Admin Admin
عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
| موضوع: نشأة مفهوم الاستراتيجية الإثنين ديسمبر 15, 2008 12:12 pm | |
| نشأة مفهوم الاستراتيجية
تعتبر الحرب واحدة من الظوتهر الحتمية في حياة الانسان ، واكبت مسيرته على هذه الارض وكانت معلما بارزا في تاريخه الطويل . و لان الحرب كذلك فقد استحوذت _كسواها من فروع المعرفة الانسانية_ على اهتمام كثيرمن المفكرين والدارسين الذين حاولو الوصول إلى استنتاجات ومبادىء وقوانين عامة لهذه الظاهرة المعقدة من خلال الدراسة المقارنةلتجارب الحروب الانسانية على مختلف انماطها. وظهرت بواكير المؤلفات في هذا المجال قبل أكثر من عشرين قرنا على يد بعض العسكريين الصينيين تلتها مؤلفات اخرى لعسكريين ومفكرين اغريق ورومان وعرب و اوروبيين تناولت جميعها بعض المفاهيم و المبادىء الاساسية والتفصيلية للحرب. مما نتج عنه نشوء فرع جديد من فروع المعرفة الانسانية اصطلح على تسميته (الفن العسكري )او( الفن الحربي). وكنتيجة حتمية للتور والتوسع الهائل في مجال المعرفة العسكرية قسم لفن العسكري إلى مستويات ثلاثة رئيسيه هي : 1- الاستراتيجية العليا او الشاملة. 2- الاستراتيجية العسكري . 3-التكتيك (التعبية). غير ان هذا التقسيم الذي اعتمدته المدرسة العسكرية الغربية تقريبا لما يطابق تماما ما اعتمدته المدرسة العسكرية الشرقية وبعض مفكري المدرسة الاولى الذين اعتمدا تقسيمات اخرى لا تختلف عن لتقسيم آنف الذكرفي المضمون و ان اختلفت في الشكل. فقد قسمت المدرسة الشرقية الفن العسكري إلى استراتيجية وفن عمليات و تكتيك, و قسمه الجنرال اندريه بوفر إلى استراتيجية وتكتيك ولوجستيك(شؤون ادارية)*. تعريف الاستراتيجية عرف كلاوتز الاستراتيجية بانها (فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب) وعرفها مولتكه بانها (اجراء الملائمة العملية للوسائل الموضوعة تحت تضرف القائد للوضول إلى الهدف المطلوب ) بينما عرفها ليدل هارت بانها (فن توزيع واستخدام مختلف الوسائط العسكرية لتحقيق هدف السياسة)* اما الجنرال بالت فقد عرفها بانها (فن تعبئة وتوجيه موارد الامة او مجموعة من الامم _بما فيها القوات المسلحة_لدعم وحماية مصالحها من اعداءها الفعليين او المحتمليين * )في حين يعرفها الجنرال اندريه بوفر بنها ( فن حوار الارادات تستخدم القوة لحل خلافاتها ).* وتعكس هذه التعرفات المختلفة الاختلاف بين مفاهيم اصحابها لمعنى الاستراتيجية ومدياتها و وسائلها مما يوحي بان مفهوم هذه الكلمة او الاصطلاح لم يتبلور بعد في اذهان رواد الاستراتيجية ومفكريها . والحقيقة ان حداثة فن الاستراتيجية والتطور السريع الذي لحق مفهوم هذا الفن كنتيجة حتمية للتطور الهائل الذي شهدته المعارف والتقنية العسكرية قد وسع مجاله و مداه بخيث اصبح لكل وضع او مجال سياسي او اقتصادي او عسكري او اجتماعي استراتيجية خاصة مما يجعل من العسير ايضاح معنى الاستراتيجية بكلمة او ببعض كلمات . ومن خلال استقراء التعريفات السابقة يمكن الوقوف على الفروق بين اصطلاح الاستراتيجية وسواه من الاصطلاحات المقترنة به كالسياسة و التكتيك واللوجستيك. فقد يختلط مفهوم الاستراتيجية بمستواها الاعلى _اي الاستراتيجية العليا الشاملة _ بمفهوم السياسة او قد يختلط مفهوم الاستراتيجية بمستواها الادنى ¬¬¬¬ ¬¬_اي الاستراتيجية العسكرية او العملياتية _بمفهوم التكتيك