المستشار تيمور مصطفي : أصحاب الوظائف الكبري جاءوا بالوساطة والمحسوبية
المستشار تيمور مصطفي : أصحاب الوظائف الكبري جاءوا بالوساطة والمحسوبية
أجري الحوار : محمد عبدالغفار
منذ 5 ساعة 4 دقيقة
النيابة الإدارية هي الهيئة القضائية التي تواجه الفساد المالي والإداري في الهيئات الحكومية والفساد نفسه طال هذه الهيئة.. وتم تقليص صلاحياتها مع بداية الخصخصة
.. وكانت النتيجة النهائية نهب شركات ومصانع القطاع العام.. بعد ثورة 25 يناير بدأت النيابة الإدارية تكافح لاستعادة دورها في مواجهة الفساد المالي والإداري الذي استشري في هياكل الدولة وأجهزتها.
المستشار تيمورمصطفي كامل رئيس هيئة النيابة الإدارية فتح قلبه ويروي بصراحة أوجاع النيابة الإدارية ودورها الحقيقي الذي بدأت تقوم به الآن وعن مشروع القانون الذي تقدم به إلي مجلس الوزراء والمجلس الأعلي للقوات المسلحة خاصة بعد أن نبه الرأي العام إلي قضية سرقة الآثار الكبري التي وقعت في متحف كلية الآثار ونتج عنها سرقة 140 قطعة أثرية نادرة تجاوزت قيمتها المليار دولار والتي كشفتها صحيفة «الوفد» وأصدر بنفسه بيانا رسميا للرأي العام عن خطورة هذه القضية. وكان هذا الحوار..
< سألت المستشار تيمور مصطفي كامل عما تم في التحقيقات الخاصة بهذه السرقة الكبري لآثار مصر النادرة؟
- أجاب قائلاً: هذه القضية واحدة من أخطر القضايا التي تقوم هيئة النيابة الإدارية بالتحقيق فيها الآن.. التحقيق يسير بعدالة وشفافية وجدية ويقوم به نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية المستشار محمد إسماعيل وسبق له أن أجري التحقيق في قضية سرقة لوحة الخشخاش، وخطورة هذه القضية وأهميتها تتعلق بثروات ذات قيمة أثرية وثقافية ومادية كبيرة وهي ثروة حضارية.
وهناك تقصير وإهمال في الحفاظ علي هذه الثروة ونحن نريد تحقيق العدالة والشفافية من خلال جدية المساءلة والمحاسبة لوجود خطر حقيقي علي ثروات مصر الأثرية نظرا لتردي الأحوال في هذا المرفق سواء في الجامعة (جامعة القاهرة) أو هيئة الآثار، ويجب مواجهة هذا الخطر اليوم قبل الغد، لأن الحرب علي الفساد واجبنا ويجب التصدي لهذا الفساد بقوة وحسم.
< قلت لرئيس هيئة النيابة الإدارية، لماذا تقلص دور النيابة الإدارية خلال العشرين عاما الماضية؟
- قال المستشار تيمور: قصة النيابة الإدارية بدأت عام 1954 عندما صدر القانون 480 في هذه السنة وأناط بهذه الهيئة اختصاصات لتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله وهو مكافحة الفساد المالي والإداري بالجهات الإدارية التابعة للدولة وأعطاها القانون عدة اختصاصات مهمة تتمثل في إجراء التحقيقات في المخالفات المالية والإدارية التي يرتكبها العاملون في الدولة ووزارات الحكومة ومصالحها والهيئات العامة وشركات القطاع العام والشركات التي تساهم فيها الحكومة المصرية بنسبة لا تقل عن 25٪ من رأس مالها.
وفحص شكاوي الأفراد ضد الموظفين العموميين الذين يخالفون القانون أو الإهمال في واجبات الوظيفة العامة والتحقيق في هذه الشكاوي وتحديد المسئوليات التأديبية عن تلك المخالفات. وإذا انهت نتيجة التحقيقات ثبوت هذه الجرائم تقيم النيابة الإدارية الدعوي التأديبية أمام محاكم التأديب بمجلس الدولة وتتولي الإدعاء التأديبي نيابة عن المجتمع الوظيفي.
والحقيقة ان النيابة الإدارية لعبت دورا مهما في تحجيم الفساد المالي والإداري في الهيئات والمصالح الحكومية والوزارات حتي عام 1991.
