الوزن
الزائد مشكلة .. مذلة بالنهار وهم بالليل .. تدفع السمينة ثمنها عدة مرات
.. مرة من رشاقتها .. ومرة من أناقتها .. ومرات ومرات من صحتها . حركة
بطيئة وجهد ملحوظ ونفس مقطوع .. وحرج في محلات بيع الملابس مع كل مرة تبحث
فيها عما يناسبها من مقاسات .. ويا أرض انشقي وابلعيني من نظرات البائعة
الساخرة عندما تسأل عن الموضة والمقاس .. تتندر على سمنتها بنفسها قبل أن
يفعلها الآخرون .. ولكنها تبكي بمرارة من كلمة عن وزنها حتى من أقرب
المقربين . مشكلة السمينة أنها لا تعرف سبب المشكلة وتفاصيلها .. هي تحاول
أن تنظم غذائها ولكنها لا تنجح .. ويدفعها فشلها الى الزهق والملل من
محاولة الالتزام في نظام غذائي محدد .. فتندفع في كسر كل نظام .. ويزيد
الوزن .. وتتفاقم المشكلة .. فيحدث الاكتئاب الذي لا تجد له علاج الا بمزيد
من الطعام .. وهكذا تدخل في الدائرة المفرغة الجهنمية .. لكن لا بد من حل
..
أول خطوة في الحل هو معرفة سبب الزيادة في الوزن .. وبدون تعقيدات في
التفسير العلمي الطبي لسبب الزيادة في الوزن سنوضح في السطور التالية كيف
يقوم الجسم بتخزين الدهون ، وكيف نتعامل في الطعام حتى نتفادي هذا التخزين
المؤدي الى السمنة .. وهكذا ببساطة سنعرف لماذا يزيد الوزن .. وماذا نفعل
لكي نعود للوزن المثالي ..
كلمة واحدة .. الانسولين :
ولو حاولنا تلخيص مشكلة الوزن الزائد في كلمة واحدة لن نجد أبلغ من كلمة
"الانسولين" .. وهو الهورمون الذي يفرزه البنكرياس في استجابة لتناول
الانسان للمواد الكربوهيدراتية (السكريات والنشويات) . ويعمل الانسولين على
حرق واستهلاك الجلوكوز الموجود في الدم بعد امتصاصه من القناة الهضمية ،
ثم يخزن الزائد عن الحاجة في أنسجة الجسم .. والانسولين هو هورمون التخزين
وهو المسئول الأول عن الوزن الزائد .. والبنكرياس في طبيعته غدة صماء بطيئة
الاستجابة ، متوافقة في ذلك مع نوع وخصائص الغذاء المتاح حول الانسان في
الطبيعة ، ذلك أن الخليقة كلها متوافقة في أصلها مع بعضها البعض ، ومن
الملاحظ أن المخلوقات التي تتناول غذائها حسب فطرتها لا يزيد وزنها مثلما
يفعل الانسان . فالأسد يأكل اللحوم منذ بدء الخليقة وحتى ساعتنا هذه ، كما
يأكل الغزال حشائش الأرض بدون تغيير ، والنتيجة أنك لا تجد أسدا أو غزالا
بدينا .. ولقد أتاحت الطبيعة للانسان ما يتوافق مع طبيعة اعضائه ووظائفها
الطبيعية ، وعندما ننظر الى هورمون التخزين "الانسولين" وكيف يتعامل مع
السكر الموجود في ثمرة فاكهة مثلا ، نجد أن البنكرياس يفرز الانسولين ببطء
متناسب مع بطء انسياب المادة السكرية الموجودة في الفاكهة فهي متداخلة مع
ألياف تبطء من امتصاص السكر في الأمعاء ، مما يؤدي الى تزامن الافراز
البطيء للانسولين مع الامتصاص البطيء للسكر ، هكذا يفرز البنكرياس كمية
مناسبة تماما من الانسولين بدون زيادة أو نقص .. ولكن لو نظرنا الى السكر
المكرر المنقى المصفي الذي نتناوله في أيامنا هذه في الشاي والقهوة
والحلويات نجد أنه يمتص من الأمعاء في خلال دقائق فيرتفع مستوى السكر في
الدم بصورة كبيرة خلال وقت قصير لا يسمح للبنكرياس بحساب المطلوب من
الانسولين للتعامل معه بدقة ، فيضخ البنكرياس دفقة كبيرة من الانسولين بدون
حساب ، وتكون النتيجة حرق سريع للمواد السكرية ، ومنها يحصل الجسم على
الطاقة ، وبالتالي لا يحتاج الى الطاقة من عناصر الغذاء الأخرى التي
يتناولها الانسان من بروتين ودهون ، فيتم تخزين المتاح من عناصرالغذاء في
الدم لعدم احتياج الجسم اليها في انتاج الطاقة .. كما أن هذا الانسولين
الزائد يتسبب في انخفاض مستوى السكر في الدم مما يؤدي الى الجوع ومزيد من
الرغبة في التهام الطعام .. وهكذا يزداد الوزن .. ولكن ليست هذه هي المشكلة
الوحيدة ، ولكن الأهم هو هذا الجهد غير المحسوب وغير المطلوب الذي يبذله
البنكرياس باستمرار ، مما يؤدي الى تدهوره وانهياره وظهور مرض السكر . ولكن
كيف يتم التغلب على هذه المشكلة والتعامل بحكمة مع الغذاء لكي لا يفرز
البنكرياس الانسولين بهذه الطريقة الخاطئة ؟ .