 مليار علي نفسه فقط في مجمل رحلاته التي كانت في
معظمها «فسحة» وليست عملاً.. فقد كان يصحب معه زوجته وولديه وحاشية ضخمة
تتألف من طقم الحراسات والسكرتارية وحاملي الشنط ورجال الإعلام الحكومي
الرسمي مقروء ومرئي.. بالإضافة لعدد كبير من الوزراء وسكرتارية الوزراء.
وإذا
تعرضنا لجملة ما انفقه خلال رحلاته بالتفصيل سنجد أنه انفق 22 مليار دولار
علي رحلاته الخارجية.. 7 مليارات علي رحلاته الداخلية.. وذلك وفقًا لتقرير
الجهاز المركزي للمحاسبات.. وكذلك موازنة رئاسة الجمهورية، كما سنكتشف أن
للسفارات المصرية في الخارج نصيبًا منها متمثلة في الاستقبالات والمراسم
والحراسة والأمن والمشتريات والتسوق مع أفراد الحاشية.. إضافة إلي شراء
لوازم شخصية كان حصيلة خسائرها جميعا ما يقرب من 30 مليار دولار من خزينة
مصر وقوت الشعب.
- تكاليف «وقف الحال»
تضيف
الدراسة معلومات شديدة الطرافة والاهمية والجدية معا: وهي خاصة بتكاليف
تعطيل الأعمال داخل جميع المصالح الحكومية المصرية بسبب غياب الوزراء
والمسئولين والمرافقين للرئيس المخلوع في رحلاته، بالاضافة إلي غياب رؤساء
تحرير وادارات الصحف والمجلات.. كل هذه الخسائر بلغت 4 مليارات دولار.
ليس
ذلك فقط بل إن مصر خسرت مجموعة كبيرة من المنح والمعونات كانت مصر تحصل
عليها قبل تولي مبارك الحكم، وحين وجدت الدول صاحبة المعونات أن المسئولين
المصريين لم يقوموا باعتماد هذه المعونات لأنهم كانوا دائما علي سفر مع
«الرئيس الطائر».. أو أنهم كانوا في حالة استقبال لسيادته أو في حفلات
افتتاح أو في انتظار تعليمات سيادته.. لذلك كله وصلت تكاليف أسفاره إلي ما
يعادل بالمصري 174 مليار جنيه.
وتطرح الدراسة سؤالا مهمًا يبدو بغير إجابة مقنعة ما هو العائد الاقتصادي أو المادي أو المعنوي لهذه الرحلات؟
ويجيب
الدكتور صلاح جودة صاحب السؤال والدراسة أن أكثر الدول التي ذهب إليها
المخلوع هي بالترتيب: فرنسا، انجلترا، ألمانيا إيطاليا، الولايات المتحدة،
وهي لم تعط مصر منحًا بمقدار ما كانت مصر تحصل عليه قبل المخلوع.. بالإضافة
إلي أن حكومات المخلوع كلها لم تقم بتخفيض المديونيات المستحقة علي مصر
لدي الدول المانحة حتي أثناء العدوان علي العراق، أما التخفيض الذي حدث فلم
يزد علي 7 مليارات دولار فقط ساهمت فيها إلي حد كبير بعض الدول العربية
وأهمها السعودية والكويت مكافأة لمصر بوقوفها مع الجانب الكويتي أثناء حرب
الخليج الثانية عام 1990، أما ايطاليا فلم تقدم دولارا واحدا خلال ثلاثين
عاما لمصر في أي صورة من الصور سواء كانت منحًا أو معونات.. باستثناء اهدار
اثنتين من جامعاتها شهادة الدكتوراة الفخرية للسيدة سوزان مبارك بالاضافة
إلي ذلك قام كثير من رجال الأعمال الإيطاليين وعلي رأسهم بيرلسكوني رجل
الأعمال ورئيس الوزراء بالاستثمار في سيناء رغم أن هذا مخالف للقانون
الصادر من مجلس الشعب والذي يحظر علي الأجانب شراء أراض في سيناء.
- أمريكا خفضت المعونة
تؤكد
الدراسة أن الولايات المتحدة الأمريكية علي مدار الثلاثة عقود الماضية ومن
خلال حكم أربعة رؤساء أمريكان هم ريجان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن لم
تقم بزيادة المنح والمعونات لمصر، بل قامت بتخفيضها بشكل ملحوظ وغير مبرر..
