اهداف الاستراتيجية
تهدف
الاستراتيجية إلى تحقيق هدف السياسة عن طريق الاستخدام المثل لكافة
الامكانات والوسائل المتوفرة . وتختلف الاهداف من سياسة لاخرى ومن
استراتيجية لاخرى . فقد لايتحقق الهدف الا باتباع اسلوب هجومي لاحتلال
اراضي الغير او فرض شروط معينة عليه او باتباع اسلوب دفاعي لحماية ارض
الوطن ومصالح وقيم الامة مثلا. وقد يكون الهدف سياسيا او اقتصاديا او
عسكريا او معنويا وقد يكون صغيرا محدودا كاحتلال جزء من ارض دولة ما
اوكبيرا كالقضاء على كيان تلك الدولة نهائيا .
غير
ان جميع الاهداف تشترك في كونها جميعا لهدف النهائي الذي عين وحدد سلفا من
قبل السلطة السياسية العلبا او الوسيط المؤدي اليه حتما.
وقد
يكون من الضروري احيانا للوصول إلى الهدف النهائي للسياسة تحديد تحقيق عدد
من الاهداف المرحلية التي يؤدي تحقيقها إلى احدجاث تغييرات حادة هامة في
الموقف الاستراتيجي او إلى توجيه الوضع الاستراتيجي باتجاه يؤدي حنمكا إلى
الهدف النهائي ، وهذه الهداف هي ما يسمى بالاهداف الاستراتيجية .
وسائل الاستراتيجية
تتباين
الوسائل التي تستخدمها الاستراتيجية لتحقيق هدفها تبعا للتباين في طبيعة
واهمية ذلك الهدف وتبعا للامكانات والقدرات المتاحة للظروف والاجواء
المحلية والدولية السائدة .
فلقد
قال بعض الاستراتيجيين القدماء مثل كلاوزفتز برون ان الوسيلة العسكرية هي
الوسيلة الوحيدة الحاسمة للوصول للهدف في حين يرى المحدثون منهم ان الحل
العسكري او القوة العسكرية هي واحدة من الوسائل وان الافضل عدم اللجوء
اليها فعلا الا بعد استنفاذ وعجز الوسائل الاخرى من دبلوماسية وسياسية
واقتصادية ونفسية عن تحقيق الهدف اي يجب العمل بالوسائل الاخرى لخلق وضع
استراتيجي مناسب قد يؤدي بذاته إلى الهدف دون اللجوء إلى القوة العسكرية
اوقد يؤدي إلى خلق ظروف للمعركة يمكن انتزاع النصر والوصول إلى الهدف
بواسطتها بسهولة .
والاستراتيجية
الناجحة هي التي توفق إلى اختيار الوسيلة او الوسائل الاجدى بين كافة
الوسائل المتاحة للوصول إلى هدفها . اي التي تنجح في تحقيق وتأمين التوافق
والتلائم بين الوسيلة والهدف و في خلق التأثير النفسي الكافي لزعزعة ثقة
الخصم بنفسه وتفتيت إرادته وعزيمته وحرمانه من حرية العمل مما سيؤدي حتما
إلى قبوله بالشروط المفروضة عليه و بعبر ندريه بوفر عن ذلك بقوله (ان
القانون العام هو:يتم الوصول إلى النتيجة الحاسمة بخلق واستغلال وضع يؤيد
إلى تفتيت معنويات الخصم بشكل كاف يجبره على قبول الشروط المفروضة عليه
وهنا تكمن الفكرة الاساسية لحوار الارادات)*.
ولكي
يكون اختيار الوسيلة ناجحا فمن الضروري عمل دراسة واعية للموقف بشتى
جوانبه لمعرفة العدو المطلوب قهره وتمييز نقاط ضعفه الاكثر حساسية مع
تحليل عميق للتأثيرات الحاسمة التي يمكن ان تحدثها السيلة المختارة على
معنويات الخصم وهذا يقتضي انشاء مخطط استراتيجي يتضمن كافة الاعمال
الممكنة وردود الافعال المتوقعة عليها محليا ودوليا لوضع الحلول المناسبة
كي يكون المخطط الاستراتيجي مترابط الاجزاء قادر على مواجهة اي مفاجآت او
ردود فعل غير ملائمة او سيئة التأثير لضمان حرية العمل للخطة الاستراتيجية
.
مبادىء الاستراتيجية
حاول
العديد من المفكربن الاستراتيجين وضع عدد من المبادىء الاستراتيجية العامة
فكان اختالهم في وضع هذه المبادىء أكثر من اختلافهم في تعريف الاستراتيجية
ذاتها . والسبب الرئيسي في ذلك الاختلاف هو ان الاستراتيجية ليست فكرة
محددة المعالم جلية السمات واكنها كما يقول بوفر (اسلوب تفكير). فلكل موقف
استراتيجية تلائمه ولكل دولة استراتيجية تناسبها وتتلائم مع ظروفها وقد
يكون اختيار هذه الاستراتيجية او تلك صائبا في زمان او مكان معينتين و
غيؤر صائب في زمان او مكان آخر فالاستراتيجية تتأثر بعوامل الزمان والمكان
وبعقلية المخططين وزظروف العصر وتقنيته وغير ذلك من العوامل .