او اللوجستيك . فالسياسة هي التي ترسم وتحدد الهدف الذي تيعى الامة او الدولة لتحقيقه سواء بالسبل العسكرية او سواها ، في حين تعتبر الاستراتيجية العليا الاداة التنفيذية للسياسة اي انها السياسة في مرحلة التنفيذ* او السياسة في مرحلة الحركة العنيفة او القابلة للعنف . ولا يعني هذا ان الحل العسكري هو الحل الوحيد او الوسيلة اليتيمة امام الاستراتيجية لتحقيق هدف السياسة بل ثمة وسائل وسبل اخرى سياسية واقتصادية ونفسية ودبلوماسية تسلكها الاستراتيجية للوصول للهدف وان كان سبيل القوة العسكرية هو الاكثر قوة وحسما و الذي يلجأ اليه في نهاية المطاف عادة . وتختلف الاستراتيجية العسكرية عن التكتيك واللوجستيك في ان التكتيك (فن استخدام الاسلحة في المعركة للوصول إلى المردود الاقصى ) كما يقول اندريه بوفر او (عملية اشتباك )كما يقول باليت ، اي ان حدوده محصورة في الاجراءات و التدابير التي تتخذها القيادة الميدانية على مسرح المعركة اي انه فن القتال في الميدان . اما اللوجستيك (الشؤون الادارية ) فهي علم تجهيز وادامة القطعات اي علم (الحركة والتموين ) و هي مع التكتيك تؤمن (تحقيق التعامن المتبادل بين العوامل المادية ويتصفان معا بصفات علمية واقعية تجعلهما مشابهين لفن الهندسة). اما الاستراتيجية العسكرية فهي فن توزيع واستخدام الامكانات والوسائل العسكرية المختلفة لتحقيق هدف السياسة بالطريقة المثلى التي تؤمن التوائم بين الامكانات و الهدف وتحقيق اقل قدر من المقاومة لنخططها باستخدام عامل المناورة * ويكون التكتيك عادة احدى الوسائل التي تستخدمها الاستراتيجية العسكرية لتحقيق هدفها .
اوجه ومستويات الاستراتيجية
نتيجة للتطور التقني والفكري وزيادة لحاجة للتخصص تبعا لذلك فقد تعددت اوجه ومستويات وحقول الاستراتيجية بحيث اصبح لكل حقل من الحقول استراتيجيته الخاصة التي تلائم اعتباراته المعنوية ومعطياته المادية. فمن حيث المستوى هناك الاستراتيجية عليا او شاملة و استراتيجية بحتة او عسكرية او عملياتية . وضمن الاستراتيجية العسكرية ثمة استراتيجية برية وبحرية وجوية. اما من حيث المجال فثمة الاستراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية و عسكرية و غيرها . ومن حيث المدى فقد تميز الاستراتيجية إلى شملة و محدودة مرحلية ومن حيث طريقة الوصول للهدف فقد تقسم إلى الاستراتيجية مباشرة و غير مباشرة . وبالرغم نم التقسيمات انفة الذكر فان الاستراتيجية حقيقتها واحدة من حيث الجوهر والهدف والاسلوب . وليس التقسيم الا ضرورة عملية او اكاديمية نشأت من خلال تشعب و تضخم مهام الاستراتيجية . و يجب لضمان نجاح الاستراتيجية تساند وتوافق وتكامل كافة الخطط الاستراتيجيات المختلفة كي تؤدي جميعها إلى تحقيق الهدف العام للسياسة . وضمانا لهذا التكامل والتوائم فقد وضعت الاستراتيجية العليا او الشاملة على قمة الهرم الاستراتيجي واعتبرت السلطة العليا في الدولة هي المسؤولة عن وضعها وتوجيهها .* فالاستراتيجية العسكرية مثلا هي التنفيذ العملي لمخططات الاستراتيجية العليا من حيث توجيه وادارة الصراع المسلح . فهي تبع لها تتنكب خطاها .اي ان الاستراتيجية العليا تعالج جوئيا بالاستراتيجية العسكرية في حين تعالج الاخيرة جزئيا بالتكتيك . وبكلمة موجزة فان الاستراتيجية العليا هي سياية حرب و الاستراتيجيةالعسكرية هي فن قيادة الحرب والتكتيك هو فن القتال .