< قلت له: المؤامرة علي النيابة الإدارية وتقليص دورها القضائي بدأ في بدايات التسعينيات كيف حدث هذا؟
- قال رئيس هيئة النيابة الإدارية سأشرح لك الأمر بشفافية مع بدايات خصخصة قطاع الأعمال وشركاته ومصانعه وعرضها للبيع بدأ تقليص متعمد للحد من دور النيابة الإدارية ودورها في مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وتوفير الحماية الحقيقية للمال العام في هذه الشركات وحدث تعديل أجرته الحكومة في هذا الحقيقة لإخراج هذه الشركات من ولاية النيابة الإدارية. وأخطرها عدم شمول ولاية النيابة الإدارية بالتحقيق مع العاملين بشركات القطاع العام أو ما يعرف الآن بقطاع الأعمال علما بأن أموال هذه الشركات أموال عامة وهي أموال الشعب المصري وصدرت عدة قوانين ولوائح متعددة لبعض الهيئات العامة لتضع نظاما خاصا في التحقيقات. بدعوي الاستقلال وأخرجوا قطاع الأعمال وشركاته والشركات ذات المال العام وصدر القانون 9 لسنة 2003 لغل أيدي النيابة الإدارية، في الهيئات الحكومية بمساعدة الحكومة والبرلمان وإصدار قوانين خاصة بهم وكانت النتيجة كما نري الآن انتشار الفوضي والتسبب بمرافق الدولة وأفلت كل مذنب ومجرم من العقاب، بسبب المؤامرة علي النيابة الإدارية وتقليص دورها فكان كل هذا الفساد المالي والإداري واستغلال نفوذ الوظيفة العامة، وحرمان الكفاءات من الوصول للمناصب العليا.. كانت الخصخصة وبيع شركات القطاع العام هي السبب الرئيسي لتقليص دور النيابة الإدارية حتي يتم أبعادنا تماما عما يحدث وحدث في بيع هذه الشركات. وهي المقدمة المهمة لانتشار واستشراء فساد غير مسبوق في كافة مرافق الدولة ووزاراتها وهيئاتها. وارتكاب أعمال مخالفة للقانون، وارتبطت صور الفساد بسبب عدم وجود الشفافية وانعدام سيادة القانون لاختفاء من يحاسبهم علي هذه المخالفات الإدارية والمالية بسبب إبعاد هيئة النيابة الإدارية وغياب أنظمة ورقابة فعالة تستند إلي قوانين وتشريعات واضحة وملزمة.
< قلت له: كيف يمكن أن نواجه حجم الفساد الكبير الذي انتشر خلال العشرين سنة الماضية.
- قال: بصراحة ظاهرة الفساد المنتشر كان أحد أسبابها ظاهرة الفساد التشريعي في مصر وكان لمجلسي الشعب والشوري دور كبير فيه.. القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي المتمثل في البرلمان لعبت دوراً مهما في تقنين الفساد وتشجيعه بسبب حالة الاستبداد التي عاشها المجتمع طيلة ثلاثين عاما وغياب الديمقراطية وسيطرة حزب واحد علي البرلمان فكان البرلمان وسيلة لتمرير هذه التشريعات ولم يكن برلمانا حقيقيا يعبر عن المجتمع ولم تكن هناك قوي سياسية متعددة تلعب دورها المفروض انها كانت تلعبه بسبب إبعادها عن البرلمان. رأينا نوابا يبيعون الوظائف ورأينا وزراء مصالح يريدون تحقيقها وهم أعضاء في الحكومة. ورئيس الدولة له صلاحيات واسعة ولا يجد من يحاسبه. والأخطر هو عدم وجود قضاء مستقل، عندما نريد مكافحة الفساد وتحقيق العدالة.. فلابد أن يكون هناك قضاء مستقل ونزيه وعادل يستطيع أن يتصدي لأي فساد حكومي، استقلال القضاء ضرورة مهمة وحتمية للقضاء علي الفساد وتحقيق العدالة.. خاصة أن السلطة القضائية مسئولة أمام معايير النزاهة، وبصراحة أكثر التشريعات المنظمة الآن للسلطة القضائية غير كافية، وكانت هناك محاولات من السلطة التنفيذية والنظام لتسيس السلطة القضائية. وهذا يؤثر سلباً علي تحقيق العدالة. ووجود سياسة واضحة لمكافحة الفساد.. ووجود قواعد للمساءلة والعقاب.. وهذا يتطلب إرادة سياسية.. تقوم بعمل حاسم لمكافحة الفساد الذي انتشر.. وأن يكون للأحزاب السياسية والإعلام دورها في كشف الفساد.
< سألت ما دوركم خلال الفترة القادمة لمواجهة الفساد بحكم أنكم طبقا للقانون السلطة القضائية المختصة بهذا الشأن.
- أجاب المستشار تيمور مصطفي كامل: نحن الآن نقوم بدورنا في حدود القانون وتعديلاته التي قلصت دور النيابة الإدارية وأمامنا الآن بعد الثورة أكثر من 55 ألف قضية يعكف علي التحقيق فيها أعضاء هيئة النيابة الإدارية وأمامنا الآن أيضا قضية سرقة الآثار الكبري التي بلغت عدد القطع النادرة المسروقة 140 قطعة أثرية وهي قضية كبري ستكشف أبعادا كثيرة في هذه التجارة المحرمة التي تنهب ثروة مصر الحضارية.
