عندما
كان "كوليريدج" يكتب روايته "صقيع بحار قديم" ربما كان حاضراً في ذهنه ذلك
الرعب الآتي من عالم آخر والذي كان يروع قلوب المسافرين ليلاً أثناء
ترحالهم في أرجاء بريطانيا ولعدة قرون. نتكلم هنا عن ظاهرة تجسد الكلب
الأسود. تتجسد تلك الكلاب السوداء بعدة أنماط ، حيث يأتي النمط التقليدي للتجسد
بشكل كلب صيد ضخم بشعر أشعث كبير وعيون متقدة (كالنار)، يقترب حجم هذا
الكلب عادة (كما يصرح عنه) من حجم عجل من البقر. وفي حالات أخرى لا تكون
جميع تلك الكلاب سوداء اللون كما أنها ليست كلها ضخمة الحجم أو تمتلك
شعراً بارزاً ومع ذلك هناك قواسم مشتركة تجمع فيما بينها وهي أنها جميعاً
تكشر عن أنيابها مزمجرة وتحوم في الأزقة المنعزلة ليلاً أو أثناء فترة
الغسق (إحمرار الشمس عند المغيب). كما أن لها عادة غير مريحة تتمثل
بملاحقة وتتبع المسافرين الذين يمشون بمفردهم، وتسير جنباً إلى جنب من
المسافرين فتتعقب خطواتهم وهي خلفهم مثيرة جواً من التوتر والخوف في نفس
المسافر إذ لا يتجرأ حتى على التلفت خلفه. ويزعم أن الموت يطال من يرى
أحدها في بعض المناطق وفي مناسبات نادرة تؤدي المواجهة المباشرة مع تلك
الكلاب إلى الموت الفوري كما يروي البعض. ولهذه الكلاب أسماء معروفة بحسب
مناطق مختلفة من بريطانيا حيث تسمى "شريكر" و "تراش" في الجزء الشمالي
الغربي و "بادفوت" في في يوركشاير و "بلاك شك" (يعني كلب الغسق) في مقاطعة
ويلز.
يعتقد أن الجن السفلي
(نوع من الشياطين) يأخذ صورة الكلب الأسود أو حتى يتلبسه وفقاً للموروث
الشعبي لكثير من الشعوب ومنها العالم الإسلامي ، تلك الصورة يمكن أن تراود
الشخص في المنام أو أن تكون متجسدة أمامه (على الأغلب عندما يكون لوحده)،
ومع ذلك لا يوجد مراجع دينية او أدلة دامغة عن منشأ ذلك الإعتقاد سوى ما
تناقلته الحكايات وأقاويل الناس، كما أنه لا يعني أيضاً أن روح الشر تقبع
في تلك الحيوانات البريئة فقط لكونها تمتلك شعراً بلون أسود ولحد يومنا
هذا مازال البعض يتملكه الخوف لمجرد أنه رأى كلبًأ أسود أو قطة سوداء!