عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
موضوع: حرب الكويت ويفضح بعض أسرارها الخميس مارس 12, 2009 10:02 pm
أثار الفيلم الأمريكي "جارهيد"، الذي يُعرض حالياً في صالات السينما، موجة من الجدل والانتقادات داخل أميركا وخارجها؛ ففي الوقت الذي رأى فيه البعض تعرية لزيف الدوافع التي تشن أميركا من أجلها الحروب، وتزج مراكز القوى فيها بشباب أميركا في أتون حروب من أجل دوافع غير نبيلة؛ رأى فيه آخرون قصة سينمائية لأحد جنود المارينز بصورة مجردة ودون أن تكون هذه القصة تصويراً للحالة العامة داخل عالم العسكرية الأمريكي.
آثار الدمار الذي خلفته حرب الكويت
صحيفة "البيان" الإماراتية تعرضت لذلك الفيلم "رأس الجرة" وأشارت إلى مخرجه "سام ميندز" الحائز على جائزتي أوسكار عن فيلميه "الجمال الأمريكي" و"الطريق إلى الهلاك"، أدى دور البطولة فيه الممثل "جايك جلينهال" برفقة "جيمي فوكس" الحائز على جائزة أوسكار لأفضل ممثل للعام الماضي، ونخبة من نجوم السينما، وهو من إنتاج شركة "يونيفيرسال"، وكتب السيناريو للفيلم "ويليام جونيور"، وتدور أحداثه حول قصة جندي المارينز "أنتوني سوفورد" أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991م، وقد حاز كتاب "سوفورد" الذي شارك فعلياً في الحرب ودوّن فيه سيرته الذاتية، على لقب أعلى الكتب مبيعاً في أميركا لعام 2003م، وقد حقق الفيلم مبيعات تذاكر وصلت إلى أكثر من 9 ملايين دولار بعد أسبوعين من عرضه في الصالات الأمريكية.
تبدأ أحداث الفيلم في عام 1989م مع تطوع الجندي "سوفورد ـ جايك جلينهال" في إحدى وحدات القناصة التابعة للمارينز الأمريكي هرباً من مشاكله العائلية، ووقوعه كضحية للإعلام الذي يصور هذه الوحدات الخاصة بصور بطولية مثالية، وهناك يخضع هذا الجندي لتدريب قاس على يد الرقيب "سايكس ـ الممثل جيمي فوكس"، ويكتشف "سوفورد" الوهم الذي سقط فيه نتيجة تطوعه، ويتعرف في وحدة القناصة على الجندي "تروي ـ الممثل بيتر سارسجارد"، بعد مضي عدة أشهر على تطوعه يحصل الأمر الذي سيغير ملامح حياة "سوفورد" ويغير الخريطة السياسية للعالم، حين يقوم رئيس النظام العراقي المخلوع "صدام حسين" باجتياح الكويت عام 1990م، فتدخل أميركا في حالة استنفار قصوى للحرب على العراق، وإخراج الجيش العراقي من الكويت.
الحماس الغبي!
يدخل جنود "المارينز ـ ومن بينهم سوفورد" في حالة من الهستيريا الجماعية والحماس الغبي، لأجل خوض الحرب التي لا يعرفون أسباب اندلاعها ولا دوافع المحرضين عليها، ويستخدم المخرج "ميندز" بذكاء لقطات من فيلم "نهاية العالم الآن" للمخرج العالمي "كوبولا" التي تصوّر هجوم الطائرات الأمريكية وهي تلقي بقنابل النابالم على القرى الفيتنامية، حيث تضج صالة العرض التي تعج بالمارينز بالهتافات والصياح، كتعبير عن حب القتل والتدمير والتعطش للدماء التي يتربى عليها الجندي الأمريكي.
تنتقل المشاهد بعد ذلك إلى صحراء السعودية التي يحط فيها "سوفورد" ورفاقه من المارينز رحالهم بصحبة حلفاء أميركا، لتنفيذ "عاصفة الصحراء" ضد العراق، وفي الصحراء الملتهبة تبدأ معاناة هؤلاء الجنود ويدخلون في حالة من الحوارات التي تفضي إلى عبثية ما يجري.
فالحروب التي يشعلها الأقوياء وأصحاب المصالح الاقتصادية ليكون البسطاء وقودها ونارها وضحاياها ومجرميها ـ بالوقت نفسه ـ ويدخل "سوفورد" في حالة من الضياع النفسي والذي يدخله في دوامة من التساؤلات - رغم نظرة البلاهة التي تبدو على وجهه، والتي أداها النجم جلينهال بقوة - وتدور التساؤلات حول جدوى تطوعه، وجدوى تركه لوطنه وجدوى هذه الحرب التي لا يعرف شكل أعدائه فيها.
حروب بلا معنى!
الصورة "كوميديا السوداء" ارتكز عليها الفيلم، ويبدو أن ذلك هو ما دفع "سكوت هوليران" ـ أحد أشهر نقاد السينما في أميركا ـ إلى التعبير عن الفيلم قائلاً: يأتي فيلم "جارهيد" ليؤكد لنا أننا نخوض حروباً بلا معنى أو هدف، فالفيلم يبصق فعلاً على كل من خدم في القوات المسلحة الأمريكية، وقدم صورة سريالية للعبث الذي تعيش فيه مجموعة من قناصة المارينز خلال حرب الكويت، وهي الحرب التي جعلت التدخل الأمريكي في العراق أمراً عدمياً، بينما علّق ناقد آخر على حالة حب القتل التي تتملك "سوفورد" ورفاقه بأنها وسواس قهري مرضي، أما مصطلح "رأس الجرة" الذي حمله عنوان الفيلم، فهو لقب يطلقه جنود المارينز على بعضهم البعض، كناية عن طريقة حلاقة الرأس الشهيرة التي يظهرون بها، أو كما يعبر بطل الفيلم "سوفورد" عن ذلك بأنه يشير إلى الفراغ والبلاهة التي تملأ رؤوس المارينز.
إن فيلم "رأس الجرة" الذي يُعرض حالياً في صالات السينما بالإمارات، يعتبر خروجاً عن الخط النمطي الكلاسيكي الذي اعتاد المشاهد رؤيته في أفلام الحروب الأمريكية، حيث لم تظهر شخصية "رامبو" أو "آرنولد" أو "روكي" التي تخوض الحروب بنبل وشجاعة، وتصور الجندي الأمريكي باعتباره بطلاً أسطورياً ذا ملامح قاسية يخوض حروبه من أجل الحرية والعدالة الإنسانية.