وهيئة النيابة الإدارية تستعيد دورها الآن في مكافحة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام بعد الثورة، ولا أخفيك سرا أننا أعددنا مشروعاً بقانون لتفعيل دور النيابة الإدارية لمواجهة الفساد وتقدمنا بمشروع القانون إلي وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف وعقدنا معهما اجتماعا مهما بهذا الشأن ومشروع القانون الآن أمام المجلس الأعلي للقوات المسلحة باعتباره الآن الذي يصدر المراسيم باصدار القوانين ونحن نطلب أن يصدر هذا القانون قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.
< سألته هل تكشف لنا عن مشروع قانون النيابة الإدارية الجديد؟
- أجاب رئيس هيئة النيابة الإدارية: هذا المشروع يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي نصت المادة السادسة من هذه الاتفاقية علي ضرورة دعم الهيئات المنوط بها مكافحة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام.
< قلت له كيف سيتحقق ذلك من خلال مواد القانون؟
- أجاب قائلاً: إعادة تنظيم التحقيق التأديبي الذي تجريه النيابة الإدارية بما يكفل تفعيل دورها وسرعة التحقيقات وعدالتها وحيويتها. وان تخضع الجرائم التأديبية التي يقوم بها المسئولون المصريون خارج البلاد لأحكام النيابة الإدارية ومنح مشروع القانون الجديد الاستقلال الكامل لأعضاء النيابة الإدارية وأن يتمتعوا بكافة الضمانات التي يتمتع بها أعضاء النيابة العامة.
هذا المشروع بقانون سيؤدي إلي مواجهة الفساد الحكومي والإداري والمالي الذي انتشر في المصالح والوزارات والهيئات الحكومية، والمهم أن يقوم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإصداره خلال الأسابيع القادمة دون إبطاء. خاصة أن جميع فئات المجتمع وأطيافه متفقة علي محاربة الفساد وهذا هو الدور الأصيل للنيابة الإدارية الذي تم تقليصه منذ عام 1991.
< سألته هل صدور هذا القانون وحده يكفي لمواجهة الفساد؟
- أجاب قائلا: بلا شك سيكون له دور كبير ومؤثر بالإضافة إلي إزالة جميع القيود التشريعية واللائحية التي تعوق عمل الأجهزة الرقابية وتحول بينها وبين الإبلاغ بما يتيح للإعلام والجهات المختصة الحصول علي البيانات والمعلومات بأساليب ميسرة حتي يمكنهم المشاركة بفاعلية في مكافحة الفساد.
< المستشار تيمور مصطفي كامل أثناء حواري معه فجر قضية خطيرة وهي قضية شغل الوظائف العامة وتنظيمها فقلت له: كيف يشغل الموظف الكفء الوظيفة التي تناسب كفاءته؟
- سبب المصائب كلها أن يتم شغل المناصب الكبري بأشخاص غير أكفاء بسبب الوساطة والمحسوبية وانتمائهم الحزبي وحمايتهم وهو ما يجب أن نتلافاه الآن ونواجهه لانه المدخل الأساسي للفساد ولابد من اعداد قانون جديد للأجهزة الحكومية والمحلية يتضمن المعايير السليمة في شغل الوظائف العامة والترقي فيها وتحديد الأجور وأن يتضمن آليات المساءلة والمحاسبة الوظيفية والشفافية.
<< أخيراً.. قال لي المستشار تيمور مصطفي كامل سأقول لك خبرا مهما أن هيئة النيابة الإدارية سيكون لها دورها في استرداد أموال مصر المنهوبة والمهربة إلي الخارج.
< سألته كيف وما علاقة هيئة النيابة الإدارية في هذا الشأن؟
- نحن لنا علاقات طيبة بالهيئات الدولية التي تكافح الفساد ونظرة المجتمع الدولي تغيرت بخصوص الأموال المنهوبة والمهربة للخارج وستطلب المساعدات الدولية والقانونية وإجراء التحقيقات المشتركة باعتبارنا جهة منوط بها مكافحة الفساد طبقاً لاتفاقية الأمم المتحدة وطلبنا عقد مؤتمر دولي في هذا الشأن من خلال الأمم المتحدة وستشارك فيه لاسترداد أموالنا المنهوبة في الخارج بمساعدة الأمم المتحدة وتطبيق الاتفاقية الدولية علي أموال مصر المهربة للخارج وهو جهد وطني نشارك فيه باعتبارنا هيئة قضائية مصرية.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - المستشار تيمور مصطفي : أصحاب الوظائف الكبري جاءوا بالوساطة والمحسوبية