هنا لنا وقفه كبيره وطويلة كيف كان حاااااال العراق حينما تولي الحجاج ولاية العراق واصبح اميرآ عليها!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وليعلم الجميع أني لست محامياً عن الحجاج، بل أنا باحث مثلكم عن الحقيقة البراقة
وكانت سنة ثلاث وسبعين هجريه:
وجه منها الحجاج بن يوسف الثقفي في ألفين وقيل: في ثلاثة آلاف من أهل الشام لقتال عبد الله بن الزبير.
وكان السبب في تسييره دون غيره أنه قال لعبد الملك: قد رأيت في المنام أني أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته فابعثني إليه وولني قتاله.
فبعثه وكتب معه أمانًا لابن الزبير ومن معه إن أطاعوا فسار في جمادى الأولي سنة اثنتين وسبعين ولم يعرض للمدينة ونزل الطائف وكان يبعث الخيل إلى عرفة ويبعث ابن الزبير أيضًا فيقتلون بعرفة فتنهزم خيل ابن الزبير في كل ذلك وتعود خيل الحجاج بالظفر.
ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في دخول الحرم وحصر ابن الزبير ويخبره بضعفه وتفرق أصحابه ويستمده فكتب عبد الملك إلى طارق يأمره باللحاق بالحجاج فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجلًا من أهل الشام اسمه ثعلبة فكان ثعلبة يخرج المخ وهو على منبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأكل عليه التمر لغيظ أهل المدينة وكان مع ذلك شديدًا على أهل الزبير وقدم طارق على الحجاج بمكة في سلخ ذي الحجة في خمسة آلاف.
وأما الحجاج فإنه قدم مكة في ذي القعدة وقد أحرم بحجة فنزل بئر ميمون وحج بالناس تلك السنة الحجاج إلا أنه لم يطف بالكعبة ولا سعى بين الصفا والمروة منعه ابن الزبير من ذلك فكان يلبس السلاح ولا يقرب النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير ولم يحج ابن الزبير ولا أصحابه لأنهم لم يفوا بعرفة ولم يرموا الجمار ونحر ابن الزبير بدنة بمكة.
ولما حصر الحجاج ابن الزبير نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة وكان عبد الملك ينكر ذلك أيام يزيد بن معاوية ثم أمر به فكان الناس يقولون: خذل في دينه.
وحج ابن عمر تلك السنة فأرسل إلى الحجاج: أن اتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس فإنك في شهر حرام وبلد حرام وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا فريضة الله ويزدادوا خيرًا وإن المنجنيق قد منعهم عن الطواف فاكفف عن الرمي حتى يقضوا ما يجب عليهم بمكة.
فبطل الرمي حتى عاد الناس من عرفات وطافوا وسعوا ولم يمنع ابن الزبير الحاج من الطواف والسعي فلما فرغوا من طواف الزيارة نادى منادي الحجاج: انصرفوا إلى بلادكم فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير الملحد.
وأول ما رمي بالمنجنيق إلى الكعبة رعدت السماء وبرقت وعلا صوت الرعد على الحجارة فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم فأخذ الحجاج حجر المنجنيق بيده فوضعه في ورمى به معهم فلما أصبحوا جاءت الصواعق فقتلت من أصحابه اثني عشر رجلًا فانكسر أهل الشام فقال الحجاج: يا أهل الشام لا تنكروا هذا فإني ابن تهامة وهذه صواعقها وهذا الفتح قد حضر فأبشروا.
فلما كان الغد جاءت الصاعقة فأصابت من أصحاب ابن الزبير عدة فقال الحجاج: ألا ترون أنهم يصابون وأنتم على الطاعة وهم على خلافها وكان الحجر يقع بين يدي ابن الزبير وهو يصلي فلا ينصرف وكان أهل الشام يقولون: يا ابن الزبير طالما عصيكا وطالما عنيتنا إليكا لتجزين بالذي أتيكا يعنون: عصيت وأتيت.
وقدم عليه قوم من الأعراب فقالوا: قدمنا للقتال معك فنظر فإذا مع كل امرئ منهم سيف كأنه شفرة وقد خرج من غمده فقال: يا معشر الأعراب لا قربكم الله! فوالله إن سلاحكم لرث وإن حديثكم لغث وإنكم لقتال في الجدب أعداء في لخصب.
فتفرقوا ولم يزل القتال بينهم دائمًا فغلت الأسعار عند ابن الزبير وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح فرسه وقسم لحمها في أصحابه وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم والمد الذرة بعشرين درهمًا وإن بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحًا وشعيرًا وذرة وتمرًا وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول: أنفس أصحابي قوية ما لم يفن.