ولقد
حدد طلامزفتز مبادىء الاستراتيجية بثلاث رئيسية هي: 1- تجميع القوى. 2-
عمل القوى ضد القوى . 3- الحل الحاسم عن طريق المعركة في الحقل الرئيسي.
اما ليدل هارت فقد قدم ثمانية مبادىء رئيسية هي: 1- متابعة الهدف مع
الامكانات . 2- متابعة الجهد وعدم اضاعة الهدف . 3- اختيار الخط الاقل
توقعا . 4- استثمار خط المقاومة الاضعف . 5- اختيار خط عمليات يؤدي إلى
اهداف متناوبة . 6- المرونة في المخطط والتشكيل بحيث يتلائمان مع الظروف .
7- عدم الزج بكافة الامكانات ااذا كان العدو محترسا . 8- عدم تسديد الهجوم
على نفس الخط او بنفس الطريقة .
اما
ماوتس تونغ فقد حدد للاستراتيجية ستة مبادىء تختلف في كثير عن سابقاتها
وهي : 1- الانسحاب امام تقدم العدو انسحابات متجهة نحو المركز. 2- التقدم
امام العدو المتراجع . 3- استراتيجية واحدة ضد خمسة . 4- التموين من
تموينات العدو نفسه . 5- تكتيك خمسة ضد واحد . 6- تلاحم تام بين الجيش
والشعب .
ووضع
لبينين وستالين ثلاث مبادىء رئيسية هي : 1- تلاحم معنوي بين الجيش و الشعب
في حرب شاملة . 2- اهمية حاسمة للمؤخرات . 3- ضرورة القيام باعدادات نفسية
قبل البدء بالعمل العنيف . اما الاستراتيجيون الأمريكيون فقد استوحوا من
ظروفهم في ظل اوضاع التوازن النووي في العالم مبدأين فقط هما: 1- ردع
متدرج . 2- ردع مرن .
وحددت المدرسة العسكرية الفرنسية مبدأين مغايرين وان كانا شاملين هما : 1- الاقتصاد و القوة . 2- حرية العمل .
ولو
حاولنا استعراض آراء الاستراتيجين البحريين في مبادىء الاستراتيجيةلوجدنا
الادميرال الأمريكي ماهان قد جعل السيطرة على البحار هي المبدأ الرئيسي في
الحصول على نتيجة حاسمة . ومن خلا استعراضنا للمبادىء الموضوعة
للاستراتيجية نلمح بالاضافة إلى تباينها تأثر واضعيها بظروف بلادهم
وعقائدها وقيمها العسكريةالموروثة.وتأثر بعضهم بالاوضاع الخاصة التي واجهت
كفاح بلادهم .
فنجد
ان كلاوز فتز وهو العسكري الالماني يعبر من خلال مبادءه عن روح العسكرية
الالمانية العنيفة في حين عبرت مبادء ليدل هارت عي افكاره التي امن بها في
افضلية السبل غير المباشرة وانها الطريقة الامثل للوصول إلى الهدف دون
الاضطرار لمواجهة الخصم وجها لوجه وتكبد الخسائر لا مبرر لها للحصول على
ذات النتيجة وهو يعكس ب ذلك العقلية الانجليزية المجبولة على الحرص والتي
تسعى لحصول على الكثير باقل الخسائر ولو اقتضى ذلك شيء من الاناة وكثير من
الحيلة والدهاء .
اما
مبادىء ماوتسي تونغ فقد تنكب فيها هدى افكار قدماء العسكريين والمفكرين
الصينيين امثال (صن تسو) وعكستفي ذات الوقت ظروف الصين وتجاربها الذاتية
كبلد واسع ضخم ذو امكانيات بشرية هائلة وامكانيات تقنية محدودة وشعب عرف
بالصبر والنفس الطويل والتراجع امام جذوة هجمات الخصوم بانتظار الفرص
السانحة للرد .
ويمكننا
القول بذات الراي بالنسبة للمبادىء الروسية التي استمدها واضعوها منتجارب
الروس الذاتية ومن عقيدتهم العسكرية لبتي تناسب الظروف الخاصة لتلك البلاد
الشاسعة التي طالما اعيت الخصوم وامتصت زخمهم وعنفوانهم فبل ان ترد عليهم
الكرة . وكان للقوى الشعبية اثر لا يقل عن اثر القوى العسكرية في الدفاع
عن الارض الروسية.
اما
المبادىء الأمريكية فخي ذات المبادىء التي طبقها الاستراتيجيون الأمريكيون
في العقود الاخيرة وهي أكثر ملائمة للاستراتيجية الذرية من الاستراتيجية
التقليدية .
والحقيقة
ان المباددىء آنفة الذكر يمكن اعتبارها افكار لحالات واوضاع خاصة ولا تشكل
قوانين عامة يمكن تطيقها بمجملها في جميع الظروف وعلى ككافة الظروف وعلى
كافة الحالات وهذا هو التفسير الحقيقي لاختلافها و تنعها الا انه يمكن
الخروج بالقول بانه ثمة عنصرين مشتركين بين كافة تلك المبادىء هما ضرورة
اختيار النقطة الحاسمة الواجب الوصول إليها والتي تؤدي إلى زعزعة الخصم
وانهياره واختيار المناورة التحضيرية الصالحة للوصول إلى تلك النقطة *, اي
تحديد مكان الوخز واختيار الابرة الصالحة للقيام بعملية الوخز.