لقد كانت المعونة الأمريكية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد وصلت إلي 2
مليار دولار.. ووصلت في آخر نهاية عهد مبارك إلي 250 مليون دولار.. الذي
فعلته أمريكا هو خفض جزء من المديونية المستحقة علي مصر مكافأة لها علي
دورها في حرب الخليج الثانية.. وتم إعادة جدولة باقي المديونيات وهو إجراء
عادي قامت به مع معظم الدول التي تواجه صعوبات اقتصادية.. وهذا ما فعلته
أمريكا أيضا مع اليونان والأرجنتين واليمن وتونس.. وبهذا نجد أن أمريكا لم
تمنح أي ميزة لمصر.
- رحلات لتثبيت الحكم
يشرح
الدكتور صلاح جودة صاحب هذه الدراسة أن الرحلات المكوكية التي بلغت أكثر
من 390 رحلة كانت لمصلحة مبارك الشخصية، منها زياراته لأمريكا التي كان
يقدم فيها فروض الطاعة والولاء للبيت الأبيض كي يستمر في الحكم.. وكانت
معظم الاستثمارات الأمريكية داخل مصر في الصناعات البترولية والكيماويات
وكل عائد هذه الصناعات يذهب لصالح أمريكا وليست مصر.
لهذا تستنتج
الدراسة أن مصر في عهد المخلوع قد أضاعت فرصا ذهبية للاستفادة من مواردها..
والغريب والمثير للحنق والاستياء أن أمريكا كان لها شرط مجحف لمصر وهو:
ألا تزرع القمح حتي لا يكون هناك اكتفاء ذاتي منه أو كل هذا مقابل بقاء
مبارك في الحكم.
والدليل علي ذلك واستنادا لما سبق فإن جميع
الرحلات التي قام بها مبارك لكل دول أوروبا وأمريكا لم تستفد منها مصر بقدر
استفادة هذه الدول من مصر وكانت مصر هي التي تدفع فاتورة هذه الرحلات
كاملة مما أدي لزيادة المديونية الخارجية حتي وصلت من «2» مليار دولار عام
1981 إلي «36» مليار دولار في نهاية2010.. ثم زيادة أسعار الفائدة علي فائض
هذه الديون.. بالاضافة إلي عدم الاستفادة من الامكانات المصرية خاصة في
جزئية.. عدم الاكتفاء الذاتي من القمح.. وعدم تعمير منطقة سيناء خلال
العقود الثلاثة الماضية.. بالاضافة إلي تراجع الدور المصري علي المستويات
العربية والاقليمية والأفريقية.
- في السفر 7 فوائد
يري
الدكتور صلاح جودة أن معظم رحلات المخلوع للدول العربية كانت للاستفادة
الشخصية له ولحاشيته ولهذا سوف نجد أن تحقيقات النيابة الآن مع زكريا عزمي
رئيس ديوان الرئيس المخلوع أنه تربح وحصل علي هدايا من معظم رؤساء دول
الخليج ووصلت قيمة ما حصل عليه 3 مليارات دولار.
لم تقم دول الخليج
بزيادة المنح والمعونات في عهد مبارك.. وظلت نفس الأرقام كما هي منذ عصر
السادات.. وقام المخلوع بقلب الآية وبدلا من أن يجعلهم يزيدون المعونات
والمنح قام هو بتسهيل حصول المستثمرين العرب علي الأراضي المصرية بأرخص
الأثمان.. بالاضافة إلي ذلك قام هؤلاء المستثمرون بتسقيع هذه الأراضي ومن
ثم فقد تربحوا منها المليارات.. ومن هؤلاء المستثمرين من استولي علي بعض
شركات القطاع العام بأسعار متدنية وباعوها بالمليارات.
- المحاكمة
من
أجل هذا كله يطالب الدكتور صلاح جودة رئيس مركز الدراسات الاقتصادية
بالمحاسبة الدقيقة علي التكاليف الاقتصادية لهذه الرحلات وأن تتم محاكمة
أفراد النظام السابق علي إهدار أموال الدولة أسوة بما يحدث في الدول
الغربية وأمريكا خاصة ما حدث في إنجلترا مع زوجة رئيس وزرائها حينما ذهبت
إلي رحلة علي حساب الدولة.. وكذلك ما حدث مع ساركوزي الرئيس الفرنسي قبل أن
يتزوج كارلا عندما أتت إلي مصر ودفعت الحكومة الفرنسية تكاليف اقامتها.