فلما كان قبيل مقتله تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان خرج من عنده نحو عشرة آلاف وكان ممن فارقه ابناه حمزة وخبيب وأخذا لأنفسهما أمانًا فقال عبد الله لابنه الزبير: خذ لنفسك أمانًا كما فعل أخواك فو الله إني لأحب بقاءكم.
فقال ما كنت لأرغب بنفسي عنك.
فصبر معه فقتل.
ولما تفرق أصحابه عنه خطب الحجاج الناس وقال: قد ترون قلة من مع ابن الزبير وماهم عليه من الجهد والضيق.
ففرحوا واستبشروا فتقدموا فملأوا ما بين الحجون إلى الأبواء.
فدخل على أمه فقال: يا أماه قد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولم يبق معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر من صبر ساعة والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا فما رأيك فقالت: أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتل معك وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين كم خلودك في الدنيا! القتل أحسن! فقال: يا أماه أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني.
قالت: يا بني إن الشاة لا تتألم بالسلخ إذا ذبحت فامض على بصيرتك واستعن بالله.
فقبل رأسها وقال: هذا رأيي والذي قمت به داعيًا إلى يومي هذا ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله وأن تستحل حرماته ولكني أحببت أن أعلم رأيك فقد زدتني بصيرة فانظري يا أماه فإني مقتول في يومي هذا فلا يشتد حزنك وسلمي الأمر إلى الله فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر ولا عملًا بفاحشة ولم يجر في حكم الله ولم يغدر في أمان ولم يتعمد ظلم مسلم أو معاهد ولم يبلغني ظلم عن عمالي فرضيت به بل أنكرته ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي اللهم لا أقول هذا تزكية لنفسي ولكني أقوله تعزية لأمي حتى تسلو عني! فقالت أمه: غني لأرجو أن يكون عزائي فيك جميلًا إن تقدمتني احتسبتك وإن ظفرت سررت بظفرك أخرج حتى أنظر إلى ما يصير أمرك.
فقال: جزاك الله خيرًا فلا تدعي الدعاء لي.
قالت: لا أدعه لك أبدًا فمن قتل على باطل فقد قتت على حق.
ثم قالت: اللهم ارحم طول ذاك القيام في الليل الطويل وذلك النحيب والظمأ في هواجر مكة والمدينة وبره بأبيه وبي!
فتناول يديها لقبلهما فقالت: هذا وداع فلا تبعد.
فقال لها: جئت مودعًا لأني أرى هذا آخر أيامي من الدنيا.
قالت: امض على بصيرتك وادن مني حتى أودعك.
فدنا منها فعانقها وقبلها فوقعت يدها على الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد.
فقال: مالبسته إلا لأشد منك.
قالت: فإنه لا يشد مني فنزعها ثم درج كمية وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت أثناء السراويل وادخل أسفلها تحت المنطقة وأمه تقول له: البس ثيابك مشمرة.
فخرج وهو يقول: إني إذا أعرف يومي أصبر وإنما يعرف يومه الحر إذ بعضهم يعرف ثم ينكر فسمعته فقالت: تصبر إن شاء الله أبواك أبو بكر والزبير وأمك صفية بنت عبد المطلب.
فحمل على أهل الشام حملةً منكرةً فقتل منهم ثم انكشف هو وأصحابه وقال له بعض أصحابه: لو لحقت بموضع كذا.
قال: بئس الشيخ أنا إذًا في الإسلام لئن أوقعت قومًا فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم.
ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب وكانوا يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين فيقول: وتلك شكاة ظاهر عنك عارها وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجلًا من أهل كل بلد لكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة ولأهل دمشق باب بني تميم وكان الحجاج وطارق من ناحية الأبطح إلى المروة فمرة يحمل ابن الزبير في هذه الناحية ومرة في هذه الناحية ومرة في هذه الناحية فكأنه أسد في أجمة ما يقدم عليه الرجال يعدو في أثر القوم حتى يخرجهم ثم يصيح: أبا صفوان! ويل أمه فتحًا لو كان له رجال أو كان قرني واحدًا كفيته! فيقول أبو صفوان عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف: إي والله وألف.
فلما رأى الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير غضب وترجل وأقبل يسوق الناس ويصمد بهم صمد صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه.
المصدر:البداية والنهاية/ ابن كثير: 9/96
تاريخ الطبري: 5/261
الكامل في التاريخ/ ابن الأثير: 4/130
وفيات الأعيان/ ابن خلكان: 1/257
وغيرها