الاستراتيجية العليا والعسكرية
تختلف الاستراتيجية العليا في الدولة من حيث السلطة القائمةعليها ومن حيث مستواها ومداها ووسائلها . فالقيادة السياسية العسكرية العليا في الدولة هي التي تتولى الاستراتيجية العليا في حين تعتبر الاستراتيجية العسكرية هي نطاق النشاط العملي للقيادة العسكرية العليا . و الاستراتيجية العليا هي التي تقدر وتنمي وتحشد كافة الامكانات والطاقات الاقتصادية والبشرية والعسكرية والمعونة وسوها من قوى الضغط للتأثير على عزيمة الخصم ومعنوياته وارادته لاجباره على الخضوع والتسليم وبالتالي تحقيق هدف السياسة . وهي تحدد كافة المهام والادوار لمختلف الاستراتيجيات العامة من سياسية واقتصادية واجتماعية ودبلوماسية وعسكرية وتؤمن توافقها وانسجامها . وهي تتولى كذلك وتعالج كافة مراحل الصراع السابقة و المواكبة واللاحقة للحرب وتؤمن التوافق بين شتى وسائط واسلحة الصراع و تنظم استخدامها و توجيهها .وتخطط لاقامة سلام وطيد يعقب مرحلة الصراع بنفي كل المؤثرات وازالة الاثار التي تحول دون ذلك . اما الاستراتيجية العسكرية فهي تختص بمرحلة الصراع المسلح اي ان مداها ونطاقها محدود بالحرب في حين تنحصر مهمتها في معالجة قضايا توزيع واسخدام الوسائل والامكانات العسكرية لتحقيق هدف الاستراتيجية العليا معتمدة في ذلك على التقدير السليم والموائمة الناجحة بين وسائلها وامكاناتها وبين غاياتها . فالاستراتيجية العسكرية هي اداة الاستراتيجية العليا لاحراز النصر في ميدان القتال وتحقيق هدف السياسة وهي تبع لها تعمل وفق مخططها ومنهجها وفي تطبيقها العملي على مستوى ادنى والوجه التنفيذي لسياسة القوة . ونعنكد الاستراتيجية العسكرية ف ي سبيل تحقيق النجاح إلى محاولة اختزال امكانات المقاومة المعادية إلى الحد الادنى للوصول إلى هدفها باقصر وايسر السبل واقلها تكلفة مدرعة بدراسة عميقة وتقدير سليو لعوامل الومان والمكان والقدرات المادية والمعنوية المسكلة للوضع الاستراتيجي وبفهم حقيقي لاهدافها ومتسلحة بعاملي الحركة والمفاجأة اللذين يشكلان معا عنصر المناورة الاستراتيجية التي تحدد تتابع العوامل وعلاقات الاوضاع المتعاقبة . حيث ان المناورة هي العامل الموجه والمحرك لبقية العوامل و المعبر عن الصراع المجرد بين ارادات الخصوم على شكل افعال وردود افعال متعاقبة . وتشترك الاستراتيجية العسكرية في تحديد وتقرير نمط الصراع وهل سيكون هجوميا هنيفا مباشرا ام غيرمباشر او دفاعيا مخاتلا في حين تنفرد بالتحكم والتوجيه لمسيرة التكتيك بصفته تابعا لها وواحد من وسائلها التطبيقية العملية للوصول إلى النتيجة الحاسمة .
| |
|