القدرة النووية فى الأمن القومى للدولة ...........
تختلط المفاهيم المتعلقة بتعبير
القدرة النووية فى أذهان الكثير من العامة وبعض الخاصة، خاصة فيما يتعلق
بارتباطها بالأمن القومى للدولة، إذ تتمحور المفاهيم حول القدرة النووية
بشكل أساسى على أنها تعبير عن القدرة فى مجال التسليح النووى، أو تحديدا
امتلاك السلاح النووى .
وفى حقيقة الأمر، فإن ذلك هو جزء
من وليس كل الحقيقة. فتعبير القدرة النووية له وجهان، الأول يعنى القدرات
النووية السلمية التى تتوجه الى خدمة الاقتصاد القومى وبما يحقق كذلك دعم
الجوانب الاجتماعية للدولة، والثانى هو القدرات النووية العسكرية أو
الأمنية، وهى تتعلق بقدرة الدولة على الردع وصيانة الاستقلال الوطنى
والسلام الاجتماعى للشعب. ويخضع هذا الجانب من القدرة للعديد من
الاعتبارات. وهذان الوجهان للقدرة النووية مرتبطان ارتباطا وثيقا بتحقيق
الأمن القومى للدولة .
يحظى مصطلح القدرة النووية
بتفسيرات عديدة، ويعتمد معناه على من يستخدمه وينظر اليه من زوايا مختلفة،
فالحمائم يعتبرونه معبرا عن الامكانات الداخلية والكافية لدى دولة ما،
والتى ترتبط بالمعرفة وحق الحصول عليها بشكل فعال بهدف تطوير المستوى
الاجتماعى والاقتصادى من خلال أدوات أساسية تشتمل على القوى البشرية
المدربة والعارفة بالعلوم والمعارف النووية، وكذلك البنية التحتية، بما فى
ذلك وسائل التدريب وإعداد الكوادر فى مجالات الاستخدامات غير العسكرية
للطاقة النووية فى الطب، والزراعة، والصناعة، والبحث العلمى والفنى،
وحماية البيئة، وتوليد الطاقة الكهربائية، وغيرها من المجالات، مما قد
يعطى مردودا اقتصاديا أو اجتماعيا فى أغلب الأحوال. وفى هذا الصدد، فإن
ممارسة القدرات النووية فى المجال السلمى تشتمل على كل مايلزم توافره
لتحقيق الاستخدام السلمى للطاقة النووية بأسلوب مفيد وناجح .
أما الصقور، فينظرون للقدرات
النووية من الزاوية العسكرية الأمنية إقليميا وربما دوليا كذلك، وتعنى فى
المقام الأول القدرة على إنتاج ونقل الأسلحة النووية، وربما استخدامها
كذلك فى النزاعات المسلحة أو فى غيرها من الظروف التى تقتضى ذلك
الاستعمال، ربما كملاذ أخير ضد الهزيمة العسكرية بالأسلحة التقليدية وما
شابه ذلك .
وقد استخدمت القدرة النووية
العسكرية مرة واحدة فقط، عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتين على مدينتى
هيروشيما ونجازاكى فى اليابان. ومنذ ذلك الوقت وبالرغم من حدوث صراعات
خطيرة فى أماكن مختلفة من العالم، إلا أن السلاح النووى - حتى ولو كان
ماثلا - لم يستخدم فيها ولفترة ممتدة، وذلك ربما يدل على تراجع عن
الاعتماد عليه فى حل النزاعات المسلحة، لاسيما على المستوى الاقليمى، وأدى
هذا الى تحول السلاح النووى الى وسيلة للردع لفترة طويلة على النحو الذى
كان فيه السلاح النووى لدى الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة وسيلة
أساسية للردع المتبادل لمدة نصف قرن تقريبا، مما ساعد على حدوث اتزان
عالمي فى القوة حتى إنهار الاتحاد السوفيتى بعد ذلك لأسباب أخرى .
أما الأمن القومى للدولة، فهو
مجموعة العناصر التى يؤدى وجودها أو غيابها الى استقرار أو تدنى الأمن
القومى للدولة، وهو ما يرتبط أصلا بتواجدها وقدرتها على حماية الشعب ضد
أية اعتداءات داخلية أو خارجية، ويضمن سلامة الدولة ضد المعتدين الخارجيين
أو من الداخل .
وعناصر تلك القدرة ثلاثة : الرفاهية الاقتصادية، التوازن السياسى، والقدرة العسكرية والأمنية.